عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-01-2012, 06:50 AM
صالح عليان المهري صالح عليان المهري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 5
افتراضي ذكريات من الكويت 1

(( ذكريات من الكويت 1))

في يوم الثلاثاء الأول من ذي القعدة لعام 1430 هـ الموافق للعشرين من أكتوبر لعام 2009 م كنت في زيارة محبة وتقدير لدولة الكويت ذلك البلد العزيز عند كل مهري سواءً دخل الكويت وزارها أم لم يتمكن من ذلك من كثرة ما يسمع منذ نعومة أظفاره عن ذلك البلد الغالي من حديث أهله وجيرانه وكبار السن وهم يتحدثون عن أوصاف الكويت الطيبة وكرم أهلها وصفاء قلوبهم ودماثة أخلاقهم ونصرتهم لقضايا إخوانهم المسلمين في كل مكان .
إن هذا البلد الصغير في حجمه والكبير في وزنه ومقداره قد ارتبط به المهرة ( المهارا بلغة أهل الكويت ) منذ بدايات نشؤه وتطوره وخاصة من أواخر القرن التاسع عشر عبر الرحلات البحرية ذوات الأيام والليالي بواسطة السفن الشراعية حتى ترسي بهم في بلد الخير والعطاء. وفي ذلك المرفأ المتواضع ( نقعة الشملان ) يكون موعد لقاء المهارا بالحبيبة الكويت وبأهلها المحبوبين حتى يختلطوا بهم في بيوتهم وأعمالهم ومساجدهم فيبادلونهم بالمحبة والوفاء .
أحبتي الكرام : إنني أعترف بأن القلم يقف عاجزاً عن تسطير المشاعر الجميلة التي تختلج في صدور أبناء المهرة تجاه الكويت و أهلها وأجزم بأن لها فضل على غالبيتهم وخاصة في التعليم والعلاج حيث كانوا يعملون فيها وينفقون على أهلهم و أولادهم وتعلم مجموعة منهم على حسابها وتكفلت لهم بالأطباء الأكفاء في ديرتهم إلى وقت قريب . ولا أكون مبالغاً حينما أقول إن لكل بيت في إقليم المهارا حديث ذو شجون مع الكويت وأهلها.
إن سفرتي هذه كانت لزيارة الإخوة ولمعرفة بعض جوانب العلاقات الرصينة بين المهارا والكويت وانطباعات أهلها عن المهارا لكوني شغوف بمعرفة ما يتعلق بتاريخ المهرة وعليه فقد طلبت من إخواني البحث عن لقاء مع بعض الشخصيات التاريخية في الكويت وكانت البداية مع أشهر فلكي في الخليج وهو الدكتور / صالح العجيري حفظه الله وبالفعل تم التواصل وتحديد الموعد بعد المغرب في منزله باليرموك وبعد دخولنا في المجلس دخل علينا الدكتور المتواضع كما هي عادة أهل الكويت وسلّم علينا ورحب بنا وبعدها شكرته على إتاحة الفرصة وبدأت أسأله عن معرفته بالمهارا فأخبرني بأن المهارا معروفين لدى أهل الكويت وإنهم طيبين جداً وأهل صدق وأمانة ويعملون لدى الكويتيين في بيوتهم ومحلاتهم ووظائفهم ويأتمنونهم على أهلهم وأموالهم . وأخبرني بأن أول معرفته بهم كانت سنة 1944 م في أحد ديوانيات بعض أصدقائه فوجد عندهم صبياً مهرياً . قال فسألته عن ثياب المهرة فأخبرني بأنهم لا يلبسون غير المخاط باليد قال فطلبت منه أن يتعلم الخياطة بالمكينة ويرجع فيعمل بها فتكون تجارة رابحة فرفض وقال لا نلبس إلا بما يُخاط بالأيدي ولا حاجة لنا بهذه المكائن وعندها ضحك الدكتور . ثم أخذنا بعض اللقطات التذكارية وأخذنا جولة في المكتبة التي امتلأت رفوفها بالهدايا وشهادات التقدير من جميع حكام دول الخليج كما أطلعنا على أول جهاز فلكي عمل عليه وعدة أشياء فلكية وأهدانا بعض كتبه ومنها كتاب ( الاهتداء بالنجوم ) والذي بلغني بأنه سأله سائل : هل لا يزال أحد يعرف العمل بمثل هذا الكلام فرد عليه بقوله : اذهب إلى سوق واقف وستجد من يفهم كلامي وهو احد الأسواق التي يعمل فيها المهارا . ثم ودعنا وأحالني على المؤرخ ( سيف مرزوق الشملان ) ومعي من يعرف الأماكن وجزاه الله عني وعن المهرة خيراً .
وبعد المغرب من اليوم التالي انطلقنا إلى ديوانية الشملان وموقعها مقابل موضع النقعة سابقاً وهي لازالت على البناء القديم وهو من الاحتفاظ بالتراث ومكتوب على الباب إن لم تخنني الذاكرة ( تأسست سنة 1918م ) وعند الدخول من الباب تدخل على صالة طينية فيها كراسي خشبية جميلة من القديم في ثلاثة صفوف متقابلة وبعد السلام على الحاضرين أخبرتهم بأنني مهري أحب السلام على المؤرخ سيف الشملان فرحب بي أحدهم وأخبرني بأنه سيأتي بعد قليل وقربوا لنا المشروبات وهكذا تتابع الرّوّاد إلى قريب العشاء جاء شيخ كبير السن خفيف الجسم قد جعل بشته على كتفيه حتى وقف الجميع عند دخوله وجاء مباشرة إلى المكان الذي جلستُ فيه فأحببت الابتعاد قليلاً فأخذ بيدي إلى جواره فسلمت عليه ثم جاء الجميع يسلمون عليه ويقبّلون رأسه وهو واقف في مكانه فأعجبني هذا الخلق النبيل في توقير ذي الشيبة المسلم ولا يزال معمولاً به لدى أبناء المهرة وبعد الجلوس جاء الشخص الذي رحب بنا عند وصولنا إلى المؤرخ وقال له ( هذا واحد من مشايخ المهرة يسألك عن تاريخهم في الكويت ) فكان أول كلام أن قال ( أهلا وسهلاً بالمهارا ناس طيبين ومن أحسن الناس وخاصة في التجديف ) فكانت فاتحة خير بشهادة مثل هذا الشخص المعروف على مستوى الدولة للمهرة بذلك وخاصة في مهنة الآباء والأجداد وهي السفر عبر القوارب التي تتحرك بالمجاديف ولا شك إنها تحتاج إلى قوة وإتقان وبعدها سرد لي العديد من أوصافهم الطيبة . ومع تبادل الأحاديث عرّفوني على الدكتور فيصل الكندري وهو أستاذ في جامعة الكويت ومختص بتاريخ الدولة العثمانية ولكنه أخبرني بنفس المواصفات التي ذكرها من سبقوه عن المهرة وأحالني إلى رئيس مركز الكويت للدراسات والبحوث الدكتور/ عبدالله الغنيم الذي قابلناه في اليوم التالي في مكتب المركز والذي أشكره حين التقى بنا بعد أن اخبره السكرتير المصري بأن بعض المهرة يريدوا مقابلته وقد كان معه اجتماع فخرج إلينا وأراني بعض الصور القديمة للكويت وصور المهرة فيها وأخبرني بفريق ( فريج بلغتهم ) المهرة والمكان الذي كانوا يسكنون فيه في وسط بيوت أهل الكويت مع أنهم كانوا لا يسمحون لغيرهم بذلك وبعد الوداع اطلّ على المصري وقال له : دع الشيخ يأخذ من كتب المركز ما يشاء ( اللي يبيه ) فأخذت ما يقارب من الستة كتب التي تتحدث عن تاريخ الكويت فجزاهم الله عني وعن المهارا خير الجزاء وللحديث بقية ...
رد مع اقتباس