عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 25-03-2008, 04:07 PM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

كما أشار فيلي إلى الصلات الطيبة التي كانت قائمة بين ابن سعود ومبارك الكبير منذ كان هو وأبوه ضيفين غلى الشيخ مبارك ومساعدته لهما في استعادة الرياض.

وكان -أي ابن السعود– ينظر إليه كوالده الثاني ويستمد منه النصيحة في الأمور السياسية المهمة وبقي محافظاً على هذه الصلات الطيبة حتى وفاتــه كما استمرت هذه الصلات الطيبــة مع خليفته جابـــر حتى وفاته وبعد سالم جـــاء أحمــــد الذي استمــر على علاقاتـــه الطيبة مع ابن السعـــود.
(Arabian days P.152 – H.St. John P. Phil by & Kuwait & her neighbours P.241)



الأوضاع العامة قبل معركة الجهراء
بعد هزيمة الأتراك في الحرب العالمية الأولى واندحار حلفائهم فيقلب الجزيرة العربية المتمثل في بيت آل الرشيد أصبح الإمام عبدالعزيز آل السعود هو السيد المطاع في معظم أنحاء الجزيرة العربية وقد تعززت هذه السيادة بعد انتصاره الساحق على أشراف مكة في معركة (تربة) (تقع "تربة" في الطرف الشرقي من بادية الحجاز على طريق مدينة الطائف وكانت في الماضي مثار نزاع بين السلطات الحجازية والسعودية وبعد فك الحصار على المدينة المنورة واستسلام الجيش التركي اتجه قسم من الجيش النظامي الشريفي بقيادة الأمير عبدالله بن الحسين نحو تربة واحتلها وكان الرد السعودي على ذلك الهجوم سريعاً وحاسماً باحتلال تربة وكانت غالبية الجيش السعودي من قبيلة عتيبة بقيادة سلطان بن بجاد والشريف خالد بن لؤي الوهابي المذهب وقد نجا الأمير عبدالله بن الحسين من تلك المعركة بأعجوبة بعد أن تشتت شمل جيشه).

إلا أن طموح الأمير السعودي لم يقف عند ذلك الحد ولا سيما أن موارد البادية ضئيلة ومحدودة ومع أن الأمور أصبحت أحسن حالاً بعد احتلاله الإحساء عام 1913.
وحالة البادية معروفة منذ أقدم العصور فالهجرة من الصحراء إلى الأماكن الأحسن حالاً لم تنقطع في يوم من الأيام. والهجرة كما هو معروف إما أن تكون جماعية مثل هجرة قبيلة بكاملها أو الهجرة الفردية، وهجرة القبيلة أو العشيرة تكون عادة بسبب الحروب أو الاضطهاد من القبائل الأقوى أو لسبب القحط وقد فرضت الطبيعة على البدوي معيشية شاقة ولهذا برزت عنده طبيعة الغزو فهو أشبه بالطير الجارح الباحث عن فريسة.

ويحدثنا الشيخ حافظ وهبه في هذا المجال في كتابه جزيرة العرب في القرن العشرين صفحة 287 فيقول "عرفت البدو في حياتهم البدوية وعرفت كثيراً من قادتهم في جاهليتهم وفي إسلامهم وعرفتهم بعد أن سكنوا (الهجر) (قرى سكنها البدو بعد أن هجروا حياة البادية) فرأيت الدين قد غيرهم تغييراً تاماً. كان البدوي لا هم له إلا النهب والسلب وقطع الطريق ثم يعد هذا العمل من مفاخر البادية وكان لسان حالهم يقول -المال مال الله، يوم لي ويوم لك، نصبح فقراء ونمسي أغنياء ونصبح أغنياء ونمسي فقراء- والقوافل التجارية كانت تحت رحمة البادية. لا تمر من المنطقة إلا بأتاوة أو مجيز. والبدوي لم يكن أبداً مخاطراً بحياته فإذا النهب سيكون من ورائه خطر تركه. وكذلك إذا رأى دفاعاً قوياً في خصمه تركه. ولذا فلا يعول الأمراء كثيراً على عددهم ولا على قوتهم وكثيراً ما كانوا وبالاً على صديقهم فإذا بدرت منه بوادر الهزيمة كانوا أول الناهبين له ويحتجون بأنه إذا كان صاحبهم منهوباً أو مأخوذاً -كما يقولون- فهم أولى به". ثم يواصل حديثه فيذكر:

"أما (الإخوان) الآن فهم حماة الطريق ويرون حرمة التعدي على المسافر وابن السبيل وأصبح (الإخوان) لا يهابون الموت بل يندفعون اندفاعاً طلباً للشهادة وأصبحت الأم عندما تودع ابنها تودعه بهذه الكلمات -جمعنا الله وإياك في الجنة- وأصبحت كلمة التشجيع على الحرب -هبت هبوب الجنة وينك يا باغيها- ولقد شاهدت بعض مواقعهم الحربية فوجدتهم يقذفون بأنفسهم قذفاً ويتقدمون إلى أعدائهم صفاً صفاً، والإخوان على العموم لا تعرف قلوبهم الرحمة ولا يفلت من تحت يدهم أحد منهم".



مركز الكويت كميناء مثالي في رأس الخليج
ومدينة الكويت بكونها ميناء بحرياً ممتازاً ومركزاً تجارياً هاماً فهي دون منازع بوابة البادية الأولى وذلك منذ تأسيسها في منتصف القرن الثامن عشر وقد تعرضت لعدة هجمات سواء من البحر أو من البر. فمعركة الرقة البحرية بين الكويت وقبائل بني كعب عام 1779 حيث انتصر الكويتيون انتصاراً ساحقاً على أعدائهم ثم الهجوم الوهابي من البر والذي أشار إليه ممثل شركة الهند الشرقية في تقاريره عام 1793 (تاريخ الكويت -تأليف الدكتور أبو حاكمة- إشراف لجنة تاريخ الكويت صفحة 184 وصفحة 255). والواقع أن الكويت كانت دائماً المستفيد من توازن القوى في المنطقة بفضل السياسة الحكيمة المعتدلة التي اختطتها لنفسها منذ القدم. فابتعاد الكويتيين عن اعتناق المذهب الوهابي أبعد عنهم كابوس النفوذ التركي وقد سبقت الإشارة إلى المكانة التي وصلت إليها الكويت في عهد الشيخ مبارك وما أن بزغت شمس القرن العشرين حتى غمرت الكويت انطلاقة جديدة تمشت مع روح العصر فتوسعت تجارتها وامتد نفوذها بحراً وبراً وظهرت فكرة خط برلين بغداد الذي كان مفروضاً له أن ينتهي عند كاظمة ولكن نشوب الحرب العظمى حال دون تحقيق ذلك المشروع الطموح.

وظلت الكويت تتمتع بهذا الاستقرار السياسي مستفيدة من الظروف الاقتصادية أيام الحرب و بعدها وكان لأسطولها التجاري البحري دوره الكبير في هذا المجال زد على ذلك استعداد أهلها الفطري وحسن معاملتهم وأمانتهم التي يشهد لهم فيها من تعامل معهم وجاءت مشكلة الخلاف بين الشيخ سالم وابن السعود فتعكر صفو تلك الأجواء المريحة لفترة من الوقت كما سنرى.



الخلاف على الحدود وبداية المشكلة
يقول ديكسن "في 26 ديسمبر 1919 دخل ابن السعود في اتفاقية مع حكومة صاحب الجلالة لأمر يتعلق بالاتفاقية الإنجليزية التركية وأن الحدود بين الكويت وإبن السعود تبقى موضع بحث وتنتظر البت".
ولا شك أن الأمير ابن السعود انتهز فرصة الخلاف بين سالم والبريطانيين وهنا تظهر المقدرة على الاستفادة من الفرص المواتية والقدرة على المناورة مع الأصدقاء والخصوم على السواء. وكما استطاع ابن السعود فيما بعد بدهائه وبعد نظره أن يستغل الخلاف الذي حدث بين الملك حسين بن علي وبين الإنجليز حول مضمون ومفهوم الدولة العربية فقد كانت طموحات الملك حسين وعناده الذي اشتهر به أبعد مما تسمح به معاهدة (سايكس بيكو) التي عقدت بين فرنسا وبريطانيا عام 1916 والتي تم فيها تحديد مناطق النفوذ في منطقة الشرق الأوسط ثم تلا ذلك وعد بلفور عام 1917 خلافاً لما تم الاتفاق عليه مع العرب - فقد رفض الملك حسين توقيع معاهدة مع بريطانيا عام 1923 والتي كان المفروض فيها تحديد المناطق العربية التي تقع تحت سيطرته في حين تم تنصيب ابنه الأمير فيصل ملكاً على العراق عام 1921 والأمير عبدالله بن الحسين أميراً على شرق الأردن. إن رفض توقيع المعاهدة المشار إليها أخلت سبيل الإنجليز حسب مفهومهم وأعطت الفرصة للسلطان عبدالعزيز السعود لأن يضرب ضربته القاضية وهو العارف بمواطن الضعف في الكيان الحجازي الجديد وهكذا تم له احتلال الحجاز بأسهل مما كان متوقعاً وذلك في عام 1924-1925 (للمزيد من المعلومات حول فتح الحجاز راجع "خمسون عاماً في جزيرة العرب والجزيرة العربية في القرن العشرين للشيخ حافظ وهبة").



بداية الأزمة
يقول عبدالعزيز الرشيد أن ابن سعود بدأ يناور لاستفزاز سالم وإثارته بالإيعاز إلى أحد قواده -ابن شقير- في البناء في حدود الكويت وقد أمره سالم بأن يتوقف (المنطقة المقصودة هي قرية أو (جرية) والني ألحقت فيما بعد ضمن الحدود السعودية بموجب اتفاقية العقير عام 1922) عن المحاولة ولكن ابن شقير رفض الانصياع لأوامر الشيخ سالم وأجاب بأنه يتلقى أوامره من ابن سعود كذلك فإن ابن سعود لم يكتف بما قام به ابن شقير بل أنه أوعز إلى جماعة من قبيلة مطير التابعة له بالإغارة على أطراف الكويت والتحرش بقبائلها وقطع سبلها وما كان لقبيلة مطير أن تقوم بمثل هذه المحاولة دون رضى ومعرفة سلطان نجد.

أما الدكتور ملري طبيب المستشفى الأمريكي في ذلك الوقت يقول في مذكراته الكويت قبل النفط (الدكتور ستانلي مليري هو طبيب إنجليزي التحق بالبعثة التبشيرية الأمريكية قي الخليج منذ عام 1907 وجاء إلى الكويت لأول مرة عام 1911 وأشرف على تأسيس مستشفى البعثة التبشيرية الأمريكية وقد زاول مهنته في ظروف صعبة نظراً لعدم توفر وسائل العلاج اللازمة في ذلك الوقت وقد أحب الكويت وأحبه أهلها. وظل يؤدي واجبه الإنساني حتى وفاته في عام 1952 في الكويت حيث دفن فيها).
يتميز عام 1920 بازدياد حدة التوتر بين الكويت وابن السعود حيث بلغت سطوة ابن السعود أوجها وأصبح الإخوان في نظر الناس قوة لا تقهر ويضيف قائلاً ومن المؤكد أن ابن السعود كان يتطلع إلى الكويت بشوق نظراً لمينائها العميق، وكان الشيخ مبارك العظيم الوحيد القادر على التعامل مع ابن السعود وتجنب الحرب معه، يرقد في قبره منذ أربع سنوات.

وقد ازدادت تحرشات الإخوان بالكويت في ذلك العام - هذا بعض ما قاله (ملري) حول الخلاف وهو قريب الشبه لما قاله ديكسن وابن الرشيد في هذا المجال ويقول ابن الرشيد بأنه يعرض وجهة نظر كل من أنصار سالم وأنصار ابن السعود حول موضوع الخلاف. و هو مبدأ يشكر عليه كما سبقت الإشارة في الصفحات الماضية.



ما يقوله أنصار ابن سعود
  1. إن ابن سعود لقي من سالم صدوداً وإعراضاً في زيارته للكويت أيام حكم جابر وهذا أول شيء أثار حفيظة ابن سعود على سالم.

  2. وقوف سالم في وجه إبن سعود عندما أراد الإجهاز على العجمان بعد حادثة الإحساء وبعد أن أصلح معهم سالم بأمر من أبيه.

  3. إيواء سالم للعجمان وقبضه عليهم وهو يعلم أنهم من ألد أعدائه.

  4. نفرة سالم من مذهب الوهابيين والسماح للبعض لعقد مجالس الوعظ التي ترميهم فيها بفساد العقيدة وبالجهل والتعصب.

  5. بتمييزه لوفود ابن الرشيد بالحفاوة والإكرام على وفوده وهو يعلم ما بين الاثنين من العداء المتفاقم.


ما يقوله أنصار سالم
  1. الجفاء الذي أظهره ابن سعود للكويت وأهلها والسعي الحثيث ضد مصلحتها وهو الغريق بإحسانها المشمول بنعمة حكامها ووجهائها يوم أن كان صفر الكفين من الحكم.

  2. تزكية ابن السعود للعوازم -أي جباية الزكاة- وهم من قبائل الكويت، واعتذاره بخطأ أعماله ليس بشيء وكل من عرف دهاء الرجل لا تخفى عليه الحقيقة التي يريد عظمته سترها.

  3. تكفير (الإخوان) لأهل الكويت وسالم في معيتهم وشدتهم إذا ما ولجوا أسواقها واختلطوا بأهلها.

  4. المراوغات التي أجراها ابن سعود مع مبارك والاعتداءات التي وجهها إليه أيام حياته وما يؤذي الأصل يؤذي الفرع ويضيف عبدالعزيز الرشيد بأن سالماً مع هذه الحجج القوية لم يكن البادئ بإشعال نار الحرب وإراقة الدماء.

وهكذا استمرت بعض قبائل مطير تشن الغارة تلو الأخرى تحرشاً بسالم وإثارته وصادف في ذلك الوقت أحد زعمائها في الكويت (يقال انه جفران الفقم "المؤلف") وحدث بينه وبين الشيخ سالم جدل عنيف اضطر بعده سالم إلى طرده من الكويت احتجاجاً على ما قامت به قبيلته من اعتداءات فخرج من الكويت غاضباً ومتوعداً فرأى سالم أن يأخذ بعض الاحتياطات فجاءت عكس المطلوب كما سيأتي (تاريخ الكويت - عبدالعزيز الرشيد صفحة 211).

__________________
رد مع اقتباس