عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 02-02-2008, 11:31 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

وبعد الدراسة والبحث والوصول الى معلومات مادية ووثائق رسمية تثبت خطأ واردن في بعض الاشياء التي أوردها في ملاحظاته، واول هذه الاخطاء تحديده لوصول العتوب بعام 1716م في حين ان الكويت تأسست قبل ذلك التاريخ بوقت طويل، كما ثبت لنا من خلال الادلة الوثائقية والمادية.

واول ما يثبت خطأ فرانسيس واردن في تحديد تاريخ وصول العتوب الى الكويت وتأسيس مستوطنتهم فيها هو مسجد آل الخليفة الذي أنشأه الشيخ خليفة بن محمد آل الخليفة عام 1226هـ الموافق 1714م ونقش عليه سنة بنائه واوقف عليه قطعة نخيل في منطقة المبرز في الاحساء منحها بنو خالد للعتوب عند مساعدتهم لهم في فتح القطيف والوقف ثابت من خلال وثيقة الوقف (14).

وقد طالب به وزارة الاوقاف الكويتية باعتبارها مسؤولة عن اموال الوقف ثم تركته لابناء الشيخ احمد آل الخليفة «احمد الفاتح» وما يهمنا اثباته هو ان المسجد بني قبل التاريخ الذي حدده فرانسيس واردن وان تأسيس الكويت كان قبل ذلك بفترة كافية مكّنت العتوب من الاستقرار وتعمير مستوطنتهم وبناء المساجد والدور والقلاع فيها، لاسيما ان مسجد آل خليفة لم يكن اول مسجد بل كانت هناك مساجد اخرى قبله «سيأتي ذكرها» ويربط بعض المؤرخين بين مسجد آل خليفة وموقعة فتح القطيف التي شارك فيها العتوب ومنحهم بنو خالد قطعة النخيل التي اوقفت على المسجد مكافأة لهم على هذه المشاركة في المعركة التي ارخت بكلمة «طغي الماء» التي تساوي في حساب ابجد عام 1081هـ الموافق 1670م كما اشرنا سابقا واعتقد مؤرخنا الاستاذ عبدالعزيز الرشيد في البداية ان عبارة طغى الماء تعتبر تأسيس الكويت في حينه تدلنا الوقائع المادية التي ذكرناها وتسلسل الاحداث التاريخية خطأ هذا التحديد وان مشاركة العتوب لبني خالد في فتح القطيف حدثت بعد ان استوطنوا الكويت واسسوا امارتهم فيها.

يضاف الى ذلك ما ذكره مرتضى بن علوان «رحلة مرتضى بن علوان» حين زار الكويت عام 1120هـ/ 1709م فوصفها بقوله(15) «ثم الى مضي خمسة عشر يوما، دخلنا بلدا يقال له الكويت بالتصغير «وهي» بلد لا بأس به تشابه الحسا الا انها دونها ولكن بعمارتها وابراجها تشابهها وكان معنا حج «حجاج» من اهل البصرة فرق عنا من هناك على درب يقال له الجهراء ومن الكويت الى البصرة اربعة ايام وفي المركز البحري يوم واحد لان «الميناء» البحري على كتف الكويت، واما الفاكهة والبطيخ وغير ذلك من اللوازم يأتي من البصرة في كل يوم في المركب بانها «ميناء» البحر اقمنا بها يوما وليلتين وتوجهنا على بركة الله تجاه النجف الاشرف نهار الاحد عشر الشهر المذكور «الحادي عشر من الشهر» وهذه الكويت المذكورة اسمها القرين ومشينا قبل وصولنا اليها على كنار «ساحل» البحر ثلاثة ايام والمراكب مسايرتنا والمينه «الميناء» على حدود البلدة، من غير فاصلة وهذه البلدة يأتيها ساير الحبوب من البحر حنطه وغيرها لان ارضها لا تقبل الزراعة حتى ما فيها شيء من النخيل ولا غير شجر اصلا واسعارها ارخص من الحسا لانها كثيرة الدفع مع البصرة وغيرها».

واول ملاحظة تظهر لنا من رحلة مرتضى بن علوان ان تاريخ زيارته للكويت سبقت التاريخ الذي حدده فرانسيس واردن بسبع سنوات وهو لا يتحدث عن تأسيس الكويت وانما يصف مدينة قائمة فيها عمران وميناء تنشط فيه حركة الاستيراد والتصدير والمواصلات مع البلدان المجاورة وعن الكويت كمحطة للحجاج والرحالة والقوافل، الى غير ذلك من الامور التي تؤكد ان هذه البلدة تأسست قبل زيارة مرتضى بن علوان عام 1709 بوقت غير قصير،.. ولما كنا لا نستطيع ان نحدد هذا الوقت او التاريخ على وجه الدقة فقد بحثنا عن اثر اخر.

فوجدنا ان المخطوطات والوثائق التي عثر عليها اخيرا ترجح وصول العتوب قبل التاريخ الذي حدده فرانسيس واردن، واهم هذه المخطوطات مخطوطة «لؤلؤتي البحرين وقرتي العينين» «لاحمد بن يوسف الدرازي المتوفى عام 1186هـ«حيث ذكر واقعة في البحرين كان العتوب طرفا فيها.
وأرّخها بكلمة شتتوها التي تساوي في التاريخ الهجري وفقا لتقويم الجمل ما يلي:

«ش = 400 + ت= 300 + و=6 + هـ = 5 ـ أ = 1»ليصبح المجموع عام 112 هـ الموافق 1700 م وهو تاريخ يسبق التاريخ الذي حدده واردن لتأسيس الكويت ايضا (16).

وتعتبر هذه المخطوطة من اهم النصوص التي عثرنا عليها، ولابد ان الواقعة الحربية التي تشير اليها هي المعركة نفسها التي اشارت اليها الوثيقة العثمانية «رقم 111 من دفتر المهمة العثماني صحيفة طم 713» والتي تمثّل كتابا من علي باشا والي البصرة العثماني الى السلطان يطلب فيه السماح للعتوب بالاستقرار في البصرة وتنص «ان في البحرين وهي لاحد بنادر العجم اناسا من الاعجام وعلى مذهبهم وللعجم اهتمام كبير بهذا المكان تقيم في البحرين قبيلة العتوب والخليفيات».(17).
ويسكنون قرب بندر فريحة (18) وبندر كونك (19) وكانوا نحو سبع او ثماني عشائر وكلهم عرب شافعيون وحنابلة، وقد حلت بهم الفتنة بين اهل البحرين وهؤلاء العشائر «الهولة» الذين يقيمون حول بندر «كونك» وقد قتل منهم كثيرون وكان التجار واصحاب السفن يخافون ان يذهبوا الى البصرة خشية منهم لان «سفنهم» تمر من هذا البندر «الميناء» ومن رأى منهم سفينة اخذها غصبا.

وفي احد الايام تقاتل العتوب والخليفيات ومن معهم من العشائر الاخرى ومن جهة مع الهولة من جهة اخرى، بتحريض من والى العجم في البحرين، وبينما كان العتوب في غفلة انقض عليهم الهولة وقتلوا منهم نحو اربعمائة رجل اخذوا اموالهم وهرب من بقي منهم وبعدئذ اتفق العتوب والخليفيات وقالوا ان العجم القوا بيننا هذه الفتنة فلنذهب ونحاربهم ونخرب البحرين واتفقوا على هذا واتوا الى البحرين وخربوا ما حولها واحرقوها واخذوا اموالهم وقتلوا رجالهم ورجعوا».

وتمضي الوثيقة في سردها للاحداث باسلوب الرواية مشيرة الى: «منذ ذلك اليوم اتفق العتوب والخليفيات وكانوا يقولون لا نسكن في بلاد العجم لانهم ليسوا على مذهبنا، ونذهب الى البصرة الى حماية الدولة العثمانية فجاءوا كلهم الى البصرة وكانوا نحو الفي اسرة «عائلة» وكتب والي البصرة الى السلطان في اسطنبول يقول: جاء العتوب والخليفيات ومن معهم من العشائر الاخرى وقالوا نحن مسلمون وتركنا العجم وجئنا الى بلاد سلطان الاسلام والتجأنا اليه وهذا رجاؤنا فانهم يريدون ان يسكنوا البصرة ولم يعين لهم الوالي المكان الذي يسكنون فيه وبقوا على تلك الحال. ويقول الوالي اذا ارادوا الاقامة في البصرة فسنعين لهم المكان وكان لهم نحو مائة وخمسين مركبا «سفينة» وعلى كل مركب مدفعان او ثلاثة مدافع ، وعلى كل مركب ثلاثون او اربعون رجلا محاربا يحمل بندقية، وكانوا دائما على المراكب وعملهم نقل التجار ونقل اموالهم من مكان لآخر.
ويستطرد الوالي في رسالته الى السلطان بقوله «يجب ان نصلح بين القبيلتين العتوب والخليفيات من جهة والقبائل العربية الاخرى من الهولة لانه اذا لم نصلح بينهم لا يمكن ان يأتي الاتراك الى البصرة «خوفا منهم» لان في مجيء الاتراك سيصير عليهم ضرر اي سيصبح ضرر على عسكر العثمانيين، ثم يقول الوالي في رسالته، اذا جاء رجل كبير موفد من اسطنبول واصطلح معهم فاننا نأمن من شرهم وحينئيذ يسود الامن والاستقرار هناك (20).

يشكك الديكتور يعقوب الغنيم في صحة الوثيقة العثمانية اعتمادا على عدة امور اولها ان للوثيقة ترجمتين فيهما شيء من الاختلاف في بعض الاسماء وفي سير الاحداث من ذلك:

- ان الترجمة الاولى «التي لم نوردها حرصا على عدم الاطالة والتكرار» تضع امام كلمة الخليفيات اسم «الخليفة» وهذا يعطي انطباعا بان آل خليفة ليسوا من العتوب لذكرهم منفصلين، وهذا خطأ فاحش صحح في الترجمة الثانية التي اعتبرت كلمة خليفيات هم «آل مسلم».

- ذكرت الترجمة الاولى ان هؤلاء يريدون تحديد مكان لهم بالبصرة ليستقروا بها واضافت الى هذه المعلومة ان القوم ما زالوا في البصرة وان عددهم مقدار الفي بيت، مما يعني انهم استقروا فعلا في البصرة وهو ما يخالف قول الوثيقة في البحث عن سكن لهم بينما تذكر الترجمة الثانية ما نصه «اذا جاءوا وارادوا ان يسكنوا البصرة فسنعين لهم المكان».

- اضافت الترجمة الثانية كلمة وحنابلة الى المذهب الشافعي الذي ذكر وحيدا في الترجمة الاولى.
رد مع اقتباس