عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 25-03-2008, 04:24 PM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي





مؤتمر العقير
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن معاهدة العقير كانت امتداداً وتعديلا لمعاهدة المحمرة المعقودة بين السلطات العراقية وابن السعود والتي رفضها ابن السعود لأنها اعتبرت قبيلتي عنزة والظفير من قبائل العراق بينما ابن السعود ادعى في ذلك الوقت بأنها من قبائل نجد. إلا أن مجريات الأمور فيما بعد في مؤتمر العقير (والترضيات) التي قدمها الإنجليز له أنهت ذلك الخلاف كما سنرى.

لدينا مصدران للمعلومات عن ذلك المؤتمر، المصدر الأول هو الكولونيل ديكسن (كان ديكسن معتمد بريطانيا في البحرين قبل ذلك ثم نقل إلى مهمة سياسية أخرى في العراق وتم تعيينه في عام 1929 معتمدا لدولته في الكويت) الذي حضر المؤتمر وقد جاء مبعوثاً خاصاً لبريطانيا في البحرين وهمزة الوصل بين بريطانيا وابن السعود حيث لم يكن لبريطانيا ممثل دائم في نجد أو في الإحساء والمصدر الثاني هو الكاتب اللبناني الأمريكي الجنسية أمين الريحاني (للمزيد من التفاصيل راجع ملوك العرب وتاريخ نجد للريحاني - والكويت وجيرانها للكولونيل ديكسن - صفحة 280).

وقد حضر إلى العقير من البحرين قبل انعقاد المؤتمر بأيام قليلة كما يذكر في كتابه ملوك العرب. وكان الغرض الواضح من عقد المؤتمر هو تسوية مشاكل الحدود بين سلطنة نجد وملحقاتها -كما كانت تسمى في ذلك الوقت- وبين العراق وشرق الأردن بالدرجة الأولى حيث كثرت تعديات (الإخوان) على حدود العراق و الأردن. أما موضوع الكويت فمن سير الأحداث سنرى أنه كان ثانوياً على الأقل بالنسبة للأطراف الأخرى ويظهر ذلك من أن ممثل الكويت الوحيد في ذلك المؤتمر كان المعتمد البريطاني الميجر مور أما أعضاء الوفود الأخرى فكانت عن العراق المندوب السامي السير برسي كوكس والسيد صبيح نشأت وزير الأشغال والمواصلات والشيخ فهد الهذال شيخ مشايخ عنزة الذي كان لوجوده مغزى من قبل العراق ويقول الريحاني إن السلطان ابن السعود استاء كثيراً عندما علم بوجود فهد الهذال مع الوفد وقد أكد هذا ديكسن ومن حق ابن السعود أن يغضب إذ كيف يدعي تبعية قبيلة عنزة له وهذا هو شيخ المشايخ جاء مع وفد العراق لإثبات عراقيته أما وفد ابن السعود فكان برئاسته وعضوية الدكتور عبدالله الدملوجي وعبداللطيف باشا المنديل ثم أمين الريحاني الذي كان يقوم بمهمة الترجمة في بعض الأحيان كما يقول.

بدأ المؤتمر أعماله في 28 نوفمبر 1922 وانتهى في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) 1922 وحسب قول ديكسن فإن الذي حدد الحدود هو السير برسي كوكس أما دور ديكسن والميجر مور ممثل الكويت وعبدالله الدملوجي ممثل السعودية فكان ثانوياً وأن برسي كوكس اعتمد على الولاء القبلي عند تحديد الحدود. وذلك بعد جدل عقيم استمر طيلة فترة الاجتماع ووصل حد السخف كما يقول ديكسن حيث كانت الكلمة الأخيرة الفاصلة إلى ممثل بريطانيا الأول السير برسي كوكس. ومن هذا نستنتج أن الحيف الذي لحق بالكويت كان معداً له من قيل وإلا فلماذا لم يدع الشيخ أحمد الجابر شيخ الكويت إلى المؤتمر وهو صاحب الشأن الأول في تقرير مصير بلاده. ولنعود لأول فصول هذا البحث حيث ذكرنا فيه أنه في عام 1919 اتفقت بريطانيا وابن السعود على إعادة النظر في الحدود الكويتية السعودية والتي تم تحديدها في عام 1913 كما مر ذكره.

ويذكر ديكسن بعد مؤتمر العقير، توجه برسي كوكس إلى الكويت ومعه الميجر مور معتمد بريطانيا في الكويت وتوجه ديكسن والوفد العراقي على متن باخرة تجارية أنزلته في الكويت ثم واصل الوفد العراقي الطريق إلى البصرة وفي اليوم التالي ذهب السير برسي كوكس والمعتمد البريطاني إلى الشيخ أحمد وكان ديكسن يقوم بمهمة السكرتير في الاجتماع وهناك فجر برسي كوكس الأخبار السيئة للشيخ أحمد وكانت صدمة عنيفة له وعندما احتج الشيخ أحمد على هذا الاتفاق ولماذا لم يستشار في مثل ذلك الأمر الهام، كان جواب كوكس أنه في تلك المناسبة التي رافقها سوء الطالع كان السيف أمضى من القلم وأنه لو لم يتنازل عن تلك الأراضي سلماً فان ابن السعود قد يأخذها عنوه وربما أخذ أكثر مما تم التنازل عنه وهكذا وجد الشيخ أحمد نفسه أمام الأمر الواقع ولم ينس هذه الإساءة من الإنجليز طيلة فترة حياته ولكن قبل وفاته بقليل في عام 1955 اتفق مع ابن السعود على إعطاء امتياز المنطقة المحايدة لشركة أمريكية وقد قام بذلك لتقوية الصداقة بينه وبين ابن السعود الذي وجد صداقته وتأييده أهم من صداقة البريطانيين الذي كان ميلهم لإسرائيل قد أثار سخط العالم الإسلامي والعرب وكان هو شخصياً من ضمن الساخطين (الكويت وجيرانها).




تجاوزات (الإخوان) ومؤتمر الكويت ثم ثورة زعماء الإخوان
من الواضح و الجلي أن السلطان عبدالعزيز بن سعود (كان الملك عبدالعزيز عند توليه السلطة الدينية والدنيوية في بداية عهده يلقب بالإمام تمشيا مع عادة آبائه وأجداده. ويقول الريحاني انه عندما قرر مؤتمر القاهرة عام 1921 ترشيح الأمير فيصل بن الحسين ملكاً على العراق، عقد في الرياض مؤتمر حضره الزعماء والرؤساء وقرروا أن يتخذ حاكم نجد لقب (سلطان) وكتب ابن السعود بذلك إلى المندوب السامي في العراق يخبره بما تم ويرجو أن يكون ذلك مستحسنا لدى الحكومة البريطانية البهية. وقد اعترفت الحكومة البريطانية في 22 أغسطس (آب) لابن سعود ومن يخلفه من ذريته بلقب سلطان - (تاريخ نجد - صفحة 249) - وفي 10 يناير (كانون الثاني) 1926 نودي بالسلطان عبدالعزيز ملكاً على الحجاز وسلطانا على نجد وتوابعها وفي 23 سبتمبر (أيلول) 1932 توحدت البلاد تحت اسم المملكة العربية السعودية) فاز بحصة الأسد في مؤتمر العقير، فقد ضمنت المعاهدة له حدوداً واضحة مع العراق والكويت أما في الشمال وخاصة المنطقة التي تسكنها قبيلة الرولا برئاسة نوري شعلان والتي هي أحد فروع قبيلة عنزة فكانت في ذلك الوقت تحت النفوذ الفرنسي المسيطر على سوريا وباديتها حتى الجوف وقريات الملح. وقد ضمها ابن السعود إلى مملكته بتأييد من بريطانيا وتعينت الحدود مع شرق الأردن في عام 1925.


وهكذا نرى توسع المملكة بعد أن كانت مقيدة بموجب اتفاقية دارين مع البريطانيين والتي تم عقدها في الثاني من كانون الأول (يناير) 1915 حيث نصت المادة الأولى من المعاهدة بأن الحكومة البريطانية تعترف وتقبل أن نجداً والإحساء والقطيف وجبيل وملحقاتها التي تعين هنا والمرافئ التابعة على سواحل خليج (العجم) هي تابعة للأمير ابن السعود وآبائه من قبل -والمعاهدة كما أشرنا من قبل مشابهة في نصوصها الأخرى للاتفاقيات المعقودة بين بريطانيا وإمارات الخليج-. وقد أبدلت هذه الاتفاقية في عام 1927 بما يسمى باتفاقية جدة.

يذكر عبدالعزيز الرشيد بأنه في رمضان 1342 هجم ابن حثلين والفقم على أطراف الكويت ونهبوا من عربانها ورعاتها ما نهبوا وقد أرسل الشيخ أحمد (نزال) أحد رجاله ليشرح لابن سعود تفاصيل الغارة وقد اهتم ابن السعود بهذا الأمر وكتب للشيخ أحمد يعتذر عما حدث ويقول ديكسن بأن ابن السعود ذكر له عند اجتماعه به في العقير بأنه أصبح من الصعب عليه السيطرة على البدو وكبح جماح غاراتهم كما أخبره بأنه -أي ابن السعود- أعدم بعض الإخوان بسبب هذه التجاوزات وذكر له كيف أن بعض طائفة الشيعة في الحسا والقطيف منعوا من التدخين حتى في بيوتهم وحضور المواسم الدينية قي الحسينيات كما قتل الإخوان بعض الشيعة في القطيف الذين خالفوا أوامرهم. وفي مكان آخر يذكر ديكسن أن ابن السعود ضد تطرف الإخوان وهو يريد تأسيس دولة وقد وضع نظاماً لإسكان البدو في مناطق سكنية تبعدهم عن حياة البداوة ولكنه يضطر أحياناً لمجاراتهم تحقيقاً لأهداف معينة، ثم يذكر عن تعصب أولئك (الإخوان) فيقول:

"إن من تعصب (الإخوان) أنهم لا يردون تحية السلام على غير (الأخ) وكان بعض الإخوان إذا صادفوا جماعة من غير مذهبهم من أهل الخليج أو أهل العراق أو من الأوروبيين غطوا وجوههم بيدهم حتى لا يتدنسوا بذلك المنظر.. وكانت هذه العادات ظاهرة للعيان وعندما كنت في الهفوف عام 1920 كان بعضهم يغطي وجهه حتى لا يراني ولما دخلت مجلس ابن السعود غادر جماعة من شيوخ الإخوان المجلس وقد غطوا وجوههم جميعاً وقد سمعتهم يرددون اللعنات لي بالرغم من كوني ضيف الإمام".

ويقول الشيخ حافظ وهبة في كتابه الجزيرة العربية في القرن العشرين:
"لقد تشرب هؤلاء بكثير من المبادئ والتعاليم الناقصة حتى اعتقدوا أنها الدين وأصبحوا يعتقدون أن لبس العمامة هو السنة وأن لبس العقال من البدع المنكرة بل غالى بعضهم فجعله من لباس الكفار ويجب مقاطعة لابسه وكانوا يعتقدون أن الحضر ضالون وأن المشايخ مقصرون ومداهنون لابن السعود وقد كتموا الحق عنه وقد نال بعضهم من الإمام عبدالعزيز فرموه بموالاة الكفر والتساهل في الدين. أما شده الإخوان في مكة فحدث عنها ولا حرج فلم تكن أية هيبة للحكومة فكل ما يعتقده (الأخ) منكراً يزيله بنفسه وكثيراً ما كان الملك ابن السعود ينزل على رأيهم اتقاء للفتنة وفي سنة 1926 اضطر الملك أن ينزل على رأيهم في إيقاف تلغراف المدينة اللاسلكي وهدم بعض المساجد المقامة على القبور لأنه لم يكن يسعه غير ذلك (الجزيرة العربية في القرن العشرين صفحة 286) وكانوا يعتقدون أن غزو المجاورين واجب وأنه ألقى عليهم هذا الواجب من قبل الله فلا يسمعون أحداً في منع الغزو.


ثم عقد في الأرطاوية إجتماع حضره في رؤساء الإخوان من مطير وعتيبة والعجمان تعاهدوا فيه على نصرة الدين والجهاد في سبيل الله ثم أنكروا صراحة على الملك عبدالعزيز الآتي:
  1. إرساله ولده سعود إلي مصر.
  2. إرساله ولده فيصل إلى لندن بلد الشرك.
  3. إستخدام السيارات والتلفونات والتلغراف.
  4. الضرائب الموجودة في الحجاز ونجد.
  5. الاحتجاج على الإذن لعشائر العراق وشرق الأردن بالرعي في أرض المسلمين.
  6. الاحتجاج على منع المتاجرة مع الكويت، لأن أهل الكويت، إن كانوا كفاراً حوربوا وإن كانوا مسلمين فلماذا المقاطعة.
  7. النظر في شيعة الإحساء والقطيف وإجبارهم على الدخول في دين أهل السنة و الجماعة (نفس المصدر ص 291).
ولندع السلطان عبدالعزيز يكابد مشكلة الإخوان التي أصبحت في آخر الأمر سيفا ذا حدين فطوراً معه وطوراً ضده كما سنرى في فصول قادمة ولنعود إلى المؤتمر الذي عقد في الكويت وأهميته وفشله في تحقيق الأهداف التي عقد من أجلها.



مؤتمر الكويت
تم عقد المؤتمر في شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 1923 م وكان الغرض منه تسوية الخلاف بين السعودية من جهة وبين الحجاز والعراق وشرقي الأردن من الجهة الثانية وقد رتبت المؤتمر الحكومة البريطانية لما لها من صلة وثيقة بجميع الأطراف المعنية فقد كان المؤتمر برئاسة الكولونيل نوكس ممثل بريطانيا في الخليج وكان مقره في بوشهر في ذلك الوقت وحضر ممثلو وفود ثلاث دول ولم يحضر ممثل الحجاز حيث كانت حجة الملك حسين بأنه ما دام بعض أراضيه محتلة من قبل ابن السعود فانه لن يرسل أي مندوب، والمقصود بالأراضي الحجازية المحتلة هي تربة والخرمة وخيبر التي احتلها ابن السعود عام 1919م. وقد استمرت الجلسات بين المراجعات والتأجيل حتى الأشهر الأولى من عام 1924م ويقول الشيخ حافظ الذي حضر المؤتمر أن السبب الحقيقي في فشل المؤتمر هو صلابة الملك حسين وتعسفه وعدم وقوف الأشراف في العراق وشرق الأردن على حقيقة الحال في نجد ثم يقول إن أحد أعضاء الوفد الأردني وهو إبراهيم هاشم أخبره أنه سمع في بغداد أن عمر سلطنة نجد لن يتجاوز ستة أشهر وقال له أحد الضباط ربما أقل ولهذا فقد كانت شروط الدول الثلاث وهي العراق والأردن والحجاز عودة الحدود النجدية الى ما قبل عام 1919 أي التخلي عن منطقة حائل ووادي سرحان والجوف وغيرها من المناطق الشمالية. التي احتلها ابن السعود وضمها الى مملكته.

ويذكر الريحاني أن الملك حسين وهو في أوج مجده أبى أن يشترك في المؤتمر ونفذ إرادته في ممثلي حكومتي نجليه فحالت السياسة الهاشمية دون الاتفاق مع سلطان نجد (يذكر المؤرخ المعروف أمين سعيد في كتابه "أسرار الثورة العربية الكبرى ومأساة الشريف حسين" ص 311 بالنص "لقد اعتقد الحسين عقب استسلام حامية المدينة وجلاء الترك نهائياً عن الحجاز وتفرده بالحكم فيه أن باستطاعة القوة التي كانت تقيم على حصار المدينة أن تكتسح حدود نجد الغربية وتواصل تقدمها بدون عناء حتى الرياض والهفوف فتطفئ نور النهضة التي أوقدها الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل وترفع علم الحكومة الهاشمية على شاطئ الخليج العربي". ثم يضيف "وسعى الانجليز سعيا حثيثاً متواصلاً سواء في إبان الحرب وبعد ختامها للتوفيق والتقريب بين صديقهما وإزالة ما هنالك من خلاف وفتور فكانوا يصطدمون بتشدد الحسين ورغبته في التفوق") ويصف الريحاني مشهد الملك حسين عندما وصل الى عمان في 17 يناير (كانون الثاني) 1924 م وكانت مسألة الخلافة تشغل العالم الإسلامي بعد أن طرد الكماليون الخليفة العثماني فيقول كان غرض الملك حسين جس نبض العالم العربي والإسلامي. لقد شاهد جلالته في المحطة مشهداً فريداً مجيداً. كانت هناك الوفود و الجموع في الانتظار، وفود سورية و فلسطين ومشايخ العربان ورجال الحكومة من عرب وإنجليز، والصحافيون من مصر والقدس والشام وبيروت.

وعندما أطل جلالته من القطار رفع الناس أصواتهم هاتفين ليحيى ملك العرب! ليحيى المنقذ الأعظم واصطف التلاميذ والجنود والفرسان حتى الطائرات البريطانية شاركت في ذلك الاحتفال الفريد ثم صعد الخطباء والشعراء مهددين الإنجليز والفرنسيين بل الأوربيين أجمعين! ثم قابل جلالته الوفود وقال أنه لا يتنازل عن مبدأ واحد من المبادئ التي هي أركان النهضة (لا أتنازل عن حق واحد من حقوق البلاد، لا أقبل أن تكون فلسطين إلا لأهلها العرب، لا أقبل بالتجزئة ولا أقبل بالانتداب ولا أسكت وفي عروقي دم عربي عن مطالبة الحكومة البريطانية بالوفاء بالعهود التي قطعتها للعرب، وإذا رفضت الحكومة البريطانية بالتعديل الذي أطلبه فإني أرفض المعاهدة كلها، أقول المعاهدة كلها. لا أوقع المعاهدة قبل أن آخذ رأي الأمة. إني عامل دائماً في سبيل الاتفاق مع أمراء العرب. إني عامل دائماً في سبيل الوحدة العربية ولا فرق عندي إذا كان مركز الحكومة العربية في الحجاز أو في سورية أو في العراق أو في نجد. وفي وسط هذا الحماس والتصريحات المدهشة أقيمت المآدب والاحتفالات وبعد الاجتماعات الخاصة برؤساء الوفود وكبار الموظفين البريطانيين نودي بالملك حسين بن علي خليفة للمسلمين وأمير للمؤمنين فبايعه السوريون والفلسطينيون وفريق من العراقيين وبعدها عاد الى مكة حاملاً لقب أمير المؤمنين وخليفة المسلمين (تاريخ نجد للريحاني - صفحة 293).

تقدرون وتضحك الأقدار:
في هذه الفترة كان ابن السعود يجتمع في الرياض بزعماء القبائل وكانوا يطالبون بالسماح لهم بالحج وحدثت عدة اجتماعات حضرها رجال الدين وأخيراً قرروا الحج طوعاً أو كرهاً (ظل أهل نجد خمس سنوات لم يتمكنوا فيها من أداء فريضة الحج أي منذ اشتداد الأزمة مع الشريف حسين بعد احتلال تربة عام 1919).
لقد أثبتت معركة تربة شدة بأس الإخوان وتصميمهم على القتال بعكس قوات الشريف التي عمتها الفوضى منذ بدأت المعركة فولت الأدبار. يقول الشيخ حافظ لم يكن لجلالة الملك ابن السعود أي فكرة في غزو الحجاز وفتحه حتى سنة 1923 م أولا لأنه لم يكن واثقا تمام الوثوق بإمكان تغلب قواته على الحجاز وثانياً لأنه لم يكن واثقاً من موقف الحكومة البريطانية ويحق له أن يحسب لموقفها ألف حساب فهي التي أرغمته على الرجوع الى نجد بعد معركة تربة حيث اعتبرت اعتدائه على الحجاز عملاً عدائياً موجهاً ضدها.

أما الآن فقد تبدل الموقف فالملك حسين يرفض المعاهدة التي عرضتها عليه بريطانيا وتصريحاته النارية المتطرفة التي أعلن عنها في عمان وقبوله أن يكون خليفة للمسلمين دون استشارة غالبية المسلمين. ويقول ديكسن أن عجرفة الملك حسين والأخطاء التي ارتكبها عجلت في سقوطه (كان الملك عبدالله بن الحسين أحد المتفاوضين مع السلطات البريطانية حول صيغة المعاهدة بين البريطانيين وبين والده الملك حسين وقد أشار في مذكراته الصفحة 31 فيقول لقد زارني المندوب السامي في فلسطين هربرت صموئيل وقال لي أن الكولونيل لورانس العائد من جدة سيزورك ومعه حداد باشا. فإذا توفقتم لإتمام المعاهدة الإنجليزية الحجازية فسيكون المجال واسعاً لأعمال تعود بالخير عليكم وعلينا. ثم يضيف ان جاء لورانس وحداد وكان رئيس الديوان الأمير عادل ارسلان فتمت المعاهدة الحجازية الإنجليزية بعد أن فوضني المرحوم الوالد للمذاكرة بما يجعل الأمل ملؤه التوفيق. وكانت أن أثرت الجهات العربية الفلسطينية على جلالة الوالد فرفض إبرامها قبل أن يلغي وعد بلفور. فكانت هذه أن أدت إلى العقم في إيجاد تفاهم حقيقي بين بريطانيا وصاحب الثورة بعد الحرب.

ويقول المؤرخ أمين سعيد في هذا المعنى "لقد كان الحسين ذا عقلية بدوية محافظة لا تعرف المجاملة ولا تؤمن بأنصاف الحلول ولا تكذب ولا تداري، تتمسك بما تعتقد أنه الحق مع صلابة في الرأي وشدة وحزم وتحفظ نحو الأجانب وقلة الثقة بهم. وشتان ثم شتان بينه وبين الذين كتب عليه أن يعاملهم ويتصل بهم من الموظفين الإنجليز الذين شبوا وشابوا في مكاتب السياسة ودهاليزها).
__________________
رد مع اقتباس