عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 09-08-2012, 03:26 AM
ندى الرفاعي ندى الرفاعي غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 693
افتراضي





المرحوم الشيخ عبدالله النوري برفقة الشيخ عبدالله الجابر
حين مقابلة الرئيس المصري محمد نجيب سنة 1954



كان والده مدرسا في المباركية

الشيخ عبدالله النوري قضى حياته معلما وإماماً وخطيباً وداعياً ومفتياً ومؤلفاً

حدث - الراي

نسطر اليوم سيرة الشيخ عبدالله النوري فيذكر ولادته والطريق الذي سلكه في العلم ثم نقف في بعض محطات حياته الحديقة المثمرة بالخير فنقطف ازهارها ونستنشق طيب رائحتها فهو كل ميدان كان له انتاج واثر سواء كان مقروءا او مرئيا أو مؤلفاً، كل ذلك سوف نتطرق اليه مع نفحات من سيرته العطرة:
في الثالث عشر من شهر ربيع الاول سنة 1323 للهجرة، الموافق ليوم الثلاثاء السابع عشر من مايو سنة 1905 للميلاد، ولد الشيخ عبدالله النوري في مدينة الزبير، وكان بكر والده.
يرجع نسب المرحوم الشيخ عبدالله النوري إلى عائلة كانت تسكن مدينة الموصل في شمال العراق، ترجع جذروها إلى قبيلة عربية تسمى «آل عبيد» وهي فرع من «شَمّر» القحطانية.
دراسته
بدأ والده بتعليمه حروف الهجاء وهو في الرابعة من العمر، اتبعها بتعليمه القرآن الكريم فختمه وهو في الثامنة من عمره. وكان ختم القرآن يعد في ذلك الحين مرحلة مهمة من مراحل التعليم، تدعو للاعتزاز وتوجب الاحتفال الذي يتلقى خلاله والد الطالب الذي ختم القرآن تهاني الاقارب والاصحاب.
بعد ذلك التحق الشيخ عبدالله النوري بالمدارس التركية، وظل بها حتى عام 1914 للميلاد، وعندما احتل الانكليز البصرة دخل في المدارس الاهلية إلى ان اكمل المرحلة الابتدائية، وكانت مدتها اربع سنوات. وكان الاول في مدرسته وعلى اقرانه. لذا رشح في سنة 1339 للهجرة - سنة 1920 للميلاد - للالتحاق بدار المعلمين في بغداد، التي كانت مدة الدراسة فيها سنتين اكمل الاولى منهما ولم يكمل الثانية، حيث قرر والده الهجرة إلى الكويت للعمل في المدرسة المباركية مدرسا للدين والنحو بناء على طلب من الشيخ عبدالله الخلف.
تعليمه
لدى الحديث عن حياة الشيخ عبدالله النوري قد يكون من المفيد ان نسهب قليلا في الحديث عن تعليمه وثقافته، ذلك ان توسعه وتعمقه في العلم هما اللذان جعلا منه شيخا متعلما جليلا ومعلما فقيها. وعلمه وثقافته وعمله الصالح جعلوا له مكانة رفيعة واهلوه لتسنم مناصب كبيرة، وساعدوه على انجاز اعمال رائدة خلدت ذكراه في قلوب الناس جميعا.
القراءة
كان تعلق الشيخ عبدالله النوري بالدراسة شديدا فكان متفوقا فيها على اقرانه على مقاعد الدراسة وكان الاول عليهم. وولع بالقراءة والمطالعة منذ الصغر، فكان يقرأ كل ما تقع يده عليه، ويسعى للحصول على الكتب التي يصل اليه خبرها وفائدتها، في وقت ندرت به المطبوعات وغَلَت.
كان الكتاب رفيقه انى ذهب، في المكتب وفي المجلس، في الحل والترحال، لا يتقيد بقراءة كتاب واحد، قد يقرأ في كتاب ويتركه إلى اخر يلتمس فيه موضوعا فيتغير الجو لديه بتغيير الكتاب كما يتبدل جو المجلس بدخول صديق وخروج صديق - حسب تعبيره - وكان يقول: «ان خير هدية تُهدى اليّ هي كتاب» ولفرط حبه للكتب فقد تغزل بالكتاب في احدى قصائده: حيث قال:
بدا لي وجهها كالشمس
من خلف غيماتْ
فما احلى لقاها لو
امنَّا من رقابات
لها جيد له حسن
يفوق الحسن مرَّات
فليلاي الذي اعني
كتابٌ ذو افادات
كان مواظبا منذ صغره على قراءة الكتب واقتنائها، وعندما بلغ العشرين من العمر كانت لديه مكتبة متواضعة خاصة يدوام على قراءتها وحفظ ما فيها.
ان حبه للقراءة وكثرة المطالعة اكسباه ثقافة وعلما واسعين، ويبدو ذلك جليا في احاديثه ومؤلفاته، ففي كتابه «الرشد» اشار إلى الكثير من المراجع والكتب منها مثلا: تفسير القرآن الحكيم للشيخ محمد عبده، مشكاة المصابيح للخطيب العمري، الباب التأويل للعلامة الخازن، تفسير المراغي، ومفتاح الخطابة والوعظ لمحمد احمد العدوي، وغير ذلك الكثير ... ما يشهد ان الشيخ عبدالله النوري نال حظاً وافراً من الثقافة الدينية والادبية بل والقانونية. ليس من منهج مدرسي فرض عليه فرضا، ولكن من حب للمعرفة وشغف بالتعلم.
لم يكن حبه للعلم وتعلقه به الدافع الوحيد له، بل كان هناك ايضا تشجيع والده له، حيث وفر له العديد من الكتب والمراجع القيمة منها: دليل الطالب في فقه الامام احمد، وشرح قطر الندى في النحو، وكتاب رياض الصالحين في الحديث، وكان ذلك اثناء دراسته على يد الشيخ عبدالله الخلف والشيخ جمعة بن جودر، والشيخ محمد الشنقيطي رحمهم الله جميعا.
للفقه
عندما كان الشيخ عبدالله النوري في الثانية والعشرين من عمره، اخبره والده ذات يوم بان عليه ان يسافر إلى الهند بعد اربعة ايام في رحلة عمل وتجارة، ولما كان «الابن الفتى» لا يجادل والده في قرار يتخذه، ولا يجيبه باكثر من كلمة «ابشِر» فقد سكت هذه المرة ولم يجب مطلقا، فعجب والده لهذا الامر غير المعهود، وسأله: مابك؟ فأجابه بكلمة «أمرك» ولم يقل أبشر كعادته. فأحس الوالد بعدم رغبة ابنه في السفر، وبعد صلاة المغرب قال له والده: «اذهب فصل العشاء اماما بالجماعة، فأنا احس اليوم بوعكة صحية»، وهكذا فعل، وبعد عودته من الصلاة سأله ثانية: ما بك؟ كأني بك لا ترغب بالسفر؟، فأجابه، نعم يا أبي، لقد سألني اليوم سائل عن حكم من احكام الوضوء فلم استطع تقديم الجواب الشافي والمسند وانا امام، فكيف بي اذا سألني سائل غدا سؤالا عن احكام الصلاة او الصيام...؟ اني اريد ان اتعلم واتفقه لاعرف كيف ارد على اسئلة السائلين.
فسمح له والده بالبقاء وعدم السفر، ولم يغضب منه، بل شجعه وحثه على الاستزادة في طلب العلم، وكأنهما، رحمهما الله، كانا يعرفان ما سيكون من امر اسئلة السائلين الكثيرة التي تلقاها الشيخ عبدالله النوري في اواخر سني حياته.
تتلمذ الشيخ عبدالله النوري على يد عالم الكويت واحد كبار اعلامها في ذلك الوقت، الشيخ عبدالله بن خلف الدحيان، فأخذ يغرف من بحر علمه في اصول الفقه الحنبلي، وكان الناس يأتون إلى الشيخ عبدالله الخلف من شتى احياء الكويت ليؤمهم ويكون خطيبهم في صلاة الجمعة في مسجد البدر منذ تأسيسه في سنة 1906، للميلاد، وقد لازمه الشيخ عبدالله النوري ردحا من الزمن، وكان الشيخ خلف اول من استقبل الشيخ عبدالله النوري لدى قدومه إلى الكويت اول مرة. وفي وصف اول لقاء لهما قال:
«طرقت بابه ففتح لي، ولم اكن اعرف من هو. لباسه كان عبارة عن دشداشة من قماش اسمر وغترة، وكان يعمل القهوة للضيوف، يأتونه بعد المغرب يستمعون منه الوعظ، سألته اين الشيخ؟ فقال لي حاضر، وكان يسألني عن حالي وحال الوالد وصحته وعن الامطار، وعن اخبار بعض من يعرف من كبار اهل سوق الشيوخ، وكنت اجيب عن كل سؤال، ثم سألته مرة اخرى عن الشيخ واين هو؟ فقال: انا هو، عندها خجلت من نفسي وتصبب جسمي عرقا لان اجاباتي عن اسئلته كانت مقتضبة، عندها اذن للمغرب فدلني على باب المسجد.
والمسجد ملاصق لبيته من جهة الجنوب، وبعد الصلاة تبسط مع الجماعة المأمومين، ثم عاد إلى البيت وعدت معه، وبعد تناول العشاء توافد الضيوف إليه ليستمعوا منه الموعظة ويحتسوا القهوة، فوعظهم نحوا من عشرين دقيقة ثم قدم لهم القهوة العربية المعطرة. ثم كان اذان العشاء».
ومما قاله الطالب عبدالله النوري في شيخه عبدالله الخلف: «هو افضل رجل رأيته في حياتي علما وفضلا، فهو العلم الشامخ، والورع التقي الذي وهب حياته للعلم فغاص في بحاره حتى بلغ منها الاعماق، ووهب من علمه الكثير لكل سائل او طالب او مستمع... كان كريما وكان كرمه الايثار، كان حليما وكان حلمه العفو عند المقدرة، وكان قنوعا وقد ذلت له الدنيا حتى وصلت عند قدميه فأباها...».
ويبدو ان العلم الذي ينهله المرء من ملازمة العلماء والفقهاء كان الابقى والاصلح، فهو الابقى في الذاكرة، والاثبت في الفؤاد، ذلك ان ملازمة العلماء والفقهاء تتيح لطالب العلم ان يسأل عما يشاء وان يستزيد من السؤال حتى تشفيه الاجابة، ويحيط بالموضوع الذي هو بصدده، ويرسخ العلم في ذهنه... وهذه كانت حال شيخنا عبدالله النوري مع معلميه.
لم يتوقف يوما عن الدراسة والتعلم وطلب العلم. ففي عام 1931 للميلاد، وكان عمره سبعة وعشرين عاما، كان يعمل مدرسا، وفي نفس الوقت كان يواصل الدراسة والتعليم، فقد درس الرحبية وشرحها في الفرائض مع الشيخ عبدالعزيز حمادة، وواصل دراسة الفقه مع الشيخ عبدالوهاب الفارس بعد ظهر كل يوم في مسجد الفهد لمدة تناهز السنة، وإلى جانب الفقه، درس معه كتاب «نيل المآرب في شرح دليل الطالب...». كان رحمه الله باحثا ودارسا في المذاهب الدينية المختلفة، درس المسيحية وتعمق بها ودرس الصابئة والزرادشتية، وعرف عن الهندوس بعض دياناتهم، درس البهائية والامامية والشيخية وغير ذلك من المذاهب، فلم يزده ذلك الا رسوخا في دينه وعقيدته، واقتدارا في الرد على ما يسأل فيه وعنه...
التدريس
اشتغل الشيخ معلما في مدرسة «محمد العجيري» التي تقع في الحي القبلي من الكويت، واسماها (تربية الاطفال) كان اشتغاله فيها من اوائل جمادى الاولى حتى نهاية الاسبوع الاول من رجب من سنة 1341 هـ ولم يكن قد اكمل العشرين من عمره.
وبعد وفاة والده في 15 رمضان سنة 1345 هـ - الموافق 18/9/1927، اخذ محله مدرسا في مدرسة والده الخاصة، يعلم الصغار القراءة والكتابة، ويعلم الكبار في الوقت نفسه مبادئ الحساب ومسك الدفاتر.
عمل في المدرسة المباركية منذ وصول الشيخ إلى الكويت في 25 شعبان سنة 1341 هـ - الموافق (11/4/1923) عمل مدرسا مع والده فيها، وظل مدرسا فيها حتى ربيع الآخر من سنة 1343هـ ثم انتقل إلى المدرسة الاحمدية، حيث بعث اليه الشيخ يوسف بن عيسى رئيس مجلس الاحمدية في وقته فعينه مدرسا فيها للدين واللغة العربية.
في خلال المدة ما بين سنة 1943 وسنة 1945 - تطوع للتدريس في المعهد الديني - بالاضافة إلى عمله في المحاكم - الذي وضع نواته المرحوم الشيخ عبدالعزيز قاسم حمادة، وكان هذا المعهد يفتح ابوابه بعد صلاة العصر حتى المغرب كل يوم فيستقبل من يحب ان يتفقه في دينه وكان المعهد مكونا من اربع غرف، احداهن لطلاب الحديث وشيخهم عبدالعزيز حمادة، والثانية للفقه المالكي وشيخهم عيد بن ابداح المطيري، والثالثة للفقه الشافعي وشيخهم محمد بن محمد صالح التركيت، والرابعة للفقه الحنبلي وشيخهم عبدالله النوري، وكان المدرسون متطوعين بلا راتب، وبعد سنتين اجريت لهم رواتب بسيطة.
الامامة
كان الشيخ في اول امره ينوب عن والده في امامة المصلين في مسجد يعقوب الخالد الواقع في الحي القبلي، ولما توفي والده العام 1345 هـ - الموافق 1927 - عمل مكانه اماما وخطيبا في المسجد نفسه مدة اقصاها ثماني سنوات بدأت من رمضان من سنة 1345 هـ - الى سنة 1353 هـ.
ثم عمل بعد ذلك في مسجد دسمان في الشرق اماما، ولما سكن في ضاحية القادسية عمل اماما وخطيبا في احد مساجدها القريب من منزله.
ولقد استفاد الشيخ في مجال الخطابة من شيخه عبدالله الخلف - رحمهما الله - حيث كان - في اول امره - يعرض خطبته عليه، وكان الشيخ عبدالله الخلف يشجعه ويرشده ويبدي اعجابه به تشجيعا منه.
وفي اوائل 1936 عين كاتبا في المحكمة، ثم اخذ يتدرج في هذه الوظيفة إلى ان اصبح رئيسا لكتابها في العام 1366 هـ - الموافق 1946، ثم عين سكرتيرا خاصا لرئيسها، ثم سكرتيرا عاما، وفي 15/6/1956 ترك العمل بالمحاكم.
وقد اسندت اليه وهو في المحكمة وظائف كثيرة موقتة منها تدريس الفقه الحنبلي بالمعهد الديني في اول نشأته مدة ثلاث سنوات وتدريسه بالمدرسة التجارية الليلية ثلاث سنوات، وعين مفتشا للأوقاف ومرشدا عاما للأئمة اكثر من سنة، وعين مديرا للإذاعة الكويتية.
الإذاعة
يعتبر الشيخ اول مدير للإذاعة الكويتية منذ تأسيسها سنة 1950، دائرة الامن العام، وكانت يومئذ غرفة صغيرة، وقد ادخل الشيخ فيها برامج تناسب ذلك الوقت، منها «طبيبك معك» وبرنامج الاطفال، وبرنامج ديني «اسأل تجب» يذاع في الاسبوع مرتين.
الفتوى
عمل الشيخ في لجنة الفتوى منذ نشأتها سنة 1956 واستمرت هذه اللجنة فترة من الزمن تقرب من ثلاث سنوات وبعدها حلت.
وفي سنة 1969 بعد العطلة الصيفية تشكلت اللجنة من جديد فشكلت من ثلاثة اعضاء ورئيس هو الشيخ عبدالله النوري.
التلفزيون
كان مبدأ اتصاله بالتلفزيون في سنة 1964 حينما طلب منه الاشتراك في ندوة «عن مولد النبي صلى الله عليه وسلم وفضله على البشرية» ثم القى كلمة في موضوع الحرية الاسلامية والقيت الكلمة وكانت موفقة، ثم بعد ذلك تتالت الاحاديث فكانت حلقات اسبوعية تذاع كل خميس بصفة سؤال وجواب، وجاءت الاسئلة من المستمعين والمشاهدين وسمي هذا البرنامج «مع الدين» وكانت له شعبية عند المستمعين والمشاهدين إلى ان توفي رحمه الله.
اعتاد الشيخ ان يسافر كثيرا إلى بلاد شتى، خصوصا البلاد العربية في كل عام للراحة والاستجمام.
وفي اواخر حياته حينما سلك طريق الدعوة او العمل الخيري جعل رحلاته لإعلاء كلمة الله في ارض المسلمين الواسعة وتحسس مشاكلهم بما يحمله معه من مساعدات الخيرين من اهل الكويت لتوزيعها في البلاد الاسلامية كمشاريع تنفع المسلمين في ماليزيا واندونيسيا، والهند، واستراليا، ونشر الدعوة الاسلامية عن طريق بناء المساجد والمدارس الاسلامية.
وقد بدأت سفراته الخيرية منذ سنة 1975 حيث سافر الشيخ إلى مدينة كراتشي في باكستان فقابل كبار العلماء ورجال الدين فيها امثال المفتي المرحوم الشيخ محمد شفيع ديو بندي والشيخ حتشام الحق وتباحث معهم في وجوه العمل الخيري المتعددة.
كما سافر للغرض نفسه إلى الشرق الاقصى، إلى ماليزيا ثم اندونيسيا في سنة 1976 لدراسة الواقع الاسلامي في هذه البلاد وتحديد ما يحتاجه من معونات، ثم عاد إلى هناك سنة 1977 ومعه معونات من اهل الخير في الكويت بلغت مئة الف وسبعة عشر الفا من الدولارات وزعها على المدارس والمستشفيات، وفي سنة 1980 في شهر اغسطس سافر الشيخ إلى استراليا لبناء مدرسة لأبناء العرب والمسلمين هناك بعد جمع الاموال من اهل الخير في الكويت التي بلغت نحو نصف المليون دولار لهذا المشروع وغيره وقد خصص منها مئة الف دولار للمدرسة.
وبعد استراليا سافر إلى اندونيسيا في 20 من سبتمبر من العام نفسه، وهناك قدم عدة مساعدات لبعض المدارس كما تحسس مدى فائدة المساعدات التي قدمها لتلك المدارس سابقا كما زار مستشفيات كثيرة وقدم لها المساعدات الكويتية.
ولقد منحه وزير الشؤون الدينية الاندونيسي - في 20 سبتمبر 1980 - نيابة عن رئيس الدولة ميدالية الطبقة الاولى الاندونيسية وذلك تقديرا لجهوده وخدماته الجليلة في دعم المشاريع الخيرية.
وبقي الشيخ يعمل في مجال العمل الخيري حتى وافته المنية سنة 1981 وبعد وفاة الشيخ لم تنقطع مسيرته الخيرية فقد رأى ابناؤه واخوانه ومحبوه ان يواصلوا مسيرته الخيرية وان يترسموا خطاه النبيلة في الدعوة إلى الله ورسوله وذلك بمد يد العون للمراكز والجمعيات الاسلامية في كل مكان.
وقد حقق الله لهم ذلك فتم اشهار جمعية الشيخ عبدالله النوري الخيرية في الحادي عشر من شهر رمضان المبارك سنة 1401 هـ - الموافق الثاني عشر من شهر يوليو سنة 1981م.
الشعر
بدأ - رحمه الله - ينظم الشعر وهو فتى يافع، وروى شقيقه عبدالملك، ان اول قصيدة سمعت له هي تلك التي القاها في حفل تأبين المغفور له الشيخ علي السالم الصباح الذي وقع شهيدا في معركة الرقعي في شهر فبراير سنة 1928 للميلاد، وكان عمر الشاعر عبدالله النوري آنذاك اثنين وعشرين عاما.
وكانت الكويت في ذلك الوقت قد دخلت عصر نهضة ادبية واخذ شبابها يتطلعون إلى الأدب والشعر، وبرز من شعرائها المرحوم مساعد السيد عبدالله الرفاعي والمرحوم احمد خالد المشاري والمرحوم عبدالعزيز الرشيد، اما الادباء فكانوا كثيرين، وكانت لهم ندوات خاصة ومجالس ادب وشعر عامة وخاصة، حضرها المرحوم الشيخ عبدالله النوري وسمع فيها واسمع.
لم يتخذ المرحوم الشيخ عبدالله النوري الشعر مهنة ولا وسيلة كسب، بل ولم يداوم على نظمه، انما هي نفحات كانت تتأجج فيها شاعريته حينا ثم تخبو حينا آخر.
وعلى الرغم من كثرة ما نظم الشيخ من شعر، حيث نظم ما يزيد على عشرة آلاف بيت، شملت جميع انواعه، من شعر ديني ووطني واجتماعي، إلى الرثاء والحكمة والعتاب، الى شعر في العلم، حتى انه نظم الشعر في الشعر نفسه، على الرغم من ذلك فلم يترك الشيخ إلا ديوانا مطبوعا واحدا هو ديوان «من الكويت» وقد طبع مرتين، الاولى بالكويت العام 1962، والثانية بالقاهرة العام 1965.
ويرجع السبب في عدم طبعه لمعظم اشعاره، انصرافه عن الشعر مع تقدم عمره، ومع زيادة اهتمامه بتبسيط ونشر الفقه الاسلامي لعامة المسلمين.
له ديوان من الشعر بعنوان «من الكويت» طبع مرتين اولاهما في الكويت وكانت سنة 1962، اما الثانية فكانت في القاهرة سنة 1965 وكانت طبعة مزيدة ومنقحة.
وهذا ما عبر عنه رحمه الله بقوله «... وكنت انظم الشعر وكان لدي منه اكثر من عشرة الاف بيت، اخترت منها ما هو في الديوان واتلفت الباقي، وقد نضب معين الشعر عندي منذ سنة 1955 ولم تعد لي رغبة في نظمه...».
ومن الطريف ان نجد بين قصائد ديوانه قصيدة عنوانها «الشعر» تعكس وجهة نظره في هذا الفن، وتكشف عن مدى تعلقه به، ومن ابيات هذه القصيدة:
ما الشعر إلا كلمة
ادت مع الايجاز معنى
ترتاح عند سماعها
اذن الخلي مع المعنى
صدرت ومصدرها الضمير
واحكمت معنى ومبنى
تميز شعره بأنه يغلب عليه الطابع الديني، ولعل ذلك راجع إلى نشأته وثقافته الدينية وعقيدته الاسلامية الراسخة. فقصائده الدينية تستأثر بالحيز الاكبر من ديوانه، في حين تتوزع بقية قصائده على الموضوعات الاخرى كالنصح والارشاد، والعروبة والرثاء، وبشكل عادل لا يطغى فيه موضوع على آخر.
ولئن اكثر في الشعر الاجتماعي الوطني، فقد تناول في شعره ايضا الدعوة إلى العلم، وله في الغزل ثلاث قصائد لعله قالها في ريعان شبابه، وليس وجودها في ديوانه بمستغرب فالشعر يصدر عن تجربة، وقد كان، ولا ريب، صادقا في تجربته.
له في الرثاء الشعر الكثير، ولا غرو فقد كان محبا للناس مخلصا لهم، ولما توفي والده سنة 1927، ولحقت به والدته بعد فترة قصيرة قال فيهما شعرا يفيض حنينا وشجنا، ومنه هذا البيت.
فيا ابوي اني في شجون
يمزق مهجتي حرقا اذاها
وعرف عنه انه احب استاذه ومعلمه الشيخ عبدالله الخلف كل الحب واكن له كل تقدير، ولما توفي حزن عليه حزنا عميقا وقال فيه قصيدة مطلعها:
دعيني اسطر في المراثي القوافيا
على من فقدنا اليوم فيه المعاليا
اما عن شعره الديني فأغلبه قد قيل في مناسبات دينية متعددة، كالمولد النبوي الشريف، الاسراء والمعراج، ويوم الهجرة، وله محاولات في الشعر الصوفي، لكنه لم يكثر منها.
وكان اذا مدح، صدر مدحه عن عاطفة دينية ايضا، ومما قاله في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم:
سطر المدح عقودا واهدها
لمقام المصطفى خير البشر
كل مدح لم يكن فيه فذا
لاولي التقوى بمعناه نظر
وفي وقت ضيق وعسرة من سنة 1941، قام الشيخ عبدالعزيز حمادة - مؤسس المعهد الديني في الكويت - بجمع تبرعات من أهل الخير وزعها على المحتاجين فكانت قضاء لحاجتهم وتفريجا لكربتهم، فتأثر الشيخ عبدالله النوري بهذا العمل النبيل ايما تأثر ومدحه بقصيدة من ابياتها:
فلكم سعيت موفقا
وحمدت ربك في النهاية
والآن هذا الجمع يشكر
اذ جمعت له الكفاية
في وقت عسر والجميع
بحاجة الحاجات غاية
له في العلم قصائد تكرس حبه له وتعلقه به، ولأنه مارس التعليم ردحا من الزمن، فقد كان احساسه صادقا بما يبذله المعلم، وخاصة في ذلك الوقت من جهد ووقت في سبيل تعليم وتربية النشء. وفي اوائل يناير سنة 1952 القى محاضرة في المدرسة المباركية بعنوان «تاريخ التعليم في الكويت في نصف قرن» ختمها بقصيدة جاء فيها:
يا وارث الرسل الكرام ومرشدا من ضل سيره
يا ماحيا بالعلم ليل الجهل ان اطلعت فجره
الفضل انت غرسته ووضعت للناشئين بذره
وجناه من طلب العلا ومن اليراع سقاه حبره
كان شعره في السياسة نادرا، بل كان أميل إلى الوطنية والانتماء العربي والاسلامي منه إلى السياسة.
اخيرا، وباختصار، كان شعره عذبا رقيقا صادرا من القلب إلى القلب، كانت بواكير شعره تنم عن ملكته الشعرية منذ نشأته، نظم الشعر في مواضيع مختلفة فاجاد بها جميعا وابدع. وكم كنا نتمنى لو انه ترك لنا كل ما نظم من شعر، ومع ذلك فإن ما تركه، على قلته، يكفيه ليكون من شعراء بلده.

__________________

*****
๑۩۞۩๑

{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين}
هود114
๑۩۞۩๑

*****
رد مع اقتباس