عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 28-06-2008, 05:31 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

< < <
البطلان السادس والسابع: (مرشد الطوالة ومرزوق المتعب: الفارسان المخترقان للحصار)

تعيدنا هذه الحادثة إلى معركة الجهراء المعروفة، والتي بدأت بهجوم الأخوان على الجهراء صبيحة الأحد 26 محرم 1339هـ (10 أكتوبر 1920م)، ومحاصرتهم للقصر الأحمر، وبداخله الشيخ سالم المبارك، ومجموعة من خيرة رجالات الكويت وفرسانها، والقصة طويلة، وأحداثها متعددة، وأبطالها كثيرون، ولكننا سنتحدث عن فارسين اخترقا الحصار، وقاما بطلب النجدة من مدينة الكويت لإنقاذ المحاصرين، وهما (مرشد بن عايد الطوالة الشمري، ومرزوق المتعب الشمري).
ونستمع للحكاية برواية أحد صاحبيها مرشد الطوالة الشمري كما حكاها في مقابله أجراها معه أحمد البشر الرومي سنة 1964م تقريباً.

يقول مرشد:
(حشد الإخوان جيوشهم بالمطلاع، ونصبوا خيامهم، ونوخوا فيها الخيول التابعة للإخوان على اليمين واليسار من المخيم، ونحن خيولنا في القرية، وتمركزنا، وأخذ الشيخ سالم المبارك، ومعه الذخيرة مع مجموعه من المقاتلين عند الشماليين من العرب، وكنت مع الشيخ علي الخليفة جنوب الجهراء مكان العيّار.

وكان عددنا قليلا عندما بدأت المعركة، وبلغ عدد الأخوان ما بين ثمانية وسبعة آلاف، وأما حملة البيارق، فعددهم سبعة بيارق أما نحن الكويتيين فعددنا قليل لا يتجاوز الألف مقاتل.

والتحق الشيخ سالم المبارك الذي وصل بعد ثمانية أيام من حشد الأخوان، وبدأ الاستعداد للمعركة بفترة وجيزة، وزحفت مجموعة علينا، وكنا متمركزين على الأرض، ومن يقتل منهم ينهض علينا، ويزيد من هجومه علينا، وكانت المعركة كراً وفراً، ولكثرة تعدادهم قتلنا منهم الكثير ثم دخلنا القصر الأحمر لنحتمي به، وتأخر علينا الشيخ علي الخليفة، وكان بحيالة العيار، وأغلقنا الأبواب، وعندما عاد أنزلنا لهم حبالاً صعدوا لنا، ودخلوا القصر أما الأخوان، فتجمعوا بحوطة القصر، وحاصرونا، واجتمعنا مع الشيخ سالم المبارك، وبدأ يورد علينا السوالف الكثيرة ليرفع من معنويات المقاتلين الكويتيين، وكل بدأ يقترح الحل المناسب للخروج من هذا المأزق الكبير.

قال بعض الجماعة: إذا سلم رأسك يا سالم ما علينا من الباقي. رد الشيخ سالم: لا هذا ما يصير، وقال آخر: ما علينا إلا أن نهوش خلفهم، ونتقفى الرجل الطيب الذي تنحاش به فرسه، وقال الآخر: الرجال الموجودين بالقصر أخرجهم عليهم، ونحن نهاجم الموجودين بحوطة بالقصر، والمتمركزين على النخيل. قال: لا هذا ما يصير، وحتى لو اذبح بهذا السيف ما خلصنا عليهم.
هجم الأخوان علينا بالصخاخين والهياب يريدون هدم القصر علينا، فقال الشيخ سالم المبارك: زرفوا القصر - بمعنى اعملوا ثقوب - بحوائط القصر من الجهتين للرمي بالبنادق، وبدأ بإطلاق النار عليهم، ونحن بداخل القصر، وقتلنا عدداً كبيرا منهم، وقال الشيخ سالم المبارك: جابهم الله في مذبحتهم.. لن يقوموا من هذا المكان.

وهنا بدأت فكرة نجدة أهل الكويت، وبدأت الآراء مرة أخرى، فقال أحد الجماعة: افتحوا الباب الجنوبي. قال الشيخ علي الخليفة: إذا فتحنا الباب الجنوبي يمكن أن الأخوان يدخلون علينا، والباب الصعب هو الباب المردوم بالتمر والعيش.
أنا – والحديث لمرشد – قلت: افتحوا هذا الباب المقابل للأخوان، ووافقوا لي بالخروج، وركبت الفرس الشويمة لعلي الخليفة، وركب معي مرزوق المتعب الشمري حصاناً يسمى عبيان لعبد الله الموعد الشمري، والخيول أصيلة ما تلحقها الخيل.
قال الشيخ سالم: عندما تثور طلقة واحدة مني أطلقوا الرصاص بكثافة على الأخوان حتى تلهوهم عن مرشد الشمري ومرزوق الشمري، وانطلقنا كالبرق، ولم يستطع الأخوان اللحاق بنا حتى وصلنا نصف الطريق، فقطعنا التيل خطوط الاتصالات بثلاث طلقات لنعطي إشارة الحكومة بعدم وجود اتصالات، فيعرفون السبب، وهذا حسب فكري آنذاك، ومن اقتراحي، ومن ثم وصلنا أمغرة، وكنا عطشى، وشربنا، واسترحنا، ووصلنا طريقنا إلى الكويت ثم اتخذا الإجراءات التالية:

1- تبليغ أهل السفن الشراعية من أهل الكويت، وكان على رأسهم لنجدة الكويت الشيخ عبد الله السالم، وأنا سحبت الخيل برا إلى الجهراء، وعندما شاهد الأخوان جموع المقاتلين الكويتيين، والسفن الشراعية، والخيول قادمة براً وبحراً بدأوا بالهدنة مع حياة الشيخ سالم، وكان الشيخ سالم لا يعرف بوصول النجدة لما هادنهم.
هذا، وقد توفى مرشد الطوالة في منزل ابنه علي بمنطقة الروضة سنة 1968م، وقد أطلقت الدولة اسمه واسم رفيقه مرزوق على شارعين بمنطقة الجهراء.

.............


وهكذا ينتهي حديثنا عن هؤلاء الأبطال في تاريخ الكويت، ولاشك أن في تاريخنا أبطال آخرون كثر، وكانت لهم أدوار بطولية أخرى لكننا ذكرنا منها هذه النماذج المختارة، وقديما قيل: (ما لا يدرك كله.. لا يترك جله).

رد مع اقتباس