عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 03-06-2009, 12:45 AM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي مجلس الأمة السادس أقوى المجالس النيابية

لم يترك سامي أمراً ذا شأن في مجتمعه إلا وتساءل عنه رسمياً في أروقة مجلس الأمة وأثناء انعقاد الجلسات، فهو يسأل وزير العدل "عن عدد القضايا، والإجراءات التنفيذية، وأسباب عدم التنفيذ والمحكوم لهم والمحكوم عليهم"، وقد أجابه وزير العدل عما سأل عنه.
ورأى في إدارة الإطفاء "إدارة ذات شأن كبير في حياة الوطن والقضاء على كثير من الكوارث التي كان يمكن أن تحدث في غيابها"، ولكنه دعماً لهذه الإدارة الحيوية طالب سامي "إدارة الإطفاء ببذل مزيد من التوعية عن أخطار الحريق، لاسيما أن ميزانيتها وصلت إلى 18 مليون دينار في عام 85/1986". وأبدى ملاحظات حساسة منها ملاحظة نظام التخزين منعاً للكوارث وعدم التخزين في المناطق السكنية، والذي نعلمه أن إدارة الإطفاء تعمل ما وسعها في هذا المجال.

البلدية

لا تزال بلدية الكويت وأوضاعها حتى الآن تحتل مكاناً بارزاً في الصحافة وفي المناقشات العامة للمواطن، وكثيراً ما تصدر المراسيم بحل المجلس البلدي ثم إعادته. وهو مؤلف من أعضاء منتخبين ومعينين، وتغيرت تبعية هذا المجلس إلى أكثر من وزارة في الدولة. والمجلس البلدي في الكويت يحتل مكانة خاصة في نفس كل كويتي، فهو أقدم المؤسسات نشأة في الوطن وأكثر المؤسسات نشاطاً ومسؤوليات، خصوصا عن الأراضي منذ نشأته 1932 وحتى الآن. لذا كان الاهتمام بالمجلس البلدي أمراً طبيعياً عند عضو برلماني منتخب على قاعدة الدفاع عن الحرية والدستور ومصالح الشعب. رأى سامي أن "المجلس البلدي له خططه وبرامجه (في عام 85/1986) لكن هذه البرامج والخطط تواجه صعوبات حقيقية من المتنفذين وأصحاب المصالح". كما يلاحظ سامي " غياب السلطة التنفيذية (والبلدي إحدى مؤسساتها) والحكومة عن دعم قرارات المجلس والأجهزة الفنية فيه. وإذا ما صح ذلك فكيف يمكن للمجلس البلدي أن يعمل؟". ويرى سامي "أن كل القرارات التي صدرت من المجلس البلدي وكل التوصيات الفنية من إدارة البلدية تخضع إلى تسلط المتنفذين في هذا البلد. وتتجاوز الحكومة قرارات المجلس البلدي والفنيين والتخطيط وترسم سياسات معاكسة تماماً إرضاءً لهؤلاء المتنفذين... نبي (نريد) حماية فعلاً من المتنفذين.. ونوقف هؤلاء عن عملية التجاوزات". وهنا يرى سامي أن علة المجلس البلدي ليست في أعضائه أو فنييه، وإنما العلة في أصحاب النفوذ الذين يريدون مجلساً بلدياً يحقق مصالحهم.. كما يرى العلة في تغاضي الحكومة عن سطوة هؤلاء وعدم إعمالها بجد على تنفيذ القوانين على المواطنين بالتساوي. وحتى يتخلص المجلس البلدي من سطوة هؤلاء المتنفذين "فإنه سيظل عاجزاً عن إصلاح جهازه الإداري"، فهؤلاء المتنفذون قادرون "على أن يدخلوا أي موقع". وأمام هذا التوصيف للحالة التي يعيشها المجلس البلدي "ما قدرة المواطن على تحقيق مصالحه؟".
ويضرب سامي مثلاً على سطوة هؤلاء المتنفذين عندما يتساءل: "كيف تحولت المنطقة الصناعية واستغلت استغلالاً بشعاً؟". وهنا يضع سامي يده على بيت الداء وموطنه ويعلن أننا "لا نحتاج إلى قوانين، نريد الشعور بالعدالة ونريد تنفيذ القوانين (الموجودة) على القوي والضعيف".
كما يضرب مثلاً آخر في سطوة هؤلاء عندما يعلن في المجلس أن "البلدية تمنع بناء مجمعات تجارية في منطقة الجابرية، ولكن المتنفذين استطاعوا بناء هذه المجمعات". إذن والحالة كما وصفها سامي فالمجلس البلدي ليس بيده القرار وإنما "المتنفذون هم الأقدر على اتخاذ القرار". وإذا كانت الحال كذلك فما معنى وجود المجلس البلدي أَوَليس غيابه أفضل من وجوده؟!.
ناقش سامي مع زميله محمد المرشد في 24/6/1986 اقتراحه تعديل المادة 27 من القانون 15/1972 في شأن بلدية الكويت وحصر مناقشته في نقطتين:
1 – زيادة أعضاء المجلس.
2 – مبدأ التعيين الذي يقوم أساساً على اختيار ذوي الخبرة والكفاءة
سداً لفراغ محتمل عند الانتخابات.
ورأى أن "التعيين يفرز لنا قضايا ومشاكل لأنه لا يلتزم بتعيين الكفاءات المطلوبة بقدر ما يلتزم بترضية فئات أو شخصيات". وما كان هذا ليحدث في المجلس البلدي إلا بسبب غياب الديموقراطية ما بين 1976 و1981 عندما غاب مجلس الأمة.
ومن شأن البلدية وواقعها المحزن الذي عرضه، ينتقل سامي إلى مناقشة الإسكان ومشكلاته في فترة الانعقاد الثاني للفصل التشريعي، وبتاريخ 13/5/1986 ناقش سامي أمر إنشاء الهيئة العامة للإسكان التي أصبحت بديلاً لوزارة الإسكان، ويتحفظ على هذا الأمر لأنه في رأيه يقلل من "أهمية السياسة السكانية في البلد إضافة إلى أنه يتعارض مع آمال الشباب الطموحة في وزارة الإسكان".

هيئة الإسكان

في 14/6/1986 تُلي على المجلس تقرير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بشأن اعتماد الحساب الختامي لهيئة الإسكان عن عام 1984 / 1985. وهنا وقف سامي متحدثاً عن قضية الإسكان ورأى أنها "قضية واسعة الاهتمام"، وذكر صراحة أن "أخطر قضية تواجه الإسكان وهيئة الإسكان هي قضية كثرة الأوامر التغييرية التي كلفت الدولة حسب تقرير ديوان المحاسبة في عام 1986 مبلغ ثلاثة عشر مليون دينار في مشروع واحد فقط".
ورأى أن مرد ذلك "يعود إلى غياب نظام خاص بشأن المقاولين من الباطن" وكما استفاد المقاولون من هذه الأوامر التغييرية مادياً فإن "هناك أوامر تغييرية أضرت بأصحاب السكن وأضرت بالمال العام"، لذا فهو يطالب بالحد من هذه الظاهرة والسيطرة عليها حتى تستقيم الأمور ويوقف الهدر في المال العام.

التعليم الجامعي

ومن الطبيعي أن يأخذ التعليم نصيبه من مناقشات مجلس الأمة وكان التركيز في دور الانعقاد الثاني على التعليم الجامعي والتطبيقي. ففي 10/12/1985 قرر مجلس الأمة مناقشة تقرير لجنة التعليم التابعة للمجلس والتي كان سامي عضواً فيها، وقد بحثت اللجنة في تقريرها سياسة القبول في الجامعة، وكان سامي قد طلب من المجلس في 29/10/1985 إحالة "سياسة القبول في الجامعة والمعاهد التطبيقية إلى اللجنة التعليمية لتقديم تقرير عنها". كما بحثت اللجنة وضع التعليم العام والتطبيقي.
ورأى سامي من خلال قراءته للتقرير أن "أوضاع الجامعة تشكل قلقاً حقيقياً للمجتمع" ورأى "أن رفع نسبة القبول في الجامعة أثقل على المواطن وعلى الطالب، وأصبح الوصول إلى الجامعة من الأمور الصعبة". وأشار إلى ظاهرة لافتة فعلاً عندما ذكر أن "نسبة التسرب في الجامعة تصل إلى 70 في المائة وأن سنوات التخرج منها تتراوح ما بين 7 و10 سنوات".
وذكر أن "هناك 3200 طالب على قائمة الإنذار، وأن هناك 1200 طالب على قائمة الفصل" في العام الدراسي 1985/1986. ورفض سامي أن يكون "الوضع الطلابي المذكور مرتبطاً بمعدلات الثانوية العامة، وإنما يرتبط بوضع الطلاب والأساتذة. فالطالب يجد صعوبة في التحرك من موقع إلى موقع، كما أن القرارات الاستيعابية وراء سياسة القبول، إضافة إلى نسب الثانوية العامة".
وأعلن سامي أن اللجنة التعليمية في المجلس لا تحدد نسبة القبول في الجامعة، فهذا من شأن الجامعة، ولكن "لا نُقر سياسة القبول المرتبطة بحصول الطالب على 70 في المائة من الثانوية العامة، ونستطيع القول للرئيس الأعلى للجامعة وزير التربية: يجب إعادة النظر (في هذه السياسة) لأننا لا نستطيع أن نحمل طلبتنا كل المسؤولية". أدرك سامي أن القبول في الجامعة رهن بالقدرة الاستيعابية ومعدلات الثانوية العامة، لكنه يرفض شرط المعدل 70 في المائة ويريده أقل من ذلك وترك الأمر للرئيس الأعلى للجامعة بعد أن طلب إليه إعادة النظر في هذا الأمر.
عرج سامي في دور الانعقاد الثاني بتاريخ 28/12/85 على أمر الطلبة الموظفين، وناقش أمرهم ورأى أن هناك "تضارباً بين الجامعة ومجلس الخدمة المدنية". وطالب "بوقف فصل الطلبة الموظفين الذين تم فصلهم وبإعادتهم إلى العمل بعد أن يتم التنسيق بين مجلس الأمة ومجلس الخدمة المدنية، وعرض الأمر على مجلس الأمة بعد أن يتم ذلك".
لقد كان الحس الشعبي والإحساس بمشكلات المواطن في ذات سامي المنيس، فهو ضد أي قرار يمس مصلحة أي مواطن، عاملاً كان أم طالباً، ولم يكن يتردد في المطالبة بحقوقه في أي دورة أو فصل تشريعي.

التعليم التطبيقي

ناقش مجلس الأمة، في دور الانعقاد الثاني هذا، أوضاع التعليم التطبيقي، وكان رأي سامي الذي أعلنه في المجلس "أن التعليم التطبيقي يواجه مشكلة اجتماعية، فالنظرة إليه أقل شأناً من (التعليم) الجامعي. كما يواجه مشكلة مادية فالجامعي يعيّن على الدرجة الرابعة بينما خريج التطبيقي يعين على الدرجة الخامسة". وسامي يعترض على الأمرين معاً. ويرى "أن يكون التعليم التطبيقي في مراحله الأولى كسنوات تمهيدية إلى الجامعة، ويجب أن يتم التحويل من المعاهد التطبيقية إلى الجامعة بيسر لا بصعوبة كما هو قائم، وحتى يكون التعليم التطبيقي جامعياً لا بد من الارتفاع بمستوى البرامج في التعليم التطبيقي".
كان رأي سامي هو رأي اللجنة التعليمية في مجلس الأمة، وما ذكره سابقاً هو توصيات اللجنة التعليمية إلى مجلس الأمة ومن ثم إلى هيئة التعليم التطبيقي والتدريب. وتطرق أيضاً إلى القضايا التي يواجهها هذا النوع من التعليم وأهمها قضية مراكز التدريب، فهو يريد منها "قيادات وسطية أو حرفيين"، بالإضافة إلى "الدراسات العليا التي يجب أن تتاح لمن يرغب أو للمؤهل لهذه الدراسات من طلبة المعاهد التطبيقية". ويطالب كذلك "بالتوسع في الدورات الخارجية التي تقدمها الوزارات المختلفة، إضافة إلى النظر في معادلة شهادات التطبيقي نظرة جدية".
أما عن نظرة المجمع إلى الحرفيين، فهو ينفي ما يقال إن المجتمع (الكويتي) يرفض العمل اليدوي، لأن "مجتمعنا عرف كل الوسائل الحرفية وما ينقصه هو التوجيه الإعلامي". إن فلسفة التعليم التطبيقي – كما رآها سامي – قائمة على أهمية الكوادر الفنية، وهذه الفلسفة تتطلب وقفة مقرونة بمراجعة للأعمال في القطاع الحكومي والقطاع الخاص والقطاع المشترك، وهو يرى "أن التوجهات القائمة الآن في سياسة الدولة نحو التعليم التطبيقي توجهات خاطئة". وحتى يثبت ذلك أورد الأرقام التالية:
"كان عدد الطلبة والطالبات المتدربين 1311 متدرباً ومتدربة فقط في العام الدراسي 1984 / 1985 وكما في المشروع، فإن من المتوقع أن يصل العدد إلى أكثر من 10127 في عام 1985 / 1986. وهذه الأرقام تحتاج إلى وقفة ومراجعة مقرونة أيضاً بحاجة القطاع الحكومي والخاص والأهلي إلى الكوادر المتدربة، فقفزة من هذا النوع في عدد المتدربين بحاجة إلى طاقة استيعابية من سوق العمل بكل أنواعه".
كما أورد مثالاً على التوجهات الخاطئة وأثرها الميداني على التعليم التطبيقي "فهناك مشاكل حقيقية بين المعاهد.. وكل المعاهد فيها مشاكل، فهناك قيادات غير كفوءة ومواقع المعاهد غير صالحة للتدريس، فمعهد التكنولوجيا زرايب. وهناك قيادات غير مسؤولة في تصرفاتها وسلوكها مع الأجهزة القائمة، ويجب إخراج الكادر الوظيفي بسرعة. إضافة إلى المقررات والأماكن للمتدربين التي ينبغي البحث عنها. وهي أمور ثلاثة لا بد من معالجتها بحكمة وروية حتى تصحح مسيرة التعليم التطبيقي".
ونعتقد أن نظرة سامي إلى المعاهد ومشكلاتها كانت صائبة، إذ جرى الأخذ بالكثير من انتقاداته، وها هي المعاهد تتقدم عاماً بعد عام ويكثر الإقبال عليها، وتكاد النظرة الدونية إليها تختفي من المجتمع وتحل محلها نظرة الاحترام والتقدير المقرونة بالرغبة، ونادراً ما نجد مؤسسة حكومية لا يتواجد فيها خريجو المعاهد التطبيقية، وتسير الأمور بوضوح نحو استيعاب الكثير منهم في القطاعين الخاص والمشترك.

طرح الثقة بوزير العدل

كان مجلس الأمة السادس أقوى المجالس النيابية، وكان واضحاً أن قوى المعارضة هي الأغلبية، كما كان واضحاً أن نشاط سامي قد انصب على المشكلات الوطنية. وبدأت بطرح قضايا حساسة للسلطة.. وتجرأت هذه المعارضة وطرحت الثقة بوزير العدل الذي ينتمي إلى الأسرة الحاكمة، بسبب دوره في أزمة المناخ . قدم بعدها الوزير استقالته كما تقدمت المعارضة بمشاريع قوانين مثل قانون محاكمة الوزراء، وقانون استقلالية القضاء ومطالبة النواب بأن يتولى المجلس الاطلاع على كشوفات وسجلات البنك المركزي. وأصرت المعارضة على محاسبة الحكومة على ممارساتها أثناء تعطيل الحياة النيابية الممتدة منذ عام 1976 .

حل المجلس

كانت نتيجة ذلك حل مجلس الأمة حلاً غير دستوري في أغسطس 1986 وفرضت الرقابة على الصحف والمجلات. لم يمر حلّ المجلس بسهولة، فقد رفض المواطنون ذلك ونظموا أنفسهم في ما عرف في تاريخ الكويت السياسي بلجنة الـ 45 التي تمثل جميع الدوائر الانتخابية، وضمت أعضاء من غرفة التجارة والاتحاد العام لعمال الكويت والاتحاد الوطني لطلبة الكويت وجمعية الخريجين وجمعية أعضاء هيئة التدريس وشخصيات عامة تمثل الاتجاهات السياسية والاجتماعية .
اتخذت مجموعة 32 نائباً، وكانوا جميعاً أعضاء في المجلس المنحل، قراراً بإنشاء الحركة الدستورية استجابة لرغبة اللجان في أكتوبر 89، وظهرت الحركة بشكل رسمي في 22/1/1990 وكان طبيعياً أن يكون أهم أهداف الحركة الدستورية الدفاع عن الدستور واستعادة الشرعية الدستورية وإجراء الانتخابات لعودة المجلس.
أدارت الحركة الدستورية بشكل منظم جبهة المعارضة لحل مجلس الأمة، وشكلت لجاناً شعبية في الدوائر الانتخابية، واستخدمت الحركة في دعوتها لعودة الحياة البرلمانية الدواوين والمساجد وتقديم العرائض وعقد المؤتمرات الصحفية.. وكان لها تجمعات عرفت بتجمعات يوم الاثنين، إذ كانت الحركة تدعو المواطنين إلى التجمع مساء كل اثنين في إحدى الديوانيات وكان أولها في 4/12/1989 في ديوانية جاسم القطامي .
لكن الحكومة لم ترضَ عن هذه التجمعات واعتبرتها مخالفة للقانون وقاومتها وحاولت منع إقامتها، واستخدمت القوة في بعض الأحيان لتفريقها. ودعت السلطة في 22/4/1990 المواطنين لانتخاب مجلس وطني بديل لمجلس الأمة مدته أربع سنوات. ورأى المواطنون في قانـون المجلس الوطني أنه مجرد مجلس استشاري أكثر من كونه تشريعيا .
وقد رأى أعضاء الحركة الدستورية في المجلس الوطني مخالفة للدستور وتزعمت الحركة الدعوة إلى مقاطعته ونجحت في ذلك إلى حد ما، إذ استجاب لدعوتها التجار وجمعيات النفع العام والهيئات الشعبية، ورأت مجموعة الـ 45 أن المشاركة في المجلس الوطني انتقاص لحقوق وإرادة الشعب الكويتي التي كفلها الدستور ولم يشارك التيار الديني في الدعوة إلى المقاطعة.
رغم المعارضة هذه، انتخب المجلس الوطني في 10/6/1990 وقد سبق انتخابه اعتقال قيادات الحركة الدستورية ولجنة الـ 45 ومنهم د. أحمد الخطيب، د. عبد الله النفيسي، الدكتور أحمد الربعي، جاسم القطامي، عبدالله النيباري وأحمد النفيسي.
ولكن الجماعة الوطنية وعلى رأسهم سامي المنيس نجحوا في مقاطعة انتخابات المجلس وظهرت للسلطة أثار المقاطعة، حيث كانت نسبة المشاركة ضئيلة.
تم افتتاح المجلس الوطني ولم يظهر أي تنظيم احتجاجي ولم يظهر أي شكل من أشكال الصدام لأن ذلك "لم يكن وارداً لدى الحركة الدستورية، حيث إن أغلب أطرافها لهم علاقات مع السلطة . وتلك سمة بارزة ومميزة في العمل السياسي في الكويت، فالأمور بين المعارضة والسلطة مهما تطورت لا تصل إلى حالة الصدام السافر. ونميل إلى الأخذ برأي د. أحمد الخطيب في وصفه للمعارضة في الكويت بقوله:
"إن مفهوم المعارضة السياسية من الصعب إطلاقه بدقة على الوضع في الكويت، فهذا التعبير قد يكون أكبر من الوضع الحالي"، ذلك لأن المعارضة في نظره تحمل معنى معيناً في الدول الديموقراطية البرلمانية، هناك حزب في السلطة وحزب خارج السلطة يشكل معارضة في البرلمان، وهذا غير موجود في الكويت.
ورأى أن الأقلية المعارضة، قصد منها التيار الوطني الديموقراطي، في مجالس الأمة المختلفة سواء كانت المعارضة في الكويت حزباً أو تياراً وطنياً أو ائتلافاً شعبياً، رغم حدة المناقشات تحت قبة البرلمان التي تصل أحياناً إلى التشابك، فإنه من غير المنطقي الطلب إلى المعارضة أن تصعد الأمور إلى حد الصدام مع السلطة في ممارسة الحق الديموقراطي، ولا يعني الصدام جرّ البلاد إلى ما لا تُحمد عُقباه.

سامي المنيس أثناء فترة الاحتلال
وفجأة ذُهل العالم مما حدث في 2/8/1990 عندما أقدم نظام الحكم في العراق على غزو الكويت واحتلالها سبعة أشهر خرج منها مهزوماً أمام قوات التحالف الدولي، وعادت الكويت حرة مستقلة ديموقراطية. ولا بد من الإشارة هنا إلى موقف سامي المنيس أثناء فترة الغزو وقبل التحرير.
لقد كان سامي – رحمه الله – موجودا في الكويت عند احتلالها، في بيته في العديلية.
كان سامي متفائلاً حتى في اللحظات المظلمة في التاريخ الكويتي وفي المراحل الأولى للاحتلال العراقي للكويت.. كان متفائلاً بقدرة الكويت والكويتيين على النصر وتجاوز المحنة. وفتح ديوانيته في منطقة العديلية واستقبل الكويتيين في تلك الفترة الحرجة وبعد خروجه من الكويت في أكتوبر 1990 ساهم في فعاليات مؤتمر جدة الشعبي الذي انعقد لتأكيد إصرار الكويتيين على التحرير، وعلى إعادة العمل بالشرعية الدستورية واختير لعضوية اللجنة الشعبية التي ساهمت في ذلك مع الحكومة الكويتية في المنفى في مدينة الطائف .
وكان قبل مشاركته في مؤتمر جدة شكل مجموعة تدافع عن الكويت في المحافل الدولية . وكان عضو لجنة الحريات العليا التي شكلت إبان الاحتلال العراقي لدولة الكويت، كما كان أحد أعضاء الوفود الشعبية التي زارت بلدانا عربية وأوروبية عدة للدفاع عن قضية الكويت العادلة .
ما بعد تحرير الكويت حتى مجلس الأمة الثامن 1992
ذكر سامي المنيس "أن وطنه الكويت جزء لا يتجزأ من المنطقة، ولا يمكن النظر إلى الكويت بشكل معزول عما يدور في هذه المنطقة" . ولعلنا نجد في تسلسل الأحداث بعد انتخاب المجلس الأول ما يثبت صحة قوله. فقد كان التأثير المتبادل للأحداث بين المنطقة والكويت واضحاً، كان أبرزها ما أفرزته نكسة 1967 إحدى حلقات الصراع بين الأمة العربية الإسلامية من جانب والكيان الصهيوني والقوى الاستعمارية في العالم من جانب آخر.
لقد شهدت حركة القوميين العرب في الكويت انقساماً بعد نكسة 1967 ما بين مجموعة القطامي ومجموعة الخطيب، تحت تأثير ما حدث في حركة القوميين العرب نفسها. وقاد القطامي تنظيماً سياسياً جديداً باسم التجمع الوطني، وهو ناصري تماماً لكنه تبنى برنامجاً سياسياً قريباً إلى برنامج مجموعة. ومن أغرب ما يلاحظ على الحركة العربية المنظمة في الكويت بروز الاختلافات بين جناحيها الرئيسين: التقدميون الديموقراطيون، والناصريون (التجمع الوطني)، وكان ذلك كما ذكر سامي المنيس بتأثير الأحداث السياسية في المنطقة العربية بعد نكسة حزيران 1967. وذلك عندما رفض التقدميون الديموقراطيون عام 1970 مبادرة روجرز لحلّ القضية الفلسطينية وأيدها عبدالناصر، وسكت عنها التجمع الوطني، لأنه لم يشأ توجيه النقد إلى عبد الناصر.
كما أُخذ على التقدميين الديموقراطيين عدم مشاركتهم أو تأبينهم للرئيس عبد الناصر عندما توفاه الله في 28/9/1970 في جريدة الطليعة الناطقة باسمهم. ونجح كل فريق منهما في استقطاب مجموعات من الكويتيين في أشهر مؤسستين للتجمع المدني في الكويت: جمعية الخريجين (التجمع الوطني) ونادي الاستقلال (التقدميون الديموقراطيون). وازداد الخلاف في عام 1971 في الانتخابات التشريعية في الكويت عندما انتقد التجمع الوطني مشاركة التقدميين الديموقراطيين (نواب الشعب) في الانتخابات، وعندما هاجم التقدميون الديموقراطيون التجمع الوطني في انتخابات 1975. وظهر خلاف شكلي وليس جوهريا بين الفئتين بسبب الكيفية التي يجب أن تكون عليها الجبهة العربية المشاركة للثورة الفلسطينية بعد عام 1973. وما إن انتهت سبعينات القرن العشرين حتى وحد الطرفان بعد حلّ مجلس الأمة 1976 نفسيهما في وضع يفرض عليهما التنسيق، لا سيما أن خلافاتهما لم تكن جوهرية ولا تصل إلى الأهداف العليا للطرفين في نبذ الكفاح المسلح في الكويت وفي الدعوة إلى انتخابات دستورية. وينبغي القول هنا إن هذه الخلافات ما كانت لتؤثر في موقف الطرفين من القضايا التي تمس سلامة الوطن. ظهر هذا واضحاً عندما أقدم النظام العراقي في مارس 1973 على احتلال مخفر الصامتة الكويتي على الحدود العراقية، وعندما أصدر مجلس الأمـــة بيانه بالإجماع الذي شجب العدوان ودعا إلى حفظ الحقوق الوطنية الكويتية . كما ظهر الاتفاق بين الفئتين في عام 1973 عندما شاركنا في المؤتمر الشعبي لجمعيات النفع العام المؤيدة للثورة الفلسطينية عندما تعرضت للعدوان في لبنان، وعندما كان موقف الطرفين متطابقاً، كما كان متوقعاً منهما، في حرب أكتوبر 1973، وفي اتفاقية الصلح المنفرد مع الكيان الصهيوني 1979.



سامي المنيس مترئسا وفد لجنة الحريات
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس