عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19-04-2009, 01:40 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

نورٌ على نور


جاءت البشرى، وعمت الفرحة، ودقت طبول السعادة في أرجاء قرية حولي، تلك القرية الجميلة صباحا، حيث أسفر النهار وأشرقت اشعة الشمس الساطعة.
جاءت البشرى عام 1956 بوصول الكهرباء الى تلك القرية.
فاستبشر الناس خيرا بالنور الذي سيكسر الخرمس، والخرمس باللهجة الكويتية يعني الليل الحالك، بل شدة سواد الليل.
اعتمد قدماء الكويت على القمرة الشقاقية، والشقاقية تعني السفر والضياء والنور، وقد لعب نور القمر ليلا دورا كبيرا في انارة الطرقات والحواري والازقة، فعرف الناس القمر والهلال والبدر.
فضوء القمر وتلألؤ النجوم هما سلوى القدماء من اهل الكويت، حيث لا كهرباء ولا ماء، فما ان يأتي الليل ويخيم ويسدل ستائره السوداء، حتى تبدأ مقولة الاهالي في تلك القرية «خيم الليل» والليلة خرمس، وكما اوضحت ان الخرمس تعني شدة السواد، بل ليل اسود حالك السواد.
لذا، اعتمدت ربة البيت على الاضاءة البدائية من «فنر» و«سراي زهيوي» (المصباح البدائي الذي يعمل بالكيروسين، اي القاز)، باللهجة الكويتية.

فتحرص المرأة على توزيع الاضاءة في جميع ارجاء المنزل فتضع «سراي الزهيوي» على البركة، بركة الماء في وسط الحوش، وتعلق في الليوان ايضا «سراي زهيوي» آخر، وفي المسبح (الحمام) وفي الأدب (المرحاض)، وهنا يشعر رب البيت بتوزيع الاضاءات في كل مكان. وقد تطور «سراي الزهيوي» الى «سراي بوفتيلة». لم يعرف قدماء الكويت الشموع نهائياً، لذا كان اعتمادهم على ضوء القمر (القمرة الشقاقية) والمصابيح التقليدية السابقة الذكر.
لذا، علت الزغاريط النسائية وعمت الفرحة قرية حولي عام 1956 عندما دخلت الكهرباء رسميا وبدأ التمديد الكهربائي في كل منزل. حدثتني والدتي قبل دخول الكهرباء انه كانت حتى الثلاجة عندنا تعمل على الكيروسين اي (القاز المحلي). وعلى الرغم من عدم وجود ماء ولا كهرباء، فقد صبر قدماء الكويت، قانعين راضين حامدين شاكرين الرب صابرين.
وكان الماء يأتي من العاصمة على ظهور الجمال (البعارين)، يحمل الرجال القرب، (قرب الماء) ليصبوا هذا الماء في البركة المعدة له والذي جاء من شط العرب. نعم، هذه معاناة الجدود وقناعتهم في ديرتهم، صابرين حامدين الله، قانعين بقضاء الله وقدره حتى كافأهم الله على صبرهم وجَلدهم.
رد مع اقتباس