الموضوع: صقر الشبيب
عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 05-11-2008, 10:16 AM
الصورة الرمزية الأديب
الأديب الأديب غير متواجد حالياً
عضـو متميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 448
افتراضي

أكره أن أخرج بمشاركتي عن موضوع (ديوان صقر الشبيب).. لكن لابد مما له بدُّ.

فبعد البحث السريع في ديوان الشيخ ابن سحمان .. وجدت ما كنت تسأل عنه أخي (مسلم1).

إنه مجرد تشابه في الأسماء ليس أكثر .. فإن خصم ابن سحمان هو (يوسف بن شبيب) ولا أعرف هذه الشخصية .. التي يبدو عليها من خلال القصيدة الآتية-ادعاء الانتساب لشيء من العلم الديني.


ومن سياق الأبيات يظهر أن يوسف من ابتدأ السجال الشعري؛ فقد (تحرش) هجا ابن سحمان بأبيات من بحر الطويل .. فانهال عليه الثاني بسيل من الهجاء المقذع، بتضمين أبيات الأول في قصيدته المسماة "هجمة المتطاول"، ثم فندها بيتاً بيتاًً.

وفيما يلي عرض لأشعار الطرفين والمستفاد منها:


يقول يوسف بن شبيب الكويتي لابن سحمان:

ترشّحتَ للعلم الشريف مفاخراً ** ولست بذي علم عليك دلائلُهْ

دهتك الدواهي يابن سحمان كلها ** جزاء المقال السوء إذ أنت قائلُهْ

تسيء ظنوناً بالشبيبي وصهره ** وكل إمام بان فينا فضائلهْ

وليس بما قد قلت يا شرَّ واهمٍ ** ولكنَّ سوء الفهم تبدو عواضلهْ

وما أنت إلا شاعر ذو قصائد ** فدع عنك في الأحكام ما أنت جاهلهْ

ولازم لـلا أدري لا تكرهنَّها ** ولا تتبع ظناً تصبك غوائلهْ

وهذا قليل في الجواب عجالة ** وسوف ترى ما لا تطيق تحاولهْ

أيجوز ظن السوء بالمسلم الذي ** يقول مقالا تستبين محاملهْ


وهنا لنا ملاحظات كاشفة للالتباس:

1- أنه نظراً لركاكة هذه الأبيات وبساطة تركيبها.. فإننا نقطع يقيناً بنفي نسبتها عن صقر، فالنَفَس الأدبي فيها ضحلٌ ...ولا يليق بخزينة المفردات اللغوية الغنية والدسمة التي تعودناها عند معري الكويت.
فصقر إذا حلّق بك شعره؛ علا بك وسما.

2- أن الأبيات تضمنت طرفاً ثالثاً .. هو صهر الشبيبي [أحد أطراف المنازعة]، ممن يحسن المساجلات الشعرية، وهذا غير وارد في حق شاعرنا صقر ! فليس عنده مثل هذا الصهر !

3- أن الشاعر يبدو من عباراته دعوى التفقه الديني.. حيث نصح ابن سحمان بأن يدع عنه الأحكام (الحلال والحرام) ورماه بجهلها .. ومعلوم أن شاعرنا صقراً لم يكن متفقاً لهذه الدرجة، وهو لم يستكمل دراسته الفقهية بالأحساء .. فمن المستبعد جداً: أن يخاطب خصومه وكأنه شيخ من شيوخ الفقه.

وإلا لفعلها مع خصومه الكويتيين ، ولم يفعل !

4- وأقول تخمينا اجتهادياً: لعل لهذا الرجل صلةٌ بـ(بر فارس) .. ستظهر من خلال معرفة صهره المشار إليه أعلاه؛ من خلال أبيات ابن سحمان.
هذا على تقدير أن الطبعة التي عندي خالية من التحريف والتصحيف.

والفائدة من هذه الجزئية هي طرح الفرضية –التي أطلقها العضو مسلم1- القائلة إنهما رجل واحد .. وأن صقراً هو المقصود بالهجاء من ابن سحمان.



- أما سليمان بن سحمان؛ فقد كانت إجابته على المعتاد قوية وقاسية ومسهبة بنفس البحر والقافية... وفي الحقيقة لا يبدو لي أن المساجلة بينهما كانت متكافئة في القدرات والقوى الفردية!

فابن سحمان شاعر مطبوع متمرس .. متخصص في الردود الشعرية على خصومه (حامل للحزام الأسود) في ميدان إنكار العقائد الفاسدة والبدع والمحدثات المنكرة.
وله حماسة شديدة في الدفاع عن آراء شيوخه النجديين.

فما ظنكم أنه فاعل به ؟

قال ابن سحمان:
[الأبيات طويلة جدا تجاوزت 200 بيت!.. أختار منها]:


هجاء غبيٍّ جاهلٍ ذي حماقةِ ** توهّم أن الحق ما هو قائلهْ

وما ذاك بالدعوى يُنال وبالمنى ** ولكنه بالعلم تسمو فضائلُهْ

فأبدى قريضاً من سفاهة رأيه ** بهدم علاماتٍ أشادت أوائلهْ

وهمْطٍ وخرطٍ بالسباب وبالهجا ** على أنه الأحرى به وهو حاصلهْ

.................................................. ............

وقد كنت فيما مضى عنه معرضاً ** ولم أكترث يوماً بما هو قائلهْ

ولم أتعرّض للغبيِّ بسبةٍ ** وإن كان قد شاعت جهاراً قلاقلهْ

بنصرته من ليس للدين ناصراً ** وهل هو إلا مارج العقل ذاهلهْ

.................................................. ...........

وحرَّر هذا الهجو من أجل أنه ** تدوم له لذاتهُ ومآكلهْ

ولم أر إلا سبعةً من نظامه ** محققة قد حررتها أناملهْ

.................................................. ..........

أقول نعم؛ إني لبالشعر عارفٌ ** إذا شئتُ أن أهجو به من أناضلهْ

وأبذل في ذات الإله قصائدي ** وأردي بها من شاع في الدين باطله

.................................................. ...........

وقد أعجب الفدم الغبي بنفسه ** فظن سفاهاً أننا لا ننازله

وإن امرءاً يهدي القصائد نحونا ** لفي سكرة فيما يرى ويحاوله

كمستبضع تمراً لخيبر ضلةً ** وجهلاً بمن يهجوه ممن يقابله

.................................................. .........

وتحسن ظناً بالهويلي محمدٍ ** ومن كان بالبهتان ظلماً يماثله

.................................................. ........

وما الطعن في الأنساب من أمر ديننا ** فسل عنه أهل العلم إذ أنت جاهله

بلى إنه للجاهلية مذهبٌ ** فسرتَ على منهاج مَنْ ذاك باطله

وليس على عبدٍ تقيٍّ نقيصةٌ ** إذا حقق التقوى وبانت فضائله

وليس الهويلي يا جويهل لفظةٌ ** يعاب بها في دينه من تناضله

.................................................. .......

وأما الشبيبي فالذي قال واضحٌ ** وليس على حق فتبدو محامله

فقد قال ما قد قاله كل مبطل ** كداود إذ أبدى مقالا يماثله

كذاك ابن منصور وقد رد شيخنا ** ضلالات ما قالا كما أنت قائله

وقال به هذا الكويتيُّ جهرةً ** فسحقاً لمن تلك المخازي مناهله

.................................................. ........

وندفع أخبار السفيه يُوَيْسِفٍ ** وأشباهه من كل فدمٍ يماثله

.................................................. .......

فهلا أتى الحقَّ الصريحَ الذي له ** منارٌ وتبدو ساطعات مسائله

وسار على نهجٍ قويم من الهدى ** وأمَّ إلى عذبٍ تطامى مناهله

وخلَّى بنيات الطريق التي متى ** بها أمَّ لمتاً لامعات عساقله

ثوى في مواميها وزيزى حدابها ** ووافى بها ريب المنون يغاوله

..... الخ الابيات الطويلة


وآسف لنقل تلك المشاحنات الساخنة .. التي لابد من إيرادها لدفع الاشتباه بين "يوسف بن شبيب" و"صقر بن سالم بن شبيب" .. وأكرر اعتذاري لنقل هذا النوع من التراث ..

الله يسامحك يا مسلم1 .. ((أدخلتنا في سالفة ثانية ما لها تالي)) !



ملاحظاتي على الأبيات السحمانية:

1- كيلا يتوهم قارئ –عارف بالشعر- أن في أبياته المنقولة (إيطاءً) ما؛ فإن مقدار ما حذفته اختصاراً بين تلك الأبيات كثير جداً .. بما يدفع عن أبياته: وصفَ قبح الضرورة.

2- أن هناك أسماء عرضية لا علاقة مباشرة بأطراف الخصومة مثل: دواد (وهو ابن جرجيس العراقي) وابن منصور (وهو عثمان التميمي النجدي) .. فلداود كتابات مؤيدة لعبادة القبور والأضرحة إما بالاستغاثة أو الدعاء أو التوسل المفضي لذلك.
ويقصد بشيخه (صاحب كتاب المقامات؛ عبدالرحمن بن حسن آل شيخ)

3- أهم ما في الأبيات في نظري .. التصريح باسم (صهر يوسف) الذي غضب لأجله.. وهو (محمد الهولي) حيث ذكره بصيغة المصغر .. إما تحقيراً له أو تهكماً بآرائه [المتسببة بالنزاع].. وأوضح أنه لم يقصد الطعن في نسبه، وأن ذلك خارج عن محل النقاش .. لأن الطعن فيه من صفات الجاهلية.

هذا مؤشر دال بوضوح
على أن المردود عليه ذو صلة ببر فارس [على الأقل مصاهرة].. وأن "مسائل الأنساب" لها حساسية لدى المردود عليه .. اضطرت ابن سحمان أن يدفع عنه هذا التوهم وينفيه.. وأنه لو شتمه ديانة فإنه لن يطعن في نسبه أبداً.

كل هذا على افتراض أن الطبعة التي عندي من الديوان[ط 2، 1977] خالية من التحريفات والأغلاط المطبعية.


إن ملاحظة هذا كله يدل على افتراق هاتين الشخصيتين؛ الشاعر صقر بن شبيب الشمري .. الأديب الشهير، ومدّعي التفقه الكويتي يوسف بن شبيب.. الذي أصدق ما يقال فيه: إنه نكرة غير معروف التاريخ والسيرة.. ولا أظنه يستحق أن يمثّل الكويتيين أصلاً !
خلافاً لصقر الضارب بشهرته الأطناب



هذا ما سنح بالبال والخاطر ..والله المستعان
أخوكم/ الأديب
__________________
ومنطقي العذب للألباب مستلبٌ *** ومبسمي نضَّ فيه الدر والنضرُ
لازم منادمتي وافهـم مناظرتي *** واسمع مكالمتي يفشو لك الخبرُ


التعديل الأخير تم بواسطة الأديب ; 08-11-2008 الساعة 02:00 PM.
رد مع اقتباس