عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11-06-2010, 11:27 PM
الصورة الرمزية أدبنامه
أدبنامه أدبنامه غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: في كل مكان يذكر فيه اسم الله
المشاركات: 284
افتراضي يتبع

الوطنية يتمثل في كيف نقوم بالحكم على الآخر ، وفي أي تصنيف نضعهم ، وما هي المساحة التي تجعلنا لا نصدر أحكاماً ضد الآخرين . وبالإضافة إلى ذلك فهناك بعداً هاماً آخراً وهو يتمثل في مدى غرس مفاهيم وقيم الانتماء للوطن في نفوس الأفراد داخل المجتمع.فقيم المواطنة والوحدة الوطنية تتمثل في مجموعة سلوكيات تكون مترسخة داخل أفراد المجتمع . فمدى ترسخ هذه القيم ، يمكن من خلالها تحقيق الشخصية الوطنية . فعلى سبيل المثال ، المحبـة ، والمودة ، والتسامح ، والولاء ، والانتماء ، واحترام الرأي والرأي الآخر ، والسلامة ، والعدل والمساواة ، والانفتاحية في التفكير ، والمسئولية ، والأدب والإخلاص ، وغيرها من هذه القيم هي التي ترسم الشخصية الوطنية ، وهي قيم مختارة من منظومة قيمية كبيرة متى ما استطاعت المؤسسات الاجتماعية بكافة أشكالها غرسها في الفرد داخل المجتمع، استطعنا تحقيق معاني الوحدة الوطنية وترسيخها بين أفراد المجتمع . فهي قيم اجتماعية يتم تعلمها من خلال التنشئة الاجتماعية ، والمحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه الفرد ، والذي تلعب الأسرة فيه الدور الأول والرئيس في غرس مثل هذه المفاهيم . فالتنشئة الاجتماعية - كما سبقت الإشارة - ليست مسئولية الأسرة في المجتمع الحديث فقط ، أنما دور هام تقوم به مؤسسات أخرى داخل المجتمع .

ومن المعروف ، كما يشير كرونباج([1]) إلى أن أفراد المجتمع الواحـد لا يتشابهون في إطـارهم القيمي ، فهم يختلفون فيما بينهم في منظومتهم القيمية . فهناك اختلاف على المستوى الفردي في القيم ، وهناك أيضاً اختلاف على مستوى الجماعة التي ينتمي لها الفرد . ومدى توافق المجتمع وتجانسه هو متى ما استطاع أن يحقق القيم المشتركة ويتشابه مع الآخرين بها . أن هذا المنظور لخصوصية القيم ينطلق من المنظور العام لمفهوم أوسع وأشمل وهو مفهوم الثقافة . فهناك العديد من الثقافات الفرعية داخل المجتمع الواحد . فهذه الثقافات الفرعية تتجانس فيما بينها ، ولكنها تختلف عن الثقافات الأخرى ، وهم جميعاً في أطار الكلية والشمولية يتوافقون ويتشابهون تحت ثقافة مجتمع واحد . فمدى التشابـه في طرق الحياة والعادات، والتقاليد، والأساليب الحياتية ، والقيم، والمعتقدات، هو الذي يخلق التجانس داخل المجتمع ، والعكس صحيح . وهو الحال نفسه بالنسبة لمنظومة القيم بشكل عام ، والقيم المتعلقة بالمواطنة والوحدة الوطنية بشكل خاص . فقد لا يوجد تشابه في المجتمع الواحد في الاشتراك بمنظومة قيمية خاصة بمفهوم الوحدة الوطنية والمواطنة ، حيث أن هناك إمكانية للتفاوت الفردي أو الجماعي لهذه القيم . ولكنها في النهاية متى ما اتفقت وترسخت هذه القيم عند جميع الأفراد والجماعات داخل المجتمع ، تحقق الاستقرار الاجتماعي والسياسي على حد سواء .


الوحدة الوطنية:-
لعل مفهوم الوحدة الوطنية يرتبط بشكل كبير ومباشر مع مفاهيم اجتماعية أخرى. فيرتبط مفهوم الوحدة الوطنية مثلاً مع مفاهيم مثل الانتماء، والولاء، وغيرها. ولعل مفهوم الانتماء والولاء قد يراها البعض بأنها قيم محددة تؤدي في النهاية إلى تحقيق الوحدة داخل الوطن وبالتالي الوحدة الوطنية. وقد يكون مفهوم الولاء والانتماء بالتالي هما مقومات من مقومات الوحدة الوطنية. ويظهر مفهوم آخر قد يكون ملاصقاً لمفهوم الوحدة الوطنية والمتمثل في مفهوم المواطنة والتي يمكن تعريفها كما جاء في دائرة المعارف البريطانية بأنها العلاقة بين الفرد والدولة التي يتحدد من خلال القانون، وما تتضمنه هذه العلاقة من واجبات وحقوق . فهذه مفاهيم متداخلة لا تخرج عن نطاق مفهوم الوحدة الوطنية.

ويمكن تبني تعريف خاص للوحدة الوطنية فيما ذكره عبد الله بن ناجي آل مبارك[2] في أنها " اتحاد مجموعة من البشر في الدين والاقتصاد والاجتماع والتاريخ في مكان واحد وتحت راية حكم واحدة". فالوحدة الوطنية هي اندماج اجتماعي بين شرائح المجتمع كافة تحت حكم واحد، وفي إقليم محدد بتراخي تام عن هذا الانتماء، وبشعور يجمع هذه الشرائح من أجل مصلحة واحدة ومشتركة.

ومن المعروف أن المجتمعات الإنسانية كافة تجمع العديد من الثقافات الإنسانية داخلها، والتي تخلق مزيجاً ثقافياً لكل منها إطاره الثقافي وطرحه وأساليبه الحياتية وعاداته وتقاليده المختلفة عن الآخرين. ولكنها إذا ما أرادت أن تنخرط تحت لواء واحد وشعار واحد، فإنها تكون قادرة ذاتياً على الاندماج في قالب موحد، ولصالح وطن واحد، وبالتالي يتم تحقيق ما يسمى بالوحدة الوطنية باختلاف العناصر الثقافية التي تميز كل مجتمع عن الآخر. وإذا ما طبقنا ذلك المزيج الثقافي على المجتمعات ، فإن هناك العديد من المتغيرات الاجتماعية والديموجرافية التي تقوم بخلق مثل هذا التمايز الثقافي في المجتمع الواحد . فمتغيرات مثل المذهب أو الدين، والأصول العرقية، والجذور التاريخية، والطبقة الاجتماعية، والمستوى الاجتماعي والاقتصادي ، والمستوى التعليمي والانتماء السياسي والفكري وغيرها من المتغيرات تخلق نوعاً من التمايز الثقافي في داخل المجتمع.

إن هذه الاختلافات هي التي تولد الحاجة إلى وجود ما يجمعها في إطار تعايشي ، وتحت شعار الوحدة دون الأخذ بالاعتبار للانتماءات الفرعية المبنية على المتغيرات المذكورة.

فالانتماءات الفرعية مثل الانتماء للمذهب السني أو الجعفري على سبيل المثال يخلق ثقافة سكانية محددة داخل المجتمع تحتاج إلى تجانس وتعايش مع بعضها بعض والاتفاق حول هدف مصلحي واحد يجمع هذه الانتماءات والولاءات إلى انتماء وولاء موحد لبقعة جغرافية تسمى الوطن. فعند تلاقي هذه الانتماءات الفرعية لانتماء عام وموحد تتحقق الوحدة الوطنية . ففي المجتمع المحلي تتعدد هذه الانتماءات والثقافات المختلفة وفقاً للمتغيرات الاجتماعية المتعددة. فينقسم السكان إلى تصنيفات متعددة مبنية على المذهب سواء السني أو الجعفري، أو الجذور إن كان هذه الجماعات منحدرة إلى جذور عربية أو غير عربية، أو الأصول إن كانت هذه الجماعات السكانية منحدرة من أصول قبلية، أو حضرية ، أو ريفية. أو التقسيم المبني على المستوى الطبقي وتحديد الطبقات الاجتماعية العليا، أو الوسطى، أو الدنيا، وكذلك المستوى التعليمي الذي يخلق أيضاً نوعاً من الفروق وغيرها من هذه المتغيرات التي تخلق ما يسمى بالجماعات الفرعية الداخلية. فالوحدة الوطنية هي اندماج لهذه الشرائح والفئات باختلاف طبيعة هذا التمايز بينها نحو التوحد في هدف واحد. وهو الولاء والانتماء للوطن وللدولة بمؤسساتها المختلفة. ولعل التحدي الأكبر في هذا الجانب هو الذي يجعل من هذه الفئات والشرائح الاجتماعية المختلفة تتجمع في إطار قومي موحد، وتجمعها المصلحة الوطنية الواحدة. ولعل هناك تحدي أكبر لتحقيق الوحدة الوطنية وهو المبني على تحقيق القدر المناسب من انتشار المحبة والألفة بين أفراد المجتمع الواحد والتي إذا تحققت، فإنها تحقق أبرز معاني الوحدة الوطنية . هذا بالإضافة إلى الإسهام والمشاركة الفعالة في بناء المجتمع على قدر من العدالة والمساواة . فالعدالة والمساواة هي من مرتكزات الوحدة الوطنية ومن أبرز مقوماتها مع التمسك بمبادئ ثابتة تعزز من وجودها مثل تبني النظام الديمقراطي.

دور المؤسسات الاجتماعية في التربة الوطنية:
تلعب المؤسسات الاجتماعية المختلفة دوراً رئيساً وهاماً في غرس المفاهيم الوطنية وتعزيز القيم المرتبطة بالوحدة الوطنية . فهناك مؤسسات متعددة تقوم بدور أساسي وهام في عملية غرس القيم المرتبطة بالوحدة الوطنية ، وتعزيز مفهوم المواطنة من خلال عملية التنشئة الاجتماعية . فمؤسسة الأسرة تمثل الصدارة في هذا الجانب فهي نواة المجتمع ، والذي يتعلم منها الفرد أولى المبادئ العامة في حياته . فينصب دورها التربوي الرئيسي في غرس المفاهيم المشتركة مع الآخرين لتحقيق الوحدة الوطنية . فمن أبرز وظائف الأسرة هي عملية التنشئة الاجتماعية والتي تنشأ فيها غرس للمفاهيـم الوطنية . فالأبوان مسئولان عن هذه العملية التربوية .

ولعل الدور الأسري الذي كان في السابق يجعل من الأسرة هي أحد المصادر الرئيسية لهذا الغرس ، أصبحت في الوقت الراهن في المجتمع الحديث ليست المسئولة الأخيرة عن غرس القيم . فتشاركها بذلك مؤسسات أخري متعددة داخل المجتمع الحديث والمعاصر . فالأسرة التقليدية على حد زعم وليام اوجبرن([3]) كانت تقوم بوظائف متعددة . فكانت تؤدي الأسرة الوظيفة الاقتصادية من حيث كونها تستهلك ما تنتج ، وتمنح المكانة الاجتماعية لأفرادها ، وتمنح الحماية بكافه أشكالها للفرد داخل الأسرة ، وأيضاً مسئولة عن الجانب الترفيهي له . فهي تقوم بهذه الأدوار في ظل انحسار لدور المؤسسات الأخرى داخل المجتمعات التقليدية . وكانت أيضاً هي المسئولة عن عملية التربية وغرس القيم الاجتماعية بشكل عام . فالأبوين هما المسئولان عن العملية التربوية بشكل كامل كما يشير اوجبرن .

ولكن هذا قد دفع الآخرين إلى نقده ، وعلى رأسهم عالم الاجتماع الشهير بارسنز الذي أشار إلى مفهوم التمايز الوظيفي ، حيث أشار إلى أن هناك مؤسسات حديثة أصبحت تؤدي وظائفها بشكل متمايز أي أنها تشترك مع الأسرة بأدوار مختلفة ومتكاملة وأكثر تخصصاً للمؤسسات الحديثة([4]) فأصبحت وفق ذلك عملية التنشئة الاجتماعية غير محصورة على مؤسسة الأسرة أنما تشترك معها مؤسسات أخرى في المجتمع الحديث . فأصبحت مؤسسة المدرسة على سبيل المثال من أبرز المؤسسات الحديثة التي تسهم بشكل كبير في عملية التنشئة الاجتماعية . وأصبحت جماعة الصحبة ، والنـادي وغيرها تشترك أيضاً في هذه العملية . هذا بالإضافة إلى أن الأعلام بأدواته المختلفة من تلفاز ، ومذياع ، وانترنت ، والفضائيات ، والصحف وغيرها من هذه الأدوات تسهم بشكل كبير في نقل القيم وتعزيزها وغرسها . فالأعلام كمؤسسة اجتماعية أصبحت تسهم بشكل كبير بعملية التنشئة الاجتماعية وبحكم كونها وسيلة من وسائل الاتصال الثقافي . هذا بالإضافة إلى أن مؤسسات المجتمع المدني الحديثة لعبت دوراً هاماً وحيوياً في عملية التنشئة الاجتماعية كما سنرى لاحقاً.

فالمؤسسات الحديثة أسهمت في عملية التنشئة الاجتماعية التي تنقل القيم المتعددة إلى الفرد . فالقيم الاجتماعية يكتسبها الفرد في المجتمع الحديث من هذه المؤسسات كافة . فلم تعد هي مسئولية الأسرة لوحدها على الرغم من أنها البنية الأولى لها ، أنما هي مسئولية المؤسسات المختلفة في نشر وغرس وتعزيز القيم المرتبطة بالتربية الوطنية مثل قيم التسامح، العدالة ، احترام الرأي واحترام الآخر ، الديمقراطية ، التحرر ، السلام ، الحقوق ، الواجبات، الاستقلالية ، وغيرها من هذه القيم . فلم يعد الفرد يتعلم من مؤسسة الأسرة فقط ، أنما يمتد ذلك ليشمل المؤسسات الاجتماعية الأخرى داخل المجتمع الحديث.

دور المؤسسات الإعلامية في غرس قيم الوحدة الوطنية:
يعرف الإعلام لغة على أنه " الإطلاع على الشيء ، فيقال ، اعلمه بالخبر ، أي أطلعه عليه . والإعلام اصطلاحاً : هو عملية تفاهم تقوم علي تنظيم التفاعل بين الناس وتجاربهم في الآراء فيما بينهم وهو في هذه الحالة ظاهرة الحضارة الحديثة وجعلتها خطيرة ودعمتها بإمكانات عظيمة حولها قوة لا يستغني عنها لدي الشعوب والحكومات علي حد سواء . أما عنـاصر الإعلام فهي تتمثل في " المرسل ، والمستقبل ، والأداة ، والرسالة([5] ) . ومن خلال هذا التعريف فإن الإعلام هو أساساً مفهوم يعتبر بشكل مباشر على عملية التفاعل بين المرسل والمستقبل من خلال أداة محددة لنقل الرسالة . فالمرسل يقوم بإرسال رسالة إلى المستقبل عن طريق أداة محددة . وتختلف الأدوات الإعلامية باختلاف طبيعتها ، وتختلف أيضاً باختلاف تأثيرها ، وتختلف من جانب أخر من حيث حداثتها وقدمها . فهناك وسائل إعلامية متعددة حديثة وقديمة تنقل فيها رسالة ويتم استقبالها والتأثر بها وفقاً لاعتبارات متعددة منها درجة أو قوة جذب وتأثير هذه الأداة ، والظروف المحيطة التي تعرض فيها المؤثرات ، وكذلك ترتبط بشكل كبير جداً بالمستقبل والظروف المحيطة به ، وطبيعة هذا المستقبل الشخصية والسلوكية. فالأدوات والوسائل الإعلامية باختلاف أشكالها لها تأثيرات متعددة ومتفاوتة باختلاف طبيعتها كأداة ، وباختلاف مستقبلها . فهناك على سبيل المثال جهاز التلفاز ، والمذياع ، والصحف ، والانترنت ، والفضائيات ، وغيرها من الوسائل تقوم بأدوار مختلفة ومتفاوتة في عملية التأثير.

فهذه الوسائل والأدوات الإعلامية تقوم بدور رئيسي وجوهري في غرس القيم ، والتأثير على السلوك الإنساني من خلال استقبال ما تعرضه هذه الوسائل . وعلى حد قول العـالم النفسي هوفمان عند إشارته للأبناء وتأثير وسائل الإعلام عليهم الذي أشار إلى أن الأبناء عندما يقفون أمام أجهزة الإعلام ، فأنهم كقطعة الإسفنج التي تمتص ما تتعرض له . ويضيف إلى أن المؤسسات الإعلامية تؤثر على الفرد بشكل كبير وبالتحديد الأطفال ، ويعتلى هذا التأثير على تأثيرات أخرى . وقد لا يكون كل ما يعرض في هذه الوسائل الإعلامية مقبول للمجتمع ، وبالتحديد ما يتم عرضه في القنوات الفضائية والتي قد تخلق وتنشأ من خلالها بعض القيم والمعتقدات المتعارضة مع قيم المجتمع([6] ) .

فوسائل الإعلام المتعددة تسهم بشكل كبير ومباشر على غرس القيم الاجتماعية المتعددة . وليس هناك أدنى شك من تأثيرها البالغ والجم على القيم ذات العلاقة والارتباط بمفهوم الوحدة الوطنية وتعزيز قيم المواطنة . فمن أبرز أهداف وسائل الإعلام بشكل عام هو " تثبيت القيم والمبادئ والاتجاهات العامة والمحافظة عليها([7]) ، فهي ـ أي وسائل إعلام ـ تكون قادرة بشكل كبير على تثبيت تلك المبادئ والاتجاهات المرتبطة بقيم المواطنة والوحدة الوطنية من خلال استخدام أساليب متعددة ومتنوعة من الممكن الأخذ بها .

وقد يتم استخدام الأساليب المباشرة وغير المباشرة المتعددة في تعزيز قيم المواطنة والوحدة الوطنية . ولنأخذ على سبيل المثال تلك البرامج الإعلامية التعليمية الموجهة للأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية . فمن المعروف أن مجتمع الولايات المتحدة الأمريكية هو من أكثر المجتمعات العالمية التي تشمل تعدداً ثقافياً ، ووجود هذا المزيج الكبير من الثقافات المختلفة نتيجة لحداثة هذا المجتمع الذي اعتمد في تكوين بناءه الاجتماعي الهجرات السكانية المتعددة. فمن المعروف أن المجتمع الأمريكي يشمل على ثقافات مختلفة مثل الأمريكان السود، والأمريكان الأصليين ، والأمريكان الآسيويين ، والمنحدرين من أصول أوربية وغيرهم من هذا الهجين الثقافي . ولعل البرامج الإعلامية الموجهة بالتحديد للأطفال قد لامست هذا الهجين في سبيل تحقيق هدف خلق التجانس العام للمجتمع . فالبرامج الموجهة للأطفال مثل برنامج افتح يا سمسم ، وبرنامج " بارني" على سبيل المثال هي من البرامج التعليمية والقيمية التي يحاول من خلالها المشرفون عليها بتعليم الأطفال بعض المهارات الحياتية ، وكذلك ترسيخ مجموعة من القيم الحميدة مثل الاحترام ، والتعاطف ، ونشر الود والمحبة والتسامح وغيرها من هذه القيم . فتستخدم هذه البرامج الطرق المباشرة في عملية التعليم . ولكنها من جانب أخر ، وفي موضع مختلف تعلم بطريقة غير مباشرة . فالامتزاج الثقافي للشخصيات التي تظهر في هذين البرنامجين واسعي الانتشار هي شخصيات تجسد واقع المجتمع وأصول أفراده باختلاف ثقافاتهم المتعددة ، حيث نجد أن هذه الشخصيات يتحاور فيها من هو منحدر من أصول أمريكية خالصة ، مع الأمريكي الأسود، والأمريكي الآسيوي ، والأمريكي المنحدر من الجذور الأوربية . فشخصيات مزيجه ثقافياً تظهر بشكل واضح داخل هذين البرنامجين التعليمية . فقد حرص القائمون والمعدون لمثل هذه البرنامجين باستخدام الأساليب التربوية في غرس قيم المواطنة والانتماء للمجتمع الأصلي وهو المجتمع الأمريكي . فيتم التحاور والتناقش وعرض للمفاهيم التربوية بصورة متناغمة بين هذه الشخصيات والتي تعزز في النهاية مفهوم الوحدة الوطنية للمجتمع الأمريكي . فوجود هذه البرامج والمخصصة للأطفال ولهذه الشريحة اتجاهاً محدداً نحو الهدف من أقامة مثل هذه الوسائل الإعلامية التي تحقق غاية محددة تغرس في نفوس الأطفال .

فالوسائل الإعلامية تؤدي وظيفة هامة للمجتمع ولغرس القيم في سلوك الأفراد . وقد حدد عالما الاتصال لازر سيفلد ، وميرتون بعض الوظائف الخاصة بوسائل الإعلام . فقد أشار إلى أن من أهم وظائف وسائل الإعلام هو تبادل الأفكار والآراء بين أفراد المجتمع ، وتدعيم المعايير الاجتماعية من خلال معاقبة الخارجين عن هذه المعايير ، وأخيراً التحذير الذي يقصد به تجنب الآثار غير المرغوب فيها للمجتمع([8] ). ولتطبيق ما أشار إليه العالمان من هذه الوظائف على غرس قيم المواطنة والوحدة الوطنية ، فإن تبادل الآراء والأفكار على سبيل المثال بين أفراد المجتمع الواحد وبين الشرائح الاجتماعية المختلفة هو من أبرز الوظائف الإعلامية ، في التي تقرب وجهات النظر المرتبطة بالوحدة الوطنية إذا تمت أدارتها بطريقة علمية.

فالعملية تحتاج بشكل عام على تحديد هدف واضح ، وسوف يخلق هذا التواصل والتبادل الفكري والإيديولوجي إلى تحقيق الهدف المنشود . فهناك حاجة ماسه لوجود قنوات وبرامج إعلامية متسعة تناقش هذا الموضوع ويتبادل حوله الرأي . وكذلك وظيفة الإعلام هو " تدعيم المعايير الاجتماعية من خلال معاقبة الخارجين عن هذه المعايير " . فالإعلام يجب أن يكون مسئولاً عن دعم المعايير الاجتماعية المرتبطة بالوحدة الوطنية ، وأن يسهم الإعلام في محاربة ومعاقبة جادة لأي من تسول له نفسه المساس بالقيم المرتبطة بهذه الوحدة . وأن يكون مثالاً ونموذجاً جاداً للعقاب الاجتماعي في هذا الجانب ، ولك في الوقت نفسه أن يكون هذا العقاب




[1] ) Cronback . Educational psychology . New York : Har court , 1963

[2] عبد الله بن ناجي آل مبارك. قراءة في مفهوم الوحدة الوطنية. جريدة الرياض- الخميس 5 ربيع الأول 1426، 14 أبريل 2005، عدد 13443

[3] : Ogburn William . Technology and the changing family . Bounton Houghton Mifflin .


[4] Parson , T . and Bales . the family , socialization and interaction process . the free press . 1955 .

[5] ) محمد الشناوي . التنشئة الاجتماعية للطفل . عمان : دار صفاء للنشر والتوزيع ، 2001 ، ص 215 .
[6] ) حسن بن عايل أحمد يحيي . رؤى حول التربية والإعلام وادوار المناهج لتنمية التفكير في مضاميني الإعلام لتحقيق التربية الإعلامية ورقة مقدمة للمؤتمر الدولي الأول للتربية الإعلامية ، المكانة العربية السعودية .
[7] ) محمد الشناوي وآخرون . التنشئة الاجتماعية للطفل . مرجع سابق . ص 216 .
[8]) فوزي هادي الهنداوي . واثر الخطاب الإعلامي في القيم الاجتماعية . السلطة الرابعة . ( عبر شبكة المعلومات )

www . siiron line . org / ahabwab / solata 4 (7 ) 128 .htm .



يتبع
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

ادبنامه لوطرقت الارض شرقا او جنوبا في تهامه لن تجد للاسم ذما يفرض الاسم احترامه غايتي ان ابقى دوما في جبين العز شامه
الآرض تحيا اذا ما عاش عالمها متى يمت عالم منها يمت طرف
كالأرض تحيى أذا ما الغيث حل بها وأن أبى حل بها التلف
رد مع اقتباس