عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 10-08-2010, 12:00 PM
الصورة الرمزية فتى البارق النجدي
فتى البارق النجدي فتى البارق النجدي غير متواجد حالياً
عضو مخالف، تحت الملاحظة، النقاط: 1
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 48
افتراضي

النوخذة عثمان عبدالعزيز العثمان
تاريخ الميلاد: 1899م تقريباً.
تاريخ الوفاة: 1923م تقريباً.
عدد سنوات العمل في مجال التنوخذ: من 3 إلى 4 أعوام.
أهم السواحل التي وصلها في رحلاته: شط العرب وسواحل الخليج العربي والهند.
أهم البضائع التي كان يتاجر بها: التمر والشاي والسكر والرز.
أبرز النواخذة الذين تدرب على أيديهم:
- والده المرحوم النوخذة عبدالعزيز بن عثمان.
نبذة عن عمله البحري:
عثمان هو الابن الأوسط للنوخذة عبدالعزيز بن عثمان فهو أصغر من عبدالله وأكبر من عبدالوهاب، ولم تختلف مهنته الأساسية عن والده وأخويه ومعظم رجالات عائلته الكريمة وهي "التنوخذ" حيث كان نوخذة سفر أيام السفر الشراعي، فكان نشاطه البحري امتداداً لنشاطهم، فقد سافر إلى شط العرب ليحمل التمور بأنواعها إلى الهند وسواحل الخليج العربي ويعود محملاً بشتى البضائع وأهمها الأخشاب والمواد الغذائية الأساسية كالسكر والأرز والشاي والتوابل.
غير أن قضاء الله وقدره شاء أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى مبكراً حيث توفي وهو في ريعان شبابه حين كان عمره 24 عاماً، وقد أصيب بمرض في حنجرته حين كان في بومباي، وتم إحضاره إلى الكويت لكنه ما إن وطأت قدمه أرض الشاطئ في "سيف" الكويت حتى فاضت روحه.
ولعل أفضل ما نعبِّر به عن شخصية النوخذة عثمان عبدالعزيز العثمان هو موقف من حياته البحرية يعبر بصدق عن الأمانة والموضوعية والدقة والإخلاص التي تحلى بها نواخذة الكويت وبحارتها بشكل عام، ونواخذة العثمان بشكل خاص.
فحينما احتاج النوخذة عثمان بن عبدالعزيز بن عثمان وهو في بندر جوادر على الجانب الفارسي من الخليج إلى عدد من العاملين ليتموا معه رحلته لم يجد إلا أناساً مطلوبين بمبالغ تخص الذين كانوا يعملون لهم. وفي مثل هذه الحالة فإن من يأخذهم للعمل معه لابد وأن يقوم بسداد المبالغ التي عليهم.
وقد قام النوخذة عثمان بهذا الدور، والحق هؤلاء بخدمة سفينته، وتعهد بأن يسدد ما عليهم من ديون، كما تعهد بإعادتهم إلى مقر سكنهم في جوادر بعد انتهاء المهمة، وذلك على الصورة التي تحددها ظروف العمل عند وصوله إلى الكويت، ولم يكتف هذا الربان الوفي بذلك، بل كتب على نفسه تعهداً بكل ذلك مذيلاً بأسماء البحارة والمبالغ التي في عهدتهم وتعهد بسدادها نيابة عنهم .
وهكذا تتضح صورة من صور العمل في البحر، حيث تتم المعاملات وفق نظام دقيق، وأمانة وإخلاص لا حد لهما.
وفيما يلي نص وثيقة التعهد التي كتبها المرحوم النوخذة عثمان بن عبدالعزيز بن عثمان على نفسه في محاضر الوكيل السياسي البريطاني في الكويت (Kuwait Political Agency)
وقد ذيلها المعتمد البريطاني في الكويت في 18/1/1922م، وكذلك من قبل نظيره في جوادر بتاريخ 1/1/1922م بعبارة (نسخة مصدقة طبق الأصل) (Certified to be a true copy)
نقل ورقة الأصل
نعم إني أنا عثمان بن الحاج عبدالعزيز بن عثمان قد أقر على نفسي بأن البحرية الذين يخصهم أهل جوادر في محملي( ) الموجود تحت صحبتي البحرية في ذمتي هم والمبلغ الذي عليهم حق أهل جوادر أسمائهم( ) في ذيل( ) وبما عليهم أنا ملتزم في وصولهم من بعد أوصل الكويت وأركبهم في المركب بمعرفة قونصل( ) الكويت إلى بريتش أجنت( ) جوادر إذا كان ما وصلتهم بعد وصولي الكويت إلى جوادر جميع الدراهم الذين يدعون هم أهل جوادر التي على البحرية ......( ) أنا ملتزم في تسليم حقهم ...... وهى المقدمات قد حضرنا في الكويت في حضرت البريتش أجنت وأهل سالفة( ) وبخصوص التجار في جوادر التي أهل سالفة البحر وغيره معينين هم من السلطان مسقط ومن قنصل مسقط وبريتش أجنت جوادر بما يحكون على القنصل.
روبية أسماء البحرية
309 حسن علي كعكي ربيه
301 سندان دوشجن ربيه
350 موسى أحمد ربيه
ــــــــــــــــــــــــ
960 جملة تسعماية وستون ربية فقط
صحيح عثمان بن الحاج عبدالعزيز عثمان من أهل الكويت

النوخذة إبراهيم عبدالرحمن العثمان
تاريخ الميلاد: 1919م.
تاريخ الوفاة: 24/12/1998م.
عدد سنوات العمل في مجال التنوخذ: 15 عاماً.
أهم السواحل التي وصلها في رحلاته: البصرة والخليج وإفريقيا والهند.
أهم البضائع التي كان يتاجر بها: الأخشاب والتمور والمواد الغذائية والمواد الاستهلاكية الأخرى.
أبرز النواخذة الذين تدرب على أيديهم:
- والده النوخذة عبدالرحمن إبراهيم العثمان.
نبذة عن عمله البحري:
لم يخيب النوخذة إبراهيم أمل والده فيه، فبرز واحداً من نواخذة الكويت، واحتل مكانة مرموقة بينهم، وتمكن خلال مدة قصيرة نسبياً من أن يترك لنفسه سجلاً حافلاً بالنجاح والتوفيق، غنياً بالأعمال المشرفة.
ولد النوخذة إبراهيم في منزل جده إبراهيم العثمان القريب من منزل السيد حامد النقيب في الحي القبلي من مدينة الكويت. وحين شب أرسله والده إلى الملا يوسف بن حمود، والملا محمد الهولي لتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب،وقد علمته الظروف الصعبة التي مرَّ بها في صغره على تحمل المسؤولية، ومنها إصابة والده النوخذة عبدالرحمن إبراهيم العثمان بالعمى، وله أبناء صغار هو أكبرهم....
ولما قارب سنه 16 عاماً ركب مع والده في سفينة كان والده يملك نصفها والنوخذة عبداللطيف العثمان النصف الآخر وحمولتها حوالي 2700 منٍّ. وخلال هذه الرحلات علمه والده قيادة السفن الشراعية.
وحين بلغ الثالثة والعشرين تطلع إلى قيادة سفينة شراعية بنفسه، فجعله النوخذة عبداللطيف نوخذة في سفينة له اسمها "العثماني"، وهي ذات حمولة تقدر بحوالي 2500 منٍ، وكان يتقاضى عن كل سفرة ثلاث قلايط (أسهم).
وحين شاهده خاله النوخذة عبدالوهاب عبدالعزيز العثمان يقود هذه السفينة قال له: "أنت اليوم نوخذة يا إبراهيم، وتحت إمرتك 25 بحاراً، وعمرك لا يتعدى 24 عاماً، توكل على الله، أنت أصغر من في البوم". وكان النوخذة عبدالوهاب يقود البوم"تيسير" آنذاك.
بدأت رحلات النوخذة إبراهيم من الكويت إلى البصرة حيث شحن التمر الزهدي ثم اتجه إلى الهند، وباع التمر في بومباي، ثم أبحر جنوباً إلى كاليكوت، حيث شحن السفينة بالأخشاب وعاد إلى الكويت. وبعد ثلاث سنوات وضعه النوخذة عبداللطيف في قيادة سفينة جديدة له اسمها "فتح الباري"، وحمولتها حوالي 2300 منٍّ، فقادها ثلاث سنوات إلى الهند بنجاح أعجب النوخذة عبداللطيف وزاد ثقته فيه.
وفي أحد الأيام شاهد النوخذة إبراهيم سفينته تلك "ناشرة"، أي مرفوع على مقدمتها ومؤخرتها الأعلام، مما يعني أنها قد بيعت، فذهب مسرعاً إلى ديوان النوخذة عبداللطيف ليتحقق من الأمر, ولما شاهده النوخذة عبداللطيف مقبلاً عرف ما في خاطره، فأشار إليه بالجلوس.
وبعد قليل قال له "بومك "فتح الباري" بعناه إلى أحد أهالي ميناء "كنج"، وقد توسط له عندنا التاجر محمد بن رشدان العازمي، فبعناه له. ولنا نظر بجعلك نوخذة في البوم العود "فتح الرحمن" فماذا تقول؟"
ضاق صدر النوخذة إبراهيم على سفينته، ووجد "فتح الرحمن" تحت قيادة النوخذة أحمد العثمان، فلم يشأ أن يتسلم قيادة هذه السفينة الضخمة (4000 منٍّ)، فاعتذر عن هذا، فلم يحاول النوخذة عبداللطيف أن يجبره على ذلك، فتركه وشأنه.
علم التاجر ثنيان الغانم بأن النوخذة إبراهيم نزل عن سفينته، فبعث له النوخذة خالد المبارك، الذي عرض عليه قيادة إحدى سفن ثنيان الغانم، فوافق النوخذة إبراهيم واستلم قيادة البوم "اليارديلة"، وهي من السفن المعروفة في الكويت وذات حمولة تقدر بحوالي 2300 منٍّ.
قاد النوخذة إبراهيم "اليارديلة" إلى شط العرب، حيث جهزهم النوخذة عبدالوهاب بن عيسى القطامي بالتمر (كان يعمل في البصرة آنذاك)، ثم خطف( ) باتجاه الهند، وحين وصل خورميان "بوربندر"، أمره التاجر عبدالعزيز الصقر * الذي كان يعمل وكيلاً لعائلته وأقاربه هناك * بإنزال التمر، واستمر النوخذة إبراهيم في رحلته جنوباً على طول الساحل الهندي الغربي حتى وصل إلى ميناء كاليكوت، ثم شحن السفينة بالأخشاب وعاد إلى الكويت منهياً رحلته الأولى على هذه السفينة بنجاح وبربح لم يكن متوقعاً.
وحين عرف التاجر ثنيان الغانم أن هذه الرحلة كانت موفقة عرض عليه أن يستمر في قيادة هذه السفينة، حتى وإن طلب نصف أرباحها، مع أن الأستاذ محمد بن عبدالله عرض على ثنيان شراء هذه السفينة لأحد النواخذة من ميناء كنج. لكن النوخذة إبراهيم أخبره أنه ملتزم في الموسم التالي مع قريبه النوخذة عبدالوهاب العثمان.
ركب النوخذة إبراهيم سفينة متوسطة الحجم للنوخذة عبدالوهاب العثمان، وقادها إلى الهند ولما وصل إلى ميناء "منقلور"، وجد التاجر محمد بن رشدان يود أن ينقل له شحنة من القرميد إلى ساحل إفريقيا الشرقي، فوافق على نقل هذه البضاعة.
لكنه تسلم رسالة من النوخذة عبدالوهاب يطلب منه فيها ألا يسافر وحده عبر المحيط الهندي بدون أن يستأجر معه رباناً من الهند لكي يساعده. ولما سمع بهذا الاقتراح التاجر محمد بن رشدان أيد طلب النوخذة عبدالوهاب هذا (ربما لأنه حريص على سلامة بضاعته).
لكن الشاب إبراهيم لم ير ضرورة للربان، وصمم على عبور المحيط وحده. ولما علم النوخذة سليمان المهيني بعزمه على هذا السفر قرر أن يسافر هو بسفينته عبر المحيط إلى إفريقيا على أن يكون مرافقاً للنوخذة إبراهيم سنيار( )، فوافق النوخذة إبراهيم على ذلك، وخرج الاثنان من ميناء منقلور في طريقهما إلى ميناء ممباسا الإفريقي.
كان المجرى من منقلور باتجاه الغرب مغيب، ثم الجوزة، ثم التير إلى الجنوب الغربي حتى وصلا إلى الساحل الصومالي الشرقي، بالقرب من مكان * إلى الشمال من مقديشو * اسمه السيف والهراب. ومن هناك اتجها جنوباً بمحاذاة الساحل في طريقهما إلى ميناء ممباسا.
وكانت رياح الأزيب الشمالية الشرقية تدفعهم بقوة فطلب المجدمي من النوخذة إبراهيم ألا يحاول دخول ميناء ممباسا ليلاً، بل اقترح عليه أن يستمر في مسيره جنوباً، ثم يعود إلى ميناء ممباسا مع مطلع النهار.
لكن النوخذة إبراهيم كان له رأي آخر. هو أن السفينة لا تتحمل الرياح والأمواج ثم العودة ثانية، فالحمل ثقيل ولابد من دخول ممباسا ليلاً. هنا سكت المجدمي قليلاً، ثم قال للنوخذة إنه في العام السابق لم يحاول النوخذة إبراهيم بن شايع دخول ممباسا ليلاً حين كان يقود البوم تيسير.
لكن النوخذة إبراهيم أصر على ذلك، ولما رآه النوخذة سليمان المهيني عازماً على الدخول قال له: "حالي من حالك".
وبعد تناول العشاء وقبل المغيب بساعة، بدأ النوخذة إبراهيم يتجه نحو خور البواخر في ممباسا (خوركالينديتي) الذي تحيط به الشعاب المرجانية (القصاصير) من كل جانب, وبدأ يقترب من المدخل بحذر، فهذه هي المرة الأولي التي يدخل فيها هذا الميناء، وكان البحارة يقيسون له الأعماق عند مدخل الخور والنوخذة سليمان المهيني يتبعه بحذر وليس بينهما سوى إشارات ضوئية حتى تم دخولهما بسلام، وأرسيا سفينتهما بعيداً عن مجرى البواخر حتى الصباح.
وبعد أن أفرغا بضاعتهما ذهبا إلى زنجبار، ثم إلى الروفيجي لشراء أعمدة الجندل، ثم أبحرا إلى الكويت، فوصلاها بسلام، بعد رحلة صعبة لكنها موفقة.
ثم التقى النوخذة إبراهيم بالخال النوخذة عبدالوهاب العثمان وشرح له كيفية دخولهما واضطرارهما ليلاً إلى ميناء ممباسا، فاندهش الخال من العزيمة والإقدام بشجاعة على دخول الميناء في هذا الوقت في الظلام الحالك.
وفي العام التالي قاد النوخذة إبراهيم سفينته إلى منقلور، لكنه لم يحصل على بضاعة (نول) فأوصاه النوخذة عبدالوهاب بشراء حمولة من القرميد على حسابه، فاشتراها وأبحر بها إلى إفريقيا، حيث باعها هناك وعاد إلى الكويت، لكنه لم يستمر بعد ذلك في قيادة السفن الشراعية، على الرغم من أنه كان يستلم خمسة قلايط (أسهم) بدلاً من الأربعة. لقد انصرف نظره عن السفر كما قال.
وكان مما يستحق الذكر هو أنه بعد نجاح مهمته وما رآه التاجر عبدالعزيز المرزوق في النوخذة إبراهيم العثمان من مهارة في القيادة، ومن أمانة ودقة في حساب السفينة، طلب منه أن يقودها في العام القادم على أساس المناصفة.
لم يستمر النوخذة إبراهيم بعيداً عن السفر، بل ركب بعد ذلك العديد من السفن، منها سفينة للتاجر عبدالعزيز المرزوق، لكنها كانت تسير بالمحرك والشراع. ثم اشترى سفينة لها محرك اسمها "الفاروق" مشاركةً مع النوخذة يوسف الجاسم المبارك، وقادها سنة واحدة إلى الهند، وخسروا تلك السفينة عندما انكسرت إلى شطرين بسبب ارتطامها على سواحل اليمن.
لكن التحولات الاقتصادية والظروف الاجتماعية في الكويت في أواخر الخمسينيات دفعت النوخذة إبراهيم لترك حياة البحر والسفر بعد أن أمضى فيهما كل سنوات شبابه حتى سنة 1956م.
وهي سنوات شباب المسؤولية والرجولة وتحمل الصعاب ومشقة جفاف الحياة التي أعقبتها مباشرة حياة جديدة بتياراتها الاقتصادية والاجتماعية التي طرأت على المجتمع الكويتي في فترة الخمسينيات، وتتطلبت تأقلم ورضا بما هو جديد ... وجاء وقت مراعاة الأسرة والأبناء والإخوان.
ومن ذرية المرحوم النوخذة ابراهيم العثمان أبناؤه البارين جاسم ومحمد وبدر وسامي وعادل ونجيب، وله منهم أحفاد يحملون في ذاكرتهم بعض القصص والنصائح لحياة أفضل كان يرددها المرحوم النوخذة إبراهيم العثمان بصفة دائمة ومنها قوله:
"ماكو مثل أهل الكويت ونواخذتها وبحارتها من ناحية الأمانة والصدق، ولا أمدحهم إلا لأنهم يستاهلون المدح. والبحارة أولاد حلال وأوادم وإحنا نحرص على حلالنا وحلال غيرنا، والبحر يعنّ علي، وأنا دائماً أتذكر البحر ورجاله وأهله والبحر كله خير وبركة، وكنا دائماً موفقين والحمد لله على كل حال".

النوخذة أحمد عبداللطيف سليمان العثمان
تاريخ الميلاد: 1923م.
عدد سنوات العمل في مجال التنوخذ: 5 أعوام.
أهم السواحل التي وصلها في رحلاته: البصرة والخليج والهند واليمن وإفريقيا.
أهم البضائع التي كان يتاجر بها: الأخشاب والتمور والمواد الغذائية والمواد الاستهلاكية المختلفة.
أبرز النواخذة الذين تدرب على أيديهم:
- النوخذة عبدالوهاب عبدالعزيز العثمان.
- النوخذة يوسف محمد سليمان العثمان.
أبرز النواخذة الذين تدربوا على يده:
- النوخذة داود عبداللطيف العثمان.
نبذة عن عمله البحري:
هو ابن النوخذة الكبير عبداللطيف العثمان الذي درب العديد من أقاربه من آل العثمان على قيادة السفن الشراعية. لم يتردد النوخذة أحمد في قبول دوره كنوخذة أسوة بأقاربه من قبل، فركب أول الأمر مع النوخذة والقبطان عبدالوهاب العثمان ليتعلم عنه أصول الملاحة وقيادة السفن الشراعية.
وبعد سنوات ركب كذلك مع النوخذة يوسف محمد العثمان، حتى استطاع أن يتقن أساليب التنوخذ فركب في سفينة والده "فتح الرحمن"، وهي سفينة كبيرة الحجم (حمولة 4000 منِّ)، أجاد صنعها الأستاذ المعروف حسين بن منصور، وكان ذلك في عام 1936م. ولاشك أن هذه السفينة كان لها دور في ذلك الوقت حيث كان السفر الشراعي ما زال مزدهراً آنذاك.
ولقد ركب معه أخوه داود عدة سنوات يتعلم منه، حتى استلم قيادة سفينة لوالده عدة سنوات قبل توقف النقل الشراعي الكويتي. أستمر النوخذة أحمد العثمان في قيادة السفن الشراعية تحت إمرة والده عبداللطيف الذي توقف عن قيادة السفن وأصبح مدير تجارة العائلة في الكويت والهند.
وكانت أغلب رحلاته إلى الهند ولما أطل عام 1948م، وبدأت إمارات اضمحلال السفر الشراعي الكويتي، ترك النوخذة أحمد ركوب وقيادة السفن، وبقي في الكويت بالقرب من والده، ثم عمل في وظيفة حكومية قبل أن يصبح مختاراً لضاحية عبدالله السالم السكنية.
وفي لقاء له مع الكاتب عبّر النوخذة أحمد عما يشعر به * بكل صراحة * فالبحر مازال يعنّ له * ولكن أين البحارة من أهل الكويت ؟! وأين الرجال الذين رافقهم في رحلاته.. ؟ هؤلاء الرجال الذين أخلصوا في عملهم وصدقت عزيمتهم.. ؟
لقد أخذها هؤلاء الرجال "شطارة وبالممارسة" * كما يقول النوخذة أحمد العثمان * وكانوا يقولون: "اندب رجال ولا تندب دراهم" حين يتعرضون للمتاعب. أما اليوم فالناس تقول عكس ذلك: "لقد ذهب زمانهم، ولكل زمان دولة ورجال، فكيف أركب البحر ثانية؟".

النوخذة عيسى عبدالله عبدالعزيز العثمان
تاريخ الميلاد: 1923م.
عدد سنوات العمل في مجال التنوخذ: 15عاماً.
أهم السواحل التي وصلها في رحلاته: البصرة والخليج وإفريقيا والهند.
أهم البضائع التي كان يتاجر بها: الأخشاب والتمور والمواد الاستهلاكية والمواد الغذائية والذهب.
أبرز النواخذة الذين تدرب على أيديهم:
- النوخذة عبدالله عبدالعزيز العثمان.
- النوخذة عيسى بشارة.
نبذة عن عمله البحري:
ولد النوخذة عيسى العثمان وليس أمامه من طريق سوى أن يركب البحر ويصبح نوخذاً كما فعل والده وأقاربه من قبل، فحين بلغ الرابعة عشرة من عمره، ركب مع والده لتعلم أساليب قيادة السفن الشراعية، وكان ذلك عام 1937م.
وكان يركب معهم في بعض هذه الرحلات النوخذة عيسى بشارة ليحدد مواقع السفينة في عرض البحر، وكانت هذه فرصة للشاب عيسى العثمان للتعلم من هذا النوخذة المعلم، مما كان له أكبر الأثر في قدرات النوخذة عيسى العثمان حين تسلم قيادة السفن الشراعية.
وحين ترك والده عبدالله قيادة السفن (1941م)، تولى النوخذة عيسى قيادة سفينة والده إلى معظم موانئ الهند وساحل إفريقيا الشرقي، حتى إنه لم يترك ميناءً إلا أبحر إليه. وكان يبحر أحياناً من الهند إلى ساحل إفريقيا مباشرة معتمداً على قدرته الملاحية وعلمه بأساليب "القياس".
ليس من السهل ذكر جميع رحلات النوخذة عيسى العثمان، والحوادث التي تعرض لها، ومن يستعرض معه دفتر يومياته في البحر (الروزمانة) يدرك بوضوح العزيمة القوية التي كان يتحلى بها النوخذة عيسى وغيره من نواخذة الكويت الشباب من جيله، وحبهم للمغامرة وحسن التصرف عند الشدائد.
وحين توقف السفر الشراعي الكويتي لزم النوخذة عيسى العثمان تجارته في الكويت، يديرها بكفاءة حتى اليوم.
ويتحدث النوخذة عيسى عبدالله العثمان عن بداياته وعمله البحري للأستاذ يوسف الشهاب والذي وثق بدوره هذا الحديث في كتابه "رجال في تاريخ الكويت" الجزء الثالث * الكويت 2000م. وننقل فيما يلي طرفاً من هذا الحديث:
كانت أول "طرشة"( ) إلى البصرة وأخذنا منها تموراً، ثم ذهبنا إلى كراتشي حيث أفرغنا جزءاً منه ثم غادرنا الميناء إلى * بور بندر * ثم إلى بومباي، وفيها أفرغنا بقية ما كان معنا من التمور، وحملنا بدلاً منه ملحاً، وذهبنا به إلى "كلكتا" وبراوا، التي تبعد عن بومباي 270 ميلاً إلى الشمال.. بعدها كما يقول * النوخذة عيسى العثمان * عدنا مرة أخرى إلى بومباي، وقمنا بشحن السفينة بالملح وأبحرنا إلى "كلكتا"، وأفرغنا جزءاً منه ثم توجهنا إلى البصرة ومعنا أخشاب وصبار وحبال.
وأذكر أن أول رحلة استغرقت نحو ثمانية أشهر ونصف، ولم نعد فيها إلى الكويت، بل قضيناها بالبحر بين الموانئ التي توقفنا فيها، لتفريغ أو شحن البضائع.
ثم سافرت بعدها بالموسم التالي للسفر وحينها كان عمري 19 عاماً وشعرت أن الوالد لم يكن قادراً على دخول البحر مرة أخرى، خاصة بعد المرض الذي تعرض له، فاقترحت عليه * والحديث لا يزال لأبي فيصل * الإخلاد إلى الراحة، على أن أقوم بدلاً منه للذهاب إلى البحر في سفينته وكان عليها أيضاً أحمد السبيعي، الذي تعلمت منه في هذه "الطرشة" جوانب أخرى عن البحر والطرق التي ترتادها السفينة واستعمال الخرائط وغيرها.
ولم يكن هناك اتفاق مسبق.. كل ما في الأمر أن البحار، كان يأخذ سلفة من صاحب السفينة لتكون لدى أسرته خلال غيابه، والسفينة كما يقول "عيسى العثمان" كانت حصيلة رحلتها توزع على الجمـيع، فإن كانـت الحصيلة 20 ألف روبية يتم خصم مصاريف وجبات الأكل منها، ثم يرصد النصف من المبلغ المتبقي للسفينة والنصف الآخر يوزع على البحارة. أضف إلى ذلك المبلغ الذي يتقاضاه "السكوني" مع "الطباخ".
وعلى العموم * يقول أبو فيصل * كان البحار يحصل خلال رحلة السفر على نحو 70 إلى 80 روبية في الرحلة الواحدة، ويضيف قائلاً: "وكان عدد البحارة فوق السفينة 25 بحاراً، وكانت تحمل 25 طناً من البضائع، وكان عمري بين 18و19 سنة وكنت متزوجاً. وللعلم كنت نوخذة في عام 1941م".
ويتابع الحديث: "قلت لك كنت شغوفاً ومولعاً بركوب البحر، ولهذا فإنني حين تسلمت قيادة السفينة بعد الوالد لم أشعر بالرهبة، وأذكر أنني في تلك الرحلة توجهت من الكويت إلى البصرة وشحنت السفينة بالتمور ثم غادرتها إلى بومباي، وتم تفريغه هناك، وعدت محملاً بالذهب من بومباي وكراتشي وكلكتا، وكنا نشتريه من هذه المناطق بمبلغ 8 أو 9 روبيات لكل جنيه ذهب، ونعود به للكويت ونبيعه بمبلغ 13 أو 14 روبية".
ويستمر الرجل بالحديث قائلاً: "في بداية استلامي السفينة بعد الوالد، طلب مني الوالد وكذلك العم، ضرورة السفر مرتين في تلك السنة نتيجة حركة السوق التجاري في ذلك العام، وبالفعل * يقول أبو فيصل * نفذت ما كان مطلوباً مني، فقـد ذهبـت إلى "كلكتا" وعدت منها بالبضائع إلى البصرة، ثم شحنت منها التمور، وغادرتها إلى بومباي، وبعد تفريغه فيها، شحنت أقمشة وحبالاً إلى البصرة".
ويستأنف النوخذة عيسى العثمان قائلاً: "لم يكن البحر خالياً من القراصنة، وعلى العموم اسمع هذه الحكاية التي عشتها مع قراصنة البحر"، ويتابع الحديث: "بعد فترة تفكير في أول سنة كنت فيها "نوخذة" * وكنت حينها في بومباي * سمعت أن قرصاناً مع جماعة له يقومون باعتراض السفن التجارية وهي في البحر ويسرقون ما فيها من بضائع ونقود بقوة السلاح في مضيق هرمز.
وحين غادرت بومباي مع من كان معي بالسفينة ووصلنا إلى قبالة "خورفكان" رأينا سفينة ترفع إشارة استغاثة * وهي تقترب * وشعرت أن الأمر غير طبيعي، بل إنني أيقنت أن هذه السفينة تحمل "قراصنة البحر" * الذين سمعت عنهم في بومباي * فقلنا لهم "ابعدوا عنا" فلم يستجيبوا، وكررنا التحذير لهم بالابتعاد ثانياً وثالثاً، فلم يستجيبوا، فلم نجد سوى تبادل إطلاق النار معهم، وراح كل جانب يطلق النار على الآخر من سفينته، وبقينا على هذا الحال من الظهر إلى العشاء، حتى هربوا في سفينتهم، ولم يصب أحدنا بسوء * ولله الحمد".
وبالمناسبة * كما يقول النوخذة عيسى العثمان * ظل القراصنة يعترضون سير السفن التجارية في البحر مدة طويلة، ولم تستطع واحدة من السفن التجارية القضاء عليهم، وفي النهاية استطاعت سفينة إنجليزية أن تقضي عليهم وتؤمن الطريق للسفن في البحر.

النوخذة سليمان غانم علي العثمان
تاريخ الميلاد: 1926م
أهم السواحل التي وصلها في رحلاته: شط العرب والخليج والهند.
أهم البضائع التي كان يتاجر بها: الأخشاب والتمور والمواد الاستهلاكية الأخرى.
أبرز النواخذة الذين تدرب على أيديهم:
- والده المرحوم النوخذة غانم علي العثمان.
- ابن عمه المرحوم النوخذة علي سليمان العثمان.
- النوخذة إبراهيم إسماعيل (سنة واحدة).
نبذة عن عمله البحري:
يتحدث لنا النوخذة سليمان غانم العثمان عن حياته في البحر منذ صغره، فلنستمع إليه:
ولد النوخذة سليمان العثمان في منطقة القبلة، وتلقى علومه الابتدائية على يد الشيخ أحمد الخيمس * رحمه الله * وبعدها انتقل إلى مدرسة الملا مرشد محمد السليمان بالمرقاب حيث تلقى عنه علوم الفقه والحساب.
وبعد أن تعلم الحساب اصطحبه والده غانم رحمه الله في بومه الكبير "الباز"، حيث علمه علوم البحر، إلى أن عهد إليه بالبداية بمهمة السكوني، وكان يرغب حينئذٍ أن يتسلم قيادة البوم "نوخذة"، ولكن لصغر سنه رأى والده * رحمه الله * ألا يستعجل في إسناد المسئولية إليه، وكان يقول له "لا تستعجل يا سليمان، أنت لاحق على شقاء البحر وتحمل المسؤولية الكبيرة".
وفعلاً تحقق حلم النوخذة سليمان وطموحه وسلمه والده نصف المسؤولية وأصبح مساعداً لوالده (نوخذة شراع) وبعد سنة واحدة تسلم قيادة البوم "الباز"، واستمر النوخذة سليمان بقيادة البوم الباز متنقلاً من ميناء البصرة، محملاً التمور والخيول العربية الأصيلة إلى الهند، وراجعاً بالأخشاب والحبال وجميع ما تحتاجه صناعة السفن بالكويت.
وقد تعلم على يد والده النوخذة غانم علي العثمان، ورافق عمه النوخذة علي سليمان العثمان في بوم "فتح الباري" الذي أوشره (بناه) والده غانم إلى ابنه سليمان، حيث ركب معه وتعلم منه أصول مهنة التنوخذ، وكذلك فقد تدرب لمدة سنة واحدة على يد النوخذة إبراهيم الإسماعيل في بوم "الباز"، الذي أوكله بقيادته النوخذة غانم العثمان بعد أن كف بصره.
ولم تتوقف رحلاته إلى الهند، بل في إحدى رحلاته لبيع التمر قابله الحاج المرحوم محمد عبدالمحسن الخرافي، وأخبره بأنه حصل على كتاب من والدي ووالده يرغبون في السفر إلى(منجلور - Minglor) وشجعني الحاج المرحوم محمد عبدالمحسن الخرافي بأن يرافقني النوخذه المرحوم أحمد فهد الموسى (سنيار)، وهنا تشجعت ووافقت على السفر، واتفقت مع النوخذة المرحوم أحمد فهد الموسى على السفر، وسافرنا معاً إلى(منجلور - Minglor).
وبعد وصولنا إلى هناك وجدنا النوخذة المرحوم مفلح صالح الفلاح في بوم الحمد، وركبت عنده وطلبت من المرحوم النوخذة أبو صالح أن لا يتعجل بالحمال كي نعبر إلى ممباسه نحن الثلاثة معاً، فرحب المرحوم أبو صالح بالفكرة.
وفي 12 يناير بما يعادل 162 نيروز ترخصنا ورفعنا أشرعتنا الساعة الرابعة فجراً، وفي الصباح كنا مقابل جزيرة الفواتي.
ويستأنف النوخذة سليمان غانم العثمان قائلاً:
الهواء كان "برَّاوي" وعبرنا وكنا نجري تحت نجم المغيب والخشب معنا، واستمرت عبرتنا ثلاثة عشر يوم في الغبة، ولم نجد ما يعكر مسيرنا، وفي يوم 29 يناير الساعة الثانية في النهار شفنى (أي رأينا) البر وفي النهار التالي إعدال (أي مقابل) أضلا على بر الصومال والهواء أزيب. وفي يوم 31 يناير على الخط الاستواء والهواء أزيب وسنيارنا (رأي مرافقينا) معنا.
وفي 3 فبراير من الساعة 5 عصراً طرحنا( ) في بندر ممباسه، معنا بوم الصقر نوخذة محمد بن راشد، وبوم أحمد الفهد، وبوم مفلح صالح الفلاح، وفي يوم 5 من الشهر تم بيع الكبريل (القرميد)، ويوم 8 الشهر درنا الخشب إلي (إمبراكي).
وهنا يسترسل النوخذة سليمان غانم العثمان في الحديث قائلا:
في يوم 9 من الشهر (أي فبراير) استلمت برقية من المرحوم الوالد يطلب فيها مني شراء الفحم، حيث أن سعره في الكويت آنذاك كان عزيزاً، فتوجهت إلى تجار الفحم وهم كانوا من الجالية الهندية المقيمة في (ممباسه)، واتفقت أن أسافر مع التاجر إلى(نيروبي) لكي يكون وسيط في شراء الفحم، حيث أن الفحم متوفر في غابات (نيروبي)، واستقلينا القطار أنا والتاجر والساعة تقارب العاشرة مساءاً.
وفي الصباح التالي وصلنا إلى (نيروبي)، واتجهنا إلى مكتب حاكم الدولة والذي كان يحمل الجنسية البريطانية، وكان يتحدث اللغة العربية في طلاقة الذي كان يطلق عليه في السواحليه "الريزه"، واتفقنا معه على الذهاب لرؤية الفحم، وتم الاتفاق مع الحاكم والوسيط وأتممنا الصفقة، وتم شحن الفحم إلى (ميناء ممباسه)، وبعد مرور ثلاثة أيام بدأ وصول الفحم (ممباسه) وبعد أن دار الهواء (السهيلى) سافرنا إلى الكويت بحفظ الله ورعايته.
وفي السنة الثانية بعنا بوم (الباز) على المرحوم العم (عبدالوهاب بن عبدالعزيز بن قطامي)، تم شرائه من أجل ابنة النوخذة صقر بن عبدالوهاب بن قطامي.
وهنا تحرك سعر الذهب في الهند فأتت فكرة لعبدالله أخي بعد أن أسس شركة هو والمرحوم عبداللطيف فهد الفوزان للعمل في أسواق الذهب من الكويت إلى الهند فأشار أخي عبدالله على والدي المرحوم النوخذة غانم العثمان بأن تشتري بوم ذات محركات أو إنشاء بوم جديد، وأن يكون نوخذاه أخي النوخذة سليمان، فلم يتردد الوالد في عمل بوم جديد بمحركات، فأرسل على الأستاذ المرحوم الحاج عبدالرسول وبدأ في وشاره (أي بنائه)، وكان ذلك في موسم 1948م إلى 1949م.
وبعد أن أنهى وشار البوم أطلقنا عليه اسم فوزي تيمنا باسم فوزي محمد الخرافي، حفيد صديق والدي العزيز المرحوم الحاج عبدالمحسن الناصر الخرافي، فباشر النوخذة سليمان العثمان بقيادته متنقلاً به من الكويت والدمن، التي هي مستعمرة برتغالية تقع في سالفي (أي جنوب) (بومبي)، واستمرينا بالعمل ثلاث مواسم في نفس الطريق مع الأخ عبدالله العثمان والمرحوم عبداللطيف الفوزان.
وفي الموسم الرابع طلب المرحوم حمود بن نصف من والدي أن يكون النوخذة سليمان العثمان على حسابه، وفي ذلك الوقت كان الحاج المرحوم عبدالمحسن الخرافي صديق والدي العزيز موجود فبارك الفكرة ووافق والدي وقال: "توكل على الله يا سليمان يستاهل المرحوم حمود بن نصف"، وكان اتفاقهم إنزال الذهب في جزر (قوه)، وكان ذلك لسنة واحدة بعد ذلك، وتم بيع البوم "فوزي" إلى أهل (تنكسير)، ومنها اتجهنا إلى المدينة تاركين وراءنا تجارة البحر والسفر.
ويروي النوخذة سليمان بعض ذكرياته فيقول:
"كنت في أحدى سفراتي مع والدي * رحمه الله * في بومنا "الباز" محملين تموراً إلى عدن، وكان وقت ظهور نجم الأحيمر، وعند مرورنا بجزيرة الشيخ في بر فارس هبت عليه رياح شديدة عاتية وأمطار غزيرة.
وبالنسبة لحساب أهل البحر نسميه 93 "يعني 103 نوروز" فانكسر علينا الدقل العود (أي الصاري الكبير) وتمزق الشراع وبعد أن هدأت العاصفة التي استمرت حتى صباح اليوم التالي فحصنا البوم ووضعنا الدقل الصغير "القلمي" مكان الدقل الكبير، وواصلنا مسيرتنا إلى أقرب بندر (ميناء) لنا، ووصلنا مسقط ورتبنا أمورنا واستراح البحرية، واشترينا دقلاً كبيراً من هناك بدل الدقل الذي فقدناه، وخيطنا الشراع. وبعد أسبوع واصلنا سفرنا إلى عدن".
ويستطرد النوخذة سليمان قائلاً: "لو أروي لك الأحداث والمصائب التي حلت بنا أثناء سفراتنا في السفن الشراعية من وإلى الهند واليمن والصومال وإفريقيا، لِما اتسع لها مجلداً بأكمله".
ويواصل حديثه ويقول مبتسماً: "دعني أروي لك جزءاً من حلاوة أيام البحر وهي التلاحم والغيرة والمحبة التي مع الأسف نفتقدها في هذا الزمن، كان عندما يفقد أحدهم في ذلك الزمن سفينته "تطبع بالبحر" (أي تغرق) يهب جميع أهل البحر لمساعدته، ومن تلك المساعدة يحصل ما يكفي لصناعة سفينتين بدل الواحدة التي فقدها.
وإذا صنع أحدهم سفينة وانتهى من صناعتها وحدد يوم إنزالها بالبحر هبوا جميعاً (أهل الشرق وأهل القبلة) للمساعدة في إنزالها إلى البحر حتى الشيخ أحمد الجابر * رحمه الله * كان يحضر أحياناً لمشاركتهم.
هذه نبذة عن حياة البحر التي عشناها، فرحم الله رجال البحر من أبناء الكويت الأوفياء".
النوخذة داود عبداللطيف العثمان
تاريخ الميلاد: 1929م.
تاريخ الوفاة: 19/1/1998م.
عدد سنوات العمل في مجال التنوخذ: 4 أعوام.
أهم السواحل التي وصلها في رحلاته: البصرة وشط العرب والخليج واليمن والهند.
أهم البضائع التي كان يتاجر بها: الأخشاب والتمور والمواد الغذائية والذهب.
أبرز النواخذة الذين تدرب على أيديهم:
- النوخذة أحمد عبداللطيف سليمان العثمان.
نبذة عن عمله البحري:
سافر في البداية مع شقيقه الأكبر النوخذة أحمد عبداللطيف سليمان العثمان، فتعلم منه أصول صناعة ركوب البحر وتفاصيلها، حتى أصبح نوخذة مستقلاً بنفسه، فركب وركب معه ذات مرة النوخذة أحمد صالح السبيعي، رغم كونه أقدم منه وأكبر سناً وأكثر خبرة، إلا أن عدم عدم وجود سفينة يسافر فيها النوخذة أحمد السبيعي، وحبه للرزق الحلال مهما كان موقعه، جعلاه يركب كنوخذا شراع (مساعد نوخذة) في حين أن النوخذة داوود ركب كنوخذا شراع مع النوخذة القدير صالح المهيني.
درَّب قريبه خالد عبدالرحمن العثمان، ولكن الوقت لم يسعف خالد للتعلم، حيث انتهى سفر الشراع.
كان * رحمه الله * مثالاً يحتذى في الصبر والتصميم وعدم الدخول في أي خلافات من شأنها التأثير على سفره ونجاح مهمته، بل إن ذلك زاده حكمة وذكراً طيباً عندما عمل * بعد تركه العمل في البحر * في بلدية الكويت، فساعد الجميع وسهل الأمور للناس بدرجة لا توصف.
ولا يزال من ساعدهم يدعون له بالخير إلى الآن لما سهل لهم من شؤون معيشتهم وتجارتهم.
كما كان – رحمه الله – غاية في التواضع وإنكار الذات، وقد رفض الكتابة عنه أثناء حياته، وهذا ما أمكننا الحصول عليه من معلومات عنه بعد وفاته.
النوخذة الشاب غانم عبدالله غانم العثمان
كما سبق أن أشرنا في موضع متقدم من هذا الكتاب إلى أن الناظر المتأمل في أسماء نواخذة السفر الشراعي في تاريخ الكويت يلحظ كثرة عدد النواخذة وخاصة من عائلة العثمان، والذين يفوق عددهم الخمسة عشر نوخذة، وقد برز منهم النوخذة غانم علي العثمان.
كما توارثوا هذه المهنة أباً عن جد، فكان عددهم بذلك أكبر عدد من النواخذة الذين ظهروا في عائلة واحدة، ولم يكن صعباً علىَّ أن أجد ملكة التنوخذ وقيادة السفن الشراعية فطرية ومكتسبة في آن واحد.
فقد جُبل عليها هؤلاء النواخذة وتعلموها من بعضهم، وها هو حفيدهم النوخذة الشاب غانم عبدالله غانم علي العثمان حفيد النوخذة غانم علي العثمان يتجه إلى البحر ليمخر عبابه ويعبر محيطاته فيمارس التنوخذ في يومنا هذا هوايةً لا مهنةً، عبر المحيطات والبحار في جولة حول العالم في يخته الُمسمَّى (عثماني) وبمفرده في رحلة شيقة تحفّها المخاطر بحفظ الله تعالى ورعايته، ولم يرافقه فيها أحد سوى ميكانيكي اليخت.
وسنفرد تفصيلاً في ملحق هذا الكتاب عن سيرة النوخذة الشاب غانم عبدالله العثمان ورحلتيه الأولى من بحر الصين إلى الكويت والثانية حول العالم.
رد مع اقتباس