عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 25-04-2009, 06:38 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي مداخلات المنيس ركزت على العمالة والنفط والتربية

ابتدأت فكرة ابراز مسيرة المرحوم سامي المنيس منذ وفاته، ولكنها تبلورت عام 2003 عندما قمت مع الاخ العزيز نافع الحصبان بتجميع المادة المتوافرة خصوصا في مضابط مجلس الامة منذ عام 1963 حتى عام 2000، وقد حاولت جاهداً التوسع في هذا الجانب. إن سامي المنيس لم يكن سياسياً لامعاً او برلمانياً فحسب، بل كان صحافياً متمرساً، ولكنني اغفلت هذا الجانب عن عمد حتى يجيء من يستطيع الغوص في كنوز صحافتنا وبالذات مجلة الطليعة التي ترأس الراحل تحريرها.
هذه الحلقات هي سلسلة متواضعة تقديرا لشمعة وطنية احترقت للمساهمة في تنوير هذا الوطن الغالي، وتأتي صعوبة هذه الحلقات في انها أتت بعد مذكرات الدكتور احمد الخطيب، اطال الله في عمره، واذا ما كان هنالك من نقص او استدراك، فالمجال متاح لإرساله عبر جريدة «القبس» الغراء.
في الختام اود توجيه الشكر لكل من ساهم في هذه المادة جمعاً وتدقيقاً وتحريراً بدءاً من الاخ الكبير عبدالله النيباري، الذي لولاه لم ينجز هذا العمل، وكل من الاساتذة احمد الديين، عبدالمحسن مظفر، محمد اشكناني، الذين اطلعوا على المادة وابدوا ملاحظاتهم السديدة، والشكر موصول للدكتور عبدالرحيم حسين الذي اشرف على المادة والمنهج المتبع، والشكر لكل جهد، مهما كان بسيطا ساهم في اخراج هذا العمل.
اخيراً الشكر لاسرة جريدة «القبس» على نشر الحلقات والتبرع بطبعها بـ«كتاب»، تقديراً للمرحوم سامي المنيس ودوره الريادي في خدمة الكويت.

مجلس الأمة الأول 1963
ليس أمامنا إلا أن نضع مسيرة سامي المنيس الديموقراطية من خلال مناقشاته المسجلة في محاضر مجلس الأمة في الفصول التشريعية التي نجح فيها، لنثبت ما ذهبنا إليه عندما نجح سامي المنيس في أول انتخابات تشريعية في الكويت 1963، هو ومجموعته الثمانية، وحملوا اسم نواب الشعب، بقي هذا سنوات عدة في فصول تشريعية لاحقة. كان دستور الكويت نافذاً وأصبح مجلس الأمة واقعاً ولم يعد حلماً. ولم يكن أمام سامي إلا أن يعض على هاتين المؤسستين بالنواجذ ويسعى ما وسعه السعي إلى تفصيل دورهما من خلال كفاحه الدؤوب من أجل تثبيت حق مجلس الأمة في الرقابة ومساءلة الحكومة واستجواب وزرائها، والدفاع عن حقوق الشعب وأمواله والحدّ من نفوذ شركات النفط وامتيازاتها والقضاء على استغلالها ومناصرة العمال أينما وجدوا، والسعي إلى توفير حرية الصحافة والتعبير.
لذا، كان سجله الديموقراطي حافلاً بالقضايا الداخلية والخارجية التي طرحها في مسيرته والتي لم يتردد لحظة في متابعها في كل فصل تشريعي انتخب فيه. وها نحن نتتبع مسيرة سامي وهذه القضايا في الفصول التشريعية التي انتخب فيها، فصلا فصيلا، وتقسم إلى مجموعتين الأولى سامي والقضايا الوطنية، والثانية سامي والقضايا العربية والعالمية.
ففي الفصل التشريعي الأول وفي دورات انعقاده الثلاث كانت أهم القضايا التي استحوذت على فكره قضية النفط، وشركات النفط والعاملين فيها بشكل خاص، وقضايا العمال بشكل عام. فقد أخذ سامي على عاتقه تحرير العمال المستغَلين وكشف ادعاءات هؤلاء المضللين، ونجح في إقناع العمال بذلك. وكانت أولى مداخلاته حول هذا الأمر في دور الانعقاد الثاني عندما طالب " إحالة مذكرة عمال شركة نفط الكويت إلى الحكومة لبحث أوضاعهم، وطالب بمساهمة الشركات النفطية في تشغيل العاملين، خصوصا أن امتيازات شركات النفط أكثر مما يقرره القانون ".
وفي دور الانعقاد الثالث، أشار سامي إلى أن سكان الكويت 330000 نسمة ولم تساهم شركات النفط حتى الآن في حل أزمة العمالة بشكل صحيح. وهناك لوائح داخلية تصدرها الشركات تحول دون عمل المواطنين. وتتمتع شركات النفط بامتيازات أكثر مما يقرره القانون، فنحن لا نعرف ما نوع المواد التي تستوردها شركات النفط، وما أسباب الاستثناءات التي تتمتع بها، ولماذا لا تدفع الشركات رسوماً جمركية".
كان سامي واضحاً في مناقشة أمور شركات النفط من غير لف أو مواربة، فقد أعلن في دور الانعقاد العادي الثالث " أن شركة نفط الكويت لم تنفذ أي بند من البنود التي اتفقت عليها مع الحكومة بشأن العمال، وهناك حقيقة مؤسفة جداً هي أن العمال في قطاع النفط أو شركات النفط أو القطاع الأهلي أوضاعهم محزنة، ومنها الاستغلال البشع، وفيها تعسف، فماذا عملت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لحفظ حقوق العمال؟".

بالنسبة للعمال الآخرين، فقد أعلن سامي في الفصل التشريعي الأول ودور الانعقاد العادي الثاني أنه " لا يجوز أخذ مكاسب العمال الطبيعية والشرعية وهي خدماتهم لما قبل 1959، كل إضافة في قانون العمل يجب أن تكون لمصلحة العمال لا لمصلحة رؤوس الأموال، وعلى العامل الكويتي أن يقرر مستقبله بيده وبتفكيره وبنظرته للمصلحة العامة من دون وضع شروط قانونية تحجم هذا الحق". كما طالب "بإنشاء نقابة عمالية في شركتي نفط"، وتساءل عن "سبب رفض طلب العمال الانضمام إلى هذه النقابة " لا سيما أن سامي كان الداعية الأول لإنشاء نقابات عمال النفط، ونجح في تأسيس أو لجنة عمالية عندما عمل مع شركة النفط 1946 وعمره أربعة عشر سنة . لذا كان حديثه عن تأييده لمطالب العمال صدى لتجربة قاسية وصعبة عاشها في مطلع حياته عاملاً في شركة النفط نفسها، ورأى معاناة العمال وقاسى همومهم. وكان حلقة الوصل بين أفراد النقابات عام 1961 وحركة القوميين العرب، ومع عام 1964 بدأت نقابات الوزارات، بدءا من وزارة الصحة، وتوالت الجهات، حتى توجت بالاتحاد العام لعمال الكويت في 1967 وكانت لسامي المنيس مساهمة فعالة في توجيه الحركة النقابية العمالية وإعداد كوادرها .

تنفيق العوائد النفطية
من هنا كان أمر العاملين في شركات النفط هماً من همومه، فكان يطلب التخفيف عنهم وتحقيق العدالة لهم، ولم يكف عن طرح هذا الأمر في مجلس الأمة. وبفضل جهوده وجهود النواب الوطنيين ونجاح هؤلاء في التعاون مع آخرين من الأعضاء من أجل مصلحة الوطن، نجح مجلس الأمة في إفشال اتفاقية تنفيق العوائد النفطية، وشكل ذلك أول صدمة لشركات النفط الاستعمارية التي كانت ترى أنها قوة لا يمكن التصدي لسيطرتها واستغلالها.
وتعود أهمية نجاح مجلس الأمة في إفشال اتفاقية تنفيق العوائد إلى ما تركته من آثار في عالم النفط، إذ وضع هذا النجاح أول مسمار في نعش الشركات النفطية حتى انتهى الأمر بتأميم النفط. وقد تم إفشال تنفيق العوائد النفطية في عام 1965. وتنفيق العوائد مصطلح يعني أن تحسب العائدات (الريع) المقدم من الحكومة للشركات النفطية العاملة في أراضيها على أنه جزء من النفقات العامة للشركة ولا تخصم من الأرباح العائدة للحكومة بموجب مناصفة الأرباح . وكان قد صدق على الاتفاقية كل من إيران والمملكة العربية السعودية وليبيا وقطر، ورفض الكويت لها آنذاك كان يعني مفاجأة خاصة لمنظمة أوبك (الدول المصدرة للنفط) التي عقدت الاتفاقية باسم أعضائها وكان نفاذها مرتبطاً بموافقة الكويت.

التدريب المهني
وإلى جانب مصالح العمال، التفت سامي مبكراً إلى موضوع التدريب المهني، فطالب في دور الانعقاد الثاني في الفصل التشريعي الأول الحكومة "بتدريب مهني وحل المشكلة مع شركات النفط"، كما طالبها "بالإسراع في تكوين المدرسة المهنية، وهي مدرسة تختلف في مهماتها عن الكلية الصناعية". وكان واضحاً التعاون مع الحكومة في هذا المجال، ففي الأول من مارس 1965 وافق سمو أمير البلاد على اعتماد إضافي بمبلغ خمسين ألف دينار لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لمواجهة نفقات تدريب الكويتيين العاطلين عن العمل. ورأى سامي استكمالاً لهذه الخطوة "أن يتم دفع رواتب للمتعطلين وعددهم آنذاك 925 عاطلاً".
طالب سامي في دور الانعقاد الثالث "بإنشاء هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية ومعنوية كحل عملي لمشكلات ذوي الدخل المحدود البالغ عددهم خمسين ألف مواطن، ويتوزع إنشاء بيوتهم على عدة جهات وتتهرب بعض الوزارات من طلباتهم". وذلك في محاولة منه لتوزيع البيوت بعد إنشائها عن طريق جهة واحدة مسؤولة بدلاً من تعدد الجهات.
كان سامي واضحاً، يريد الحلول الجذرية لكل مشكلات المواطن، ولم يكن يريد توزيع جهده بين هنا وهناك، فهو يريد مدرسة مهنية واحدة لمختلف أنواع التدريب، ويريد هيئة تشرف على ذوي الدخل المحدود. وتبدو عقلية العمل من خلال المؤسسات واضحة في فكر سامي المنيس.
لقد ناقش سامي المنيس في دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الأول موضوع الجنسية في مجلس الأمة، وطالب "بالتساهل في إجراءات الجنسية مع أبناء بادية الكويت، وإعادة تشكيل اللجنة العليا للجنسية وتعيين مقرر لها مع أعضاء متفرغين". كما طالب "بسحب الجنسية ممن أخذها بغير حق" وهو يرفض التوقف في إعطاء الجنسية، ويرى "أن لجنة الشؤون الداخلية هي المخولة بالتحقيق في موضوع الجنسيات التي أعطيت".
والتفت سامي في الفصل التشريعي الأول دور الانعقاد الثاني إلى الصحافة والإعلام، ورأى أن "الصحافة يملكها الشعب". وطالب بإعادة النظر في قانون المطبوعات. وكان مدركاً منذ البداية لدور التلفاز في الإعلام، وطالب بارتفاع أجهزة الإعلام إلى مستوى المسؤولية. كما طالب بصرف المبلغ على برامج تؤدي خدمة للمواطنين، معلنا رفضه المطلق "لأي مبلغ سري يخصص لوزارة الإرشاد" (الإعلام حالياً). ورأى أن "الترفيه مطلوب لكن من دون إثارة للجنس والعواطف، لذا فهو " يرفض إقامة الحفل السنوي للتلفاز" (60 ألف دينار) لأن "الحفل يزيد من مشكلات الشباب والبلد".
يضع سامي المنيس منذ البداية في الفصل التشريعي الأول دور الانعقاد العادي الثالث، أسساً لمناقشة ميزانية الدولة والحساب الختامي للمؤسسات، ويضع فلسفة واضحة للمستقبل، فهو لا يرى في مناقشة "حساب ختامي أرقاماً، إنما يرى موضوع السياسة المالية بشكل عام". ولما كان هذا هو المبدأ، فقد رفض التصديق على الميزانية، لأن "هناك إدانة صريحة من اللجنة المالية للحكومة بالفوضى"، إن صح التعبير، ولأن "اللجنة المالية تشكك في صحة الأرقام، ولأنه يرى أن مردود الميزانيــة "صفر على الشمال والإنتاج أقل بكثير من ضخامة الميزانية". وسامي المنيس لا يعترض على أرقام الميزانية، ولكن اعتراضه على مصير هذه الأرقام وأين تنفق وما مردودها على حياة الوطن والمواطن. فهو مستعد لبذل الأموال مقابل إنتاج للوطن.
لم يتردد سامي المنيس لحظة واحدة في الإعلان عن أن الكويت بلد عربي وجزء من الوطن العربي، ومصيرها مرتبط بمصير هذه الأمة، أفراحاً وأتراحاً. ولم يكن متردداً أبداً في الطلب إلى مجلس الأمة مناقشة قضايا الأمة، إضافة إلى مناقشة قضايا الوطن. ففي الفصل التشريعي الأول دور الانعقاد الثاني "أهاب سامي بحكومة الكويت والحكومات العربية أن تعيد النظر فوراً في علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع الحكومة البريطانية، في ضوء عدوانها السافر على بلد عربي شقيق هو الجمهورية العربية اليمنية". وسامي يعلن هذا الموقف أمام مجلس الأمة وهو يعلم متانة العلاقات البريطانية الكويتية في عام 1964/ 1965، لكنه يرى مصلحة الأمة العربية فوق أي مصلحة. ويذهب سامي إلى المطالبة "بالاهتمام بنضال اليمن وزيادة المنح الدراسة لأبناء الخليج".
كانت قضية فلسطين في صميم وجدان سامي المنيس، يتحدث عنها في الديوانية، وفي جريدة الطليعة، في مجلس الأمة وفي أي مكان. ولم يكن متردداً أو متهاوناً في طرح ما يمس فلسطين في مجلس الأمة الكويتي. فقد أراد البعض في عام 1964 أن تسمى "فلسطين السليبة"، لكنه والمجلس كله يوافق على التسمية التي اقترحها المرحوم عبد العزيز حسين "الوطن السليب فلسطين العزيزة". وكان يأنف من ذكر الكيان الصهيوني ويرى فيه "دولة العصابات" بدلاً من إسرائيل. ورأى في الصهيونية عدواً لدوداً للأمة العربية، لذا نراه يطالب مجلس الأمة بإلحاح "بالكشف عن الجاسوسية لمصلحة الصهيونية وملاحقتها". ولا يتردد في الموافقة والمطالبة بتنفيذ تحويل روافد نهر الأردن عندما لجأت إسرائيل إلى تحويل مياه النهر إلى أراضيها لتستفرد بالانتفاع بها وحدها في عام 1964.

الجيش
وطالب سامي، من دون مواربة، بتصفية مكتب الكويت في لندن، ورأى أن "تزويده للجيش الكويتي بما يلزم أمر مرفوض، فالجيش الكويتي جيش الأمة". وواضح أن طلب سامي لقي آذاناً صاغية، إذ عُيّ.ن ملحق عسكري في السفارة الكويتية كما أراد سامي.
إضافة إلى القضايا التي ناقشها وأثارها في الفصل التشريعي الأول 63ـ64ـ65، أثار سامي قضايا تمس حياة المواطن، وطالب بحلها، فهو يطالب "بسرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية"، ويطالب "بقانون للبرق والهاتف"، كما طالب بألا يجمع المختار بين وظيفتين. ومن الأمور التي ناقشها سامي ورأى أنها تمس حياة المواطن الوافد على السواء، مطالبته لوزير الداخلية بـ "تلبية مطالب أهل النقرة بشأن وجود مسرح الخليج العربي عندهم". وجاءت استجابة وزير الداخلية لهذا المطلب بالرد على سامي في 25/11/63 "أخطرنا المسرح بمراعاة رغبة أهالي منطقة النقرة وعدم القيام بالأعمال التي تزعجهم".
كما ناقش سامي في هذا الفصل قانون الإيجار وقانون البناء من دون ترخيص، إلا في الملك الخاص بإذن من البلدية، " ويرفض الإيجار من الباطن إلا إذا كان بالتفاهم مع المالك". وأشار إلى ظاهرة تفشي الخمر وردّ انتشار هذه الظاهرة إلى " القلق الذي يصيب المواطنين والشعب من عدم الاستقرار، وشارب الخمر إما لمزاج أو لتفريج الهموم والنسيان". وأكد سامي عند مناقشته لهذا الأمر "أنه لا يكفي منع الخمور ولكن يجب دراسة الأسباب والمشاكل التي دعت إلى هذا التفشي"، "وإذا كان من الواجب منع الخمر وتشديد العقوبة، فإنه يجب أن نضع العلاج الكافي، وأن نهيئ الاستقرار النفسي للمواطن".
كان يحرص ما وسعه الحرص على أموال الدولة وعدم إنفاقها في سبل لا يقتنع بها، لذا نراه يطالب "بإلغاء 650000 دينار المرصودة في الميزانية لشراء مكيفات لأنها لا تشترى سنوياً". واستغل حديثه عن المكيفات ليتحدث عن استهلاك الكهرباء وتساءل "هل يعقل تنوير الشوارع ونحن نشتكي من قطع الكهرباء؟"، كما طالب هنا بإعفاء ذوي الدخل المحدود من دفع ثمن الكهرباء.
لم يكن يفوّت فرصة فيها منفعة للمواطن، خصوصا الكادح أو العامل أو أي من ذوي الدخل المحدود إلا وانتهزها للدفاع والمطالبة بالحقوق، فهو يطلب "مصادرة المواد الغذائية غير الصالحة. لا تصديرها إلى الخارج وارتكاب جرائم إنسانية". وعندما ارتفعت بعض الأصوات ضد الباعة المتجولين ورأت فيهم ضرراً بالاقتصاد رفض سامي هذا الأمر ورأى أن "الحديث عن هؤلاء مبالغ فيه".

التربية
والتفت إلى التلاميذ الذين يقبلون في السنة الأولى الابتدائية استثناء من وزير التربية عندما يبلغون خمس سنوات ونصف السنة بدلاً من ست سنوات، فطالب "بأن يكون هذا الاستثناء عن طريق لجنة، وليس عن طريق الوزير".
كما التفت سامي إلى وزارة الصحة وحثها في ذلك الفصل التشريعي على "ضرورة الإشراف على العيادات الخاصة وبيع الأدوية في الصيدليات". وشارك في مناقشة قانون مزاولة مهنة التمريض وتساءل عند مناقشته عن "الفرق بين الممرض والمضمد اللذين وردت تسميتهما في قانون المهنة".
كانت بداية عهد أول مجلس أمة بداية امتداد التعليم الثانوي للبنات خارج مدينة الكويت، إذ وافق مجلس الأمة، بتشجيع واضح من سامي، على إنشاء ثانوية الفحيحيل للبنات في العام الدراسي 66/ 1967، وكان ذلك بداية التوسع في ثانويات البنات في مختلف مناطق الكويت.
وختاماً لسرد هذا النشاط البرلماني، لا بد من القول إن مجلس الأمة الكويتي انضم إلى الاتحاد البرلماني الدولي في 12/5/1964 وظهرت شعبة برلمانية من أعضائه وقبلت في 2/6/64 في عضوية الاتحاد الدولي .
إن الفرحة بعرس الديموقراطية لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما بدأت المسيرة تتعثر، وذلك من طبيعة الأمور. فالتجربة ناشئة وفريدة في منطقة الخليج العربي، وهناك من يشجعها، وهناك من يخشاها ويعمل ضدها، والذين يقلبون صفحاتها داخل الكويت وخارجها بين مستفيد وخاسر أناس كثر، وكان لا بد للتجربة الكويتية من مواجهة المصاعب التي قد تعطلها أحياناً تحت تأثير الظروف الداخلية والخارجية، لكنها لم تثنها عن الاستمرار.

الأزمة بين المجلس والحكومة
تجمعت خيوط الأزمة بين مجلس الأمة والحكومة منذ الرد على الخطاب الأميري في دور الانعقاد الثالث للفصل التشريعي الأول، وكانت للأزمة أسبابها، أولها الخطة الخمسية، وذلك عندما رأى سامي المنيس أن "الخطة الخمسية التي ترسم سياسة الدولة لا تزال في الأدراج". وثانيها، ما اعترض عليه سامي من عبارة جاءت في الرد على الخطاب الأميري تقول: يشجع المجلس خطوات الحكومة من أجل التنظيم الوظيفي والإداري... إذ رأى سامي "لا وجود لخطوات". وتساءل: "أين التنظيم الإداري والتوظيف؟"، واقترح أن تكون العبارة "يتابع المجلس خطوات الحكومة باهتمام" بدلاً من يشجع... إضافة إلى ما سبق كانت هناك إدانة صريحة في اللجنة المالية الخاصة للحكومة على "الفوضى المالية". وفي هذه الفترة تمكن مجلس الأمة من إحراز نصر كبير، عندما نجح في إسقاط اتفاقية تنفيق العوائد النفطية، ودعا إلى "انتزاع الغاز الطبيعي من أيدي الشركات النفطية وإعادة ملكيته للدولة".
وفي الفترة نفسها في أواخر عام 1964 اعترض بعض النواب على التشكيل الوزاري الجديد، مما أدى إلى استقالة الوزارة. وفي الخامس من يناير 1965 استقال السيد عبد العزيز الصقر رئيس مجلس الأمة وأصر على استقالته وتولى رئاسة المجلس من بعده السيد سعود العبد الرزاق .
استطاعت الحكومة الرد على مواقف المعارضة، التي كان سامي أحد رموزها، بتنظيم تحالف من 31 نائباً في المجلس مؤيد لها، وأصبح هؤلاء أغلبية في المجلس. وأصبح نواب الشعب الثمانية الذين يمثلون التيار القومي، ومنهم سامي المنيس، غير قادرين على مواجهة إقرار القوانين المقيدة للحريات ومنعها، مثل فصل الموظفين ومنع الحديث في السياسة في النوادي وإغلاق الصحف إدارياً ، وبعد مضي ثلاثة أعوام على التجربة البرلمانية التي انتهت بوجود القوانين المقيدة للصحافة والنشر، والتي جعلت من المستحيل ممارسة الصحافة لوظيفتها، وفرض قوانين قسرية بتعديل قانون الوظائف العامة الذي سلب الهوية الأساسية للمواطن الموظف، وجعل مصيره معلقاً بإرادة أفراد الحكومة، وفرض عليه الانتقال من وظيفته إن أراد الترشيح، رأى نواب الشعب الممثلون للتيار القومي في مجلس الأمة أن الغرض الحقيقي وراء سلوك الحكومة ومؤيديها، هو محاولة إجهاض التجربة الديموقراطية وتزييف إرادة الشعب.. وتحول مجلس الأمة إلى مؤسسة لاديموقراطية، ومصدر لقوانين جائرة لا تتفق وإرادة الشعب.
كانت تلك انتقادات نواب الشعب للحكومة، وكان تفكيرهم في تقديم الاستقالة مبكراً، لكن وفاة الشيخ عبد الله السالم الصباح أمير البلاد أجّل هذه الاستقالة. وعندما تأكد لهؤلاء النواب تصميم الحكومة، على حد تعبيرهم، على تنفيذ القوانين المقيدة للحريات تقدم هؤلاء الثمانية باستقالاتهم من مجلس الأمة، وهم: جاسم القطامي، د. أحمد الخطيب، سليمان خالد المطوع، يعقوب يوسف الحميضي، سامي أحمد المنيس، عبد الرزاق الخالد الزيد علي عبد الرحمن العمر وراشد التوحيد .
أما د. أحمد الخطيب، مؤسس حركة القوميين العرب في الكويت، فقد لخص أسباب الاستقالة على النحو التالي:
فرض قانون التجمعات الذي حرم المواطنين وسيلة التعبير عن آرائهم ومواقفهم.
سن تشريع يكبل حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والنشر.
تعديل قانون الوظائف العام حيث أصبح مصير الموظف معلقاً بإرادة الحكومة.
سلوك الحكومة ومؤيديها في محاولة إجهاض التجربة الديموقراطية وتزييف إرادة الشعب .
وكانت استقالة هؤلاء مدوية وتعد حدثاً بارزاً في تاريخ الحياة البرلمانية في الكويت (انظر الملحق ـ نص الاستقالة) ردت على استقالة الثمانية بالإعلان عن انتخابات تكميلية في بداية عام 1966 لكن نواب الشعب المستقيلين طالبوا بمقاطعة هذه الانتخابات كدليل على إيمان الشعب بأن الديموقراطية أصبحت عندنا زائفة، وأن الشعب قد كفر بهذا المجلس الذي لم يعد يمثله .
ورغم هذه الدعوة للمقاطعة، فقد جرت الانتخابات، وبغض النظر عن عدد الأصوات التي نالها الناجحون في هذه الانتخابات الفرعية، فإنهم أصبحوا أعضاء في مجلس الأمة. وشككت المجموعة المستقبلية في هذه الانتخابات ورأت أنه لا يمكن اعتبارهم ممثلين حقيقيين للشعب، إذ كيف يعتبر نائباً حقيقياً من حصل على بضعة أصوات لا تشكل أكثر من 20% من أصوات الناخبين؟!، إنهم لا يمثلون إلا أنفسهم .
كان انتخاب المجلس التأسيسي 1962، بعد استقلال الكويت 1961، الذي وضع الدستور وتبعته انتخابات أول مجلس أمة في تاريخ الكويت 1963 لافتاً للتفكير، خصوصا أن السلطة كانت ترفض أي استجابة لانتخابات برلمانية، فما الذي حدث؟ كان ما حدث بتوافق بين المواطنين وحركة القوميين العرب من جانب، وبين أمير دولة الكويت آنذاك المرحوم الشيخ عبد الله السالم الصباح من جانب آخر، لأسباب أهمها الإلحاح الشعبي منذ 1938 على تأسيس مجلس تشريعي، وما نتج من وحدة وطنية شاملة إثر مطالبة عبد الكريم قاسم بضم الكويت، والموقف العربي الرافض لمزاعمه والمؤيد للكويت، وترى مجموعة القوميين العرب أن ما حدث يعود إلى أن:
1) السلطة كانت تسعى دائماً إلى إيجاد صيغة من التمثيل الشعبي تفيد ولا تضر، كما كانت السلطة بحاجة إلى تثبيت كيان الكويت كدولة والرد على الانتقادات الموجهة ضد نظام الحكم.
2) بريطانيا الحليفة للكويت لم تكن ترى أن من مصالحها ومصالح الغرب أن تظهر أمام العالم كحامية لأنظمة حكم فردية .
فما الذي كان وراء فك التحالف؟ يرى القوميون من خلال ما نشروه أن نجاحهم في الانتخابات سبب قلقاً للسلطة. وقد شعرت هذه السلطة بعد السنة الثانية من عمر المجلس أنه استنفد أغراضه بالنسبة لها. فقد ثبت كيان الكويت في الجامعة العربية والأمم المتحدة، وأصبحت عضواً فيهما، كما أنها حصلت على اعتراف العراق بها بعد انقلاب 1963 ضد عبد الكريم قاسم وقتله. ورأت السلطة أن الفرصة سانحة للتخلص من العناصر الوطنية، كما أن نجاح مجلس الأمة الكويتي في رفض اتفاقية تنفيق العوائد النفطية أكد مدى خطورة العناصر القومية .
رغم ما حدث في الفصل التشريعي الأول من استقالات وانتخابات تكميلية وقوانين لم يرضَ عنها النواب القوميون، أو "نواب الشعب" كما سموا آنذاك، فإن الجو الديموقراطي في الكويت لم يصل إلى درجة الكبت كما في بعض البلدان الأخرى، وبقي هامش المطالبة الشعبية بالديموقراطية مفتوحاً، ولكن ليس بالطريقة التي يريدها "نواب الشعب".
وعقد أول مجلس أمة كويتي آخر جلساته في 3/1/67 وكان فصله التشريعي خمس سنوات وليس أربع سنوات، أي بزيادة سنة تكميلية. وأعلن عن انتخابات المجلس التشريعي الثاني في 25 يناير 1967 وكان الجو مهيأ لتقدم نواب الشعب في الانتخابات وزيادة عددهم إلى أكثر من ثمانية أعضاء، كما كان في المجلس الأول. وكان سامي مرشحاً في الدائرة الثامنة (حولي) لكن ترتيبه حسب النتائج المعلنة كان التاسع في القائمة، أي أنه لم ينجح.
لكن هذا الفصل اقترن بالحديث عن التزوير في الانتخابات، إذ قام بعض رجال الشرطة ودخلوا بعض اللجان الفرعية وأخذوا صناديق الاقتراع لنقلها إلى اللجان الرئيسة من دون غلقها وختمها، ومن دون مرافقة أحد مندوبي المرشحين حسب رواية بعض النواب والمرشحين .
ونتيجة لهذا صدر بيان في 27/1/1967 وقعه 38 مرشحاً، من بينهم ستة أعلنت الحكومة فوزهم، على رأسهم المرحوم عبد العزيز الصقر، جاء فيه: لجأت السلطة إلى التدخل المباشر في عملية الانتخاب، إذ فوجئ المواطنون بتنفيذ خطة مبرمجة لتزوير الانتخابات بشكل سافر ومفضوح .
وأصدرت جمعية الصحافيين الكويتية بياناً استنكرت فيه عملية التزوير، وكذلك الاتحاد الوطني لطلبة الكويت وجمعية المحامين والحقوقيين وجمعية الخريجين، واتحاد عمال الكويت، ومستخدمي القطاع الحكومي، ولكن المجلس عقد جلساته ولم يكن للمعارضة دور فيه، وغاب جميع رموزهم عن هذا المجلس الذي لا يزال ما حدث فيه موضع قيل وقال في تاريخ الحركة النيابية الكويتية.

المنيس في احدى مداخلاته عام 1976

__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس