عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 20-03-2008, 02:37 PM
الصورة الرمزية PAC3
PAC3 PAC3 غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت - القصور
المشاركات: 2,003
إرسال رسالة عبر AIM إلى PAC3
افتراضي الشاعر زيد الحرب

(((الشاعر زيد الحرب)))



حياته: ولد الشاعر زيد الحرب في منطقة شرق بالكويت عام 1887م وهو زيد بن عبد الله بن ابراهيم الحرب... وكان والده يعيش في منزل جده الذي يضم والد الشاعر وأعمامه كعادة أهل الكويت بالسابق حيث يعيش أفراد الأسرة معا في بيت واحد ولأن الحياة بالكويت ارتبطت بالبحر دخله شاعرنا صغيرا مع والده وأعمامه وكان عمه عبد العزيز الحرب يملك السفينة التى عمل بها بحارا متدربا وتدرج حتى أصبح غواصا متميزا واستمر بالغوص على اللؤلؤ صيفا ويسافر الى الهند وايران واليمن شتاء بهدف التجارة وشارك رحمه الله في ملحمة الدفاع عن الوطن في معركة الجهراء وبقيت اثار الجراح في صدرة من اثر الرصاص ارفع وسام يمنح له .

صراعه مع الحياة: توفي والد شاعرنا ليتحمل الشاعر المسؤولية الكبرى في الحياة فاستمر بالبحر وفي احدى الرحلات التجارية مرض عمه مرضا شديدا لم يمكنه من اكمال قيادة السفينة وقبل أن يموت عمه طلب منه قيادة السفينة فكان ذلك ودفن عمه في اليمن، ولم يستمر شاعرنا بالعمل على ظهر سفينة عمه بل انتقل للعمل على عدة سفن أخرى وخاصة سفن الغوص وراح يكتسب الخبرة الطويلة بسرعة حتى أصبح نوخذة الا أنه كان قريبا من بحارته، خاصة أن الكثير منهم كان يكتب الشعر فراح يتسلى معهم بتبادل الشعر المرتجل حيث يبدأ أحدهم بارتجال بيت شعر أو أكثر ثم يضيف الثاني ويكمل الثالث وهكذا.

نماذج من شعره: بدأ شاعرنا بكتابة الشعر وهو بفترة المراهقة عندما كان بالسادسة عشرة من عمره وكان أغلب شعره في ذلك الوقت شعرا غزليا الا أنه ومع مرور السنين كبر وكبرت القضايا التي بات ينتبه لها ليعالجها من خلال شعره خاصة أن أدواته الابداعية بدأت تنضج تزامنا مع أفكاره التي باتت تنضج بسرعة بسبب طبيعة الحياة والظروف التي كان يعيشها.
وقد كتب الشاعر زيد الحرب مجموعة كبيرة من القصائد وهي تناقش كافة أغراض الشعر بدءا بالشعر الغزلي مرورا بالرثاء وبالهجاء وبالشكوى وبالحماسة وانتهاء بالقصائد الوطنية والقومية ويصنف الشاعر زيد الحرب كشاعر شعبي نبطي ولا يمكن اعتبار ذلك نقطة ضعف لأن فهم الشعر المكتوب باللغة العربية الفصحى في ذلك الوقت كان محدودا أو شبه معدوم علما بأن الحرف العامي بامكانه أن يمارس عملية بث الوعي وأن يحقق عملية التثقيف خاصة أن الشاعر في ذلك الوقت يعتبر بمثابة وزارة الاعلام أو اللسان الناطق المعبر عن آمال وآلام المجتمع، كما أن شعر الشعراء ومنهم شاعرنا كان يقوم بتسجيل وبتوثيق بعض الأحداث القومية والوطنية اضافة الى طرح أحداث المجالين الاجتماعي والسياسي.
ولم ينس شاعرنا عملة في البحار والنوخذةحيث أن يتنفس في رئة البحارة الذين كانوا يعانون من الجوع والظمأ في البحر وقد باتوا يعانونه في المدينة بسبب تسويف التجار في اعطاء البحاره حقوقهم لظروف خاصة بهم فكتب رائعته "عسر الدهر" التي رددها البحارة اذ يقول:
وتجارنا عقب المعرفة جفونا
زل الشتا يا حمود ما سقونا
ما أدري عسر فيهم والا نسونا
الله عليهم وان نووا للتفاليس
هم مادروا باللي جرى الغوص كله
مثل الحمير ننقاد خمسة أهله
نشكي العرا والجوع ويا المذله
ونركض بخدمتهم سوات البنابيس


ويدعو الشاعر الى عملية مهمة جدا وهي عملية تطوير القانون ليصبح مناسبا للمرحلة التي يعيشها الشاعر خاصة ان هذا القانون ليس تشريعا الهيا بل هو تشريع وضعي قد لا يكون مواكبا للتطور الحضاري فيقول:
والا ترى القانون طول من الخام
فصل على كيفك وبيدك تشله
ما هو سماوي نازل حق قرآن
وتقول ذا قرآن ما أقدر أحله
كل ما مشينا شوي بنصير جدام
ندش درب يا عرب ما ندله


ولم يكن الشعر الشعبي أو شاعرنا زيد الحرب بعيدا عن الوعي بأهمية الحياة النيابية وها هو يتغنى بالمجلس التأسيسي المنتخب والذي يمثل ادارة الشعب فيقول:
يا مجلس التأسيس حنا انتخبناك
نبغيك اذا تهنا بدرب تدله
ولا ضاعت الأفكار نلوذ بحماك
وتصير مثل الغرس نرقد بظله
وانت الطبيب علاجنا مرهم دواك
وانت الشفا للشعب من كل عله


ويتضح حب هذا الشاعر لبلده الكويت ولأهله وخوفه من البعض على التجربة الديموقراطية التي يعتبرها ثروة وطنية وخاصة أنها تصدر من قبل بعض أعضاء مجلس الأمة حيث بعض الممارسات السلبية لهم فيقول:
يا مجلس الأمة وللشعب ساده
انتم مفاتيح الفرج للمعاسير
وأنتم صلاح الشعب وانتم رشاده
وذي عادة السدره تلم العصافير
حنا انتخبناكم نريد السعاده
ومن الفرح خطر مع الطير بنطير


ويتألم شاعرنا كثيرا لدى البعض الذين تقودهم الأنانية والمحسوبية والثراء الشخصي وألمه هذا هو ألم كل مواطن مخلص كما يستذكر بطولات وكفاح الشعب الكويتي فيقول:
يا ناس قلبي بين الاضلاع محروق
وعيني على ما فات زايد بكاها
كل ما نخيط الشق، نلقاه مفتوق
الشق في كبدي ومحد رفاها
لكويت أمي، وعني الباب مغلوق؟
يا من يقول الام تطرد ضناها


البعد القومي: نعود ونذكر بأن الحرف العامي المبدع قادر على الابداع وعلى التواصل مع الآخرين وهاهو شاعرنا لم يكن بعيدا عن هموم أمته وعن القضية الأولى للعرب وللمسلمين معا.. انها قضية فلسطين.. ولم تكن قصيدته عادية فها هو يستخدم الرمز بشعره وكأنه شاعر حداثي مثقف يعي عملية التميز وبث الدهشة لدى المتلقي ويبتعد عن المباشرة والتقريرية وقد احتوت قصيدته على ثلاث شخصيات هي الفتاة التى ترمز الى فلسطين والعجوز التى ترمز لاسرائيل وأخيرا شخصية الشاعر المحب وهو يمثل الانسان العربي المصر على استعادة حقه المغتصب والذي يرفض الصلح مع اسرائيل ويصور شاعرنا محاولات العجوز واغراءه وهو يرفض ذلك فيقول:
قالت: تعال بذل واعمل معي طيب
واصير أنا وياك صدقان واصحاب
قلت: انت عجوز خيبر امنين لك طيب
واحنا مع خيبر في جهاد واحراب
تبسمت تضحك وقالت لي ظنك مصيب
مير، خذنا القرايا ثم غدينا بالاسلاب
قلت: اصبري نعيد كرة تلابيب
ربعي ضواري ما يتلقون بكلاب
قالت: نعم، اسباع بليا مخالب
ليوث مير حلوجهم ما بها انياب


ولو عدنا الى بداية القصيدة لوجدنا أن الصور الشعرية كثيرة ومترابطة ومعبرة كما أنها تدل على تمكن الشاعر اذ يقول:
أمس العصر وافيت سيد الرعابيب
يشبه قمر خمسة حدر الاسلاب
ساعة نطحنى شب قلبى لواهيب
قلت: الوصل، وقال: اذ الحين ما ناب
اصبر الين الشمس حدر الدجى تغيب
واجعل ظلام الليل ستر لك حجاب
واحذر تحذر من عيون الرواجيب
الواش للفتنه على النار شباب
قلت: أي حزة أجيك فيها بتراتيب
أطق أنا الدفعه لو أشخط لك الباب
قالت لي: اسكت جاتنا وضعة الشيب
وهذي عجوز ابليس وتدور الاسباب


القضية الاجتماعية: ويستخدم شاعرنا السخرية استخداما ذكيا وهو يعالج أو يسلط الضوء على بعض الأوضاع الاجتماعية وربما السياسية فيقول:
قال الراوي
كل شي حاوي
وانهاره دايم ممليه
احفظ مالك
عن عيالك
ترى العاجل يحفظ شيه
حذره يغشك
واحفظ قشك
عن الحجى والحجيه
اييك حنفيش
بزي درويش
يلبس عمامه مطويه
حدر الثيل
حذره تقيل
يذبحك الجوع وانت بفيه
بين المخلوق
فرق مفروق
مثل النيره والشاهية


ويعاصر شاعرنا تطور مجتمعه.. المجتمع الكويتى وهاهو يشير الى قضية الكهرباء التي دخلت بيوت الكويتيين وأراحتهم من جهة الا أنها أزعجتهم من جهة أخرى خاصة عند حالة عدم اختيار الكفاءات الهندسية كما ينظر لها شاعرنا الذي يقول:
يا ناس هذي الكهربه
أشوف صارت ربربه
هذا (المهندس) في الفريج
كل عام يرز له احطبه
الشعب كله ما رضى
حرقوه في نار الغضا
عامين من عمري انقضى
وانا معاه بشقلبه
عامين مع زايد شهر
وهذا رمضان هل وظهر
وهو على بطن وظهر
زيبق منهو يقضبه


ولم يتردد الشاعر ايضا بتوجيه اللوم للحكومة المسؤولة عن تنفيذ مشاريع التنمية المختلفة وبالتالي هي المسؤولة عن أي خطأ أو تقصير يحدث ولو من مجرد موظف صغير فيقول:
منهو فعله منهو امره
لمبه بيضا تصير حمره
بكل شبه نشوف جمره
يستر الله لا تطيح
لو يشب تريك دارك
ما يشب تريك جارك

ويستمر شاعرنا برفضه للواقع السلبي في مجتمعه فيسخر بشعره من هذا الواقع مع ذكر لبعض وسائل المعيشة فيقول:
النظر ردوا الأوايل
سراجنا يا بو الفتايل
كهربا وتفتن حمايل؟
ميتر (الي سي) وكيح
سراجنا يا بو فتيله
ما يشكل كل ليله
بالعجل شبه وشيله
من الأذية نستريح

ويستمر شاعرنا بتوجيه اللوم عن التقصير بتوفير الخدمات فلا يصل اللوم للمهندس المسؤول فقط بل يتخطاه ليصل الى كبار المدراء فيقول:
مدرانا وين كانوا؟
ارحلوا والا تغانوا
كان وقت الضيق بانوا
يوم هالوقت الشحيح
الأمر أمر خطير
بلاد ما فيها مدير؟
جبتوا من بصمه خبير
عضدوا له لا يطيح
كهربا العالم دمرها
لى شروا وحده كسرها
بطلوا خل نستريح
هذا هو الراي الصحيح


وتعتبر مشكلة المياه أحد أهم المشاكل والتحديات التي واجهت عجلة الحياة بالمجتمع الكويتي وخاصة بالماضي حيث كانت تأتي به السفن الصغيرة القليلة من شط العرب في العراق فنجح شاعرنا في تصوير المعاناة وخاصة الفقراء الذين يجدون صعوبة كبيرة بالحصول على الماء فيقول:
طاق وطرباق على الماي
وين نولى يا مولاي
شايبنا يمشي ويطيح
نوبه يصوت نوبه يصيح
شازيد من هذا التصريح
صوت ولا له حماي
وعجيزنا مثل البطه
تشيل القوطي وتحطه

قضايا وطنية : والتصقت شخصية الشاعر بأمه الكويت وامتزجت أحاسيسه مع ترابها وبحرها فتغنى بها بشعره كثيرا ومنها قصيدته "أول وتالي":
الوطن أول وتالي
نشتريه بكل غالي
نبغى المرقب العالي ونجمع الراي الرشيد
الوطن زينه اطباعه
محد من الشعب باعه
كلنا بمر وطاعه
بخدمته نمشي عبيد
الوطن دينه علينا
ونوفي الديان دينه
كل ما تملك ادينا
فدوة له بما يريد


ويصر الشاعر على أن الكويت ليست مجرد وطن بل هي أم لكل كويتي فيقول في قصيدته " الكويت ربتنا" الكويت ربتنا وفيها ربينا
هي أمنا واحنا ترانا عيالها
ودار ربتنا وربت جدودنا
والكل منا رابي في ظلالها
دار تدللنا على كل حزه
اهي تدللنا وحنا دلالها
دار كستنا وثوب الجمايل
هل كيف ننساها وننسى جمالها


وعلاقة الانسان الكويتى بالمسؤولين هي علاقة حب واحترام وحوار حول هموم الشارع الكويتي وحسبي أن هذا هو ديدن شاعرنا الذي خاطب الشيخ جابر العلي الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء وزير الاعلام فيخاطبه قائلا:
يا بو علي بنخاك يا طيب الفال
حيثك مقر الجود مجده وطيبه
جيتك أنا يا شيخ اشرح لك الحال
من حيث مثلك من عنى له يثيبه
تهنا وضعنا بين سارق ونشال
وحتى المؤجر حقنا بيغدى به
منا وفينا صايب القلب سلال
ماجه بلانا من جنود غريبه
وششوفتك يا شيخ في بعض الانذال
شوك دفن بالطين يابس عسيبه
هم يلعبون اليوم في خزنة المال
ويطالبون الشعب بلقمة غبيبه
حنا هل الديره وحنا لها عيال
وحنا ذراها في الليالي الصعيبه
وحنا عليها نكد بسنين الامحال
لى غار عنها الجن واخلا جليبه


الغزل :كما قدم الشاعر زيد الحرب العديد من القصائد العاطفية التي عبر من خلالها عن مشاعره الجياشة حيث كان يتغزل بمعشوقته التي وصفها ببراق الغيوم.
ويعبر عن وجدانه المتدفق بالحب نحو حبيبته الجميلة التي وصفها وصفا جميلا يعكس هيامه بها وقد كتب قصيدته بمحبوبته على منوال " فن النجدي " وهو وزن خاص بالشعر العامي فيقول:
يعقوب قلبى مزعه سحاب الاردان
ظبى النفودى
ابو نهود بالحشا تفاح بستان
بيح سدودى
له غره وان شعشعت قلت القمر بان
يزهى العقودى
ابو ثنايا ذبل وشفاه مرجان
ظافى الجعودى
سبحان رب صوره بالزين سبحان
صافى الخدودى
لا غصن موز ناعم لا طلعة البان
ماله حدودى
نور البلاد صويحبى يزهى بالاوطان
رغم الحسودى


أفكار جميلة: ولابنته الشاعرة غنيمة زيد الحرب كلمة عن والدها حيث تقول:
تعلمنا أنا وشقيقتي من الشاعر زيد الحرب الشيء الكثير فقد غرس في رأسينا الصغيرين أفكارا جميلة عن العدل والمساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات بما لا يتعارض مع التكوين الطبيعي لكل منهما وترجم هذه التعاليم الى سلوك واقعي تجاهنا فلم نشعر قط بأننا أقل شأنا من الرجال فقد كان متفتحا مستنيرا سابقا لعصره و فتح بيننا و بينه أبواب الحوار و أعطانا من الثقة ما لم يعط لكثيرات في مثل ذلك الوقت اذ لقننا تعاليم الحرية الفكرية و أتاح لنا حرية التعبير و حرية الاختيار كما وفر لنا فرص التعليم في مرحلة مبكرة و لم يكتف بما حقق لنا من سسعادة ز طمأنينة واستقرار بل واصل العمل من أجل أن يوفر لنا مستقبلا أجمل حتى اللحظات الأخيرة من عمره المديد لذا لم يتولد لدينا هاجس المساواة بين الرجل والمرأة بل على العكس كان يكرر على مسامعنا قناعته بالمساواة بين الجنسين وما زلت أتذكر حين زفت له بشرى مولد أولى حفيداته وهو مريض في المستشفى ففرح وقال يا ابنتي ان ابنة شقيقتك افضل عندي من ألف ولد كما كان فخورا بحياته البسيطة وبأسرته التي تضم أبا شاعرا وأما حنونة نثرت حبوب الحنان على بساط تحبو فوقه طفلتان رضعتا من المحبة والجمال فيقول:
لبارحة يا بدر شي جرالي
يوم أنا شفت من شوفة طريفه
ألتفت عن يميني وعن شمالي
وردتين من المهرة العفيفه
وكان فيا شعره يشيد بالمرأة وعقلها الراجح التي تمنحها مكانة عالية في المجتمع بأكثر من قصيدة خلال مسيرته الشعرية يرحمه الله.


وفاته :توفي الشاعر زيد الحرب بتاريخ 21 فبراير1972 عن عمر يناهز خمسة و ثمانين عاما قضاها بالكفاح بالحياة وكان من دعاة الاصلاح من خلال شعره الذي يتنفس برئة الشعب محاكيا تطور مجتمعه.

المرجع : الكاتب فيصل العلي جريد الوطن .
__________________


وأن ماحمينا دارنا @ وشعاد نبغي بالحياه

ذيبٍ عــوا بـديـارنا @ وديـار حـيانـه وراه

رد مع اقتباس