عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 06-10-2011, 09:44 PM
رود
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

أما الرحالة ( بيلي ) الذي زار الكويت في عام 1865 في أواخر عهد الشيخ صباح الثاني فقد ذكر في مؤلفه أن للشيخ الكويت سمعة طيبة في الداخل والخارج وان أدارته حكيمة وان الضرائب التي يفرضها على السكان والبضائع الواردة زهيدة جدا كما أن سكانها متآخين يعرف كل منهم الأخر ويعتبرون من أكفاء واقدر بحارة الخليج يمتازون بالأخلاق الحميدة والمعاملة التجارية الجيدة و أن بها العديد من المتاجر التي لها علاقة بالبضائع البحرية وان ميناء الكويت لم يكون معروفا قبل خمسين سنة لكنه ألان يعتبر من المواني المهمة الموجودة في الخليج .
هكذا كانت الكويت في عيون الرحالة الأجانب حسب ما رأوها في ذلك الوقت ولكن بعد هذه الفترة جرت العديد من التحولات والتغيرات بكل الميادين في الكويت و تطورت الأمور الاقتصادية والتجارية والسياسية وارتبطت الكويت بعلاقات تجارية دوليه أكبر وأكثر مع بريطانيا ودول المنطقة مثل إيران والعراق و نجد و الأحساء (المملكة العربية السعودية ألان ) وبقية مواني الخليج وازدادت هذه العلاقات التجارية وتطورت خصوصا في عهد الشيخ مبارك الصباح الذي اتفق مع شركة البواخر البريطانية الهندية بإنشاء خط منتظم الرحالات بين الكويت والهند برحلة واحدة للبواخر البريطانية كل أسبوعين وان تكون هذه الرحلات على البواخر البخارية السريعة وان تدخل ميناء الكويت حلال هذه الفترة وتتزود بالمواد الغذائية من السوق الكويتية ومن هذه الرحلات اصبح من المتيسر آن يسافر التجار الكويتيين إلي الهند بدون مشقة مرتين في الشهر بعد أن كانت هناك مشقة في السفر إلي الهند حيث إن السفن البريطانية الكبيرة لم تكن ترسو في ميناء اكثر من مرتين في السنة كما أن البضائع أخذت تصل إلي الكويت مباشرة بعد أن كانت تنقل إلي المواني الإيرانية مثل ميناء بندر عباس أو ميناء المحمرة ومن ثمن تنقل إلي الكويت عن طريق السفن الشراعية فقد ذكر انه ما بين عامي (1905 –1906) فقد رست في الكويت اكثر من خمسين سفينة تجارية بخارية وكلها بريطانية أفرغت حمولة إجمالية تبلغ أكثر من (51) ألف طن من البضائع أفرغت حمولتها في ميناء الكويت وهذا الرقم للسفن البريطانية فقط دون النظر إلي البضائع التي تستورد بواسطة السفن الشراعية الكويتية وإذا دققنا النظر في الكمية من البضائع التي نزلت في ميناء الكويت نجد أن هذه الكمية كبيرة جدا بمقاييس تلك الفترة مما يعطي إشارة واضحة جدا على أن تجارة الترانزيت و إعادة التصدير لها مكانة ممتازة بالوضع الاقتصادي الكويتي .
وزادا الارتباط التجاري بين الكويت والعديد من الدول وذلك بتشجيع من الشيخ مبارك الصباح الذي شجع العديد من التجار بزيادة وارداتهم من الدول المجاورة والدول الأخرى وخصوصا الهند المستعمرة البريطانية التي كانت تعتمد الكويت كليا على العديد من البضائع التي تستوردها منها مما حدي بالشيخ مبارك أن يشجع التجار الكويتيين على أن ينشئوا بما يمكن أن يسمى تجاوزا وكالة
تجارية كويتية أهلية غير حكومية بالهند وفي مدينة بومباي ومقرها إحدى الدواوين أو بيت الضيافة التابع لأحد الأسر الكويتية التي كانت تعيش في الهند وهي ديوانية محمد مرزوق محمد المرزوق حيث يجتمع في هذه الديوانية العديد من التجار ورجال الأعمال الكويتيين كل يوم فيها
اختصت هذه الوكالة في التجارة و المعاملات التجارية و هذه الوكالة أخذت كل الدعم والعون من الشيخ مبارك وبموافقة ضمنية منه ولكنها غير رسمية أو معتمدة من قبل الحكومة البريطانية ولكن الحكومة البريطانية بدورها ساعدت على قيام هذه الوكالة بل أنها ذللت لها كل المصاعب التي كانت تواجهها هذه الوكالة حيث أخذت هذه الوكالة على عاتقها مهمة العناية بالجالية الكويتية في الهند والبحارة الكويتيين المترددين على المواني الهندية وتقدم لهم كل المساعدات الممكنة إلي درجة أن العديد من الأشخاص كانوا يعتقدون اعتقاد خاطئ بأن هذه الوكالة هي بمثابة هيئة قنصلية كويتية معتمدة في الهند مثل ما للحكومة البريطانية معتمد سياسي في الكويت وبفضل هذه الوكالة التي كانت تشرف على العمليات التجارية ازدادت الحركة التجارية بين الكويت والهند ازديادا ملحوظا حيث أن أغلب البضائع كانت تستورد منها إلي أن جاءت الحرب العالمية الأولى فازدادت الحركة التجارية في الكويت عما كانت علية حيث نشطت تجارة إعادة التصدير فآخذت الكويت تعيد تصدير البضائع إلي العديد من الدول وتأتي في مقدمتها سوريه والحجاز بل أن البضائع الكويتية وصلت حتى اسطنبول عاصمة الدولة العثمانية والتي هي أحد الأطراف المشاركة في هذه الحرب وذلك بسبب عدم وصول البضائع إليهما عن طريق البحر بسبب انشغال البحر المتوسط والبحر الأحمر بالعمليات الحربية فيهما وتعرض الكثير من السفن التجارية بالغرق نتيجة للمعارك البحرية واستمر النشاط التجاري في الكويت خلال الحرب العالمية الأولى أو كما كانت تسمى في ذلك الوقت بالحرب العظمى .

ولكن بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وفي عهد الشيخ سالم المبارك أصيب الاقتصاد الكويتي بنكسة شديدة إنشلت فيها الحركة التجارية بصورة عامة حيث عم الكساد التجاري الكويت ويعود هذا الكساد إلي عدة أسباب منها :-


1- الأزمة الاقتصادية العالمية التي نشأت بعد الحرب العالمية الأولى حيث هبطت الأسعار العالمية للبضائع مما أدى إلي هبوط التبادل التجاري بين دول العالم


2- الحصار الذي فرضه الأخوان على الكويت والمقاطعة التجارية بين الكويت ونجد وقيام حرب الجهراء عام 1920


3- قلة البحارة الوافدين من نجد للعمل في لمجال التجاري البحري بسبب المشاكل السياسية التي نشأت بين الشيخ سالم المبارك والملك عبد العزيز بن سعود

4- نشوب الأزمة التجارية وعدم إمكانية تصريف البضائع في السوق المحلي أو السوق الخارجي

5- انخفاض أسعار المحاصيل البحرية وبوجه الخصوص انخفاض كميات اللؤلؤ المستخرجة من البحر وتدني أسعارها


أدت هذه الأزمة الاقتصادية إلي أن انخفض عدد السفن التي يتكون منها الأسطول البحري التجاري الكويتي المخصص لجميع أنواع الاستعمالات البحرية من غوص على اللؤلؤ وصيد الأسماك والنقل التجاري من ألف ومائتان سفينة إلي ثمانمائة سفينة ذات أحجام مختلفة فمن الطبيعي جدا أن يكون هناك انخفاض في الواردات نتيجة لانخفاض هذا العدد الكبير من السفن وبالتالي ينخفض أيضا عدد البحارة العاملين في الأسطول الكويتي حيث أن عدد أفراد طاقم كل سفينة يعتمد على حجمها فهناك سفن السفر الصغيرة الحجم فان عدد بحارتها يكون ما بين (12-14) بحار والتي عادة ما تكون حمولتها( 2000 ألفان من ) إي ما يعادل (150)طن و أما التي يكون عدد بحارتها( 45- 50)بحار فان حمولتها تكون (5000 خمسة آلاف من أي ما يعادل (375 طن) أي بمعادلة حسابية بسيطة يتبن لنا أن البحار الواحد في السفينة يكون مسئولا عن تحميل وتفريغ ( 100مائة من ) أي ما يعادل سبعة أطنان ونصف الطن أو(7500 ) سبعة آلاف وخمسمائة كيلو جرام و بمعادلة الأوزان القديمة بالحالية نجد أن - المن وهو من وحدات القياس المستخدمة في ذلك الوقت يساوي (75)خمسة وسبعون كيلو جرام أو أن الطن الواحد يساوي ثلاثة عشر مناً وثلث المن ومن هذه العملية الحسابية يتبن لنا أن انخفاض عدد السفن الكويتية يؤدي بالتالي إلي انخفاض البحارة العاملين في الأسطول التجاري وهذا بالتالي يعني انخفاض دخل الأسرة الكويتية وانتشار البطالة في الكويت مما يؤدي إلي التضخم وانخفاض القوة الشرائية للروبية وهي العملة المستخدمة في ذلك الوقت في الكويت الركود في الحركة الاقتصادية وبالتالي كساد التجارة وضعف في تداولها.

وقد كان للحصار آثاره السيئة على الاقتصاد والمجتمع الكويتي فقد أفلس العديد من التجار الكويتيين بسبب عدم استطاعتهم تحصيل المبالغ المالية التي يطلبونها من التجار السعودية فقد كان أسلوب التجارة بين تجار البلدين هو أسلوب تجارة التصريف أي أن التاجر السعودي يستلم البضاعة ثم بعد أن يبيعها يدفع ثمنها إلي التاجر الكويتي كما أن منع الرعايا السعوديين من الدخول إلي الأراضي الكويتية أدى إلي تعطيل مراكز الحدود كذلك الكثير من المرافق الكويتية


أما سبب الحصار الاقتصادي الذي ضرب على الكويت فيعود إلي سببين رئيسيين وهما :-

1- سوء العلاقات السياسة بين الشيخ سالم والملك عبد العزيز بسبب رفض الشيخ سالم قيام مراكز جمركية سعودية داخل الأراضي الكويتية مما حدا بالملك عبد العزيز على منع رعاياه من الذهاب إلي الكويت واستيراد البضائع منها

2- اعتقاد بريطانيا في 1918 وذلك أثناء الحرب العالمية الأولى أن الكويت تزود الدولة العثمانية بالمواد التموينية و الامدادت العسكرية التي تصل إلي الدولة العثمانية عن طريق دمشق حيث أن التجارة كانت قوية بين الكويت والشام فضربت بموجبه بريطانيا حصار على السفن الكويتية.

اعتقد الشيخ سالم المبارك أن الحصار البريطاني على الكويت كان بتحريض من عبد العزيز بن سعود حيث أن هذا الحصار السعودي استمر أكثر من عشرين سنه ولم يرفع هذا الحصار إلا بعد قيام مفاوضات مباشرة طويلة وشاقة بين الشيخ احمد الجابر والمقيم السياسي البريطاني من جهة والملك عبد العزيز بن سعود من جهة أخرى انتهت بتوقيع اتفاقية تجارية بين الكويت والسعودية بتاريخ 20/4/1942 تنظم الحركة التجارية بين البلدين وفترة الحصار وأن سببت بعض المتاعب الاقتصادية للكويت ألا أنها كانت هي الفترة التي تسمى بالعصر الذهبي للبحرية الكويتية وأسطولها التجاري فهي الفترة التي اصبح فيها الأسطول الكويتي هو مصدر الدخل الرئيسي للكويت حيث تولى فيها الأسطول التجاري الكويتي على سيطرة الشبه التامة للنقل البحري في الخليج و تم الاستعاضة عن التجارة مع السعودية في مهنة النقل البحري داخل الخليج حيث يقال أن السفن الكويتية كانت تغطي مياه الخليج وهي موجودة في جميع المواني الخليجية.

فعندما قامت الحرب العالمية الثانية ذكر أن عدد السفن المخصصة للنقل التجاري البحري اكثر من مائتين وخمسون سفينة كويتية تتراوح حمولتها ما بين(1200) من أي (90) طن إلي (5000) من أي (375) طن وقد اختص نوعان من السفن التي استخدمت للنقل البحري النوع الأول وهو الأكثر شهرة في الخليج والذي يطلق عليه (بوم سفار )وهو ابتكار وتصميم كويتي بحت أما النوع الثاني وهو الأقل شهرة فيعرف بأسم (البغلة )وهي من تصميم هندي مأخوذ من التصميم الأسباني حيث يستخدم هذا النوع أيضا في الغوص على اللؤلؤ



هذه الأزمة الاقتصادية والتي نشأت خلال الحرب العالمية الأولى ولنحددها بصورة أوضح بالحصار البريطاني وليس السعودي لم يستمر طويلا فقد أبدى النشاط والحركة التجارية تزداد وينمو فقد أزداد عدد بناء السفن الجديدة مما زاد عدد سفن الأسطول التجاري الكويتي واستمر هذا الوضع إلي فترة ما قبيل الحرب العالمية الثانية حيث وصل إلي الذروة فعندما نشبت الحرب العالمية الثانية كان الأسطول التجاري الكويتي كبير يصل عدد سفنه اكثر من مائتان وخمسون سفينة كويتية كما ذكرنا وقد استخدمت بريطانيا الأسطول التجاري الكويتي أثناء الحرب في المجهود الحربي البريطاني نقل الكثير من البضائع والاعتده إلي مواني الدول الحليفة والتي تقع في الخليج العربي كما أن بريطانيا أوصت صناع السفن الكويتيين بصناعة العديد من السفن ذات المواصفات الخاصة والتي تتمشى ومتطلبات المجهود الحربي البريطاني والقيادة الحربية البريطانية

لقد استفادت الكويت اقتصاديا من هذه الحرب حيث أن الأسطول الكويتي لم يتعرض إلي حوادث الحرب والتي استمرت (4) سنوات ألا مرة واحدة فقط حيث دمرت باخرة حربية ألمانية سفينة تجارية كويتية فأغرقتها ولهذا فأن الكثير من الدول التي شاركت فعليا في هذه الحرب كا بريطانيا والولايات المتحدة استفادت من الأسطول الكويتي حيث نقل العديد من المعدات البحرية إلي المناطق التي يسيطر عليها دول الحلفاء في منطقة الخليج والمحيط الهندي

لقد كانت التجارة الدولية تشكل العمود الفقري للاقتصاد الكويتي بسبب قلة عدد السكان في الكويت مما جعل حجم السوق المحلي صغير جدا و ضعيف في إمكانياته التجارية لهذا فان التاجر الكويتي استعاض عن السوق المحلية بالسوق الخارجية حيث يتم بيع البضاعة أحيانا قبل أن تزل إلي البر بل أن في بعض الأحيان لا تنزل بضاعتها بل تغادر على الفور إلي إلي الجهة التي يطلب منها المشتري أن تتوجه إلية

ولهذا فلا نجد غرابة في أن يكون التاجر هو نفسه صاحب السفينة بل أن في بعض الأحيان يكون هو التاجر وهو نقسه ( النوحذة ) أي قائد السفينة لهذا فان الكويتيين كانوا حريصين كل الحرص في أن تكون سمعتهم التجارية جيدة ولهذا يندر أن تجد بينهم حالات الغش التجاري فهم يدركون جيدا أن رأسمال التاجر هو سمعته الجيدة وبدونها يفقد ويعدم كل شئ ولهذا فقد نشأ نوع من الأساليب الاقتصادية التي تداولها التجار الكويتيين وهو ما يعرف (بالبضعة أو التبضيع) وهو أسلوب تعاوني مشترك ومحدد بفترة زمنية معينة يكون بين تاجرين الأول منهم يكون الممول والثاني يكون المتمول أما الأول وهو التاجر الذي يقدم رأس المال كا استثمار يرغب في أن يدر علية عائد كبير من المال فأما أن يكون رأس المال هذا نقديا أو يكون بالعادة بضاعة يبيعها أما الثاني وهو المتمول وهو عادة ما يكون فردا لا يملك رأس المال الذي يمكن أن يفتح له تجارة يعمل بها ولهذا فأن يقبل بهذا الأسلوب الذي عادة ما يكون محاط بكثير من الصعاب والمشقة للطرفين ولكن التعاطف الذي بين الكويتيين كان يلغي هذه المخاطر حيث يجد المتمول التسهيلات التي يقدمها الممول له فلا يضغط علية مطالبا بالتسديد ويبعد عنه كل ما فيه إحراج له كما أن كثير من الممولين يقولون للمتمولين (تراك داخل في الربح وطالع من الخسارة) أي أن الربح يكون بين الطرفين أما الخسارة فيتحملها الممول وحدة ومع هذا فان المتمول يجد في العمل حتى يحقق الربح وتكون سمعة جيدة بين التجار وخصوصا الذين دائما يبحثون عن التاجر المتمول الذي يستثمر أموالهم وعادة ما يكون تقسيم الربح على الشكل التالي يرجع المتمول راس المال كامل إلي الممول ويستقطع من الأرباح كل المصاريف التي صرفت على هذه العملية التجارية ثم يقسم صافي الربح بنسبة ثلثين إلي الممول وثلث إلي المتمول . ولهذا نجد أن روح الألفة والترابط والتآزر لم تنقطع أواصرها بين الكويتيين وكانت سائدة في المجتمع الكويتي حيث يسارع الجميع عندما يتعرض أي شخص إلي خسارة كبيرة قد تفقده توازنه في العمل التجاري ولهذا فان الكثير من التجار يقدمون الدعم المالي كا مساعدة لأي تاجر يتعرض إلي هزة اقتصادية أو خسارة مادية تؤثر في وضعه المالي مثل خسارة في بضاعته أو غرق السفينة التي يملكها ولهذا فان الدعم المالي يقدم بكل سهولة بل أن في بعض الأحيان يكون الدعم المالي اكثر من قيمة البضاعة التي خسرها .
كما نلاحظ أن التعاون بين الكويتيين يتبين بصورة جلية و واضحة عندما يتم بناء السفينة الجديدة ) الوشار ( و إنزالها إلي البحر وان أول خطوة تؤذن بالشروع في إنزال السفينة أو ما يسمى عند الكويتيين ( قطة البوم ) في البحر هو رفع علم الكويت ( أو نشر البنديرة ) على سارية السفينة وهي لا تزال على الأرض في (العمارة ) وهو المكان المخصص لبناء السفنية كما هو معروف في اللهجة المحلية وهذا مؤشر على موعد إنزال السفينة إلي البحر حيث يتطوع الكثير من الكويتيين بمساعدة صاحب السفينة دون أجر أو مقابل مادي وتسمى هذه العملية التطوعية (بالفزعة ) حيث أن الكثير من العائلات الكويتية المعروفة ترسل ممثلين لها للمشاركة في (قطة البوم الوشار ) وعندما يتم إنزال السفينة إلي البحر يقيم صاحب السفينة تقام حفلة غناء وطرب ووليمة كبيرة تذبح بها الذبائح يحضرها كل من شارك في عملية الإنزال هذه ابتهاجا بهذه المناسبة

وعندما تبداء السفينة في رحلاتها التجارية على خطوط الملاحة البحرية المعروفة فان كثير من التجار الكويتيين او غيرهم من التجار من الدول يرغبون في الشحن عليها خصوصا وأنها لا تزال (وشار ) أي جديدة كما أن السفن الكويتية مرغبوه أكثر من غيرها من السفن الأخرى علما بان أسعار الشحن أو كما يسميه التجار ( النول ) أو كلفة الشحن على السفن الكويتية أعلى بكثير من السفن من الجنسيات الأخرى حيث تتراوح نسبة هذه الزيادة ما بين( 20 – 25% )بسبب سمعة التاجر الكويتي الجيدة والذي أشتهر بالحرص الشديد والمحافظة على البضائع التي يحملونها على سفنهم وعندما عرف التأمين على الشحن البحري فأن كل شركات التأمين الهندية كانت تؤمن على البضائع المشحونة من الهند على السفن الكويتية بينما ترفض التأمين على السفن الخشبية الغير الكويتية
كما أن هناك نوع من الرحلات البحرية تسمى (القطاع) وجمع هذه الكلمة (قطاطيع) تقوم بها السفن الكويتية ولكنها محصورة في داخل مياه الخليج وان كانت تتعدها في بعض السفرات إلي بحر العرب كا الوصول إلي مواني التي تقع في المحيط الهندي كا عدن والصومال وغيرها من المواني التي تقع في هذا المحيط حيث تبداء عادة رحلة (القطاع) و بصورة عامة من الكويت ثم إلي البصرة ثم بعد ذلك يتجه إلي المواني العربية أو الفارسية في الخليج حسب الطلب الزبون العميل في نقل البضاعة إلي الميناء المرغوب فيه حيث لا يعرف النوحذه أو قائد السفينة قبل أن يصل إلي الميناء أين ستكون رحلته القادمة بعد هذا الميناء وقد اختصت رحلة القطاع في نقل الركاب والبضائع وحتى الماشية والخيول ويمكن تشبيه رحلات (القطاع) برحلات سيارات التاكسي التي تحت الطلب

أما نظام توزيع إيرادات السفينة فيتم بعد كل رحلة مباشرة من الكويت و حتى العودة إليها بغض النظر عن طول مدة هذه الرحلة حيث توزع الإيرادات كا حصص عادلة بين الجميع وتسمى كل حصة أو نصيب البحار (قلاطة ) وهو ما نسميه اليوم سهم وجمع كلمة قلاطة (قلايط ) وهي تعني الأسهم حيث يستلم كل بحار في السفينة جزء مقدم من أتعابه قبل السفر هذا المقدم يسمى )تسقامة( تستقطع هذه ) التسقامة ( من أتعابه أو (قلاطته) في نهاية الرحلة

أما طريقة توزيع دخل السفينة أو أرباحها فأنه يستقطع أولا وقبل التوزيع الحصص والأرباح جميع المصاريف التي دفعت من رسوم الرسو في المواني ومصاريف الأكل وأية مصاريف أخرى طارئة كا إصلاح السفينة عند عطبها وغيرها من الأمور الطارئة الغير متوقعة وهذه عادة تشكل ما بين (10-15 %) من دخل السفينة ثم يوزع المبلغ الباقي بحسب الطريقة التالية :

1- خمس المبلغ الباقي بعد اقتطاع المصاريف وهو ما يعادل (40 %) من صافي الدخل لصاحب السفينة وتسمى حصة البوم مضاف أليه قلاطة واحدة للماشوة وهو زورق السفينة .

2- أربع قلايط أو أسهم) إلي قائد السفينة وهو النوحذه المعلم الماهر في إدارة السفينة والملم في المسالك البحرية والعارف إلى أمور الفلك ومواقع النجوم وهو الأمر و الناهي والسيد المطلق فيها

3- ثلاث قلايط إلى النوخذه العادي أو (السهل) الذي لديه معرفة ليست كبيرة في بعض خطوط وطرق التجارة

4- قلاطتين لنوخذا الشراع إذا كانت السفينة كبيرة جدا وهو المسئول عن رفع الشرع و إنزالها وأدارتها حسب اتجاه الرياح

5 - المجدمي العود وله قلاطتين وهو رئيس البحرية والمسئول الأول عن السفينة أمام النوحذة.

6 - المجدمي الصغير وله قلاطة ونصف وهو مساعد رئيس البحرية

7 - السكوني وهو الذي يمسك دفة السفينة وله قلاطة ونصف وعادة يكون في السفينة أثنان إلى ثلاثة سكونية

8 - الاستاذ وله قلاطة ونصف وهو نجار السفينة وهو المسئول عن صيانتها وإصلاح كل عطب يصيبها

8 - الطباخ وله قلاطة وربع وهو الذي يطبخ الآكل ويجهزه للبحارة وهو مسئول عن مخزن الآكل في السفينة والذي يسمى (الدبوسة )

9 - وتكون هناك قلاطة واحدة لكل فرد من بقية طاقم السفينة وهم :-

ا- البحارة

ب- النهام أو المطرب

ج – المكبس وهو الذي يعزف إلى آلة العود الموسيقية ليطرب البحارة

د- الطبال وهو الشخص المسئول عن تجهيز الدفوف
والطبول والتي تستخدم في إقامة ليالي السمر أثناء رحلة السفر وكذلك عودتهم ودخولهم الكويت

هكذا كان العرف السائد في المجال البحري و كان بهذه الطريقة يوزع دخل السفينة بين طاقمها
رد مع اقتباس