عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 17-07-2008, 04:08 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

لقد بسطت في البحث السابق نبذة عن ارحمه بن جابر زعيم الجلاهمة وذكرت بعض المراجع وتعمدت ان اترك مرجعا هاما لكي القى الضوء عليه في هذا البحث لانه كما يقولون «من اهل الدار»، ذلك هو محمد خليفة بن حمد بن موسى النبهاني الذي كان مدرسا في مكة المكرمة في اول القرن الماضي وكان عليما وخبيرا بأهل بيته «البحرين» النبهاني الف عدة مراجع عن الجزيرة العربية كان اولها في سنة 1332 عن البحرين ثم الحقه بعد سنوات عن الكويت والبصرة والمنتفق وغيرها وقد كتب عن ارحمه بن جابر بصفته الاقرب والمطلع، ولهذا يسرني ان انقل لقرائي الكرام بعض ما اورده هذا العالم الفاضل يقول عن ارحمه في صفحة 138 من كتابه المذكور .
1- ارحمه الجلاهمة كان رجلا عزيزا في قومه ولعزته لم يدن لطاعة آل خليفة من كل وجه لامور في نفسه فجعل يشن الغارات عليهم كما سيأتي في الاصل عند ذكر وقعاته حسدا منه:
لا يحسد المرء الا من فضائله
بالعلم والظرف او بالباس والجود
كان ارحمه بن جابر قد دخل في معارك بحرية كثيرة عله يكون له نصيب من الحكم ولهذا كانت له معركة «خكيكيرة» وهي منطقة قرب «الخوير» في قطر الا ان الحظ قد كتب لهذا الرجل الذي فقد البصر ولم يفقد البصيرة الا ان يخرج من هذه المعركة «ويمزق» كما تمزق المزلقانه من اليد ويعيد قوته مرة ثانية ويدخل في عدة معارك اخرها المعركة التي احاط به آل خليفة بعدة سفن انقلها كما رواها البنهاني في تحقيقه صفحة 150 و 151 يقول:

محاربة رحمة ومقتله

بالرغم على ما اصاب رحمة الجلاهمة من الفشل والاندحار في الوقايع المتقدمة زمن الشيخ سلمان لم يقنط من اخذ الثار ولم تقعد همته عن الامل بالفوز ونوال الامنية فاعاد الكرة بقطع طرق البحرين بقتل الانفس وسلب الاموال فلما كانت سنة 1242 دخل ذات يوم القطيف بسفينته المسماة «غطروشة» فجرد عليه الشيخ عبدالله السفن مملوءة بالمقاتلة وخرج بنفسه يقودها وبمعيته الشيخ احمد بن سلمان، فلما وصلوا «ميناء القطيف» حاصروه هناك.
فلما رأى رحمه انه قد احيط به شمر عن ساعد الجد وامر برفع شراع سفينته واقبل بها عليهم موجها صدر سفينته على وسط كل سفينة تعارضه لاجل ان يكسرها فتفرق فتنحى الكل عنه حتى خرج الى عرض البحر فكروا عليه واحدقوا به من كل جانب وجعلوا يهاجمونه بصدور سفنهم في بادىء الامر «كعادتهم في الحرب البحري بالسفن» وكان رحمة قد كف بصره اخر عمره فجعل يسأل قومه عن السفن الهاجمة عليه ومن رئيسها فيخبروه وهو يقول هنا لا يجسر على مقابلتنا وهذا سفينته ما تحلقنا ومع ذلك فاطلاق الرصاص من البنادق متبادل بين الطرفين حتى اقبلت سفينة فاخبروه بان رئيسها الشيخ احمد بن سلمان «فقال هذا يطابقنا ولابد لان جنبه لم يلامس ناعمات الابدان» اراد بذلك انه لم يتزوج وفي المثل «مفعول الشباب امضى من حد السنان» ثم بعد قتال شديد لاصقت سفينة الشيخ أحمد المذكور سفينة رحمه فتجالد الفريقان بالسيوف واشتد بينهم الضرب والطعان وتقارعا بانواع الاسلحة الحديدية ، وكان بجانب رحمة ابن له صغير وعبده المسمى طرارا واقف على رأسه فجعل يسألهما عن المصادمات وعمن قتل حتى وصل اعداؤه الى «الصارى» الى الدقل ثم الى الحاشية ثم الى «النيم» اي سطح مؤخر السفينة وكان حينئذ جالسا في خزانة السفينة فاخذ ابنه وجعله في حجره ثم عمد الى نار في رأس «النارجيلة» التي كان يشرب منها الدخان فالقاها في ذخيرة البارود التي كانت تحته فانفجرت السفينة بهم وقتل هو وابنه ومن معهما متأسيا بقول الزباء «بيدي لا بيد عمرو» وتسمى هذه الواقعة «ذبحة رحمة الجلاهمة» وذلك سنة 1242هـ.
هذا هو الرجل الذي وصفته المصادر الاجنبية الغربية منها بانه قرصان كما وصفت القواسم الذين سادوا بحر الخليج العربي ردحا من الزمن بانهم قراصنة اما هم الذين جاءوا بجيوشهم واساطيلهم من بلدانهم الى هذه المنطقة وبسطوا نفوذهم عليهم فهم شيء اخر.
احببت ان اكتب في هذا البحث عن بعض نشاطات ارحمه بن جابر البحرية ذلك الرجل الكفيف الذي فقد البصر ولم يفقد البصيرة كان عندما يتحرك باسطوله المتواضع تقوده سفينته المعروفة «الغطروشة» يحسب لها الف حساب حقا ممكن ان نقول ان ارحمه حكم جزءا من البحر، جزءا من الخليج العربي من الكويت حتى سواحل عمان وقد اقام صلات مع حكام المنطقة فقد كانت له مؤازرات مع حكام «عمان ومسقط» في تلك الحقبة ومد جسورا مع حكام المملكة العربية السعودية وكان يتفاوض مع هذا ويختلف مع ذلك كان يقيم تحالفات مع حكام المنطقة لكن الحظ لم يحالفه لان الكل قد تمسك بارضه التي هو واقف عليها وارحمه ليس واقفا على شيء بل على الماء والبحر الفسيح وسواحله اصبحت ممسوكة ومحكومة، لهذا كان نصيب ارحمه النهاية التي اوردتها نقلا عن الشيخ محمد النبهاني وللحديث صلة.

جريدة الوطن 11/11/2004
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"