عرض مشاركة واحدة
  #120  
قديم 17-01-2012, 10:23 AM
الصورة الرمزية جون الكويت
جون الكويت جون الكويت غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,208
افتراضي

المناظرة في العلوم

ألفت الكتب في قواعد المناظرة، وأطلق عليها اسم أدب البحث والمناظرة، وقد كانت المناظرة في علم الكلام ثم توسعت في الفقه، وبيان الأولى من المذاهب ثم انحرفت إلى الخصومات التي أدت إلى التقاتل والغضب للمذاهب، ومالت نفوس الأمراء إلى ذلك، وهذا الفرع في المناظرة بعيد عن روح الدين الذي يريد التآلف والتوادد والإيثار، بل هي كما قال الإمام الغزالي تورث الحسد والترفع على الناس والحقد، وانتقام الخصم ومذمته، وتتبع عوراته، والفرح لمساءة الناس، والمناظر يريد السوء بأقرانه ويحدث من ذلك التباغض. وفي المناظرة الإستكبار عن الحق والمخادعة والمكر والرياء، حتى أن الغزالي نفسه قال لطاهر العباداني: "لا تعلق كثيراً لما تسمع مني في مجلس الجدل فإن الكلام يجري فيه على ختل الخصم، ومغالطته، ودفعه ومغالبته، فلسنا نتكلم لوجه الله خالصاً، ولو أردنا ذلك لكان خطونا إلى الصمت أسرع من تطاولنا في الكلام، وإن كنا في كثير من هذا نبوء بغضب الله فإنا مع ذلك نطمع في سعة رحمته". انتهى كلام الغزالي فراجع طبقات ابن السبكي.
أقول: إن المناظرة ما هي إلا كمناطحة الثيران ومهارشة الديكة، وهي بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، فالله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله : {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن}، والمسألة التي تريد أن تناظر أخاك بها إن كنت تعرف أن الصواب معك فعليك أن ترشده إليه سراً، وإن كان غائباً فاكتب إليه، فإن رجع للحق فذاك المراد، وإن لم يرجع فعليك أن تدعوا له بالهداية. هذا هو الدين الحقيقي.
أما أنك تطلب من أخيك المناظرة بأمر ما ويحضر الجم الغفير المتفرج ليروا من المغلوب وينفض المجلس بترفع الغالب وانكسار المغلوب فهذا أمر بعيد مما يدعو إليه الدين من المودة والألفة.
__________________
للمراسلة البريدية: kuwait@kuwait-history.net