عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 24-02-2011, 03:06 AM
الصورة الرمزية جون الكويت
جون الكويت جون الكويت غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,208
افتراضي

نوخذة بوم فتح الخير العم عيسى بشارة لـ القبس :
من مواليد 1919 وركبت البحر وعمري 9 سنوات

النوخذة عيسى بشارة وذكريات البحر مع بوم سفار
نعم، الكويتيون نواخذة بالوراثة، والكويت أنشئت على البحر وهو امتداد تاريخي من أبنائنا وأجدادنا الذين عملوا على تلك السفن الشراعية، وقد أبدعوا وأصبحت هذه المهن الرئيسية لأهل الكويت ومصدر رزقهم وكانوا يتميزون بفنون البحر والملاحة، ولم تكن هناك مدارس لتعليمهم قيادة المراكب وعلوم البحار والفلك، نعم تميزوا، وشهدت لهم بذلك دول الخليج والدول الأجنبية ونجحوا بتفوق، وكان الجميع يرتبطون في أعمالهم وحياتهم مع البحر وكان النوخذة هو المسؤول عن التجارة والأموال، وهو الأب والأخ لكل بحار على ظهر السفينة، وهو الخبير في أسرار الملاحة والرياح والأمواج. تلك كانت بعض كلمات النوخذة العم عيسى يعقوب بشارة عن بعض مذكراته، وجانب من رحلاته وذكرياته مع البوم فتح الخير ، وجولاته التي ما زالت في ذاكرته.

في البداية قال عن نشأته: ولدت عام 1919 في بيت الوالد الواقع في فريج غنيم، ودرست في مدرسة الملا عبدالعزيز قاسم حمادة، ثم أكملت دراستي في المدرسة المباركية ودرست أيضاً في المدرسة الأحمدية، وكان مديرها آنذاك الأستاذ عبدالملك الصالح وركبت البحر وعمري 9 سنوات مع والدي النوخذة يعقوب بشارة لأتعلم منه خفايا ومبادئ البحار وأصول الملاحة وفي عام 1936 ركبت السفينة في وظيفة معلم مع النوخذة حسن اللنقاوي في بوم المرحوم أحمد الخرافي وفي عام 1937 ركبت البحر مع النوخذة عبدالله العثمان كمعلم وفي سنة 1938 أصبحت نوخذة في بوم الخرافي إلى سنة 1940 وبعدها ركبت في بوم يوسف المرزوق لمدة سنة واحدة وفي عام 1941 ركبت السفينة مع محمد ثنيان الغانم في بوم فتح الخير إلى سنة 1954، وفي أواخر هذه السنة تم بيع بوم فتح الخير وبعدها بفترة قصيرة قمت بشراء بوم لحسابي الخاص، وسافرت فيه لمدة ثلاث سنوات ثم تركت البحر.

مُلّاك السفن والنواخذة
وبسؤاله عن أول أجر تقاضاه.. قال: أول أجر تقاضيته في عام 1936 كان بحدود قلاطتين، وكانت القلاطة تعادل 120 روبية في زماننا، ومن الذين كانوا يملكون السفن وأشهرهم هم الصقر والشاهين والغانم وأولاد معرفي وعبدالعزيز العثمان وأحمد وفلاح الخرافي، وكان أشهر بوم في وقتنا بوم الداو للصقر وبوم منصور للخرافي وبوم بن رشدان، أما نواخذة السفر الذين اشتهروا فهناك عدد كبير منهم والنواخذة المعروفون امثال عبدالوهاب العثمان واحمد الخشتي وبلال الصقر وابراهيم الشايع ومحمد العصفور وحسين العسعسوي وناصر وبدر القطامي وعبدالوهاب القطامي وعبدالوهاب العيسى وشاهين الغانم واولاد الخرافي وغيرهم الكثير، لم تحضرني الاسماء الآن.

البلاد التي سافر إليها نوخذة
وبسؤاله عن كيفية الاستعداد لرحلة السفر يقول بشارة: نعمل على تجهيز عدة السفر كالمأكل والملبس والمشرب، ثم تبدأ عملية إعداد وتجهيز السفينة عن طريق طلائها بالشونة والصل لمنع الواحها من التآكل، بسبب وجودها في الماء لفترة طويلة، وعند إبحار السفينة يقوم المجدمي وهو رئيس البحارة بتوزيع البحارة على أعمالهم، مثل البيوار واعمراني واللايح وكذلك السكونية وقائد السكان، ويكون العمل بنظام النوبات وفي الليل تكون الجلسات والاحاديث المفيدة مع بعض القصص مع شرب الشاي والقهوة.
وعن البلاد التي سافر اليها وكان نوخذة سفر، يقول: سافرت الى اغلب مدن الهند من كراتشي وكاتيوار وخور بندارون وبومبي وكاروار ومنجرور وكالكوت وافريقيا والصومال وممباسة وزنجبار وعدن وغيرها من المدن.

بعض الرحلات تستغرق 10 أشهر
وبسؤاله عن الفترة الزمنية التي تستغرقها الرحلة الى كراتشي، قال: حسب حالة الطقس، فإذا كان الهواء قويا «تارس» تكون الحركة سريعة للسفينة التي تعتمد على الشراع، وكانت تستغرق من 10 الى 12 يوما، وفي حال انخفاض سرعة الهواء، فإن الرحلة تستغرق من 15 الى 20 يوما، واغلب رحلاتنا لا تتوقف فقط عند الهند ونعود الى الكويت، وذلك لعبورنا عدة مدن من البصرة لتحميل التمر، ثم الى كراتشي وكاتيوار، ثم الى بومبي لتحميل الكبريل و«الفرميط»، ثم نتجه لبيعه في افريقيا بممباسة او زنجبار، وهناك نقوم بشراء أخشاب الجندل، ثم نتجه إلى الكويت وتستغرق هذه الرحلة بحدود عشرة أشهر، أما المواني التي تتوقف فيها السفن الكويتية، فيقول العم عيسى إذا سارت السفن باتجاه الهند فإنها تتوقف لدى موانئ كراتشي وكاتيوار وبومبي وقوة ونيبار، اما اذا اتجهت السفن الى سواحل جنوب الجزيرة العربية والساحل الشرقي لقارة افريقيا.
فإن السفن تتوقف لدى موانئ عدن وبربرة ومقديشيو وزنجبار، وعند عودة السفن الى الكويت فإنها تتوقف في موانئ الخليج، وخصوصا مسقط ودبي الى ان تصل الى الكويت.
وبسؤاله ما انواع رحلات السفن قديما يقول العم عيسى: تقسم رحلات السفر حسب مواسمها الى عدة رحلات، منها رحلة الهرفي وهي باكورة رحلات السفر، حيث تنتقل السفن الكويتية الى البصرة لتحمل معها التمر الهرفي، وبعدها تنتقل السفن الكويتية من البصرة الى كراتشي وبومبي وغيرها من الموانئ، وهذه الرحلة تكون «المطراش» الاول، اما الرحلة الثانية او المطراش الثاني فهو عبارة عن الموسم الاصلي للسفر، حيث تنتقل السفن الكويتية الكبيرة الى البصرة وتحمل معها نوعين من التمور يطلق عليها الزهدي وتتجه الى كاتيوار وخورميان وبراوه ثم الى بومبي والنيبار وعادة ما يكون في شهر سبتمبر.

بعض أسماء بحارة فتح الخير
وبسؤاله هل تذكر لنا اسماء البحارة الذين ركبوا معك السفر قديما، خاصة في بوم فتح الخير.. قال: كثيرون واتذكر منهم مبارك السليطي وسعد العمار ومبارك المنديل وابراهيم بن عسق وعلي المحميد وخالد العربيد وعبداللطيف الاحداري وعيال بوزبر ومحمد المسباح ومحمد بوعركي وحسين الجيماز وغيرهم.
وعن الاخطار التي تواجه السفن الكويتية في الماضي يقول: في ايام الحربين العالميتين الاولى والثانية تعرضت سفن كثيرة للقصف المدفعي من قبل الغواصات والبوارج الالمانية والروسية بالاضافة الى المخاطر الطبيعية كالعواصف الهوائية والتيارات المائية التي اغرقت السفن، مثل حادثة طبعة بوم بلال الصقر وطبعة بوم عبدالكريم ولد غيث وطبعة بوقماز وطبعة بوم عبدالله بن رضوان وطبعة بوم محمد العصفور وغيرها من الطبعات.

تاريخ وتراث
يقول النوخذة عيسى بشارة إن بوم فتح الخير قام ببنائه علي عبدالله عبدالرسول ـ رحمه الله ـ في الكويت ومجموعة من الاستادية والقلاليف في عام 1938 لمصلحة التاجر محمد ثنيان الغانم وأخيه ثنيان الغانم، واستغرق بناؤه تقريبا 60 يوما، حيث كان العمل فيه على مدار الساعة وعدد القلاليف 18 قلاف.
وقال: بلغت تكلفة بناء بوم فتح الخير من 15 الى 17 الف روبية،
واضاف: كانت وجهتنا الى الهند وافريقيا والعراق وغيرها من الدول لنقل البضائع والمؤن الى الكويت وذكرياتي مع البوم لا تعد ولا تحصى ولا تنسى طوال سنوات عمري.
بسؤاله ماذا تركت لك ايام البحر مقارنة بأيامنا الحالية؟ يقول.. هذه الايام فيها نعمة وخير واموال كثيرة وراحة، ولكن اين النفوس الطيبة والمروءة والثقة والتراحم في الماضي عندما تغرق احدى السفن الكويتية نتعاون جميعا لتعويض صاحب السفينة، وكان المرحوم محمد الثنيان كالسراج المنير، حيث يقوم برفع البيرق ويدور فيه على التجار وخلال مدة اسبوع او اكثر يكونون قد اكملوا قيمة السفينة التي غرقت او تعويض صاحب السفينة، وهذا يدل على التكاتف والتعاون وكنا كالاسرة الواحدة.

قصة لن أنساها
بسؤال النوخذة عيسى بشارة: هل تذكر لنا إحدى الحوادث، التي تعرضت لها في رحلاتك البحرية، وما زالت في ذاكرتك؟
قال: في إحدى السنوات كنت متجهاً إلى الهند في بوم «فتح الخير» لمحمد ثنيان الغانم، وفي اليوم الثالث من بعد خروجنا في وقت المغرب اشتد الهواء علينا.. وكان على البوم «شراع كبير» والقمر سيغيب بعد ساعة، فقلت لنفسي ما دام ضوء القمر موجوداً ويساعدنا فلنبدل الشراع.. فطلبت من البحارة استبداله وفعلاً «مدوا» الشراع وطرحوا الشراع الكبير فأصبح الوقت ليلاً، ثم اشتد علينا الهواء أكثر من ذي قبل، وعند تركيبه علق الشراع في «الباوره» فتمزق الشراع، وكنت في رأس السفينة أنادي عليهم، لكنهم لم يسمعوني، لأنهم كانوا «شايلين شيلتهم» فكنت أقول «رفاع يا خواني رفاع» وهي كلمات أهل البحر «رفاع الشراع تمزق» لكن لم يسمعني أحد.. فقمت بنفسي وذهبت إلى الشراع وأمسكته لكي لا يتمزق أكثر.. ومن زيادة العاصفة كان الشراع يوجهني من مكان إلى مكان.. وأنا أنادي «ارفاع يا خواني رفاع» حتى انتبه لي أحد البحارة.. فقلت للسكوني عبدالله ان يلف السفينة لكي يسقط الشراع في الداخل، وكنت لا أزال أمسك بالشراع، ولسوء الحظ تغير مجرى الهواء، فألقى بي في البحر.. وصرت انادي لماسك السكان «عبدالله.. ترى انا طحت بحر» فعلم الجميع ان احد البحارة سقط في البحر ولا يعلمون من هو.
واخذوا يبحثون عن النوخذة ليستشيروه في الامر، لكنهم لم يجدوه فعلموا ان «النوخذة» هو الذي سقط في البحر.. فأمرهم احد البحارة المميزين المرحوم محمد المسباح بأن ينزلوا «الجالبوت» للبحث عني.. لكن الموج كان عاليا ولم يكن باستطاعتهم عمل شيء ليتحركوا بسرعة فأشعلوا السراج لكي اراه.. وفعلا رأيت نور السراج وظلوا يبحثون عني وانا انادي لكنهم لا يسمعون من شدة الهواء والامواج حتى اختفت السفينة واختفى «نور السراج» الذي كان املي الوحيد، فبعثوا مرة اخرى يبحثون عني من دون جدوى.. وكنت ارتدي «فانيلة» «ووزار» فقط. حتى انتصف الليل.. وازداد علي الموج واصبح البحر «مسحر» مرعبا، وعديم الرؤية، لكني لمحت شيئا يقترب مني فاعتقدت بأنها «سمكة كبيرة» فنزعت الفانيلة وربطتها على يدي.. اعتقادا مني بأنها قد تجرحني بيدي، واذا بهم بحارتي في «الجالبوت» فأمسكت به وناديتهم وكانت مفاجأة لهم غير متوقعة بعد ان حل عليهم الحزن من غروب الشمس حتى طلوع الفجر.. فحملوني الى البوم وعيونهم تدمع من شدة الفرح.. وهذه الحادثة لن انساها مدى عمري.. فقد كتب لي الله عمرا جديدا.


مع النوخذة عيسى العثمان


داخل بوم فتح الخير مع الاستاذ علي عبدالرسول رحمه الله
رد مع اقتباس