عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 27-02-2022, 02:17 AM
الصورة الرمزية classic
classic classic غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 235
افتراضي





عملية الهدم لمنازل حي ( بهيتة ) في الخمسينيات - يشاهد قصر السيف


في سنة 1946م ابتدأ التثمين ورادفه الهدام .

كانت الكويت قبل العشرينات والثلاثنيات وحتى الأربعينات ليس لديها منفذ مباشر من الصفاة إلى البحر عدى " السكيك "

وهذه السكيك حل محلها اليوم ( الشارع الجديد ) ( عبدالله السالم ) كانت سكيك مُتقطعة






( صورة الشارع الجديد )

منها سكيك كأنها ممرات فمنها عرضها ثلاثة أمتار ومنها مترين حتى البحر . وتلك السكيك والممرات بها حركة لاتنقطع من الصباح حتى المساء

فالذين يمرون عليها من الحصانة الذين يحملون الفواكة والخضار التي تأتي من المياه وكذلك أصحاب سفن الصيد الذين ينقلون أسماكهم

وأما الراجلة او الذين تجدهم دائماً ذاهبين أو آتين من الميناء ( الفرضة ) إلى السوق وأكثرهم أجانب .

وهذه السكيك هي الطريق الوحيد القريب للميناء لبحارة السفن الذين يريدون قضاء حوائجهم من السوق أو الصفاة .

فكانت هذه السكيك هي حلقة الوصل بين ميناء الكويت وأسواقها المتعددة الأسماء والممتلئة بالبضائع الني أكثرها من ضروريات

ومتطلبات الأجانب كالأغذية والملابس وغيرها .

ويجاور هذه السكيك من جهة الشرق سكة واسعة كأنها شارع تبدأ من قصر السيف حتى ساحة المباركية .

لكن هذه السكة لها عدة أسماء ولكل جزء منها له اسم مثل شارع الأمير وشارع البلدية وسوق المناخ .

لكن هذه السكيك والمناطق لا يطرقها إلى أهلها كالتجار المنوعة تجارتهم .

فمعظمهم رجال بألبستهم الوقورة ودلالين ذاهبين آتين وصفقات تجارية المهم عندما تكون المجلس البلدي وافق الأعضاء على إيجاد شارع

يبتدأ من الصفاة حتى البحر فأتت الموافقة من الشيخ ( أحمد الجابر الصباح ) بالتثمين والهدام والبناء حالاً




نشاهد في هذه الصورة المنطقة الوسطى ( سوق المباركية ) بعد مرحلة التثمين وأثناء فترة هدم المحلات والمباني

القديمة لإعادة تنظيمها بشكل عصري عام 1962 م

هدم الدكاكين القديمة فى سوق الديرة ويبدو كشك مبارك ويبدو مسقف شارع الغربللي

وبعض انقاض طابوق فندق الصباح و ( مسقف سوق التجار ) اوائل الستينيات



( طريقة الهدام بعد التثمين )

كانت الطريقة بدائية ولكنها مُثمرة . إن البلدية أتت أو جلبت كمية من خشب البامبو الذي يأتي من أفريقيا ويباع بالعماير

فاشترت البلدية كمية
كبيرة من هذا البامبو ووضعته بالصفاة وأخذ العمال يصعدون على أسطح الشارع الجديد قبل أن يكون شارع

ويضعون خشب البامبو واحد من جهة الشرق والأخرى من الغرب بعرض الشارع الجديد حالياً .

واستمروا بهذه الطريقة على أسطح الأسواق و المنازل الخالية من أهلها حتى شارع الخليج قبل أن يكون شارعاً

فعندما أتى أعضاء البلدية ووجدوا أن الأعمدة ( البامبو ) وجهتها سليمة إلى البحر أتت البلدية بعمال الهدام وأخذوا يهدمون

مهتدين بالأعمدة التي كان يشرف عليها يوسف حماده ( المفوض من البلدية ) فعندما رأى المشرفون استقامة خشب البامبو

أتوا بكمية من الحبال المتوسطة السماكة وابتدأوا بربط الحبال من أول عامود من جهة الصفاة حتى وصولهم الممرات والسكيك

فيجعلوا من الحبال كأنها معلقة بين حائط وحائط على السكة حتى وصلوا إلى السيف أي ساحل البحر .

ثم ابتدأ العمال بالهدام البدائي بالمجرفة اليدوية وهم يحملون الأنقاض بسيارتين أو ثلاث سيارات ( لوري ) موديل 1938 - 1940 م

أما الأماكن التي لا يقبل أهلها التثمين كالأسواق التي نراها اليوم في شارع الجديد فأهلها الذين بنوها بعد التوسعة .

ومنها قد وضع عليها بنائها عام 1947م ولكنها هدمت آخر الأمر .

ولقد زامل هذا التثمين والهدام والبناء حفر أنفاق المجاري التي انتهت بسرعة . هنا في عام 1949م

فرح أهل الكويت بالشارع الذي قد رُصف بالزفت بآلات حديثة يديرها عمال منهم عرب ومنهم أجانب .

وتحول هذا الشارع إلى مخازن ( دكاكين ) منظمة وأنوار ساطعة بالليل . والكل من الناس يتعجب من هذا الشارع

الذي كان قبل سنتين سكيك متعرجة وضيقة وأصبح شارعاً تمر به السيارات الصالون واللوري وعرباين الدز التي يدفعها المهارة

لبيع الماء . والعجيب أن هذا الشارع حتى هذا اليوم لا تقف به مياه الأمطار حين تأتي من مرتفع الصفاة القديمة

والسبب أن أهله هم الذين صمموه و بنوه بإخلاص لدولتهم الكويت





شارع دسمان


شارع دسمان هو حالياً شارع أحمد الجابر . وهذا الشارع قبل أن يسمى بشارع أحمد الجابر كان اسمه شارع دسمان

نسبة لآخر امتداد له شرقاً حتى قصر دسمان .

وشارع أحمد الجابر قديم وهو من أكبر الشوارع في الكويت مثل شارع الجهراء وشارع محافظة العاصمة وكان هذا الشارع تقطنه

العائلات الكويتية القديمة من أصحاب المهن العديدة كالصاغة والحدادة والحاكة .

ولقد تم تطوير هذا الشارع أيضاً فأكثر البيوت التي على ضفتيه كلها هدمت وأما التي خلفه تركت لأنها سوف تطل أو تقع على هذا

الشارع .

ولكن بعد كم سنة أتاها التثمين وثمنت جميعها ومنها عرض للبيع لأن البعض لم يقبل التثمين .

ويعتبر شارع أحمد الجابر هو الشارع الوحيد بالرصف الزفت ( من قصر دسمان حتى آخره غرباً ) وأما أنفاق المجاري فلم تُبنى

وكان يحل محلها الجور ( الحفر ) التي يترسب منها مياه المجاري ثم يضخ منها . وبعد كم سنة أخذ النشاط يدب بهذا الشارع وغيره

من الشوارع الرئيسية حتى أخذت شبكة مياه المجاري تعم الكويت شرقها وغربها . تلك نبذة عن شارع الشيخ أحمد الجابر .



من أرشيف عام 1958م ( البلدية ) تقوم بهدم البيوت وسحق كل ( المعالم ) والمحلات الواقعة بمنطقة جبلة

بعد تثمينها من الحكومة .


تاريخ لجنة التثمين و إدارة نزع المُلكية

التطور التاريخي

صدر القانون رقم 33 لسنة 1964 في شأن نزع الملكية والاستيلاء المؤقت للمنفعة العامة والذي ينص على إنشاء إدارة نزع الملكية كإدارة مستقلة تتبع المجلس البلدي وتضمنت المادة الثانية من القانون على تعيين مديرها بموجب مرسوم ويكون مسؤلاً أمام رئيس المجلس البلدي، وحدد إجراءات نزع الملكية واللجان العاملة بالإدارة انسجاماً مع أحكام المادة (18) من دستور الكويت على أن تكون الملكية الخاصة مصونة، فلا يمنع أحد من التصرف في ملكه ولا ينزع من أحد ملكه إلا للمنفعة العامة، كما نصت عليه المادة الأولى من القانون 33 لسنة 1964 على أن نزع ملكية العقارات أو الأراضي والاستيلاء عليها مؤقتاً إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل ووفقا لأحكام هذا القانون .وهذا الإجراء نصت عليه اغلب دساتير دول العالم التي توصي بحق الفرد بحرية التملك ومبدأ صيانة الملكية الخاصة . وهكذا نرى أن دستور دولة الكويت عزز مبدأ حق الفرد بحرية التملك وصيانة الملكية الخاصة من خلال نصوص مواد الدستور وقوانين الدولة . لذلك كانت الرؤية واضحة وجلية لدى القائمين على الأمر فقد قاموا بوضع التخطيط العمراني لدولة الكويت الآمر الذي استدعى أن تضع الدولة يدها على أملاك خاصة بقصد تنفيذ مشاريعها العامة بعد تثمينها وتعويض أصحابها بشكل عادل .

إنشاء بلدية الكويت
تم إنشاء بلدية الكويت في 15 ذو القعدة عام 1348 هجرية الموافق 13 أبريل عام 1930 ميلادي وقد مارست البلدية منذ إنشائها أدواراً عديدة تتوافق مع بساطة المجتمع الكويتي في ذلك الوقت وحجم المدينة القديمة . وقد شملت مهامها في ذلك الوقت : النظافة والصحة العامة، وسائل النقل والمعونات الاجتماعية وهدم الأبنية والإستملاك لأجل توسعة الشوارع والقيام بالتحسينات المطلوبة .

أول لجنة تثمين

شكلت أول لجنة تثمين بالكويت وضمت في عضويتها نخبة من رجال الكويت وهم :- خالد يوسف المطوع . عبد الله السدحان . عبد المحسن الخرافي . عبد العزيز الزاحم . أحمد الفهد . عبد العزيز الراشد . وتمت أول عملية تثمين في الكويت يوم السبت 14 جمادى الأول عام 1366 هجرية الموافق 1947/4/5 ميلادي حيث تم تثمين ثلاثة بيوت في ذلك اليوم

أول مجلس للإنشاء
ت
م تشكيل مجلس الإنشاء والذي يضم مدراء الدوائر في المالية والبلدية والمعارف والصحة والأشغال والأوقاف، وانعقدت أولى جلسات بتاريخ 5 / 2 / 1952 م، وظل هذا المجلس يقوم بمهامه حتى آخر جلسة والتي تحمل رقم 472 بتاريخ 28 / 12 / 1959 وصدرت أول صيغة استملاك أراضي بتاريخ 1 / 2 / 1952 لعقار في منطقة الشامية .

إنشاء شعبة التثمين

أنشئت بدائرة البلدية شعبة التثمين التي تتبع القسم الفني في إدارة البناء فيما بعد، وكانت المساحة والتنظيم تتبعان دائرة الأشغال العامة، واستمرت لجان التثمين المتعاقبة لعملها في تثمين العقارات المراد إستملاكها للمشاريع العامة التي يعرضها عليها رئيس شعبة التثمين، وكانت هذه اللجان ذاتها تقوم بالنظر في طلبات إعادة النظر في تقديراتها للتعويضات عن العقارات المثمنة .قانون رقم 2 لسنة 2006 :صدر القانون رقم 2 لسنة 2006 بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 33 لسنة 1964 بشأن نزع الملكية والاستيلاء المؤقت للمنفعة العامة حيث ينص القانون على إنشاء إدارة مستقلة تلحق بوزارة المالية وتسمى إدارة نزع الملكية للمنفعة العامة ويعين مديرها بمرسوم ويكون مسؤلا أمام وزير المالية ويصدر بالهيكل التنظيمي للإدارة قرار من وزير المالية كما تم في القانون المذكور استبدال نصوص المواد 2 5, 6 , 8 , 9 من القانون رقم 33 لسنة 1964 .



( التثمين بوابة الثراء )


جاء نظام التثمين وهو استهلاك الأرض أو البيوت للمصلحة العامة وذلك إثر وضع المخطط الهيكلي الأول ليغير مدينة الكويت تماماً

فبعد أن كانت جميع العقارات والأراضي يمكلها الأفراد . أصبحت الدولة خلال فترة وجيزة من تطبيق نظام التثمين هي المالك الأوحد

لجميع الأراضي داخل مدينة الكويت وسعى جميع ملاك العقارات إلى الدولة لاستملاك عقاراتهم ولم لا ؟

والدولة تدفع عشرين ضعفاً على السعر السوقي للعقار قبل نظام التثمين فالتثمين هو بوابة الثراء للذين لم يملكون سوى البيوت

التي يسكنونها وزيادة ثروة من كانو يملكون بيوت أكثر .

فجاء المخطط الهيلكي الأول الجزء الأوسط من المدينة للمناطق التجارية التي كانت منطقة أسواق أصلاً مثل شارع الجديد وسوق المباركية

ومنطقة المناخ السابق وسوق التجار وكامل المنطقة الممتدة من قصر السيف حتى ساحة الصفاة

بالإضافة إلى المناطق المطلة على قصر السيف .


أما منطقة الوزارات والإدارات الحكومية فقد خصص لها المخطط الهيكلي الأول المنطقة الممتدة على جانبي شارع عبدالله السالم

فيما بين ساحة الصفاة وبوابة قصر نايف وسميت بالمنطقة الإدارية وبذلك محيت معالم مدينة الكويت القديمة عن آخرها

وبالأخص الجزء السكني منها والذي كان يشكل عصب الحياة فيها فاختفت أحياؤها وشوارعها وبراحاتها ولم يبق منها بعض الأجزاء

من دواوين واجهتها البحرية وبعض الأماكن التي لم تصلها جرافات البلدية .






المسلسلات وثقت الأحداث التاريخية الشهيرة في عصر التثمين




https://youtu.be/pWraFrh7ADM

مشهد لجنة التثمين



تراجيديا الاقتصاد الكويتي: من «درب الزلق» إلى «جاسم باق الشركة»


كاتب المقال : سلمان النقي

باحث في الاقتصاد والتاريخ، حاصل على ماجستير في الاقتصاد المالي



ترسخ انطباع عن الفن الكويتي بجرأته في تناول القضايا الاجتماعية الشائكة والأحداث السياسية في قالب درامي كوميدي، أشبه ما يقال عنه بأنه «كوميديا سوداء»، في عديد من الأعمال الفنية الدرامية والمسرحية التي خُلدت في ذاكرة كل كويتي من كل جيل، حتى صارت الدراما الكويتية أشبه بسلسلة وثائقية تؤرخ للأحداث الشهيرة في التاريخ المعاصر.

إلا إن هناك جانبًا آخر غفلت عنه الأنظار في مسيرة الفن الكويتي، وربما ضاع في غياهب الجرعات الكوميدية، وهو البعد الاقتصادي في المضمون الدرامي، والذي يكاد يكون محور الأعمال الشهيرة التي عرفناها، بدءًا بأعمال فنية مثل «بني صامت» و«درب الزلق»، وانتهاءً بمسلسلات أواخر التسعينيات التي اشتهرت بجرائم المال، مثل الأعمال الفنية لأبناء المنصور كمسلسلات «القدر المحتوم» و«دارت الأيام» و«القرار الأخير».

«جاسم باق الشركة»، عبارة اشتهرت بها المسلسلات في التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، وشاع تداولها لأغراض السخرية والتندُّر على حال الدراما الكويتية، لكنها من زاوية أخرى لها معانٍ جادة، إذ تمثل نهاية التداول الدرامي لتراجيديا الاقتصاد الكويتي، وآخر ما وصل إليه التسلسل الزمني للمسار الاقتصادي للكويت بعد ظهور النفط.

أدت المتغيرات الاقتصادية في حياة الفرد والدولة بعد تصدير النفط في الأربعينيات إلى حالة اجتماعية وسياسية مختلفة، إذ تعتبر المتغيرات الاقتصادية العالمية والتقلبات الجيوسياسية الإقليمية علة العلل للكويت في حقبة ما بعد النفط، والتي بدورها كانت لها أبعاد مهمة في الأعمال الفنية.

إعادة توزيع الثروة


كانت ملامح الحياة في كويت ما قبل النفط بسيطة الطباع وقاسية المعيشة على السواد الأعظم من فئات المجتمع، إذ كانت مجالات العمل إما بالسفر والغوص في البحار، أو الرعي في البادية، أو الحِرف الصناعية في المدينة، ويكاد ما يجمعه العامل يفي بالاحتياجات الأساسية له ولأسرته. لكن هذه الحالة تغيرت بشكل تدريجي مع تصدير أول شحنة نفط في عام 1946، والتي امتلأت معها خزائن الاقتصاد الكويتي بالواردات المالية الضخمة، لتشكل عصرًا جديدًا لكيان الدولة والفرد.

كانت الخمسينيات نقطة التحول التي تجسدت بما عُرف ببرامج الحكومة لإعادة توزيع الثروة، عن طريق التثمين والاستملاك وتوظيف المواطنين في الدوائر الحكومية، وهو ما خلق اقتصادًا جديدًا يتسم بالريعية، التي غيرت من النمط الإنتاجي للفرد الكويتي وسلوكه الاستهلاكي، وجعلته أكثر رفاهية من بعد مشقة عانى منها هو وآباؤه.

خلال الفترة بين 1952 و1986، صرفت الحكومة أكثر من 13 مليار دولار على تثمين منازل المواطنين.

يرصد المسلسل الخالد «درب الزلق» في 1977 هذا التحول الفجائي في حياة الكويتيين بعد التثمين في الخمسينيات، إذ يتغير حال عائلة «بن عاقول» رأسًا على عقب بعد تثمين منزلهم، ويتحول «حسين بن عاقول» وشقيقه «سعد» من موظفين عاديين إلى منعَّمين في الثروة الهائلة، والتي بسببها تبدأ رحلة المغامرة في مشاريع الاستيراد والتصدير المتنوعة، كحال كثير من الكويتيين آنذاك.

ينتهي المطاف بالشقيقين إلى الإفلاس والعودة لنقطة الصفر. وهذه الأحداث الدرامية هي تصوير للصدمة الاقتصادية التي تعرض لها المجتمع بعد التثمين، فالغِنى بعد الفقر أدى إلى حيرة الفرد الكويتي في كيفية التعامل مع الثراء، وأدى إلى تبدل سيكولوجية الناس وظهور أنشطة تجارية مختلفة كان نهاية أغلبها مأساوي، إما بالفشل أو التعرض للنصب لقلة الخبرة. السبب الآخر هو قلة الفرص والأنشطة الاستثمارية في الكويت.

لم يتعرض كبار التجار التقليديين للمستثمرين الجدد في تلك الفترة، بل على العكس، تكونت طبقة تجارية جديدة ممن نجحوا بتجارتهم، ومنهم من أصبح بعد مرور الوقت جزءًا من الطبقة التجارية التقليدية في الكويت.

في نفس سياق المعالجة الدرامية لنتائج التثمين، تتشابه قصة مسلسل «رقية وسبيكة» في 1986 مع «درب الزلق» في التغير المفاجئ لحياة «رقية» وشقيقتها «سبيكة» بعد الثراء نتيجة تثمين منزلهما، إذ تتغير سجيتهما السابقة باندفاعهما نحو التبذير والمغامرة في أعمال الاستيراد والتصدير، حتى تصير نهايتهما إلى الإفلاس بسبب النصب والاحتيال بسبب سذاجتهما، مثلما حصل لعائلة بن عاقول بسبب المحتال «فؤاد باشا».



التضخم المستورد

الصورة: جريدة الوطن
عملت أزمات النفط في السبعينيات، التي نشأت بسبب الظروف السياسية في الشرق الأوسط، على تشكيل مرحلة جديدة لاقتصاديات العالم وأدوات الاقتصاد السياسي الدولي، وتأثرت الكويت وسكانها بالمتغيرات الاقتصادية العالمية باعتبارها أحد أهم ركائز السوق النفطي، وكانت مدخلًا لمنعطف جديد.

البداية كانت في حرب 6 أكتوبر عام 1973، عندما اختل توازن السوق النفطي العالمي بقرار دول الأوبك، ومنها الكويت، التوقف لمدة 6 شهور عن تصدير النفط إلى أمريكا لمساندتها الكيان الصهيوني في حربها مع مصر وسوريا.

تعتبر مسرحية «بني صامت» في 1975 مدخلًا للمسرح الاقتصادي، الذي نشأ نتيجة لآثار التضخم المستورد والغلاء في أوائل السبعينيات.

هذا الاختلال السوقي نتج عنه صعود سعر النفط لأربعة أضعاف، مما سبب أزمة للدول الصناعية بزيادة هائلة في معدلات التضخم، بسبب ارتفاع تكاليف سلاسل الإمدادات العالمية وقلة المعروض من الطاقة.

ولأن الكويت تعتمد على هذه الدول الصناعية في تصدير النفط واستيراد البضائع، فقد تسببت الحرب في أعنف أزمة تضخم وغلاء معيشي في الكويت، إذ ارتفع المعدل السنوي لزيادة الأسعار في عام 1974 إلى 15%. ورغم تضاعف السيولة النقدية للدولة، فإن ذلك قابله تردي القوة الشرائية للدولار للمدخولات النفطية.

تعتبر مسرحية «بني صامت» في 1975 مدخلًا للمسرح الاقتصادي، الذي نشأ نتيجة لآثار التضخم المستورد والغلاء في أوائل السبعينيات.

هذه المسرحية ناقشت غلاء الأسعار الذي اجتاح أسواق الكويت وتفاعل التجار معه. ومثل الراحل عبد الحسين عبد الرضا شخصية «حسين بن صامت»، التاجر الجشع الذي يستغل غلاء سعر تكلفة البضاعة المستوردة ليضاعف سعرها بالسوق بشكل يفوق الهامش الربحي المعقول.

آنذاك، اتخذ البنك المركزي الكويتي قرارًا تاريخيًا بفك الارتباط مع الدولار، ونفذت الحكومة مرحلة ثانية من إعادة توزيع الثروة على الشعب، عبر التوسع في نظام الدعومات للمنتجات الاستهلاكية وزيادة رواتب الموظفين بنسبة 25% وإقرار العلاوات المالية لهم.



الصورة: جريدة الرأي العام

سرعان ما انهارت الإجراءات الوقائية الحكومية للغلاء بعد نشوب الثورة الإيرانية في 1979، وما تلاها بقيام الحرب العراقية الإيرانية، وهذه الظروف الجيوسياسية أودت بالإنتاج النفطي للبلدين وعرقلت حركة الصادرات النفطية في الخليج، مما أفقد سوق النفط توازنه للمرة الثانية، بارتفاع جنوني في الأسعار صاحبه تضخم مماثل لما كان في السبعينيات.

المقصود باختلال توازن السوق النفطي هنا كثرة الطلب وقلة المعروض من النفط بسبب توقف الإنتاج الإيراني والعراقي. انخفاض العرض يؤدي إلى زيادة حادة للأسعار، خصوصًا أن إيران والعراق أهم منتجي النفط في العالم، فاستفادت الكويت ماليًا من هذه الزيادة في أسعار النفط وأمنت حركة صادرات النفط بالتعاون مع الناقلات الأمريكية، فلم يتأثر إنتاجها سلبًا.

حينها تكرر مشهد غلاء الأسعار في السوق المحلي، وتكرر تعاطي المسرح مع تلك المعضلة الاقتصادية عام 1981 في مسرحية «عزّل السوق» من بطولة الفنان محمد المنصور.

تدور أحداث المسرحية حول تراكم القصور الحكومي لمكافحة جشع التجار وتلاعبهم بكميات بضائع السوق وأسعارها، وتطرح فكرة ضرورة توسع نشاط العمل التعاوني وحماية المستهلك من الجشع المتسبب في الغلاء الجنوني، الذي حول الكويت إلى المرتبة 17 عالميًا في الغلاء المعيشي حسب تقرير «فاينانشال تايمز» البريطانية عام 1980.

أزمة المناخ، ومناخ الأزمة .



بيوت منطقة الفنطاس الحكومية عند بنائها في الستينات. بعد مرحلة التثمين

( جريدة الجريدة ) أوردت تقرير خاص عن ( كتاب تاريخ الهندسة في الكويت )

«كتاب تاريخ الهندسة في الكويت» الصادر عن منشورات «ذات السلاسل» لهذا العام والمعروض في معرض الكويت الدولي للكتاب الذي افتتح يوم الأربعاء 15/ 11/ 2017، يتسلسل في عرض تاريخ الكويت قديما وحديثا، ويركز على الجانب العمراني فيها، وطبيعة العمران والمواد المستخدمة وكيف تطورت، بل يغوص في تاريخ ما قبل الميلاد، وينقل ما اكتشفته الأحفوريات عن الحياة في الكويت قبل الميلاد.

فقسم المؤلف الكتاب إلى عشرين فصلا ليخرج لنا بكتاب كبير غني بالمعلومات الثرية التي تتبع تاريخ الكويت من خلال تفاصيل دقيقة عن موقع الكويت الجغرافي وأسمائها قديما وحديثا، فيصف بيوتها وشوارعها وأسواقها ومميزات كل منها بدقة متناهية، لم تغب عنها عين الباحث المتمكن والخبير العارف.

ويثري المؤلف آراءه بمصادر عربية وأجنبية لمؤرخين وعلماء وأدباء، متوجاً ذلك بصور موثقة وشاهدة على كل الجوانب التي تناولها في الكتاب.

ولم يفته أن يذكر كل ما يتعلق بتاريخ بلده، مركزا على الجانب الهندسي لبيوت الكويت القديمة وما يتعلق بها من مواصفات، متتبعا تطور العمران في الكويت حتى عصرنا الحاضر.

«الجريدة» تنشر على حلقات بعض ما احتواه الكتاب من معلومات ثرية سطرها الكاتب فيما يفوق الـ650 صفحة، مسلطة الضوء على أهم ما يضمه الكتاب بين دفتيه، وفيما يلي تفاصيل الحلقة الخامسة:

وقع الشيخ أحمد الجابر الصباح بتاريخ 23/12/1934 اتفاقية بين الكويت وشركة نفط الكويت المحدودة للبحث والتنقيب عن النفط، فبدأت الشركة نشاطها في منطقة المقوع التي تبعد عدة كيلومترات شمال الأحمدي، وذلك بعد اكتشافها لحقل برقان.

ثم نقلت شركة نفط الكويت مقرها من المقوع إلى الموقع الحالي لمدينة الأحمدي، وذلك لوجود آبار المياه العذبة في منطقة «ملح» في الجنوب الغربي منها، كما أنها محمية من الناحية الغربية بساتر منطقة الظهر الذي يحميها من رمال سافي الصحراء ويحميها من سيول الأمطار المتدفقة من الصحراء إلى الخليج، كما ارتبط اختيار موقع هذه المدينة باختيار موقع الميناء الذي سيصدر منه النفط المستخرج من حقل برقان.

وخلصت الدراسات التي أجرتها شركة نفط الكويت إلى أن أفضل موقع للميناء هو المنطقة الواقعة ما بين قرية الفحيحيل وقرية الشعيبة، لتكون نهاية لخط الأنابيب الواصل بين حظيرة خزانات النفط والمنطقة على ساحل البحر التي سيبنى فيها الميناء.

كلف مكتب ولسون ميسون Wilson Mason لوضع المخطط الهيكلي للمدينة الجديدة، كما كلف مكتب جين درو Jane Drew بتصميم مستشفى الأحمدي عام 1949 والمستوصفات والمدارس والمساكن، ثم بنيت بعض البيوت الجاهزة لكبار المديرين الإنكليز والأميركيين شمال المدينة، وسميت مدينة الأحمدي عام 1947 نسبة للشيخ أحمد الجابر الصباح.

صممت مدينة الأحمدي لتعزز الفصل العنصري ما بين الإنجليز والأميركيين من ناحية وبقية العمال من ناحية أخرى، حيث لا يسمح للعمالة الأخرى بالانتقال واستعمال الخدمات المخصصة للفئة الأولى.

فصممت المنازل ووزعت حسب الوظيفة، وقسمت إلى مناطق يسكنها الإنكليز والأميركيون فقط، ومناطق أخرى يسكنها الهنود والباكستانيون، والمنطقة الثالثة يسكنها العمال العرب.



المخطط الهيكلي الأول

قام مجلس الإنشاء بتكليف مكتب (مينوبريو)، (سبنسلي) و(ماكفارلين) (Minoprio, Spencelly & McFarlane) وذلك في أبريل 1951 لوضع الأسس الأولى للمخطط الهيكلي، وهي خطة التنمية الأولى التي كلف بها المكتب المذكور بإعداد أول مخطط هيكلي للكويت، وانتهى العمل به عام 1952، ويعتبر المخطط الهيكلي لأية دولة بمثابة خريطة طريق لمشاريع التنمية ودستور الدولة العمراني والحضري.

وبني المخطط الهيكلي على أساس الطرق الدائرية والشعاعية ونظام الضواحي والحدائق، حيث كان أساس التصميم وحجر الأساس له هو أن تكون مدينة الكويت حديقة كبيرة Garden City، مثلما كان متبعاً حينها في معظم القرى والمدن الأوروبية الصغيرة، فركز المخطط على أن تكون منطقة سور الكويت حديقة كبيرة تربط شرق الكويت بغربها بعمق 250 متراً.

الملاعب والنوادي الرياضية
لم يكن في الكويت أي ملعب رياضي سوى ملاعب مدينة الأحمدي، وكانت الساحات المفتوحة والبراحات داخل مدينة الكويت تستعمل لكثير من الأنشطة الرياضية، فكانت الساحات المفتوحة الخالية تستعمل للعبة (الهول) ولعبة (الدقة) أو لعبة (المقصي)، أما لعبة كرة القدم فقد كانت لها ساحاتها الخاصة بها، بعيداً عن البيوت، وكانت الملاعب الترابية في منطقة الشرق مثل ملعب (بو الحصم) الواقع بجوار مبنى عمارة الخليجية الحالي، وملعب وزارة التربية الواقع في حوطة تسمى حوطة أم الصفصاف، وكان هناك ملعب في الساحة القريبة من السفارة البريطانية بين قصر دسمان والسفارة البريطانية.

عناصر المخطط

فصل المخطط الهيكلي بين المدينة القديمة والضواحي الجديدة، باستحداث الحزام الأخضر بين السور القديم والطريق الدائري الأول، كما حرص على وضع المنطقة الصناعية في منطقة الشويخ، وكذلك منطقة المستشفيات والخدمات الصحية والمطار الجديد في مواقع معاكسة للمدينة، وذلك للتخفيف من الازدحامات المرورية، بالرغم من عدم وجودها في ذلك الوقت.

ووضع المخطط الهيكلي الأسس للطرق الدائرية والطرق الشعاعية، وأدخل نظام الضواحي السكنية ما بين الطرق الدائرية والشعاعية، كما أوصل الطرق الشعاعية إلى المدن والقرى البعيدة مثل الجهراء والأحمدي.

الطرق الدائرية والشعاعية

ركز المخطط الهيكلي الأول على خلق طرق دائرية تحيط بالمدينة من شرقها إلى غربها، تبدأ بشارع السور ثم الدائري الأول فالثاني فالثالث، وترك جزء من الرابع كنقط للتوسع المستقبلي.

وقسمت الكويت إلى مناطق انتهت بالدائري الرابع وصممت على أساس طرق دائرية ومحورية، حيث تربط الطرق الدائرية شرق الكويت بغربها، وتربط الطرق الشعاعية شمال الكويت بجنوبها وغربها.

حل شارع السور محل سور الكويت القديم، والذي كان يحيط بالمدينة القديمة من شرقها إلى غربها والذي يبدأ من قصر دسمان وينتهي عند بوابة المقصب، وأقيمت على الدائري الأول المناطق السكنية الأولى وهي الدسمة والمنصورية والشامية والشويخ، في حين كانت ضاحية عبدالله السالم والنزهة مطار الكويت القديم حتى نهاية الخمسينيات، ولم يبدأ تطويرها وتقسيمها وتوزيعها إلا في نهاية ستينيات القرن الماضي.


نظام الضواحي

تدارس المخطط الهيكلي الأول قواعد تخطيط مدينة الكويت وضواحيها، وذلك بتخطيط مدينة الكويت على أن تكون المدينة محاطة بثماني مناطق سكنية نموذجية بمساحة نحو 2 كيلو مترمربع لكل منطقة تقع ما بين الطريق الدائري الأول والثاني والثالث، تمتد من المنطقة الواقعة خارج السور من الدائري الأول وحتى الدائري الثالث بمساحة 1450 هكتاراً. وكل ضاحية سكنية بكثافة قليلة تتوافر فيها جميع الخدمات في مركز الضاحية الذي يحتوي على سوق مركزي والخدمات الإدارية والمرافق العامة والترفيهية، وجميع الخدمات التي يحتاج إليها داخل المنطقة من خدمات بريد وبنوك وتسوق ومخفر شرطة ومستوصف وغيرها من الخدمات التي يتطلبها ساكن المنطقة، كما خططت مناطق صناعية داخل مدينة الكويت في منطقة الشرق محاذية لشارع السور، ومنطقة أخرى في منطقة الشويخ الصناعية، ووضع هذا المخطط الهيكلي أسس تصميم الكويت على أفضل تصميم، وحد من التخبط في التخطيط الذي تعانيه مدن حديثة كثيرة.


تصميم العديلية والخالدية هو الأفضل بين جميع الضواحي
اتفق المعماريون والمخططون الذين كانوا يعملون في هذا المجال في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي على أن تصميم العديلية والخالدية هو الأفضل بين جميع الضواحي التي صممت، وعليه تم الاتفاق أن تطبق نفس معايير هاتين المنطقتين على المناطق التي سيتم تصميمها مستقبلاً، وذلك لناحية الكثافة السكانية وسعة الشوارع والارتدادات والمناطق المفتوحة والحدائق وغيرها من المعايير



بيت ( الشيخة مريم الجابر الصباح ) إخت الحاكم أحمد الجابر الصباح عام 1959 م

توزيع القسائم السكنية

بعد وضع التثمين حيز التطبيق، بدأت الدولة استملاك منازل المواطنين داخل المدينة، لتحرير الاراضي وإفساح المجال لمشاريع الدولة من طرق ومبانٍ حكومية وخدمات.

ولوضع المخطط الهيكلي موضع التطبيق، وزعت الدولة الأراضي في المناطق السكنية المخصصة لبناء المساكن، التي حددها المخطط الهيكلي، فبدأت عام 1956 بتوزيع القسائم لمستحقيها في منطقة الشامية والشويخ والدسمة، تلتها عام 1958 منطقة كيفان ثم منطقة الدعية والفيحاء والقادسية عام 1962، ثم الشعب عام 1963، تلتها الخالدية والعديلية عام 1964، ثم الرميثية والروضة والصليبيخات عام 1965، ثم العمرية والمنصورية عام 1966، ثم ضاحية عبدالله السالم والنزهة عام 1968

صناعة البناء

بدأت صناعة البناء في الكويت تتطور، بعد الحرب العالمية الثانية، والبدء في إنشاء مدينة الأحمدي، وكان من أوائل ورواد صناعة البناء يوسف أحمد الغانم ومساعد الصالح وعيسى الصالح وعبدالله الملا.

وبعد تسلم الشيخ عبدالله السالم مقاليد الحكم وسياسة التثمين وإنشاء مجلس الإنشاء بدأت عملية الإعمار الفعلية التي لم تشهد المنطقة مثلها من قبل، واستن الشيخ عبدالله السالم تقليداً مهماً لإطلاع أهل الكويت على ما تنوي الدولة عمله من مشاريع مستقبلية، فكانت مخططات المشاريع المقبلة للدولة وبرنامج عمل الحكومة من مشاريع يعرض في مقر بلدية الكويت التي تقع في ساحة الصفاة.



65 عاماً على إزالة سور الكويت الثالث وهنا صغار في السن خرجوا لشد أزر آبائهم الذين يحرسون السور،

ليفسح المجال أمام امتداد العمران واستعيض عنه بما يعرف اليوم بحدائق السور .


إزالة سور الكويت الثالث عام 1957

جاء قرار إزالة السور بقرار حكومي صادر من المجلس الأعلى للدوائر الحكومية، الذي كان يعد آنذاك من أعلى سلطات البلد بعد سلطة الأمير، إذ نادى هذا المجلس بهدم السور تمهيداً لتطبيق المخطط الهيكلي الأول، الذي تم وضعه عام 1952، وجاء ذلك بناء على توصية من المهندسين العاملين في بلدية الكويت ووزارة الأشغال العامة.

وبدأ العمل في إزالة السور في شهر فبراير 1957 بعد أقل من شهر من وفاة الشيخ عبدالله الأحمد الجابر الصباح في 28/1/1957 الذي كان من أشد المعارضين لإزالة السور.




تخطيط الكورنيش (شارع الخليج)

تعامل المخطط الهيكلي الأول مع الواجهة البحرية وخصصت لها مساحة كبيرة، فقد كانت الواجهة البحرية هي متنفس الكويت على مدى السنين، فلم يكن يفصل المنازل والديوانيات والعماير الواقعة على البحر سوى ساحة ترابية تستعمل كطريق، وفي كثير من الأحيان وخلال ارتفاع المد يصل البحر إلى البيوت تقريباً، ومع استمرار الاستملاكات وتملك الدولة لمعظم المنازل والمساحات المفتوحة فقد تقرر البدء بإنشاء شارع الكورنيش.

كما كان يسمى في البداية، وكان مخططاً له في بادئ الأمر أن يغطي طول 6 كيلومترات وهي المنطقة الواقعة من بوابة المقصب غرب المدينة إلى شرقها، حيث ينتهي عند السفارة البريطانية، ثم تقرر مده حتى يصل إلى رأس السالمية ثم إلى البدع، بحيث يكون خالياً من العوائق، وحدد موقع مجلس الأمة ليطل على البحر قريباً من المنطقة الحكومية، التي حدد لها موقع محاذ لقصر السيف، مع توسعته الجديدة من الناحية الغربية.

السكن النموذجي

قسمت الضواحي الجديدة، خارج السور إلى قسائم تتراوح مساحتها ما بين 750 و1000 مترمربع وزعت على السكان نظير قيمة رمزية، وكانت الأولوية لمن شمل الاستملاك بيوت سكنهم الخاص، وأراضيهم داخل المدينة.

وكان توفير السكن للمواطنين يتم بخيارين، إما قسيمة وقرض وإما بيت مبني، وبعد عدة سنوات أضيف خيار ثالث وهو إعطاء شقة، كما حدث في مجمع الصوابر.

وقد وزعت القسائم السكنية على المناطق السكنية خارج السور بواقع 900 قسيمة سكنية تقريباً لكل منطقة سكنية، والتي تقع ما بين الدائري الأول والدائري الرابع، وبنيت الفلل على قسائم، إما 750 متراً مربعاً أو 1000 متر مربع خصص معظمها للذين ثمنت بيوتهم داخل المدينة.

وبالرغم من أن بناء هذه البيوت مكلف نوعاً ما، لكن تصماميم هذه البيوت كان سيئاً إلى حد بعيد، ولم تمض عشر سنوات إلا هدمت هذه البيوت، واستبدلت بأخرى إما عن طريق بيعها والانتقال إلى منزل أخر أو هدمها وبناء منزل أفضل عليها.



إسكان ذوي الدخل المحدود

تبنت الحكومة مشروع إسكان ذوي الدخل المحدود، فقامت ببناء مساكن للمواطنين الذين لم يكن لديهم بيوت أو أراض ولم تستملك لهم الدولة أي أراض أو غير القادرين على القيام ببناء مساكن لهم. بدأتها ببناء نحو 1640 منزلاً عرفت فيما بعد (بالبيوت السود) وزع منها 200 منزل في الشامية و240 منزلاً في كيفان و1200 منزل في الفيحاء، ولم يكن هناك انتظار للحصول على هذه البيوت.

السكن الاستثماري

خصص المخطط الهيكلي الأول مناطق مثل حولي والسالمية وخيطان لتؤوي الأعداد الكبيرة الوافدة من فلسطين والعراق ومصر وإيران والهند، لسد حاجة السوق من العمالة.

ومع الأسف، لم تعط هذه المناطق الأهمية التي تستحقها، فقد أهملت خدماتها وبنيتها التحتية وكأنها ليست جزءاً من الكويت، فكانت منطقة حولي والسالمية تضم 30 في المئة من العمالة الوافدة، وكلما زاد الطلب على السكن زادت الضغوط على البلدية، فسمحت ببناء المزيد من العمارات السكنية التي لا تتوافر فيها أبسط سبل الراحة، فمعظم السكن الذي يتم توفيره لا يتماشى مع متطلبات النمو السكاني سواء للكويتيين أو غير الكويتيين.

كما أن المباني الاستثمارية التي يتم بناؤها هي دون المستوى ومكتظة، وبالأخص الشقق الرخيصة في منطقة حولي، حيث إن توفير السكن لغير الكويتيين مربوط بسياسة الدولة، فقد بات ملحاً توفير السكن الملائم بأسعار معقولة، وأن يكون أحد الأهداف الرئيسة للدولة، والتخلص من المباني السكنية القديمة المتهالكة التي لم تكن يوماً من الأيام تفي بالغرض.



امتدت المدينة إلى خارج السور وتضاعفت مساحتها خلال سنوات عديدة، وترتب على الامتداد الأفقي زيادة في الأعباء الملقاة على الدولة لتوفير الخدمات ومرافقها، فالتوسع الأفقي يحتاج إلى شبكة طرق ومجار وخدمات يمكن توفير 90 في المئة منها في حالة بناء مبان عالية لنفس كثافة سكان ضاحية من الضواحي، هذا بالإضافة إلى المساحات التي تتطلبها الضواحي ومساكن الفلل.

الكويت أول دولة عربية تطبق نظام تخطيط الضواحي
كانت الكويت أول دولة عربية تطبق نظام تخطيط الضواحي، كما كانت من الدول القليلة في العالم الرائدة في هذا المجال، فطبق هذا النظام الفريد من نوعه في ذلك الوقت على منطقة الدسمة والدعية والشويخ والشامية والفيحاء والقادسية والشعب، وعند تخطيط ضاحية جديدة، يحاول المخططون تطوير تخطيطها ليكون تصميم هذه الضاحية أفضل من سابقتها، إلى أن توصلوا إلى تصميم العديلية، وتصميم الخالدية والتي اتفق جميع المخططين على أنهما الأفضل تخطيطاً.