عرض مشاركة واحدة
  #31  
قديم 04-05-2009, 06:01 PM
الأصيلة الأصيلة غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: Kuwait
المشاركات: 231
افتراضي

الشهيد سعد تركي محمد المجاوب

الميلاد : 24/6/1945
الاستشهاد : 7/10/1990م
المؤهل العلمي : متوسطة
المهنة : مساعد أمين مجمع الفروانية الصحي / وزارة الصحة

كان من المحتم على الشهيد سعد تركي أن يكون ضمن قافلة الشهداء فقد عرف عنه الحماس الوطني وحبه لهذه الأرض وحرصه على كرامتها وليس من السهل على مثل هذا الرجل أن يشعر بالعجز والخوف أمام العدو الغادر.
وكان رحمه الله مذهولاً ولم يصدق ما حدث، فخرج إلى الشارع بعد سماع الخبر المؤلم فشاهد النساء والأطفال وهم في حيرة من أمرهم وما أن رأى مجموعة من قوات العدو في الشارع الخلفي لمنزله. حتى تأكد أن الكارثة حلت مما آثار غضبه، فرفض الخروج من الوطن والعيش بأمان في الخارج، وكان يقول «إذا سافرنا كلنا من الذي يبقى وعلى الكويت السلام وتصبح في خبر كان وهذا هو هدف الغزاة».

نشاط الشهيد

لم يأبه رحمه الله بالقوات العراقية وأصر على مزاولة عمله الإنساني في مجمع الفروانية الصحي خاصة وأنه كان قد اجتاز دورة إسعافات أولية في الهلال الأحمر الكويتي، وبالتالي أدرك أهمية وجوده في مقر عمله لخدمة الجرحى ولذلك لم ينقطع عن عمله يوميا من الساعة السابعة صباحاً حتى الساعة الواحدة ظهراً وكان يردد إن سمو ولي العهد حفظه الله طلب من موظفي الصحة والمطافئ عدم التوقف عن القيام بأعمالهم ولابد من تنفيذ أمره، وكان يؤمن بضرورة الالتزام بأداء الواجب مهما كانت الظروف، ومنذ اليوم الأول للاحتلال الغادر قام رحمه الله بتصوير المنشور الذي أحضره أحد ضباط القوات الكويتية وتوزيعه بواسطة سيارة الخدمات بالتعاون مع بعض الشبان وأحد الأطباء وكان ذلك المنشور يطمئن الشعب الكويتي على سلامة سمو الأمير يحفظه الله ويخبرهم أنه سوف يتحدث إلى الشعب الكويتي.
لقد كان الشهيد رحمه الله، يتعرض لمضايقات في المجمع. لأن الكثير من العراقيين بالإضافة إلى الفلسطينيين كانوا هناك، لكن ذلك لم يثنه عن مواصلة العمل في سبيل وطنه الغالي، قام الشهيد رحمه الله بتزويد أحد الأشخاص بالأدوية لعلاج جرحى المقاومة الكويتية في منطقة كيفان وكان ذلك في 4 أغسطس كما نقل بعض الأدوية إلى منطقة اليرموك، حيث مقر مجموعة للمقاومة «مجموعة الفجي» وقد قام بهذه العملية قبل استشهاده بأيام قليلة، حيث أوصلها لهم عن طريق أحد الوسطاء وكان يشعر بالفخر والسعادة. وكان رحمه الله حذرا ويعلم خطورة ما يقوم به خاصة وأن أفراد العدو كانوا يراقبونه لكنه أيضاً كان يؤمن بقضاء الله وقدره، فكان حذراً قدر المستطاع، ولأن حبه لوطنه أقوى من مشاعر الخوف، لذلك كان مصراً على الذهاب إلى عمله ومواصلة نشاطه وتزويد بعض الأسر الكويتية بالأدوية خاصة مرضى السكر، كما يزودهم بالمواد التموينية ولم يكن يكتفي بهذا النشاط الذي كانت عقوبته في تلك الأيام السوداء الإعدام، كان رحمه الله يقوم على حراسة منازل أهله ومعارفه الذين اضطروا إلى مغادرة الوطن، وذلك بالتردد عليها.
لقد دفعه حبه للآخرين والطيبة التي كانت أهم صفاته إلى الاستمرار في تقديم الخدمة والمعونة للمواطنين وكان يوفر الأدوية والإسعافات الأولية والمواد التموينية للمحتاجين. وقد قام بجمع البنادق ودفنها في حديقة منزل جيرانه الذين كانوا خارج الكويت لقد أبت نفسه الأبية الاستسلام للعدو والركون إلى العزلة في المنزل ولذلك واصل نشاطه من دون خوف وأبدى شجاعة في علاج أحد أفراد المقاومة الكويتية الذي تبادل إطلاق النار مع أفراد العدو عند نقطة تفتيش بين منطقتي الفروانية والرابية، وخوفاً على المصاب من العلاج في المستشفى قام الشهيد رحمه الله بعلاجه بحكم خبرته في الإسعافات الأولية وقد تم ذلك في أحد منازل منطقة الفروانية.
وكان يعبر عن شعوره بحماس في المجمع الصحي ولم يعبأ بوجود العديد من الفلسطينيين وغيرهم من المساندين للاحتلال، ولم يكن كما يبدو يدرك حقيقة مشاعرهم ومساندتهم للعدو العراقي أو ربما لم يكن يصدق ذلك نظراً لموقف الكويت المساند للقضية الفلسطينية وكان رحمه الله يشعر بالتفاؤل بأن الكويت سوف تعود إلى أهلها حرة كما كانت ، لذلك حرص على رفع معنويات الشباب الكويتي العامل في المجمع الصحي لإدراكه أهمية الصمود والمرابطة في الوطن وكان يحرص على عدم إتاحة الفرصة لأفراد العدو لاستغلال الوضع العام والعصيان المدني بالسيطرة على العمل في المجمع الصحي.

الاعتقال

هناك أكثر من إفادة حول ملابسات اعتقال الشهيد سعد رحمه الله وسوف نلقي الضوء على تفاصيلها كما رواها الأشخاص الذين كانوا مع الشهيد رحمه الله. ويلاحظ من خلال الإفادات أن هناك من يشك بأن أحد الأشخاص من الجالية الفلسطينية كان وراء اعتقال الشهيد سعد، فقد كان ذلك الشخص خارج الكويت وعاد بعد الاحتلال مباشرة إلى العمل في مجمع الفروانية الصحي وكانت تربطه علاقة بالشهيد سعد بحكم العمل في المجمع نفسه وهذا الشخص هو الذي خابر أهل الشهيد يوم اعتقاله وسأل عنه بحجة انه اتفق معه على تزويده بالتموين وقد جرى الاتصال ما بين الساعة الرابعة والخامسة عصر، يوم 6/10 أما المعلومات الأخرى فإنها تركز على أن أحد أبناء الجالية الفلسطينية أيضاً، كان على علم بنشاط الشهيد سعد في مجال توزيع الأدوية وعلاج أفراد المقاومة قد بلغ عنه السلطات العراقية المحتلة خاصة وأن الشهيد كان يظهر ضيقه من الوافدين الذين كانوا يعملون في المجمع.
أما الإفادة الثالثة فتشير إلى أن الشهيد رحمه الله كان قد تلقى مكالمة هاتفية من أحد الأشخاص مضمونها أن هناك من يريد بيع سيارته له وطلب منه أن ينتظره في منطقة جليب الشيوخ فذهب الشهيد ومعه المبلغ المطلوب وهناك سلبوا منه نقوده وقتلوه.
وكان رحمه الله حتى الساعة الواحدة ظهر يوم 6/10 في المجمع وقد قال لأحد معارفه أنه سوف يكون في المنزل بعد قليل وطلب أن ينتظره أهله لكي يتناول وجبة الغداء معهم لكنه لم يصل إليهم مما أثار قلق أهله وخوفهم عليه.
ويبدو أن الاستخبارات العراقية قد حصلت على معلومات عن نشاطه في توزيع الأدوية والإسعافات الأولية ويقول شقيقه إن المصدر الذي نقل هذه المعلومات كان أحد أبناء الجالية العراقية وكان يعمل في المجمع، أما الشخص الآخر فهو أحد أبناء الجالية الفلسطينية والذي كان يعمل في المجمع وفي محل لبيع السمك ، ومما يؤكد ذلك أن الشهيد رحمه الله كان قد اشتكى لشقيقه أن هناك من يضايقه عند الذهاب إلى المخزن أو الصيدلية لجلب الأدوية.

البحث عنه

عندما طال انتظار أهله بدأت عملية البحث عنه وعند الساعة 3.30 توجه شقيقه إلى منطقة الفروانية، وإلى المجمع من دون جدوى، وقد أخبره أحد أبناء الجالية المصرية، أن الشهيد خرج من المجمع في نهاية الدوام، وللأسف فشلت محاولات أهله مما آثار فزعهم وقلقهم وفي صباح 7/10 خرج شقيقه بصحبة صديقه حمود يبحثان عنه في المخافر ومبنى المحافظة من دون جدوى حتى الساعة 12 ظهراً حين تلقى أهله مكالمة من مستشفى الفروانية مفادها أن الشهيد قد أُدخل المستشفى وطلبوا منهم المجيء للتعرف عليه والتأكد من هويته، فذهب عديله وزوجته وهناك أخبرهما الدكتور سليمان الفلاح بوجود الجثمان، حيث تأكدا انه جثمان الشهيد سعد.

كيف تم الاستشهاد؟

علم صديق الشهيد يوم 7/10 باستشهاده وأن الجثمان في مخفر منطقة جليب الشيوخ فذهب إلى المكان وبصحبته أحد الأشخاص وهناك شاهدا الجثمان في سيارة الشهيد الوانيت خلف مخفر جليب الشيوخ وقد تجمهر حولها الناس ، وكان الشهيد قد فقد مفتاح سيارته ولذلك لم تكن تعمل إلا بتوصيلة كهربائية أعدها له عديله حسن ولا يعرف طريقة تشغيلها غير الشهيد رحمه الله مما يؤكد أنه قتل عند المخفر .

ولكن هل انتهت المأساة عند هذا الحد بفقدان الشهيد سعد الصامد؟!

إن ما سنرويه يؤكد وحشية سلطات الاحتلال، فقد ذهب أهل الشهيد للحصول على إذن الدفن من المخفر لأن أفراده هم الذين نقلوا الجثمان إلى المستشفى فقال لهم الضابط أنهم وجدوا الجثمان بالقرب من مضخة مياه منطقة جليب الشيوخ وان بعض الأشخاص قد بلغوا أفراد نقطة التفتيش بوجوده ولكن شقيقه وجد الأوراق الخاصة بالشهيد في المخفر، وللتمويه سأله الضابط هل تشك في أحد فأجاب، كلا، وهل كان بإمكان سالم أن يقول نعم أنتم الذين قتلتم شقيقي بالطبع لم يكن سالم يملك غير كلمة كلا يقولها وهو يتألم، فطلب منه الضابط العودة في الغد، ويا لها من لحظات قاسية مؤلمة ولكن لا مفر من الانتظار، وفي صباح اليوم التالي ذهب سالم وبصحبته حمود صديق الشهيد ومعهما...، حيث حصلوا على ورقة من المخفر إلى المحكمة وهناك كان يوجد الكثير من الكويتيين، وعندما جاء دوره أمر القاضي بتشريح الجثمان وأصر على نقل الجثمان إلى البصرة لكي يتم التشريح فذهبوا إلى مخفر جليب الشيوخ، حيث أخذوا الإذن لنقل الجثمان من المستشفى إلى البصرة، وبالفعل تم وضع الجثمان في السيارة وتوجه حمود صديق الشهيد مع الجثمان عند الساعة السابعة والنصف مساء بعد أن انهارت أعصاب شقيقه سالم ولم يتحمل ما يحدث وكان يبكي بحرقة فعرض عليه حمود أن يذهب إلى البصرة وأن يبقى هو مع أولاد الشهيد وهناك بعد أن وصلوا إلى الجهة المعنية نزل السائق ثم عاد وقال لحمود لابد لنا من العودة إلى الكويت بسبب وجود بعض الأخطاء في أوراق الجثمان ، وكان الساعة الحادية عشرة مساء ، فتم ذلك وفي صباح 10/10 قاموا بمراجعة المخفر ثم القاضي في المحكمة وطلبوا الموافقة على دفنه وتوجه سالم وحمود بصحبة بعض الجيران وعديله إلى مقبرة الرقة يوم الأربعاء 10/10/1990 وهناك طلب منهم أبناء الكويت الذين تطوعوا للعمل في المقبرة هوية الشهيد ثم طلبوا من «العراقي» سائق سيارة الإسعاف العودة، حيث نقلوا الجثمان إلى المغيسل لتصويره بعد أن أخرجوا كاميرات التصوير المدفونة في كيس تحت شجرة عند المغيسل، ومما تجدر الإشارة إليه أن الدكتور سليمان الفلاح أعطى شقيق الشهيد شهادة وفاة لكي يحفظ حق الشهيد وفي الوقت نفسه أخذ شقيقه شهادة وفاة عراقية.
يؤكد الأشخاص الذين شاهدوا الجثمان وجود آثار حرق بالمكواة على صدره والكثير من بقع الدم على كل أنحاء جسده وآثار الضرب بواسطة آلة حديدية أما الوجه فقد كان متورماً كما كانت آثار إطفاء سجائر ظاهرة على رقبته وتم خلع الأظافر، وظهرت آثار نتف شعر صدره بآلة حديدية، وظهر أيضاً آثار تعليقه من رجليه ومن يديه أيضاً ، وبعد ذلك أطلقوا الرصاص على رأسه.
لقد أمضى الشهيد جل وقته في الصمود والتحدي والمقاومة وقدم حياته من أجل الوطن بعد أن تعرض للتعذيب الوحشي.
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته

إعداد الأستاذة الدكتورة نجاة عبدالقادر الجاسم

>> رحم الله الشهيد سعد المجاوب واسكنه الله جنات الخلد <<