عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-08-2010, 11:51 AM
الصورة الرمزية فتى البارق النجدي
فتى البارق النجدي فتى البارق النجدي غير متواجد حالياً
عضو مخالف، تحت الملاحظة، النقاط: 1
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 48
افتراضي

أهل نجد … والبحر

ليس بغريب على الإنسان أن يتبع العيش الكريم أينما كان، وأن يبتغي الرزق الحلال ولو من بين أنياب الأسد إذا ما اضطر إلى ذلك.
لقد كانت البيئة الصحراوية في نجد طاردة لكثير من أهلها الذين هاجروا طلباً للرزق الحلال وهروباً من القحط والجفاف حتى اصطدموا بالبحر، فإما أن يعودوا أدراجهم من حيث أتوا، وإما أن يعبروه ويسبروا أغواره رغم أهواله ومتاعبه، فإن أعطوه من أنفسهم أعطاهم من أعماقه اللؤلؤ وهو مصدر رزق وفير، وإن عبروه وامتطوا صهوة أمواجه جلبوا ما وراءه من خيرات حسان من أقاصي الأرض في حينها: الهند شرقاً وإفريقيا غرباً، وبذلك يكونون قد غطوا الغوص على اللؤلؤ من جهة والسفر الشراعي التجاري من جهة أخرى، وهما المصدران الرئيسان للرزق بلا منافس.
ولقد قدمنا في صدر هذا الكتاب كيف كانت الكويت آنذاك رئة تجارية تتنفس بها المنطقة بأسرها لوجود أسطول بحري كبير، وصل الشرق بالغرب في حركة تجارية دؤوبة، الأمر الذي جعل الرجال من سكان معظم مدن نجد وقراها ينحدرون سنوياً إلى الكويت في رحلات تجارية سنوية معروفة باسم "الحدرة"( )(بفتح الحاء وتسكين الدال). وكان من أبرز ما ينقلونه إلى مدنهم المواد الغذائية التي لا تزرع في الجزيرة العربية وتستجلب من الهند مثل الشاي والأرز والسكر والتوابل.
ولكن أنَّىَ لأهل نجد من الذين لم يروا البحر بأعينهم مرة واحدة في حياتهم لأن يقتحموا كل ذلك؟ بحيث لا تقتصر الحركة التجارية في الكويت على رحلات البر، بل تتعداها إلى رحلات البحر.
وكذا الحال بالنسبة لأهل البادية الذين انشغلوا بالترحال جرياً وراء الكلأ والزرع لترعى دوابهم وهي المصدر الرئيس لمواردهم المادية. ومن اللطيف أن كلا الشريحتين اتقنتا صناعة ركوب البحر غاية الإتقان.
ويقال إن أحد النجادة عندما وصل إلى الكويت آتياً لتوه من نجد لم يجد أمامه إلا الأعمال البحرية التي لم يمكن يعرف عنها شيئاً، فتقدم إلى أحد النواخذة طالباً منه العمل معه في السفينة ابتغاء كسب الرزق الحلال، فقال له "ليس لدينا عمل إلا الغوص"، وهذا يتطلب على الأقل أن تعرف كيف تسبح في البحر، وأنت لم يمر على قدومك من نجد إلا أيام قليلة، بل لم تشاهد البحر في حياتك ولو لمرة واحدة، فرد عليه النجدي معبراً عن استعداده لهذا العمل وتعلمه. فأجابه النوخذة * وهو بذلك يريد أن يصعب الأمور على هذا النجدي:
"ماذا تريد أن تعمل: سيب أم غيص؟" فأجابه النجدي متسائلاً أيهما يتقاضى أجراً أكثر؟ فقال له النوخذة: الغيص طبعاً، فرد عليه: النجدي إذاً أريد أن أكون غيصاً.
فما كان من النوخذة إلا أن وافق أمام هذا الإصرار، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على وضوح الهدف وقوة الإيمان لدى هؤلاء النجديين ولقد كان ذلك سبباً لبراعتهم في دروب البحر حيث تفوقوا على نظرائهم من أهل الخليج، كما يذكر المؤرخون.
كان عبدالعزيز بن عثمان عميد عائلة العثمان في الكويت هو أحد هؤلاء النجديين الذين برعوا في البحر ودروبه، حيث وصل إلى الكويت مع أخيه عبدالله وأخته هيا عام 1857م، وكان عمره آنذاك اثنتي عشرة سنة. وقد استقر فيها، وباستقراره في الكويت نشأت عائلة العثمان واستقرت فيها.
ومن اللطيف بل العجيب ذلك العزم الذي بدأ فيه حياته العملية، حين ركب البحر متعلماً ومنتبهاً لفنونه وهو عازم على الريادة في مجال صناعة ركوب البحر، فلما طلب منه أهله أن يتزوج ويستقر إذ لا تعارض بين العمل والزواج * قال كلمته المشهورة: لن أتزوج حتى أربط "البري"، والبري حبل يربط بمؤخرة السفينة، ويثبت بوتد على الأرض من خلفها حتى لا يتحرك مع ارتفاع ماء المد، وفي كلمته هذه كناية عن امتلاكه سفينة خاصة به، الأمر الذي يدل على علو الهمة وشدة العزيمة والاعتماد على النفس وكثير من المعاني السامية.
ومن الألطف والأعجب من ذلك أنه عندما امتلك السفينة عرض عليه الأهل والأحباب الزواج مرة أخرى، ولم يكن قد امتلك حينها البيت الذي يسكن فيه فأجابهم بكلمة معبرة قائلاً: "ليس قبل أن يكون لي قبر في هذه الأرض"، ومعنى القبر هنا أنه المكان الوحيد الذي لا ينازعه فيه أحد فكذلك البيت الملك، مما يدل على عزة النفس وعصاميتها، فلم يتزوج المرحوم النوخذة عبدالعزيز بن عثمان حتى امتلك السفينة "مساعد" عام 1879م، وأسس البيت عام 1885م تقريباً وكان ذلك هو تاريخ بداية تأسيس فريج العثمان بمنطقة القبلة.

فريج (حي) العثمان
(1885م)

كانت مدينة الكويت القديمة تتكون من ثلاث مناطق رئيسة هي القبلة والشرق والمرقاب، بالإضافة إلى مناطق متاخمة لها أصغر منها مثل الوسط والصالحية وأم صدة والمطبة والمقوع ودسمان والصوابر وغيرها.
أما منطقة القبلة فتقع في اتجاه القبلة بالنسبة لبقية المناطق في مدينة الكويت أي في القسم الغربي منها، وتبدأ من موقع المستشفى الأمريكاني (مستشفى الإرسالية الأمريكية) حتى “البهيتة”ويراد بها الأرض المرتفعة الواقعة قرب قصر السيف في المنطقة بين الشارع الجديد والصفاة وقصر نايف حتى دروازة (بوابة) الجهراء.
أما منطقة الشرق فتمتد على ساحل جون الكويت( ) من البهيتة أمام قصر السيف إلى منطقة العاقول عند ديوان الملا صالح. بين منطقتي القبلة والشرق تقع منطقة الوسط على جون الكويت ما بين القبلة حتى دروازة العبد الرازق (ملتقى شارع الجهراء ودسمان حالياً) والشرق الذي يفصله عن الوسط شارع الميدان( ).
وقد تميزت هاتان المنطقتان: القبلة والشرق بأنهما كانتا أكبر المناطق مساحة وأرقاها سكناً، إذ كان المتعارف عليه قديماً أنه كلما قرب السكن من البحر زادت قيمته، وما زال هذا متعارفاً عليه إلى الآن، ومن ثم كانت منطقتا القبلة والشرق في المرتبة الأولى سكنياً.
وهناك ظاهرة أخرى وهي أن معظم المساكن التي كانت تنتشر على السِّيف (شاطئ البحر) ذات مساحة كبيرة وتسكنها العائلات الكبيرة والغنية، وقد كان لأكثر هذه العائلات نقعات أو"نقع” (جمع نقعة) وهو ما يشبه الموانئ الصغيرة التي ترسو فيها السفن، أو تبنى، أو تقف ريثما تتم صيانتها.
أما المرقاب * وهي ثالث أكبر منطقة في مدينة الكويت القديمة * فهي منطقة مرتفعة جنوب مدينة الكويت وفيها تل يسمى "المرقب" ومنه كان جُند ابن صباح يراقبون هجمات الأعداء وتحركاتهم، ويسارعون بإبلاغ الأهالي لأخذ الاحتياطات اللازمة. وقد كان ذلك المرقب مدخلاً من مداخل المدينة، وبعد أن بُني السور وحلَّ الأمن بالمدينة أخذ السكان يبنون تلك المنطقة، التي سميت حينئذ باسم "المرقاب".
وبذا يكون كل اسم من الأسماء الثلاثة (القبلة * الشرق * المرقاب) له من الدلالة ما برر اختياره علماً على مُسماه، فإذا كان الشرق قد أطلق على الجهة الشرقية من الكويت، فإن اسم القبلة قد أطلق على الجهة الغربية لأن قبلة الكويتيين ناحية الغرب( ).
وحين نتأمل هذه التسمية من زاوية أخرى، فإننا نخلص إلى معنى كاشف عن الفطرة الإسلامية المركوزة في أهل الكويت. فقد كان ممكناً مثلاً أن تسمى هذه المنطقة باسم آخر مشتق من الجغرافيا، كما اشتُقَّ اسم الشرق، أو من الوظيفة، كما اشتق اسم المرقاب من المراقبة، إلى غير ذلك مما يمكن تَلَمُّسه عند التسمية.
ولكن اختيار لفظ "القبلة" بعينه علماً على هذا الحيِّ بعينه يُشير إلى قدسية تلك الجهة التي جعلها المصلي أمامه في الصلاة، حين يولي وجهه شطر المسجد الحرام حيثما كان. يقول تعالى: "قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ" ( ).
والقبلة في اللغة هي الجهة، يقال "ما لكلامه قبلة" أي جهة. والقبلة أيضاً "المُصلَّى"، قال تعالى: "وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ"( )، جاء في تفسير "الجلالين": تبوءا أي اتخذا، وقبلة أي مصلى تصلون فيها لتأمنوا الخوف، وكان فرعون قد منعهم من الصلاة.
وبشكل طبيعي تحتوي كل منطقة من هذه المناطق على أحياء وتسمى فرجان (أحدها: فريج) ويخدم كلَّ مجموعة من هذه الفرجان مسجدٌ يبنيه أهل الفريج عادة أو أحد الأغنياء منهم أو بعضهم. ورغم قصر المسافات بين المساجد إلا أنها كانت بالكاد تكفي لسكان كل حي تقع فيه لتزاحم المساكن في كل حي وتباعد الطرق بينها لوجود التفاف في كثير من الشوارع في هذه الأحياء حول المساكن فيها، ووجود بعض الأزقة (السكيك جمع سكة) المغلقة وتسمى في هذه الحالة "سكة سدْ".
وقد تبين ذلك بجلاء بعد تثمين كثير من المساكن وهدمها فانكشفت المسافات الصغيرة جداً بين المساجد، وعلى سبيل المثال لا الحصر يبعد الآن مسجد هلال (براك الدماج) عن مسجد العتيقي (المطران) بضع خطوات هي موقف للسيارات الآن رغم أنهما كانا مزدحمين سابقاً بالمصلين، وكأن المسجدين بعيدان عن بعضهما سابقاً.
وهنا نقترب من الحديث عن فريج العثمان، وموقعه حالياً مشغول بمبنى مجلس الأمة الذي احتل موقع فريج العثمان في أجزاء كثيرة منه.
وفريج العثمان يحده من الشرق بيت المبارك وبيت العبد الجليل الذي اشتراه غانم العثمان ومدرسة عمر بن الخطاب ثم بيت ثنيان الغانم وفريج الصقر (البدر)( ). ويحده من الغرب بيت فهد المرزوق الذي اشترى جزءاً من بيت حامد النقيب، ثم يليه بيت أحمد العبدالله الصقر ثم خالد الزيد الخالد ثم بيت أحمد الخرافي. أما من الجنوب فيحده بيت سيد محمد سيد أحمد سيد صالح الرفاعى وبيوت عبدالعزيز ويوسف ومحمد الحميضى وبيت الصانع، وبيت محمد عبدالرحمن البحر وبيت بورحمه وبيت المزيد وبيت المديرس.
عندما هاجر عبدالعزيز بن عثمان مع أخيه الأكبر عبدالله وأخته هيا سكنوا عند أحد معارفهم من بيت المعجل في فريج سعود، ثم اشترى عبدالعزيز بن عثمان بيتاً هناك في المنطقة نفسها، وبعد ذلك انتقل إلى ما سمي فيما بعد بفريج العثمان في آخر منطقة القبلة من مدينة الكويت، حيث كانت معظم البيوت والأراضي هناك مملوكة لعائلة المبارك وعائلة المزيد، بالإضافة إلى أراضي فضاء.
واشترى عبدالعزيز بن عثمان أحد بيوت عائلة المبارك الذي أصبح فيما بعد بيت العثمان، وهناك سكن الجميع (عبدالعزيز بن عثمان وأولاده عبدالله وعبدالوهاب وأولادهم). وكذلك سكن معه محمد ابن أخته هيا، وأما عبداللطيف فقد سكن مع والدته هيا، وكذلك اشترى المرحوم عبدالعزيز بن عثمان بيت السيد خلف بن السيد عبدالرحمن النقيب.
وعندما كبرت العائلة رأى عبدالعزيز بن عثمان أن الوقت قد حان لكي يقسم الحلال بين أولاده من جهة وأبناء أخته من جهة أخرى.
وقد كانت هذه القسمة محل إعجاب ورضا الجميع لما سادها من عدل وإنصاف، حيث احتفظ عبدالعزيز بن عثمان ببيت العثمان والديوانية، وعندما توفي في 13 شعبان 1355هـ (1935م) اقتسم إبناه عبدالله وعبد الوهاب الحلال بينهما حيث احتفظ عبدالله ببيت العثمان الأول وجزء من العمارة على البحر، واحتفظ عبدالوهاب بالديوان على البحر والجزء الآخر من العمارة، ثم اشترى عبدالوهاب بيت أحمد محمد الغانم، وهو بيت كبير يحتوى على ديوانية.
وبعدما انفصل كل من عبداللطيف ومحمد عن خالهما عبدالعزيز بن عثمان، اشترى عبداللطيف ومحمد سليمان العثمان بيت أسماء (أَسُّومة) بنت طالب النقيب بتسعة آلاف روبية، وسكن فيه محمد وسليمان ويوسف وعبدالرزاق وعبدالله، أما عبداللطيف فكان يسكن مع والدته هيا ومع أخته شيخة في بيت قرب بيت العائلة.
ولما اشترى عبداللطيف ومحمد بيت حامد النقيب بثلاثين ألف روبية، سكنا في هذا البيت، وعندما انفصلا عن بعضهما صار بيت النقيب والديوان لعبداللطيف، وبيت أسماء النقيب وحوطة كبيرة يحدها من القبلة بيت فهد المرزوق ومن الشرق الشارع مقابل مسجد العثمان لمحمد، والعمارة والنقعة مناصفة بينهما: جهة الشرق لمحمد وجهة الغرب لعبداللطيف.
وبعد وفاة عبدالعزيز بن عثمان أصبح للعثمان ديوانان: ديوان عبداللطيف العثمان وديوان عبدالوهاب العثمان، بالإضافة إلى ديوان غانم بن عثمان الذي اشترى بيت العبد الجليل الملاصق لفريج العثمان، كما أصبح لكل منهم منزله الخاص وعمارته الخاصة به، أما عبدالله فقد اتخذ من عمارته ديواناً له يزوره فيها أصحابه، وقد استمر كل ذلك إلى أن تم تثمين هذه البيوت والانتقال إلى ضواحي العاصمة في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات.
وعندما تم التثمين لم يبق من بيوت عائلة المبارك في فريج العثمان إلا بيتان هما بيت النوخذة يوسف جاسم المبارك وبيت خالد المبارك، وسكة واحدة كان يطلق عليها سكة المزيد، فيها جميع بيوت هذه العائلة الكريمة.
وعلى أية حال، فإن تسمية الحي (الفريج) لم تكن تصدر بقرار رسمي من السلطات الحكومية آنذاك، بل إنها نشأت قبل إنشاء دائرة البلدية التي أنيطت بها لاحقاً عملية تسمية الشوارع.
لقد تعارف الناس على تسمية الحي (الفريج) تبعاً لاسم العائلة التي تسكن أكثر مجموعة من البيوت في هذا الحي، أو أكبر البيوت حجماً وأكثرها سكاناً بما يجعلهم هم الأغلب بين سكان هذا الحي. ولعل هذا يفسر ببساطة تسمية ذلك الحي باسم "فريج العثمان".


نقع العثمان
(1895م)

ترتبط النقعة غالبا بالفريج (الحي) من حيث كونها هي الامتداد البحري لذلك الحي؛ لأنها في العادة متاخمة للحي الذي تشغل معظمه بيوت أفراد العائلة التي تسمى النقعة باسمها.
والنقعة بتشديد النون وكسرها وتسكين القاف، هي حوض ترسو به السفن لحمايتها من الأمواج أو لإصلاحها أو صيانتها، وهذا اللفظ عربي الأصل حيث إن النقع هو الماء المتجمع وكل ماء مجتمع يسمى "نقع" والجمع نقعان بضم النون، ومن هذا اللفظ جاء استخدام مسمى "المستنقع" للماء الراكد.
وفيما يلي أسماء النقع بالترتيب الجغرافي من الغرب * في منطقة القبلة * إلى أقصى الشرق في منطقة الشرق( ):
أولا: القبلة:
1- نقعة الساير.
2- نقعة سعود المطيري.
3- نقعة أحمد عبدالمحسن الخرافي.
4- نقعة عبداللطيف ومحمد سليمان العثمان.
5- نقعة عبدالعزيز العثمان.
6- نقعة علي المبارك.
7- نقعة آل عبدالجليل (نقعة غانم العثمان فيما بعد).
8- نقعة يوسف الصقر.
9- نقعة محمد ثنيان الغانم.
10- نقعة حمد عبدالله الصقر.
11- نقعة علي المانع.
12- نقعة ناصر البدر.
13- نقعة فلاح الخرافي.
14- نقعة الخالد.
15- نقعة المرزوق.
16- نقعة بودي.
17- نقعة سيد ياسين الرفاعى.
18- نقعة سعود (نسبة إلى سعود الصباح).
19- نقعة آل غنيم.
20- الفرضة.
ثانياً: الشرق:
1- نقعة الإبراهيم (نسبة إلى الشيخ يوسف بن عبدالله الإبراهيم).
2- نقعة الشيوخ (نسبة إلى الأسرة الحاكمة).
3- نقعة الشاهين.
4- نقعة معرفي.
5- نقعة الخميس (نسبة إلى عبداللطيف الخميس).
6- نقعة بوقماز.
7- نقعة شملان (نسبة إلى شملان بن على آل سيف).
8- نقعة العسعوسي.
9- نقعة النصف.
10- نقعة علي الفضالة.
11- نقعة محمد صالح التركيت.
12- نقعة ناصر النجدي.
13- نقعة هلال (نسبة إلى هلال بن فجحان المطيري).
14- نقعة مشاري عبدالله الروضان.
15- نقعة أحمد المناعي.
16- نقعة جاسم محمد العماني.
17- نقعة عبدالرحمن العسعوسي.
18- نقعة على أبو ونيان.
19- نقعة راشد بورسلي.
20- نقعة جاسم الغانم.
21- نقعة أحمد القضيبي.
22- نقعة عبدالله بن غيث.
23- نقعة السيد هاشم النقيب.
24- نقعة ابن معتوق.
25- نقعة الشيخ خزعل.
26- نقعة دسمان.
ولقد أقام التجار من أهل الكويت هذه النقع على حسابهم الخاص تسهيلاً على سفنهم وطواقمهما من أجل أداء أفضل في المواسم التجارية اللاحقة.
ويتراوح ارتفاع سور النقعة( ) * الذي يسمى "قاف"( ) * ما بين متر ونصف بالقرب من الساحل إلى أربعة أمتار أو أكثر داخل البحر، حسب عمق النقعة وبُعد سورها الداخلي عن الساحل، ويبلغ عرض السور عند قاعدته حوالي سبعة أمتار أو أكثر، يقل تدريجياً إلى أن يصل إلى حوالي متر ونصف أو مترين عند سطحه، ويساعد ذلك على تقوية السور وبقائه أطول فترة ممكنة لمقاومة الأمواج العاتية التي تتكسر على جدرانه، وبذلك يحمي السفن الراسية في النقعة من آثارها.
وللنقعة عادة فتحتان؛ شرقية، وغربية, تسمى الواحدة منها "فاتق"، وتستخدم لدخول السفن إلى النقعة والخروج منها، ويساعد وجود فتحتين متقابلتين أو أكثر في النقعة على تجدد مياهها وعدم تكون "الصيانة"، وهي ترسبات طينية وعضوية تنتج عن ركود الماء وعدم تبدله مما يؤدي إلى تجمع الأوساخ ووجود روائح نتنة.
وتتسع بعض النقع لعدد كبير من السفن، وكان معظمها يأوي سفن الغير أيضاً دون مقابل، بينما يتقاسم أصحاب السفن التي ترسو في النقعة نفسها تكاليف صيانتها، بدفع مبلغ معين من المال سنوياً مقابل كل سفينة، وذلك لتغطية مصاريف الصيانة وإعادة بناء أسوارها في حالة تهدمها، أو إصابتها بالتلف نتيجة للأمواج العاتية والرياح الموسمية القوية، التي تهب على الكويت خلال الفترة الممتدة من منتصف شهر مايو إلى أواخر شهر يونية، والتي تسمى "رياح البوارح".
وكانت بعض النقع تستقبل السفن القادمة من موانئ الخليج وبحر العرب لإصلاح سفنهم الكبيرة في الكويت. ويحل أصحاب السفن من ميناء "صور" بعمان وغيره من الموانئ التي تتوجه إليها سفن الكويت، ضيوفاً على أصحاب النقع أثناء فترة تواجدهم في الكويت، حيث يستضيفهم هؤلاء في بيوتهم ودواوينهم، نظراً لعلاقة الصداقة التي كانت تربطهم، ويبقى هؤلاء في الكويت إلى أن تنقضي مهمتهم، المتمثلة في بيع بضائعهم أو إصلاح سفنهم، حيث يقوم مضيفوهم بتقديم كافة أنواع المساعدة لهم لإنجاز أعمالهم.
وتظل السفن الشراعية الكويتية راسية في النقع أثناء فترة توقف العمل بانتظار قدوم الموسم التالي، ويتم تغطيتها بعرشان من الحصير والبواري لحفظها من حرارة الشمس والعوامل الجوية الأخرى.
ولا تخلو النقع في معظم الأحيان من السفن المتوقفة نظراً لاختلاف مواسم العمل للسفن الرئيسية التي تستخدمها، وهي سفن السفر التجاري وسفن الغوص؛ إذ يبدأ موسم السفر التجاري إلى الهند مع بداية توافر التمور في العراق في شهر سبتمبر.
فتغادر تلك السفن النقع بعد صيانتها وتنظيفها وتجهيزها للسفر، وتتوجه إلى العراق لشراء التمور من هناك وتحميلها، تمهيداً لنقلها إلى الهند أو اليمن وإفريقيا، وتستمر سفن السفر في رحلتها إلى الهند وإفريقيا مدة تتراوح ما بين ثمانية أشهر وتسعة أشهر، لتعود بعدها إلى النقعة في شهر مايو.
ولقد أسس الحاج النوخذة عبدالعزيز بن عثمان نقعة العثمان في حوالي عام 1895م بالتعاون مع ابني أخته عبداللطيف ومحمد، وتقع هذه النقعة في طرف منطقة القبلة بمدينة الكويت، مقابل مبني مجلس الأمة الحالي، وقريبة من نقعة العبدالجليل ونقعة الصقر، التي أعيد صيانتها وتأهيلها لاستقبال السفن.
ولم يبق من نقعة عبدالعزيز العثمان إلا بعض الصخور، بعدما كانت من أكبر النقع في الحي القبلي، حيث كانت أبعادها 800 ذراع طولاً و 800 ذراع عرضاً( )، وكانت النقعة تضم بين صخورها والشاطئ أكثر من ستين سفينة مملوكة لعائلة العثمان عبر التاريخ البحري لهذه العائلة.( )
ومما يذكر أن هذه الأرض تم تخصيصها من قبل الشيخ مبارك الصباح حاكم البلاد في ذلك الوقت للحاج عبدالعزيز بن عثمان الذي خصص مبلغاً كبيراً من ماله الخاص لإنشاء هذه النقعة وصيانتها.
وقد استمرت العائلة بصيانتها لأكثر من 70 عاماً على حسابها الخاص. ويحد النقعة من الشرق نقعة المبارك، أما من الغرب فتحدها اليسرة ونقعة الخرافي. أما من الجنوب فيحدها عماير العثمان ثم فريج العثمان.
ولقد ذكرنا تسلسل مواقع جميع نقع العثمان آنفاً ضمن بقية نقع منطقة الشرق والقبلة.
واليسرة هي قطعة صخرية كبيرة بارزة على شاطئ البحر في الموقع المذكور، وقد تميزت صخورها بالصلابة الشديدة مما يستعصي على أقوى العمال في ذلك الزمان لكسر موضع ولو صغير فيها، لذا تعامل معها الكويتيون كمعلم طبيعي لا يسهل تغييره، فاستفادت منه بذلك عشرات النساء الكويتيات اللاتي كن يحملن أكوام الملابس على رؤوسهن لغسلها على صخور اليسرة، لاستوائها وسهولة الحركة فوقها واتساعها من جهة، ولبعد الرجال عنها في أقرب نقعة إليها من جهة أخرى، وقد دفنت الآن واعتلاها حاليًا مبنى مجلس الأمة الذي شغل مواقع في جهتي البر والبحر كانت من أكثر المواقع حركة ونشاطاً.
وقد ارتبط اسم اليسرة باسم المرحوم احمد العبدالله الصقر لكون بيته هو اقرب البيوت إليها، وهو أحد رجالات الكويت الذين اشتهروا بالكرم لدرجة أنه كان يحرم علي زوجته وأهله إغلاق بيت "دار الكيل"( ) وهي الغرفة المخصصة في البيت الكويتي لتخزين المواد الغذائية والاستهلاكية المستخدمة بشكل شبه يومي بحيث لا يرد سائلاً ولا محتاجاً وإن لم يسأل.
كما اشتهر بيته بأنه كان مصدراً لكل محتاج إلى الماء، وكأن بركته ماء سبيل، حيث كان من الطبيعي أن البحارة وصائدي الأسماك أو الصبية الصغار وعابري السبيل لا يحسبون أي حساب لماء الشرب معهم، حين ينوون المرور قرب "اليسرة" لأنهم يعلمون بوجود الماء وتيسر الحصول عليه في بيت المرحوم احمد العبدالله الصقر.
ولقد ورث عنه طيبته وكرمه وحضوره الاجتماعي ابنه العم يوسف احمد الصقر صديق والدي - رحمه الله - فقد بنى العم يوسف الصقر مسجداً باسم والده المرحوم أحمد العبدالله الصقر في قطعة 8 بالشامية وهو أحد أكثر مساجد الشامية امتلاء بالمصلين سواءً في شهر رمضان المبارك أو سائر الشهور علي السواء.( )
وعوداً على بدء لعله من المناسب هنا أن أورد مقترحاً وجيهاً من أبناء المرحوم النوخذة عبدالوهاب العثمان:
"نرجو من الحكومة الكويتية أن تحافظ على ما تبقى من هذه النقعة من ضمن الواجهة البحرية، وأن تُسمي كل نقعة باسمها الأصلي، وخاصة في الحي القبلي لمدينة الكويت، الذي تم هدم معظمه، وقد ضاعت بذلك معالم الفرجان وأسماؤها ودواوينها.
وقد كان يجب أن يحتفظ كل فريج باسمه الأصلي وحدوده القديمة، مع وجود الأبنية الجديدة المقامة عليه، تذكيرا بأصل هذا المكان، كجزء من تراث الكويت وأهل الكويت الذين حافظوا عليها يوم لم يكن هناك من يطمع فيها بسبب شظف العيش وصعوبة الحياة".











عماير العثمان

قبل الحديث عن عماير العثمان دعنا * عزيزي القارئ * نتعرف عن العماير بشكل عام كمرافق تجارية لعبت دوراً مهماً في تاريخ صناعة البحر، مستعينين بالبحث اللطيف عن العماير، الذي أورده الأستاذ محمد عبدالهادي جمال في كتابه "أسواق الكويت القديمة" (ص 128 وما بعدها).
يقول الأستاذ عبدالهادي جمال: "ضم الطريق الموازي لساحل البحر على جانبيه عدداً كبيراً من المتاجر والمخازن وبائعي مواد البناء والمواد المستخدمة في صناعة السفن، وتسمى تلك المتاجر "عماير" ومفردها "عمارة" والعمارة عبارة عن بيت عربي كبير أو حوش يستخدم كمخزن لوضع هذه المواد فيه، ويوجد لكل عمارة عادة مدخل متصل بالمتجر المواجه للبحر في معظم الأحيان، والذي تعرض فيه نماذج من البضاعة أمام الباب وداخله.
ويجلس صاحب العمارة في المتجر لاستقبال المشترين، أو تبادل الأحاديث مع أصدقائه، الذين يقضون أوقاتهم معه أثناء ساعات العمل؛ ويستخدم كل صاحب عمارة عمارته لأغراض تتناسب مع طبيعة عمله؛ فمثلاً يستخدم كبار التجار وأصحاب السفن الشراعية * سواء منها أبوام السفر أو أبوام الغوص * عماراتهم لتخزين البضائع والمواد الخاصة لاستخدامات اسطول السفن التابع لهم، كما تصنع لبعض السفن في تلك العماير.
وهناك من أصحاب العماير تجار يتعاملون ببيع المواد بالمفرق على عملائهم من القلاليف وصيادي الأسماك وأصحاب السفن الأخرى. كما يملك بعض أساتذة القلاليف عدداً من العماير لخزن الأخشاب المستخدمة لبناء السفن فيها، حيث يقوم بعضهم بناء السفن في تلك العماير. وتبدأ العماير من أقصى منطقة الشرق بالقرب من دسمان، وتمتد إلى منطقة "الوطية" في أقصى الغرب من مدينة الكويت "القبلة".
ومن أهم المواد التي تباع في العماير الأخشاب بأنواعها والجندل والباسجيل والأرماح( )
والبواري والحبال والطاري (السيالي أو الزفت) والصِلْ والدامر والودك، وكل ما يتعلق بصناعة السفن وقطاع البناء من مواد تقريباً.
وغالباً ما تكون العماير قريبة من بيوت أصحابها ودواوينهم، حيث يفتح معظمها طوال النهار، وقد وضعت في مداخلها حبوب الماء (جمع حِبْ)، ليشرب ويرتوي منها المارة. كما كانت بعض العماير تقدم الطعام للعابرين ناحيتها أثناء فترة الغداء، حيث يدعون ليحلوا ضيوفاً على أصحابها.
وفيما يلي أسماء العماير التي استطعنا( ) الحصول عليها على جانبي شارع السيف في منطقتي الشرق والقبلة من خلال مقابلاتنا مع رجال الرعيل الأول والمهتمين بهذا المجال، كما بدت في فترة الأربعينيات وما قبل ذلك.
ولا يفوتنا هنا أن نؤكد إمكانية القصور * بل حتميته * في الحصول على كامل المعلومات الخاصة بالعماير * كما هو الحال بالنسبة للنقع * إذ أن الكمال ليس من صفات الإنسان.
1- منطقة الشرق:
- عمارة الشاهين.
- عمارة عبدالكريم حسين أبو الملح.
- عمارة الحاج نجف بن غالب (اشتراها محمد حسن أبو البنات فيما بعد).
- عمارة الشيخ علي الخليفة (يوسف بو قريمز ثم عبدالعزيز الحمر).( )
- عمارة الشيخ سلمان الحمود (موسى المزيدي).
- عمارة الحمد.
- عمارة براك الخميس.
- عمارة محمد علي معرفي.
- عمارة حسين معرفي (عبدالعزيز الحمر).
- عمارة صقر دعيج الفهد.
- عمارة محمد جواد معرفي.
- عمارة محمد رفيع معرفي.
- عمارة عبداللطيف الخميس.
- عمارة خالد الخميس.
- عمارة العميري.
- عمارة يوسف بن حيي.
- عمارة عبداللطيف بن عيسى.
- عمارة الفرحان.
- عمارة بو قماز.
- عمارة راشد بن صقر.
- عمارة الشملان.
- عمارة بشر الرومي.
- عمارة ملا حسين.
- عمارة محمد بن حسين العسعوسي.
- عمارة آل صادق.
- عمارة النصف.
- عمارة علي بن حمد الفضالة.
- عمارة محمد صالح التركيت.
- عمارة ناصر النجدي (اشتراها عبدالوهاب القطامي فيما بعد).
- عمارة هلال المطيري.
- عمارة مشاري الروضان.
- عمارة العماني.
- عمارة حسين العسعوسي (اشتراها أبناء خليفة الشاهين فيما بعد).
- عمارة الونيان (اشتراها خالد الحمد فيما بعد).
- عمارة بورسلي.
- عمارة القضيبي.
- عمارة الغيث.
- عمارة المعتوق.
- عمارة آل قاسم.
- عمارة عبدالرسول الجمعة (اشتراها أحمد الأستاذ فيما بعد).
- عمارة الحاج عمران (اشتراها محمد حسين العليان فيما بعد).
- عمارة حسين بو حامد.
- عمارة الحاج حمود البدر.
2 – منطقة القبلة:
- عمارة عبدالعزيز الجسار.
- عمارة يوسف النصر الله.
- عمارة محمد بن حيي.
- عمارة حمد بوقريص.
- عمارة يوسف الزبن.
- عمارة ابراهيم الغانم.
- عمارة الصقر (اللَّحدان)( ).
- عمارة ناصر بن ناصر.
- عمارة الغنيم.
- عمارة علي الجوعان.
- عمارة عمران البنوان.
- عمارة درباس العمر.
- عمارة أمان.
- عمارة الياقوت (عبدالمحسن الفهد).
- عمارة المرزوق عمارة العبدالجليل.
- عمارة المباركي.
- عمارة حسن الشطي.
- عمارة أحمد الخشتي.
- عمارة المضاحكة.
- عمارة سيد ياسين.
- عمارة بودي (اشتراها الخالد فيما بعد).
- عمارة العيدان.
- عمارة فهد الفوزان.
- عمارة فلاح الخرافي.
- عمارة البدر.
- عمارة حمد الصقر.
- عمارة العبدالجليل (اشتراها يوسف الصقر فيما بعد).
- عمارة محمد ثنيان الغانم.
- عمارة غانم العثمان.
- عمارة علي المبارك.
- عمارة عبدالعزيز العثمان (عمارة عبدالوهاب عبدالعزيز العثمان وعمارة عبدالله عبدالعزيز العثمان فيما بعد).
- عمارة محمد سليمان العثمان.
- عمارة عبداللطيف سليمان العثمان.
- عمارة أحمد العبدالله الصقر.
- عمارة سعود المطيري.
- عمارة أحمد الخرافي.
وقد أنشأت أول عمارة لعائلة العثمان حوالي عام 1885م، وتقع على البحر في فريج العثمان مقابل نقعة العثمان، وقد كان المرحوم سليمان عبداللطيف العثمان يدير كلاً من العمارة والمكتب التجاري.
استمر العمل في العماير منذ حياة النوخذة المرحوم عبدالعزيز بن عثمان إلى أن تمت القسمة بين أفراد العائلة، وانتقل كل من عبداللطيف ومحمد سليمان العثمان في بيت آخر. حيث أصبح لهم عمارة خاصة بهم بالقرب من العمارة الأصلية الأولي. تم تقسيمها فيما بعد وأصبح لكل واحد منهما عمارته الخاصة به، وقد بنى عبداللطيف وأخوه محمد ابنا أخته "تشالة" لهما بعد أن اشتريا بيت النقيب (وما يقابله من السيف من عمارة ونقعة).
بعد وفاة عبدالعزيز بن عثمان أنتقل عبدالوهاب عبدالعزيز العثمان إلي بيت آخر في فريج العثمان وأصبح لكل من عبدالله العثمان وأخيه عبدالوهاب العثمان عمارته الخاصة به أيضا أما غانم العثمان فقد اشتري بيت العبدالجليل وعمارة العبدالجليل بالقرب من فريج العثمان.
وقد كانت هناك مساحة بين عمارة النوخذة عبداللطيف سليمان العثمان وعمارة النوخذة عبدالوهاب عبدالعزيز العثمان تستخدم لعملية لك (إيقاف) السفن من نوع الجالبوت لكل عائلة العثمان، فلما تم التثمين تم توزيع مبلغ تثمينها بين النواخذة عبداللطيف ومحمد وعبدالله وعبدالوهاب.
وهكذا أصبح للعثمان عدة بيوت وأصبح لكل رب عائلة سفنه الخاصة به والتي تقف عادة أمام عمارته. وفي هذا كله دلائل واضحة على التمكن البحري والتفوق الإداري والمالي الذي كان نتيجة طبيعية للتفوق البحري لعائلة العثمان.
وقد روى لي العم عيسى عبدالله عبدالعزيز العثمان قصة قسمة البيت بين والده عبدالله وعمه عبدالوهاب كما يلي:
"تم الاتفاق على قسمة البيت والعمارة بين عمي ووالدي بحيث أن على من يكون البيت من نصيبه أن يدفع للآخر عشرة آلاف روبية لكون البيت أعمر من العمارة، أي أكبر وأكثر عمراناً بكل تفاصيل البنيان ومشتملاته.
وقد أجرى القرعة بينهما العم محمد عبدالرحمن العثمان فكانت القرعة من نصيب والدي فأخذ البيت ودفع لعمي المبلغ المستحق" انتهى.
ومن اللطيف أن نقدم هذا النموذج الرائع من التفاهم الأخوي والودي في اقتسام الحلال مما يدل على صفاء النفوس وبساطة المجتمع الكويتي، بل وعدم الحاجة إلى اللجوء إلى القسام الشرعي – قاضي الكويت آنذاك – بل كان كافياً أن يشرف على القسمة أحد كبار السن من عائلة العثمان آنذاك.
ولئن خرجنا من السرد التاريخي لهذه الواقعة إلى الاستلال التربوي لوجدنا – بالإضافة إلى المعاني الطيبة التي ذكرناها آنفاً – أن كبير السن له وزنه في إدارة الشؤون الاجتماعية والاقتصادية في محيطه وخصوصاً إن كان من الأقارب، وكم ضعف هذا الجانب المشرق في جيل اليوم، إلا من رحم الله، إذ كان كبير السن يأمر وينهي في الحي بشكل تربوي توجيهي مفيد جداً، لأنه لم يكن يوجه إلا عن خِبرةٍ ودرايةٍ وتأكد.






مسجد العثمان
(1907م)

لقد ارتبط اسم المرحوم النوخذة القدير عبدالعزيز بن عثمان بالخير والحرص عليه، والريادة بين الناس بالمسابقة إلى الخير، ولقد مَثَّل بناء المساجد في كويت الماضي * التي اصْطبغت بتدني المستوى المعيشي ونقص الدخل المادي بالنسبة للشعب والحاكم * مؤشراً قوياً على حب الخير بين الناس، وحب تيسير إقامتهم للشعائر الدينية، خصوصاً شعيرة الصلاة وفي جماعة من أهل الخير وعابري السبيل.
وفي ذلك امتثال لقول الله تعالى في غير موضع من القرآن الكريم، الذي يحث على إقامة الصلاة، ليس بالمعنى اللفظي لإقامتها، بل بالمحافظة على أدائها في أوقاتها، وأدائها في جماعة، وهذا هو المعنى الحقيقي لإقامة الصلاة، قال تعالى: "وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)" سورة البقرة.
لذا كان أول عمل خيري للنوخذة عبدالعزيز بن عثمان حين استقر في الكويت هو بناء مسجد لله تعالى، عسى أن يحظى * رحمه الله تعالى * ببيت في الجنة، متأولاً قول الرسول : "مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ"( ).
وذلك رغم أنه وضع ضمن أولوياته الاجتماعية بناء سفينة للعمل بها طلباً للرزق الحلال، وامتلاك بيت يأويه هو ووالدته وأخته هيا، لذا لم تكن هاتين الأولويتين وحدهما تشغلان بال النوخذة عبدالعزيز، فيحسب حسابهما في كسبه وشقائه، بل شغلته الأولوية الثالثة وهي بناء هذا المسجد.
ولقد قام عبدالعزيز بن عثمان بتأسيس هذا المسجد عام 1325هـ الموافق عام 1907م،( ) وكان يومها عمر ابنه النوخذة عبدالوهاب سنة واحدة.
ويقع مسجد عبدالعزيز العثمان على ساحل البحر في منطقة القبلة ويشغل موقعه الأول الجزء الشرقي من مواقف السيارات الرئيسية بمجلس الأمة، ثم تم نقله إلى موقعه الحالي شرقي مجلس الأمة على شارع الخليج العربي مقابل البحر.
ولقد أفاد كل من النوخذة أحمد عبداللطيف سليمان العثمان والسيد محمد يوسف البدر بأنه قد تم تجديد المسجد من قبل كل النوخذة عبدالوهاب عبدالعزيز العثمان، وعبداللطيف سليمان العثمان، وأحمد محمد الغانم بمشاركة دائرة الأوقاف والشئون الإسلامية، والتي كانت تسمى حينئذ "دائرة الأوقاف العامة"، وذلك في العشرين من ذي القعدة عام 1371هـ الموافق الحادي عشر من أغسطس عام 1952م، وقد بلغت تكاليف هذا التجديد 87183 روبية.( )
والمظهر الخارجي للمسجد يدل على قدمه، له بابان أحدهما غربي، وهو يؤدي إلى ردهة مستطيلة في نهايتها منارة المسجد، وهي شامخة الارتفاع تتراءى للناظرين من مسافات بعيدة، أما صحن المسجد فهو مستطيل الشكل فسيح يتسع لمئات المصلين، وبالجهة الغربية منه رواق محمول على ستة أعمدة من الأسمنت المغطى بالجص الأبيض الجميل، وبالحائط الغربي للرواق سبعة أبواب من الخشب العادي الذي كان يجتلب من البلاد الإفريقية في الفترة التي بُني فيها المسجد، والخلوة متوسطة المساحة، والمحراب والمنبر عبارة عن تجويف داخل الحائط، وكل منهما مُحلى بزخارف جصية رائعة للغاية.
وقد أوقف السيد حامد بن السيد رجب النقيب بيتاً واقعاً في محلة القبلة على إمام مسجد العثمان، وذلك بعد أن تُصرف من أجرة هذا البيت على مصالحه من تعمير وغيره، وما بقي فهو للإمام.
وقد قام بالإمامة فيه في البداية المرحوم الشيخ يوسف بن سليمان بن حمود، وهو من تلاميذ الشيخ عبدالله الخلف الدحيان رحمه الله، ثم تولى الإمامة من بعده تلميذه الشيخ محمد بن سليمان الجراح، الذي كان ينوب عنه أخوه الشيخ إبراهيم بن سليمان الجراح حين يذهب إلى الحج، الذي كان يستغرق آنذاك عدة أشهر.
ثم تلاهما في الإمامة الملا عثمان بن عيسى العصفور، ثم الشيخ درويش بن رحمة الذواوي، الذي انتقل إليه من مسجد عبدالله المرزوق المشهور باسم "مسجد الشرهان" نسبة إلى إمامه، وذلك بعد وفاة الملا عثمان بن عيسى العصفور.
ومن بعدهم جميعاً تولى الإمامة الملا أحمد الباحسين، الذي كان ضريراً ويملك دكاناً في بيته القريب من المسجد على أرض الشيخ يوسف بن حمود.
أما المؤذنون فقد كانوا على الترتيب حتى منتصف الخمسينيات كما يلي:
الملا محمد بن عبدالرحمن الحداري، والملا محمد بن خليل العوضي، والملا يوسف عيسى الشرف.( )
ولقد أعاد ورثة المرحوم عبدالوهاب العثمان بناءه في موقعه الجديد شرقي مجلس الأمة بعد هدمه في موقعه القديم، وذلك في السادس من فبراير عام1991م، وهو الآن يشغل مساحة كلية مقدارها 1482 مترا مربعا، منها مساحة 130 متراً مربعاً مخصصة لمصلى النساء، بما يجعله يتسع لألف مصلٍ ومائة مصلية تقريباً في آن معاً.
وترتفع المئذنة حالياً لما يربو عن 20 متراً، بما يكمل تميزه بعد أن كان يتميز منذ بداية بنائه بهذه المئذنة الطويلة التي تُرى من بعيد براً وبحراً.
ومن الجدير بالذكر أن خطبة الجمعة في هذا المسجد تقدم الآن للمصلين بلغات أجنبية، وعلى رأسها اللغة الإنجليزية، وبعض اللغات الآسيوية التي تمثل لغة أغلبية المصلين في هذا المسجد في صلاة الجمعة، وذلك بالتنسيق مع لجنة التعريف بالإسلام، التي تركز في عملها مشكورة على هداية الجاليات غير المسلمة الوافدة إلى الكويت، وتثبيت وتعليم المهتدين الجدد، وتستخدم في ذلك عشرات اللغات كتابة وخطابة، ولعلها صدقة جارية للمرحوم عبدالعزيز العثمان وكل من أكمل المسيرة المباركة من ورائه.
رد مع اقتباس