عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 22-02-2009, 03:10 AM
الصورة الرمزية الأديب
الأديب الأديب غير متواجد حالياً
عضـو متميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 448
افتراضي

(جريدة الراي)

علي عبدالرحمن عوض:
كنت بائعا متجولا في الدوغة سنة 1960

الحياة محطات وتجارب فيها العبر والعظة فهي مدرسة حقيقية تجمعت فصولها فأصبحت مستودعا حوى ضروبها وروافدها لكي يستفيد منه الاجيال المتلاحقة على ارضها ومستقرها... ضيفنا اليوم مر في محطات عدة في حياته العملية الذي ركب قطارها وهو ابن ثلاثة عشر من عمره تنقل في مراحل كثيرة اولها كانت في مدينة الشام عندما جاء من قرية من احدى قرى بلاد حوران في سورية ثم جاء للكويت فشاهد وعاصر تطورها يحدثنا عن هذا كله واسهب معنا فيه مرورا بسفره إلى دبي وعودته للكويت احاديث شيقة ومتنوعة فلنترك له ذلك:

ولدت في الجيزة احدى قرى حوران من البلاد السورية وقريتي كانت ذات طابع زراعي يزرع بها القمح والشعير والعدس اما اليوم فلقد اخذ الناس يزرعون الزيتون والعنب اما في الماضي فلا اذكر الا القمح والشعير والعدس واعتماد الناس في هذه الزراعة كان على المطر .
اما وسيلة الناس في الشرب فهي ابار وبرك على مسيل الوادي متوافر الماء بها على مدار العام وهو ماء حلو... والدي كان مزارعا مثل ابناء بلدة الجيزة وهو لا يقرأ ولا يكتب اما انا فلقد حفظت القرآن عند الشيخ محمد النايف حتي ان من يتم حفظ القرآن يعمل له حفلة يلبس لباسا جديدا «زين» ثم يقدم للجمع عشاء او غداء... وبعد الشيخ محمد النايف توجه للدراسة في المدرسة ولكنه عند الالتحاق بها ارادوا دفع اجرة مقدارها نصف فرانك فقال الوالد خلاص ليس هناك دراسة.

البدو
نحن اهل ريف وكان يأتينا في زمان الماضي بدو من اهل الخليج وسورية، اهل حلال بعد الحصاد يأكلون ويشربون من الوديان يقيظون على تلك البرك المتوافر بها الماء.

العمل
اول عمل زاولته زراعا في قرية الجيزة وكان عمري لا يتجاوز ثلاثة عشر عاما وزراعا بالاجرة فالمزارعون عندنا يزرعون الحمص والشعير والعدس والقمح والاجر كان زهيدا جدا جدا ويكون من الحصاد 200 كيلو واذا لم يأت مطر يرحل الاجر إلى السنة المقبلة... بعد ذلك انتقلت إلى الشام حيث استقليت حافلة كبيرة «باص» وكان ذلك سنة 1957 واخذت اعمل في سوق المرجة حمالا بالاجرة اخذت اجرة نصف ليرة وعملي من الصباح الباكر إلى المساء وكنت اسكن في فندق ذي غرف كثيرة وكل اربعة اشخاص في غرفة والاكل والشرب متوزع بينهم وانا كنت اسكن مع مجموعة من بلدنا «الجيزة»
والمرجة كان سوقا كبيرا والناس متوافرة به مكثت في هذا العمل ثلاث سنوات بعدها خدمت بالجيش الالزامي سنتين وكانت خدمتي في البنك ثم اخذت اجازة ثلاثة اشهر وذهبت إلى اهلي في الجيزة وعندما اردت ان اسلم على والدتي قالت لن اسلم عليك حتى توافق على الزواج من «فلانة» وهي بنت عمي فأمي كبيرة بالسن ووالدي كبير بالسن وارادت امي ان اتزوج مبكرا حتى تخدمها زوجتي فاخواني كانوا يعملون خارج «الجيزة» فوافقت وكان المهر خمسة الاف ليرة سورية لكنه ليس متوافرا عندي فدفعت بدلا منه قطعت ارض فوافق عمي على ذلك اما التجهيزات الاخرى فكانت من صاحب دكان عندنا في القرية اخذتها منه «سلفا» اي دين وتم الزواج.

الكويت
عندما ذهبت إلى الشام وعدت في احدى الزيارات رأيت بعض الاهالي عندنا في بلدنا يبكون لان ابنهم تغرب وذهب للكويت ولم اكن اعرف عن الكويت شيئا ولاول مرة يطرق سمعي اسم الكويت ثم اخذ يتردد شيئا فشيئا وكنت اظنها وراء الجبل الذي كان محاذيا لبلدنا من جهة الشرق... لكن زاد زكرها عندنا وسافر اليها اخي الذي اكبر مني وبعض ابناء البلد فعزمت امري وسافرت عن طريق ابوكمال في سورية ثم العراق حتي وصلت للكويت
واظن انني عاشر واحد من بلدنا جاء للكويت والطريق الذي سلكته عند مجيئي كانت مدته ثلاثة ايام... وصلت إلى المنطقة التي بين العمرية وخيطان والتي بها مسجد الحمضان وكان في موقعه محطة بنزين فسكنت عشة مقابل نادي التضامن اليوم جهة خيطان ولم تكن هناك بيوت بكثرة، انا سكنت مع بعض ابناء بلدي وبدأت اعمل معهم كما كانوا يعملون وعملهم هو بيع السمبوسة متجولا على الاهالي من الصباح إلى بعد الظهر فليس هناك اعمال متوافرة والامور مقبولة ولا مشاكل والناس تحب ان تساعد بعضها.

البنشر
أخي افتتح بنشراً في العضيلية، أما أنا فقد تغير نشاط عملي وأخذت اعمل في بيع الكاز مستغلا عربة يجرها حصان واشتري الكاز من محطة البنزين التي بين خيطان والعمرية والناس كانت تستخدم الكاز بشكل يومي وهو من الضروريات عندها في تلك الأيام.

والمكان الذي كنت أبيع به الكاز هو الدوغة في شوارعها، لا أخرج منها وهي اليوم المكان المجاور للحديقة إلى الشارع الرئيسي حتى البنك الأهلي ويبدأ عملي من الصباح الباكر حتى الظهر ثم استريح واعود بعد العصر إلى الساعة التاسعة مساء... كان من يريد الكاز يضع التنك أمام بيته، فالبيوت كانت مجاورة للسوق والعشيش متفرقة حولها، أنا أملأ التنك واذهب والتنكة كان سعرها 200 فلس وكنت أعمل على هذه العربة لوحدي أخذت في هذه المهنة ثمانية أشهر ثم بعت العربة وحصانها.

الأخر
انتقلت بعد ذلك للعمل مع اخواني في البنشر الذي اخذوه في الفروانية وكان لي راتب مقداره سبعة دنانير من الصباح الباكر حتى الليل تبديل زيت وتصليح بنشر وقد تعلمت هذا كله من اخواني والزيت كنا نأخذه من شركة منصور محمد منصور.

والشغل والعمل كان بكثرة فليس هناك محلات منافسة كثيرة والكويتيون في ذلك الوقت هم يصلحون سياراتهم بأنفسهم أما نحن فكنا نبدل زيتاً وبنشر وسبرنغات والزيت الذي نقوم بتبديله نرميه أمام المحل حتى تصير الأرض قوية في وجه الرياح والغبار العجاج الكثير في تلك الأيام، وكانت بلدية الفروانية مقابل محلنا وهي لا تمانع من ذلك حتى تصير الأرض صلبة ولا يتطاير الغبار في الشتاء،
كنا نقيم في داخل المحل أما في الصيف فننام في الساحة الخلفية للمحلات والسوق، فالكل كان يفرش وينام في تلك الساحات المتناثرة والقريبة من سوق الفروانية ومحلات الترفيه وكانت المحلات التي من ضمنها بنشرنا ملكا للشيخ خالد الأحمد الصباح.

القدوم
أثناء عملي مع اخواني في البنشر جاءت زوجتي للكويت فاستأجرت بيتا مقابل المحل الذي اعمل فيه وكانت قيمة الايجار سبعة دنانير وهو عبارة عن ديوانية مع مطبخ وحمام، وفي تلك الايام كانت العشيش بكثرة لكن راتبي كان سبعة دنانير وسكني سبعة دنانير، لذلك رجعوا أهلي مرة اخرى لسورية بعدها بأشهر فتحوا اخواني محلا في العضيلية وعملت به وكان ذلك سنة 1967.
دبي
ارتحلت إلى دبي الساحلية بعدما عملت في بنشر اخواني في العضيلية حيث استقللت لنجاً بمئة روبية وكانت هذه المنطقة ناشئة صغيرة ليست كبيرة وكل ما فيها يأتي من الكويت المدارس والبيوت والمستوصفات كانت اوضاعها متواضعة جدا وبها المساعدات الكويتية متوافرة وأنا حين ذهابي اليها تسلفت من احد المعارف ثلاثمئة روبية لكي أتهيأ للسفر... ودبي في تلك الايام بيوتها قليلة وهناك من يسكن العشيش أما أنا فسكنت عند اناس من بلدي لم أجد العمل متوافراً بسرعة ولم يبق معي من المبلغ الذي تسلفته الا «30» روبية وتعبت نفسيتي من عدم توافر العمل بسرعة، لكن الله سبحانه وتعالى يسر لي عملاً في شركة يوغوسلافية كانوا يريدون سواقاً فتقدمت وعملت معهم وهذه الشركة كان منوطاً بها انشاء مطار دبي.

الراتب
كان راتبي في الشركة اليوغوسلافية 200 روبية يبدأ من الصباح الباكر حتى الثانية بعد الظهر والأكل والسكن عليهم، قبضت عاما كاملا ثم عملت في شركة كوكاكولا التي في دبي وكان صاحبها مرزوق الشملان وهو كويتي ولي أنا راتب 350 روبية مع عمولة عشرة في المئة والسكن والأكل على الشركة بعد اربع سنوات ونصف السنة من عملي سافرت إلى بلدي في سورية على الخطوطة الجوية السورية وكان مكتبها في دبي يمثل السفارة السورية، وكان مدير الشركة التي اعمل بها يريد مني ان ارجع للعمل في الشركة مرة اخرى لكن موظفاً في الخطوط الجوية السورية قال له عندما سئل عني ان علي قد وصل ساحة المرج.

العودة
بعد ذهابي إلى سورية رجعت للكويت وعملت في محل الدوغة الذي كان به اخواني وقد استمر هذا المحل خمسة عشر عاما ولي به معاش ثلاثون ديناراً والمحل مقسم إلى جزءين فخطر على بالي ان اجعل الجزء الذي نستريح به محلا للزينة فعزمت امري وذهب حيث تباع اغراض الزينة وكانت بالقرب من السينما الحمراء حيث اتيتها ظهراً ظناً مني انها مفتوحة لكن علمت انها شركات وتعمل على فترتين الصبح والمساء، وأنا كنت أتصور انهم مثل عملنا في البنشر، انتظرت حتى الساعة الرابعة بعد العصر، بعد ذلك فتحوا ابواب الشركة لاستقبال الزبائن وأنا من ضمنهم فاشتريت بدينار ونصف اغراض زينة السيارات ثم رجعت إلى الدوغة «الفروانية» وجعلتها في الجزء الاخر للمحل بعد فترة اصبح كل ذلك الجزء مليئا بأدوات واغراض زينة السيارات
وقسم المحل بيني وبين اخواني جزء زينة السيارات لي والبنشر لاخواني... اخذت ادفع ايجاراً شهرياً سبعة دنانير وكان ذلك سنة 1971 ولم تكن صناعية الشويخ قد انشئت لعمل كراجات، والشركات بل محلات السيارات كانت في الكويت استمر عملي بالنمو فكان عندي سيارة وانيت اذهب إلى سينما الحمراء التي عندها محلات زينة وآتي بالنياكل وهرنات وطوس السيارات واعمل في محلي من ساعات النهار الأولى حتى اخر الليل .

وقد جعلت معي عاملاً هندياً يعرف عمل زينة السيارات وكيفية التركيب والقص ووضعها في الشكل الملائم والمناسب، خصوصا الخطوط التي توضع على جانب السيارة وأنا جعلته يعمل عندي حتى اتعلم منه ذلك العمل الجديد علي، وراتب ذلك الهندي كان اثني عشر ديناراً، مكث عندي عاما كاملا استمر عملي بالنمو والازدياد
وقد علمنا ان العقار الذي نحن فيه سوف يثمن وأن مالكه يريد منا ان نخلي المحلات التي فيه فذهبت أنا نيابة عن اصحاب المحلات وكان ذلك العقار للشيخ خالد الأحمد الصباح فأعطاني مشكورا وجزاه الله خيراً سنة نمكث بلا دفع ايجار ثم جدد لنا سنة ثانية حتى اصبحت المدة ثلاث سنوات ونصف السنة ونحن في ذلك العقار حتى ثمّن وخرجنا منه.

الثاني
استأجرت محلا اخر بدل ذلك المحل الذي ثمن عقاره من قبل الدولة وقد دخلت في هذا المحل الجديد قطع غيار سيارات التي انا اعرفها واتيت بعامل يركب تلك القطع شيئا فشيئا تطور العمل لدينا حتى اخذنا نعرف قطع غيار السيارات جميعها واصبح المحل لقطع غيار السيارات وصارت الشويخ بها شركات قطع غيار السيارات بعدما كان مكانها في شارع الامن العام
وبدأ عملنا بالازدهار ولم اقتصر على شركة معينة بل كل شركات قطع غيار سيارات اتعامل معهم... اما اسم محلي فقد اخترت له اسما في بلدنا في سورية وهو قلعة بصرى وهي قلعة اثرية تبعد عن بلدنا عشرين كيلو من جهة الشرق ومكثت في المحل عشرين عاما بعدها انتقلت إلى محل اخر واصبح معروفا لدى الجميع حيث استمر اكثر من ثلاثين عاما وكنت اخذ من الشركات بالاجل لانني محل ثقة عندهم اكثر من ستين شركة التعامل معها في شراء قطع غيار السيارات ومستلزماتها.

نادر
شهرتي بين اهالي الفروانية هي ابو نادر فلا احد يعرفني الا بكنيتي ابو نادر والكل له علاقة طيبة معي من سنين طويلة على سبيل المثال المرحوم الشاعر الكبير مرشد البذال كان صديقا واسرة النزال وعباس الربيع وعضو مجلس الامة السابق عباس حبيب المناور ومطلق النزال مختار الفروانية وجميع اهل الفروانية والكويت الطيبين هم اصدقائي واهلي فأنا لي عمر معهم.

السرقة
تعرض محلي للسرقة مرتين في الاولى اتصل علي جاري في المحل وهو حين ذهب لصلاة الفجر رأى المحل مفتوحاً فاتصل واخبرني فقلت ان الذي فتح المحل لا يريد قطع غيار بل فلوس ولا يوجد في المحل الا «350» فلسا وفعلا جئت إلى المحل ووجدت صندوق الفلوس مكسورا وقد اخذ ما به... اما المرة الثانية فوجدت القفل مكسورا والاوراق مبعثرة حيث لم يجد السارقون فلوسا في المحل فبعثروا الاوراق وكلتا الحادثتين لم ابلغ بهما الشرطة.

الاولاد
ابني نادر من مواليد 1969 هو مهاجر في اميركا اما منذر فهو من مواليد 1970 والثالث من مواليد 1971 اسمه كويتي على الكويت فهي تجري بدمائنا ومحلها قلوبنا اما البنات ورده وامنة وسارة... وحين وفاة الشيخ صباح السالم الصباح كنا في نزهة في البر فسمعنا بوفاة الشيخ المرحوم وكان ذلك اثناء ذهابي بزوجتي إلى مستشفى لاجل الولادة فلما ادخلت المستشفى جاء بمولود ذكر، واسميته على الشيخ صباح السالم، فقلت اسمه صباح لكن لم يمض وقت حتى قالوا لي لقد توفي بعد الولادة فلم يكتب له حياة.

المواصلة
معي من ابنائي في المحل منذر وكويتي وهما يحملان الشهادة الثانوية اما نادر فهو مهاجر إلى اميركا وقد زوجت اولادي جميعهم في يوم واحد وبنيت لهم فللا في بلدنا كل فلة دوران على مساحة سبعة الاف متر حتى بناتي كان زواجهن في يوم واحد.

التحرير
عندما حررت الكويت الغالية لم تكن الكهرباء متوافرة وكانت قوات الشرطة متوافرة في مخفر الفروانية فذهبنا لهم واعدنا تيار الكهرباء على بطاريات كانت عندي في المحل كل ذلك مساهمة وواجب علينا تجاه الكويت الغالية وقد جاء في كتاب شكر وتذكرة إلى مطار من غير جواز سفر فذهب إلى اهلي حيث أنني كنت في الكويت اثناء الغزو.

الناس
الناس إذا ارادوا وصفا في الفروانية سواء المواطنون منهم ام المقيمون فهم يصفون ويرشدون على محلي حيث يقال محل ابو نادر هل هو امامه ام في شارع محل ابو نادر ام قريب منه وقد يتواعدون عند المحل... كان يأتيني بعض الزبائن يوم كانوا صغارا واليوم هم كبار وقد اذهب للمراجعة في الادارات الحكومية فالتقي معهم وانا لا اعرفهم وهم يعرفونني ويستقبلونني بكل رحابة ويعرضون مساعدتهم.

يوسف
من عملائي الذين كانوا يأتونني وهم صغار في العمر يوسف الميلم كان يأتي المحل وهو صبي صغير على دراجته الهوائية «غاري» وكنت انفخ عجلاتها بالهواء واليوم هو مدير في بلدية الكويت.

الحج
الحمد لله حججت مرتين الاولى كانت مع لافي الهرير والثانية مع حملة المناور.
__________________
ومنطقي العذب للألباب مستلبٌ *** ومبسمي نضَّ فيه الدر والنضرُ
لازم منادمتي وافهـم مناظرتي *** واسمع مكالمتي يفشو لك الخبرُ


التعديل الأخير تم بواسطة الأديب ; 22-02-2009 الساعة 03:16 AM.
رد مع اقتباس