عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 16-05-2010, 12:42 AM
الأصيلة الأصيلة غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: Kuwait
المشاركات: 231
افتراضي

وفقدت الكويت واحداً من رجالاتها المخلصين ...

محمد أحمد الرشيد.. رحل جسداً وظلت أشجاره مورقة


إعداد هشام البدري وشوقي زيدان:

غيب الموت امس احد رجالات الكويت الابرار.. هو المرحوم باذن الله محمد أحمد الرشيد.. النائب السابق في مجلس الأمة الكويتي لعام 1963 وذلك عن الدائرة الثانية - القبلة .. وعن الدائرة السادسة (القادسية) للأعوام 1975-1971، وعن الدائرة الثانية – المرقاب 1981.. كما أنه كان اول من قدم أول استجواب في تاريخ الحياة البرلمانية الكويتية، وكان هذا الاستجواب موجهاً ضد وزير الشؤون في ذلك الوقت عبدالله الروضان في المجلس الأول العام 1963.
المرحوم باذن الله كان شقيق مؤرخ الكويت الأول عبدالعزيز أحمد الرشيد، كما كان أحد الأعضاء المؤسسين لجمعية الشامية التعاونية والشويخ التعاونية عام 1962.
كان علماً من أعلام الكويت، وقد توفي عن عمر يناهز التسعين بعد عمر مديد حافل بالعطاء.. وسوف يشيع جثمانه الى مثواه الأخير في التاسعة من صباح اليوم بمقبرة الصليبيخات.
الراحل كان علماً من اعلام العمل الوطني ومثالاً للبرلماني النديه.. اعطى من حياته الكثير لأبناء وطنه، ومن أجل وطنه، فقد كان من أشد المدافعين عن الدستور.. وعن حقوق المواطنين الدستورية.. كما كانت له الكثير من المواقف المناهضة للفساد،، والحازمة ضد الانحرافات بصفة عامة.. وتلك البرلمانية بصفته خاصة.
ولد الراحل في عام 1920، وعمل في مهنة الغوص والسفر حتى عام 1945، تلك المهنة التي امتهنها الآباء والأجداد في تلك الفترة التي واكبت بدايات الكويت ونهضتها.
محمد احمد الرشيد.. هذا الاسم الذي عرفه ماضي الكويت.. مثلما عرفه حاضرها.. فمثلما كان في البحر مجاهدا من اجل لقمة العيش.. كان كذلك في الارض مجاهدا، مكافحا من اجل نهضة الكويت شأنه في ذلك شأن الاصلاء من اهل هذا البلد.. وابنائه الاوائل…
ان ذاكرة الكويت لا تنكر ابدا ابناءها، ولا تنسى رجالها.. ولا تمحو الايام.. والسنون من ذاكرتها امثال هؤلاء الرجال الذين ضحوا من اجلها.. وعملوا لرفعتها.
ترجع نشأة الراحل الى قدوم والده احمد الرشيد البداح الى الكويت من (الزلفى) في نجد.. في الثلث الثاني من القرن التاسع عشر، وليستقر فيها هو واخواه تركي وعبدالمحسن واسسوا فيها عائلة الرشيد.. أو الرشيد البداح..
عائلة الراحل.. عملت في تجارة الجلود.. وكان راشد احمد الرشيد (شقيق الراحل).. يصدر هذه الجلود الى روسيا القيصرية في مطلع القرن العشرين.. قاطعا المسافات الطويلة والرهيبة والمخيفة من الكويت الى روسيا.. معتليا ظهور الجمال تارة.. وراكبا المركبات تارة اخرى.. وظل كذلك الى ان توفي في احد تلك الاسفار الشاقة والخطيرة.
ولد الراحل في العام 1920.. في بيت والده.. وكان ذلك عند مسجد النبهان.. وكان اخا شقيقا لاخوات واخوة.. منهم الشيخ عبدالعزيز الرشيد مؤرخ الكويت المعروف.
نشأ مثله مثل اقرانه في هذا الزمان.. نشأة الصغار امثاله، دارسا لدى الملا زكريا الانصاري في مدرسته الاهلية.. وتعلم القراءة على يديه، ثم انتقل الى المدرسة الاحمدية.. حيث حصل فيها على جزء يسير من العلم..
وكغيره من ابناء جيله عاصر البحر.. ومهنة الآباء والاجداد.. «الغوص».. هذا البحر ذو الابواب الواسعة والواسع الرزق احيانا، والضيق احيانا كثيرة.. وكفتيان ذلك الوقت وشبابه ورجاله دخل الراحل البحر غاصا.. هذا البحر الذي لم يكن امام الكويتيين في ذلك الزمن مصدر للرزق سواه.. لم يعط الكويتيين بقدر ما اخذه منهم.. ولكن ما العمل؟.. لا سبيل.. ولا بديل عنه..
من الغوص.. الى السفر الشراعي.. يسافر الراحل محمد الرشيد على السفن الشراعية الخشبية التي كانت تجوب البحار جيئة وذهابا بلا ابتداء ولا انتهاء وكانت سطوتها وعزها ومبلغ مجدها ايام اشتعال الحرب العالمية الثانية حين توقفت بواخر الانجليز عن العمل بسبب ظروف الحرب وتتبع الالمان لها فنشطت في هذا الوقت سفن الكويت الشراعية.. وبالتالي ازدهرت تجارة الكويت.. حيث كانوا يمدون ويزودون بلادهم، وبلاد الخليج ومعظم بلاد العرب بالبضائع التي يأتون بها من الهند وكان من آثار هذه الرحلات وهذه التجارة حماية المنطقة من المجاعة.
درس الراحل من الرشيد سنة من حياته في احدى مدارس البحرين في معية والده احمد واخيه عبدالعزيز الرشيد الذي كان يلقي المحاضرات ويقيم الدروس والندوات هناك.. لقد عاش الراحل شاهدا عدلا على عصر اخيه عبدالعزيز الرشيد.. مؤرخ الكويت الكبير.. وكاتب تاريخها.. حيث عاش قريبا منه حتى كادت تتوحد الانفاس بينهما على الرغم من فارق السن الكبير بين الاثنين.
نشط الراحل محمد احمد الرشيد في القضايا العامة وتصدى في حياته للكثير من مظاهر التسلط والاستغلال وكان هذا دأبه حيث كان عضوا في مجلس الامة مثلما كان دأبه قبل ان توصله الارادة الشعبية قبة البرلمان.
كان الراحل دائما لساناً لا يتلعثم في اظهار الحق ولقد خاض في حياته السياسية والبرلمانية معارك ومعارك كانت في الغالب تنجم عن اشتباهه في تجاوز من احد.. او لعلمه باستيلاء احد على ما ليس من حقه.. ولقد سببت له هذه الصراحة وهذه الوقفات التي اقل ما يقال عنها انها وطنية سببت له العديد من المواقف والاشكالات في حياته السياسية التي بدأها عام 1963 عضواً في مجلس الامة الاول.
واستمرت في المجالس النيابية المتعاقبة فيما عدا المجلس الثاني حتى آخر مجلس تمثل فيه وهو المجلس الخامس وليتوقف بعدها عن ترشيح نفسه.
كان الراحل ولعا بالزراعة وذلك منذ شرائه مزرعة وبيتا له في مصيف بلودان السوري عام 1957 واستمر هناك ينمي اهتماماته بالزراعة حتى زادت رقعة ارضه وكثرت بساتيه الخضراء والتي كانت تنبت أطايب الخضار والفاكهة.. وقد كان عشقه للزراعة جعله من أوائل العاملين فيها.. والمتملكين لأراض زراعية في الكويت.. حيث غدت مزرعته مشروعاً أخضر يطرح الخير في أرض الخير.. وليصبح بعد ذلك أول رئيس لاتحاد المزارعين الكويتيين.
الراحل كان من أبرز رموز المعارضة في البرلمان الكويتي.. ولم تكن معارضته إلا من أجل مصلحة الكويت.. ومصلحة أبنائها.. ولم يكن رحمه الله يبخل بجهده، ولا بعرقه.. لأجل الكويت وأهلها، ولقد بلغ رضا المواطنين عنه أنه كان يستدعى من قبل أبناء الدوائر الانتخابية المختلفة طالبين ترشيحه في دوائرهم.. وهذا ما حدث بالفعل.. حتى تعددت الدوائر التي رشح نفسه فيها ومثلها في مجلس الأمة، فمن دائرة جبلة القبلة إلى القادسية إلى الفيحاء وانتهاء بضاحية عبدالله السالم التي ارتضاها سكناً له.
الراحل محمد أحمد الرشيد.. رجل سرت في عروقه الدماء الكويتية الصرفة والروح الوطنية القوية وجعلت منه عنوانا كبيرا لأبناء هذا الوطن.. الذين يجب أن يسيروا على خطاه لأجل تحقيق المصلحة الوطنية العامة بقلب جسور، ولسان لا يتردد في قول كلمة الحق...

جريدة الوطن 16/5/2010
رد مع اقتباس