عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 01-09-2011, 03:44 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

القبس - 30/08/2011

جاسم عباس


نواف العصفور مع أدوات الشاي


لقد وهبتنا الطبيعة الداء والدواء منذ أن وجد الانسان نفسه هدفا للامراض، فأخذ يزود جسمه بالقدرة على المقاومة والمناعة، يأكل ويشرب ولدرء الاخطار عن جسمه كأنه كان يعيش على الفطرة يجوع ويصد عن الطعام عندما يشعر بالشبع، كان يكتشف اكله وعلاجه بالاكل من هذه الطبيعة الغنية بالنباتات، ففيها الدواء وفيها الشفاء، حتى أفاء العلم الحديث فحوله من الصدف الى علم ينفع، وعرف ان طعامكم دواؤكم، ودواءكم في طعامكم، وعدل عن الدواء الى الغذاء، وبعد هذه التجارب الطويلة عرف الكثير، خصوصا عن الشاي، الذي اكتشفه قبل ميلاد المسيح بأكثر من 5000 سنة من الصين الى الهند، حتى انتشر على يد جنكيز خان بعد فتوحاته وغزواته، وما جاءت سنة 1661م حتى عممت ملكة انكلترا كاترين دي بورتغال، زوجة شارل الثاني في كل انحاء اوروبا بمساعدة الشركة الهندية - الهولندية، واصبحت انكلترا حتى اليوم البلد الاستهلاكي الاساسي للشاي.

للحديث عن الشاي التقينا نواف العصفور الباحث في التراث الكويتي، والهاوي جمع القطع النادرة البحرية منها والبرية، ويملك الآن ادوات المطبخ الكويتي النادرة من اكثر من مائة سنة.

قال العصفور: كما سمعت من كبار السن وقرأت في كتب التاريخ، عرفت ان اول من جلب الشاي الى الكويت آل العبدالرزاق، وقبل ذلك لم يكن معروفا، ادخله عن طريق الهند وسيلان، بواسطة البحارة والمسافرين، اول سفينة نقلت الشاي الى الكويت من نوع «البغلة» للنوخذة «عيسى العبد الجليل» لقد كانت تجارة آل العبد الجليل واسعة وكبيرة، ولهم نقعة خاصة بهم، اسسها سليمان العبد الجليل في الحي القبلي، وكانت بغال آل العبد الجليل (جمع البغلة) تحمل الخيول والتمور الى الهند وتعود بالبضائع من الاخشاب والحبال والرز والقهوة والشاي والسكر وغيرها، وكانت لهم اثنتا عشرة سفينة.

الشاي للنساء
وقال نواف: لم يكن يعرف الشاي في الكويت قبل عام 1898م وواجه صعوبات واعتراضات في بدايته، وشاربوه كانوا يعدون على الأصابع، لأنهم كانوا قد اعتادوا على شرب القهوة، ويقول بعضهم «الشاي للنساء، وبعد أن عرفوا فوائده واستساغوا لذته سيطر الشاي في النهاية على المقاهي والبيوت حتى دخل كعلاج للإمساك، وإذا شربه من دون سكر سهل الشاي معدته، حتى أخذ الكويتي يتفنن فيه، فأضاف إليه اللومي الأسود السحاري سمي «جاي لومي»، واضاف إليه الدارسين (القرفة)، والزعتر، والزعفران، حتى اصبح الشاي طعاماً وشراباً عندما كانوا يفتتون الخبز ويضعونه إلى الشاي حتى عرف بـ «تشريبة الشاي»، وأجدادنا كان لهم دور حتى عرفوا أن الشاي مانع للكحة، ومدر للبول، وطارد للحصوات وملين، وهذه حكمة الآباء في حالتي عافيتهم ومرضهم فيما بين الدوام والغذاء، رحمهم الله بحثوا عن النباتات والأشجار النافعة، والآن عرفنا الشاي الأسود والأخضر والأبيض والذهبي والفضي، والآن الشاي أخذ مكاناً مرموقاً على المائدة الكويتية.

أدوات الشاي
بدأ نواف العصفور حديثه عن «وياق» وهي لفظة كويتية، ويسمى أيضا وجار، ووجاغ موقد في الديوانية تضع فيه القهوة العربية في البداية ثم استخدم في صنع الشاي، وهو عبارة عن حفرة في الأرض لها سور خاص مستطيل، كانت الأباريق والدلال ترص فوق قضيبين والنار في الوياق، وبعض البيوت كانت تتفنن في الوجاغ توضع أرفف وتعلق الغواري والاستكانات، ومن ثم عرفوا «الدوة» المنقلة من التنك (صفائح من الحديد الرقيق) تبطن المنقلة بالطين أو الرماد حتى لا تتآكل من شدة الجمر، وتحت المنقلة توضع صينية لسهولة نقلها وتحريكها، وبجانب الدوة منكاش (منقاش) يسمى ملقط الجمر لتحريك الجمر، ومن أدوات الشاي أيضا ملاعق صغيرة، والاستكانات من أنواعها: استكانة أم نقطة ــ أم عروة ــ مخططة، وصحونها أم بنت ــ وعلمين ــ أم وردة ، وصحن عليه صورة المرحوم الشيخ عبدالله السالم الصباح رحمه الله.

وعن أدوات تجهيز الشاي أضاف العصفور: ابريق نحاسي كانوا يسمونه «ص.ف.ر» معدن النحاس الأحمر، وكيتلي وغوري ملبس من المعدن، وغوري خزف صيني، وإذا أصابه تشقق أخذه صاحب البيت أو المقهى إلى «المجني» يقوم بإصلاحه بواسطة أسلاك معدنية تلف حوله، مع استخدام بياض البيض والنورة (مادة الكلس) لتثبيت الكسر، أثبت المجني فاعليته وإتقانه للمهنة، وكان يأخذ مبلغا زهيدا لعدم قدرة صاحب الغوري (غبريق) على شراء الجديد.
وقال: صينية (صحن) والبيز قطعة من القماش مبطن بالقطن، البيز شكله مربع يمسكه صباب الشاي كأداة عازلة للحرارة.
والمثل الكويتي يقول: «هات البيز رد البيز خذ البيز اثاري البيز خرجة (قماش)»، ومن ادوات الشاي قندون (اناء يوضع فيه السكر، وكان الكرم والكرب والخشب ثم جاء الفحم من ادوات النار).

وعرض العصفور «غند» (سكر على شكل مخروطي) قديم من قبل 80 سنة، وهذا من مقتنياته، بالاضافة الى الفواري وادوات الشاي الاخرى).



أسعار الشاي



وتوجهت الى سوق التمر، فالتقيت الحاج مبارك حسين دشتي، وله من العمر 85 سنة - اطال الله في عمره - فسألته عن اسعار الشاي ايام زمان فقال: كان الشاي يباع بالسحارة (صندوق خشبي) مغطى من الداخل بأوراق القصدير الخفيف الرقيق، ومن الخارج بالخيشة، وحول الصندوق طوق من الحديد الرقيق - أيضا - يشد به لحفظ الشاي.
وقال ابوحسين: من هذا الطوق صنعنا ألعابنا خاصة الكاري، وكل سحارة فيها 24 وقية، وسعرها من 6 الى 7 روبيات، والوقية الواحدة تساوي خمسة ارطال وتعادل كيلوغرامين وربع الكيلو، ويباع الشاي بالوقية بــ 5 آنات، وبعض المحلات تعرض الشاي في اكياس على شكل مخروطي لوجبة واحدة او لوجبتين، وهذا من كان يفرش الارض بقطعة قماش - ايضا - يبيع الشاي والماش والعدس بالطريقة نفسها، اما سعر الشاي ببيزة واحدة والسكر 100 كيلوغرام المعروف بــ «باوند بروبتين»، وأيام الحرب العالمية الثانية وصل ألف الى روبية، واما استكانة الشاي في المقاهي فسعرها بيزة واحدة، وهناك من كان يتجول في الاسواق بيده صحن وغوري واستكانات يبيع الشاي على اصحاب المحلات ويحاسبهم كل اسبوع او شهريا ويسمى «شايجي»، وما اكثر الاكشاك في زوايا الاسواق القديمة كان الشاي يعرض وشاربوه وقوفا.
وقال ابوحسين: من سحارة الشاي كنا نصنع محكرا للحمام، والقصدير الداخلي صنعنا منه طمباخية (كرة)، واخيرا ذكر ابوحسين تجار الشاي منهم: العجيل، تنديل، المنيس، التحو، سيتي ثوم هندي الجنسية، جونا، وابن بحر، هلال الهندي، وابو علي.
__________________
رد مع اقتباس