عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 18-07-2009, 01:00 AM
koot koot غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 45
افتراضي

" انا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم "

إن الأنساب أمرها خطير ، وشأنها عظيم ، ليست طعمة سائغة لكل أحد يعبث فيها أو يغير فيها ، فمن كفر نعمة أبيه وانتسب لغير أبيه يريد الغنى أفقره الله, ومن انتسب لغير أبيه يريد العزة أذله الله, ومن انتسب لغير أبيه يريد الكرامة أهانه الله. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فقد كفر"صحيح البخاري حديث ( 6768) ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا" وهذا يشمل الأب القريب والأب البعيد فالكل في الحكم سواء. ولقد عد كثير من العلماء انتساب المرء إلى غير أبيه من الكبائر التي يخشى على صاحبها الوعيد ويدخل في هذا الوعيد المقر بالنسب الباطل والمزور للنسب الباطل ، ومن حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول" ليس من رجل أدعى لغير أبيه- وهو يعلمه – ألا كفر بما انزل على محمد، ومن أدعى قوما ليس فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار" صحيح البخاري.. أي انتسب لغير أبيه رغبةً عنه مع علمه به ، وهذا إنما يفعله أهل الجفاء والجهل والكبر؛ لخسة منصب الأب، ودناءته، فيرى الانتساب إليه عاراً، ونقصاً في حقه، ولا شك أن هذا محرم معلوم التحريم، أي أن إنكار النسب قد يكون كفراً والعياذ بالله قال تعالى : "ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ .. "ولذلك كان التبني في الإسلام حرامًا بدلالة الآية الكريمة، و لما فيه تلبيس على الناس فيجب على من فعل ذلك التوبة إلى الله وإعادة الحق إلى نصابه بالانتساب إلى أبيه الشرعي . إن تغيير اسم الأب في العاده يكون بقصد تحقيق مصالح دنيوية نتنة،أو لكسب وجاهة مزعومة، أو بغية الترفع عن الانتساب إليهم ، فما ذاك إلا من الكذب والزور القبيحين مع ما يحمل في ثناياه من احتقار لأبيه وعائلته وقبيلته بالتبرؤ من الانتساب إليهم، مما يجعله ذنباً في مصاف أكبر الكبائر والعياذ بالله .
إن اللعب بالأنساب حينما ينسب الرجل نفسه لغير أبيه فيقول إنه ابن فلان وليس كذلك, سواء انتسب إلى أب غير أبيه أو إلى جد غير جده, أو إلى قبيلة غير قبيلته فعليه لعنة الله، ورسوله والناس أجمعين ، حينما جحد نعمة والديه, وحينما عبث بنسبه وادعى ما ليس له. قبيح اشد القبح أن يتكبر الولد على أبيه .. فيشمئز من اسم أبيه أو نسبه .. فيبدله و يحرفه، إن تغيير الإنسان لنسبه فيه جحد لنعمة الله وعقوق للوالدين ، ولهذا فإذا جحد الولد أباه ونسبته إليه حلت عليه لعنة الله ، حينما يعق والده حلت عليه لعنة الله ، حينما جحد قرابته وتكبر لأي أمر من الأمور.. كمنصب أو مال أو جاه دنيوي .. حلت عليه لعنة الله ، حينما غش المسلمين حلت عليه لعنة الله ، وحينما دخل في قوم وليس منهم حلت عليه لعنة الله .

ولقد اختص العرب منذ الجاهلية بعلم الأنساب دون غيرهم من الشعوب فجاء الأسلام فأقره بمقاصده الجليلة وأمر تعلمه في حدود ذلك لما لهذا العمل من فضائل كثيرة اذا أخذ منه باعتدال ولم يخرج عن حد المشروع كالتفاخر بالعصبية والقبلية والمقاصد الجليلة من علم الأنساب هي التعارف لصلة الرحم ومعرفة النسب بذاته وقد ورد في ذلك بعض الأحاديث والآثار منها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " تعلموا من أنسابكم ماتصلون به أرحامكم .." وقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه من أعلم الناس بالنسب ، وقال بن جرير رحمه الله (وقوله لتعارفوا) ليعرف بعضكم بعضا في النسب ، والمقصود أن يكون الرجل وسطاً بين من جعل النسب شغله الشاغل وجعله أساساً لتصنيف الناس طبقات ، وبين من أهمل النسب حتى ضيع أصله فلم يعرف قريبه والوسط في ذلك أن يعرف الرجل نسبه ويعلم أولى القربى منه ولا يعاب على من يحرص على أن يعرف نسبه بل يعاب على من ضيع نسبه أو أفرط في العصبية والقبلية وتفاخر .

ولذلك واجب علينا ان نكون من اللذين يتعارفوا ويتواصلون ولايضيعون أصولهم ، والتزاما بمبادئنا الشرعية التي تبعدنا عن الشبهات والمحرمات