عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 17-02-2008, 07:01 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

قبل أن أنهي ما أكتبه عن موضي العبيدي في سلسلة من كتبوا عنها وقصة حياتها تبرز المرحومة هداية سلطان السالم حيث انها كانت قد كتبت كتاباً هو «خريف بلا مطر» سنة (1973) واعادت طباعته مرة ثانية، الا ان هذه الطبعة التي بين يدي لا يوجد عليها تاريخ للطباعة، وتقول في هذا الكتاب مجموعة قصص أبرزها قصة قرينيس والعنوان «علم قرينيس» وتقول:
هذه القصة لم تكتب لكن تكون قصة كتبتها في فترة للتأريخ بها لأول شاعرة كويتية ونشرت بعنوان «موضي عبد العزيز العبيدي» واذا كنت اثبتها اليوم تحت عنوان جديد هو علم اقرينيس فما ذلك الا لأنها تصور حقبة ماضيه من تاريخ الكويت.
لقد افردت لهذه القصة ستة عشر صفحة (16)، تكلمت فيها عن موضي العبيدي ثم عن اولادها محمد وابنها الثاني الذي غرق في الغوص بالبحر وسمته حسين لكنها تحدثت عن رحلة ابنها الاول محمد وكيف استعد للحرب في الصريف حاله حال الشباب الكويتي الذين ذهبوا معه هناك طبعاً ولدها الثاني ليس اسمه حسين بل يوسف ولم تتحدث عن زوجها ولا عن بناتها الاثنتين وهنا انقل بعض من الفقرات التي ذكرت في هذا الكتاب حيث تقول في صفحة (156،157) من الكتاب.
«ثم تأتيها آلام المخاض ولما تكتمل السنة الاولى لزواجها، ويطل على الدنيا بكرها«محمد».. فإذا الدنيا تكاد لا تسعها.. وتقبل على الطفل حانية حادبة...»
ومع نهاية السنة الثانية، ترزق بحسين طفلها الثاني... فتزداد فرحتها.. وهي ترقب الصغيرين يحبوان، ويناغيان..
لكن السنة الثالثة تحمل اليها ما يهد كيانها، فقد افاقت ذات صباح، لتجد ان القلب الكبير قد سكت الى الابد...
لقد مات والدها، فليهطل قلبها من عينيها، وليحرقها الحزن والتفجع.. فقد فقدت السند الناصح الحاني.. ولكن الدموع لا تنفع فلا دافع للقضاء ولا راد.. وعلى العكس من كل الارزاء، فإن رزيئة الموت تبدأ من قمة المأساة، ثم تتدرج لتتلاشى.
... ومع ذلك فإن وفاة والدها، تبقى علامة ظاهرة في مجرى حياتها..
وتمضي حياتها بعد ذلك، عادية لا يميزها عن سواها من نسوة الكويت اي شيء الا تلك الاختلافات البسيطة في التفاصيل والخصوصيات.
ويدور الزمن وينمو الطفلان فاذا بلغ احدهما السن المعقولة الحقته بدار المطوع، ليبدأ بتعلم الالف باء، ثم ينتقل بعد ذلك الى حفظ الابجدية، تهجئة وشكلاً ثم ينتقل الى الفاتحة، فالسور القصار حتى ينهي ختم القرآن وتذوق هي الفرحة حين يتم الواحد منهما قراءة القرآن.. ويعرف كيف «يفك الخط» وتلك كانت ذروة التعليم في الكويت يومذاك..
وتستمر الايام في تعاقبها الرتيب وترقب الولدين وهما يشبان عن الطوق فاذا اصبحا قادرين على العمل واكتساب الرزق الحلال اختار اولهما «محمد» ان يعمل في التجارة، مع ابيه فيكون استمرار لابيه كما كان أبوه استمرار لجده، وفق العادة التي درج عليها الكويتيون منذ القدم.
أما الثاني «حسين» فقد استهواه البحر فاتجه الى حرفة الغوص، شأن الكثيرين من الشبان الاشداء الذين تعودوا على انتزاع ارزاقهم من اعماق لجته.
ومن جديد تمضي حياة الاسرة هادئة رتيبة لا يميزها اي شيء عن حياة آلاف الاسر الكويتية.. الكل يسعى في عمله، ويصارع الظروف القاسية من اجل الحياة الكريمة. على ان التحول الاكبر في حياة الاسرة يبدأ ذات مساء، حينما يدخل الابن البكر محمد على امه، بادي البشر بدرجة غير اعتيادية.
والى ان تتحدث الكاتبة حول قصة ابنها الثاني الذي سمته حسين فتقول في صفحة (166، وصفحة 167).
وتمضي موضي ايامها بعد ذلك في بكاء وتفجع، وحين تهم ان تفيق بعض الشيء من صدمة الفاجعة، حتى يعاجلها القدر بصدمة اخرى قضت على البقية الباقية من صبرها وتجلدها.. وجعلتها تعيش الصدمة الاولى.
فقد جاءها النعي بأن ابنها الثاني حسين قد اغتاله البحر في لحظة من لحظات ثورته فبقي طعماً للاسماك...
كانت الصدمة من القوة بحيث اذهلتها، فلم تطلق دمعة واحدة، ورفاقه يعطونها ثيابه، واعتصمت بالصمت لا تكلم احداً ولا تتناول طعاماً وانما تتطلع الى البعد بعيون ذاهلة.
فإذا انقضت ايام عليها وهي على هذه الحالة خرجت عن صمتها لتنطق بكلام يفتت القلوب:
يا بو سعيد عزي لمن ضاعت ارباه
قلبه حزين ودمع عينه يهلي
يسهر توالي الليل والنوم ما جاه
في مرقده كنه بجمر يقلي
على حبيب سمت الحال فرقاه
الخير اللي للقرايب يهلي
ليتك حضرته يوم قربت مناياه
ما جا يا مشكاي في القوع خلي

ثم تقول:
يا ليتني بالهير ميت وياه
موج البحر فوقي وفوقه يزلي
والا تقاسمت الغرابيل وياه
نصيفة حقه ونصيفه لي
جتني هدومه عقب عينه مطواه
لا وفق الله محمل جابها لي
ما ادري درادير ازرق الموج وداه
والا كلاه الحوت واكبر علي
ليته ربيط كان تسمون بشراه
تسمون اللي هو للقرايب يهلي
ليته وراه سيلان والهند مرباه
وارجى يجيبه لي شراع معلي
لقد نقلنا قصيدة (يا بوسعيد عزى لمن ضاعت ارباه) كما اوردتها الكاتبة بحذافيرها علماً بأنها تختلف عن نقل الحاتم والدويش لكن هناك فوارق في كثير من الابيات التي وردت ونحن في حاجة الى التوثيق من القراء الكرام حول هذه الاختلافات في الروايات.
وفي النهاية اكون قد وفيت بما نقله السابقون عن هذه المرأة البائسة ان اختلفت رواياتها او ربما قصص بعض حياتها لكن الذي يهمنا ان نثري الموضوع بهذا البحث حتى تكون عندنا قصة حياة موضي العبيدي كاملة مع مرور الوقت ونحن نكتب عنها.
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"