عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-05-2010, 09:50 AM
الصورة الرمزية جون الكويت
جون الكويت جون الكويت غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,208
افتراضي مقالة «الكويت قبل الزيت» العم عبدالعزيز الصقر

دراسة قيمه بمجلة العربي قبل خمس وأربعين سنة استعرضت تاريخ الكويت الاقتصادي والاجتماعي والسياسي
«الكويت قبل الزيت»
مقالة لأول رئيس برلمان كويتي
العم عبدالعزيز حمد الصقر


كتب طلال الرميضي
من أمتع الدراسات التي كتبت عن تاريخ الكويت السياسي والاقتصادي والاجتماعي مقالة تاريخية هامة سطرها رئيس مجلس الأمة الكويتي قبل خمسة وأربعين سنة السيد عبدالعزيز حمد الصقر تناول خلالها نواحي مختلفة من تاريخ دولة الكويت ، وبأسلوب جميل ممتع ، وقبل عرض هذه المقالة القيمة التي نشرت بمجلة العربي في عددها السابع والستين الصادر شهر يونيو من عام 1964م ، نود أن نتعرف على كاتبها وشذرات من تاريخ حياته السياسية والاقتصادية الحافلة بالاحداث والمشاركات الكثيرة .ثم نستعرض هذه المقالة بقراءة سريعة ، ثم نعرضها بالكامل للسادة القراء أملا أن تحوز على اهتمامهم كما حظيت على إعجابنا، سائلين الله عز وجل أن يتغمد روح كاتبها فسيح جناته.



رئيس السلطة التشريعية

ولد السيد عبدالعزيز حمد عبدالله الصقر عام 1913م في مدينة الكويت بمنطقة القبلة في بيت كويتي عريق فوالده كان رئيسا لمجلس الشورى في عام 1921م ذلك المجلس الذي كان أول مجلس بتاريخ الكويت الديمقراطي .
وعرف السيد عبدالعزيز الصقر من الرموز السياسية بالكويت ،وله تاريخ مشرف في مشاركاته البارزة في تاريخ الكويت المعاصر،فهو رجل قدم الكثير لأبناء وطنه ،واتسم رحمه الله بالحكمة والحنكة والقوة في اتخاذه للقرارات الهامة ومن أبرزها استقالته من عضوية مجلس الأمة بعد تزوير الانتخابات سنة1967م.
وإذا أردنا أن نسلط الضوء على أهم مساهماته فقد ساهم بتأسيس بنك الكويت الوطني في عام 1952 والخطوط الجوية الكويتية في عام 1954 وشركة ناقلات نفط الكويت في عام 1957 وشركة السينما الكويتية في 1957، كما ساهم في تأسيس غرفة تجارة و صناعة الكويت في عام 1959 وترأسها لمدة 36 سنة.

كما إنه كان عضوا في المجلس البلدي في عامي 1952 و1955 وانتخب أيضا عضواً في المجلس التأسيسي في عام 1962، وكان عضواً في مجلس الأمة لعام لدورتين سنتي 1963 و 1967م وانتخب كأول رئيس لمجلس الأمة عام 63م ،وعندما قامت السلطة بالكويت بحل مجلس الأمة عام 1986م يتذكر عام 1989م قيام العم عبدالعزيز الصقر الجميع بحملة شعبية مطالبة بعودة العمل بالدستور دشنها بعريضة تحمل توقيعه مع وجهاء الكويت وتجارها ويسميها الناس «عريضة عبدالعزيز الصقر» ورفعت آنذاك إلى سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد أمير الكويت .

كما تولى عام 1962م منصب وزير الصحة في أول مجلس للوزراء بتاريخ الكويت.
كما كانت له أيادي بيضاء يعرفها الجميع وتبرعات سخية في مساعدة الآخرين ومنها مشاركته في دعم جمعية الهلال الكويتي .


مقالة تاريخية هامة

نشرت هذه المقالة في مجلة العربي الكويتية التي كان يترأس تحريرها الدكتور احمد زكي ، وقد كان يبذل جهودا كبيرة في اختيار المواد المنشورة بها للرقي بمستواها ، ومن هذه المقالات القيمة التي نشرت في العدد السابع والستين والصادر بشهر يونيو من سنة 1964م هذه الدراسة التاريخية الهامة بقلم رئيس البرلمان الكويتي العم عبدالعزيز حمد الصقر والتي تحمل عنوان الكويت قبل الزيت وتحدث خلالها عن جوانب مختلفة من المجتمع الكويتي ما قبل النفط مستعرضا الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فيه ، وبأسلوب أدبي رائع يستمع به العامي قبل المثقف ، شارحا حياة الأجداد وما كانوا يكادحونه من مشاق وعناء من اجل كسب قوتهم ، حيث تطرق إلى مهنة الغوص على اللؤلؤ وتفاصيلها الدقيقة ثم تحدث عن أبوام السفر الشراعي والتي تحمل البضائع والسلع الى ابعد البنادر والموانئ مبرزا الدور الكبير التي قامت به الكويت ليجعلها في مركز مرموق بالملاحة العربية ، مبرزا أمانة التجار الكويتيين ومحافظتهم على كلمة الشرف التي تعد أقوى من وثيقة تبرم بينهم ، داعيا على ضرورة المحافظة على هذا التراث العريق ،كما تناول الحياة الاجتماعية كاشفا أواصر التكافل والتعاون بين الأهالي وضاربا أروع الأمثلة الجميلة التي جرت بالماضي ويختم مقالته القيمة بالحديث عن الناحية السياسية بين الحاكم والمحكوم مؤكدا بأن الشورى أساس العدل بهذه الأرض الطيبة وأنه لا حجاب بين حكام الكويت وشعبهم .
خلاصة هذه الدراسة الممتعة تراث عريق وتاريخ جميل لأمارة الكويت قبل تفجر الذهب الأسود في أراضيها كشفه هذا الكاتب الذي يرتقي هرم السلطة التشريعية آنذاك.
واليكم نص المقال:



« الكويت قبل الزيت »

إن الحكم على اي مجتمع من اي ناحية من النواحي لا يكون صحيحا اذا لم يكن صدور هذا الحكم على ضوء ماضيه القريب بل وماضية البعيد.
فقد يكشف هذا عن ان ما قد يبدو للعين المجردة كأنه طفرة كبيرة، ليس الا تطورا طبيعيا لماضي المجتمع، واستكمالا منطقيا لحلقات تطوره العادية المتتابعة.
وقد يكشف النظر الى الماضي عن عكس ذلك تماما. لهذا راقني وقد شغل الكثيرون بالكلام عن حاضر الكويت في عهد الزيت، ان اتكلم عن ماضي الكويت قبل الزيت.
ومثل هذا الكلام لا تكمل حلقاته الا اذا تناولت هذا الماضي من النواحي الاساسية الثلاثة.
الاقتصادية.
الاجتماعية.
والسياسية.
ملتزما الإيجاز الذي لا يتسع المقام لاكثر منه، وذلك على النحو التالي.


الناحية الاقتصادية

قبل ان يبرز النفط كمورد رئيسي للكويت في اعقاب الحرب العالمية الثانية، كان لهذه البلاد اقتصاد قومي مزدهر تزايد ازدهاره بصفة خاصة خلال الفترة التي مرت من بدء الحرب العالمية الاولى حتى نهاية الحرب العالمية الثانية «وذلك باستثناء فترة الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم حوالي سنة 1930، وكان لها بالطبع صدى في الاقتصاد الكويتي».
ويمكن القول بأن ذلك الاقتصاد الكويتي السابق على النفط كان يقوم على ثلاثة مقومات أساسية هي: الغوص وراء اللؤلؤ، والملاحة، والتجارة.
وسأحاول إعطاء فكرة عن كل هذه المقومات الأساسية للمجتمع الكويتي القديم.


الغوص

كان استخراج اللؤلؤ مهنة أساسية في الكويت ذات دور رئيسي في الدخل القومي، وكانت ترتبط بها وتكملها مهنة الاتجار في اللؤلؤ، وقد بلغت مهنة الغوص أوجها منذ حوالي الخمسة والأربعين عاما، حيث بلغ عدد السفن الكويتية العاملة في الغوص حينذاك حوالي الألف والمائتي سفينة، وكان يتراوح عدد أفراد السفينة بين خمسة أشخاص وخمسة وسبعين شخصا تبعا لحجمها، وكان هؤلاء الأشخاص- فيما عدا الربان- مجموعة ممن يسمون «الغيص» و«السيب»، ويقصد بالأول الشخص الذي ينزل إلى البحر لاستخراج اللؤلؤ، أما «السيب» فهو الشخص المكمل لعمل «الغيص» إذ انه هو الذي يشده إلى سطح الماء عند تلقي أو إشارة منه بذلك، بالإضافة إلى أعماله الملاحية الأخرى باعتباره المسؤول عنها دون «الغيص»، الذي تقتصر مهمته على عملية «الغوص» وحدها.


مهنة تقليدية تتلاشى

وانه لمن دواعي الاسف الشديد ان هذه المهنة التقليدية في الكويت، وفي الخليج عامة، قد اخذت بعد ذلك الازدهار الذي اشرت اليه تتلاشي عاما بعد عام. فإذا بعدد السفن الكويتية السابق ذكره يتناقص حتى لم يبق منه في الوقت الحاضر الا سفينة واحدة «يملكها السيد راشد بن علبان». ويعمل عليها حوالي الخمسة والاربعين شخصا.
ولا شك ان لهذه الظاهرة المؤسفة اسبابا متعددة أدت الى اندثار تلك المهنة وانقراض السفن الكويتية، ومن اهم هذه الاسباب في نظري ظهور اللؤلؤ الذي يربيه اليابانيون في المحار اصطناعا «المعروف في الانكليزية باسم الكلتشر Culture، وانتشاره على نطاق واسع، وتأثيره الكبير على سوق اللؤلؤ الطبيعي.
كما ان التطورات الفكرية والاجتماعية في العالم قد طورت في نفس الوقت نظرة الانسان الى الكماليات، ومنها اللؤلؤ، فتحول الكثيرون عنه الى مظاهر كمالية اخرى مستحدثة اصبحت معها النظرة الى اللؤلؤ الطبيعي والاقبال عليه غير ما كانت عليه الحال قبل هذا التطور.
كذلك ادى ظهور مورد النفط في الكويت الى مضاعفة هذا التحول عن مهنة الغوص، فقد نجم عن ظهوره هذا تغيير كبير في حياة الكويت الاقتصادية والاجتماعية والفكرية، ففتح ابوابا جديدة مريحة للعمل وكسب الرزق، وهي لا شك اقل مشقة بكثير من مهنة الغوص، واكثر فائدة ودخلا، فتحولت اليد العاملة عن الغوص الى غيره مما زاد اجورها فيه بدرجة كبيرة، وذلك في الوقت الذي تدهور معه دخل الغوص وانخفضت اسعار اللؤلؤ الطبيعي في الاسواق العالمية.


تجارة اللؤلؤ

اما الشق المكمل لعملية استخراج اللؤلؤ فهو تجارة اللؤلؤ، فقد تخصص البعض في هذه التجارة في الكويت وسائر بلدان الخليج العربي، وكان عمل هؤلاء التجار مرتبطا بعملية الغوص، يبدأ ببدئها، ويساير رحلات سفن الغوص، وكان التجار ينتقلون بين هذه السفن وموانيها ويشترون محاصيلها. وكانوا كثيرا ما يقدمون بعض القروض مسبقا الى بعض اصحاب سفن الغوص، فيلتزم هؤلاء بأولوية البيع للتاجر الذي قدم القرض. وعند نهاية الموسم- وكانت مدته اربعة اشهر- كان بعض تجار اللؤلؤ يبيعون بضاعتهم محليا أو في البحرين ذات الاهمية الكبيرة في تجارة اللؤلؤ، في حين كان البعض الآخر يسافرون الى «بمباي» أو يرسلون بضاعتهم اليها، باعتبارها المركز الرئيسي في الشرق لتجارة اللؤلؤ بمثل ما تعتبر باريس مركزا لهذه التجارة في الغرب.
ومن الطبيعي ان يمتد التطور والكساد السابق ذكرهما بخصوص استخراج اللؤلؤ الى تجارته كذلك، فأخذ التجار يهجرونها تدريجيا لذات الاسباب حتى اصبح هذا النوع من التجارة في حكم المنعدم بالكويت في الوقت الحاضر.


الملاحة

مارست الكويت النقل البحري منذ تاريخها القديم، وقد ازدهرت الملاحة في هذا البلد مع الزمن، وبخاصة بعد نشوب الحرب العالمية الاولى حيث طرأ على السفن الكويتية تطور ملموس، فازداد عدد قطعها وارتفعت كمية حمولاتها، ثم تتابع هذا التطور حتى الحرب العالمية الثانية. وقد وصل عدد هذه القطع الى حوالي مئة وثمانين سفينة يتراوح عدد افراد الواحدة منها بين 12 و45 شخصا، كما تراوحت حمولة السفينة الواحدة بين 90 و500 طن، وقد بلغت جملة الطاقة المقدرة لحمولات مجموع سفن الاسطول التجاري وقت ازدهاره حوالي الثلاثين الف طن.
ويلاحظ ان جملة البضائع التي كانت تشحن سنويا بهذا الاسطول كانت تزيد على هذا التقدير الاسمي للحمولات نظرا لتعدد رحلات السفينة الواحدة «ذهابا وايابا» خلال العام الواحد.
كذلك يلاحظ انه بالاضافة الى سفن الاسطول التجاري الكويتي كان التجار الكويتيون يستأجرون الأكثرية العظمى من السفن المملوكة لغير الكويتيين في مختلف بلدان الخليج والجنوب العربي، وبخاصة في تجارة التمور. وقد كانت هذه السفن المستأجرة تقارب الاسطول التجاري الكويتي من حيث الطاقة وعدد السفن.
وقد كان موسم رحلات السفن يبدأ في الشهر الثامن، اغسطس، من كل عام وينتهي بعودة جميع قطعه في اواخر الشهر الخامس، مايو، من العام التالي، وقد يمتد الى الشهر السادس.
سفن الكويت تحمل التمور خاصة إلى الهند وشرق افريقيا اما الوجهة الاساسية للرحلات المذكورة فهي شط العرب، بالعراق وايران، حيث يتم شحن السفن بالتمور «العراقية منها بصفة خاصة» لحساب التجار الكويتيين، وذلك مع امكانية شحن نسبة ضئيلة تكاد لا تجاوز ثلاثة في المئة تقريبا من مجموع حمولات السفن، من الحبوب وبصفة خاصة الذرة العراقية. وكانت هذه السفن تتجه بحمولاتها المذكورة الى الهند، شاملة حينذاك دولتي الهند وباكستان الحاليتين.

جريدة عالم اليوم - الكويت
العدد : 655 بتاريخ: 02/03/2009
رد مع اقتباس