الموضوع: قلعة وادرين
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 17-07-2011, 10:24 AM
الصورة الرمزية bo3azeez
bo3azeez bo3azeez غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: ديرة بو سالم
المشاركات: 461
افتراضي

لفت مقالي السابق الذي نشرته جريدة «الوطن» بعنوان «قلعة وادرين» أنظار الكثيرين من القراء، واعتبر هؤلاء ما جاء فيه أمرا يستحق النظر، ويهم أبناء الكويت من الحريصين على لهجة وطنهم.
ولعل من الملاحظ أنني إنما كتبت المقال المشار إليه من أجل تبيان أمر مهم يتعلق باللهجة الكويتية. وقد أسعدتني ردود الفعل التي اطلعت عليها في الانترنت وفي جريدة القبس، وأنا استعرض هنا بعض ردود الافعال:
أولا: اشكر جميع الذين اثنوا على أعمالي السابقة واتمنى ان اكون دائما عند حسن الظن مؤكدا انني لا اكتب عن موضوع من الموضوعات لمجرد رأي شخصي، ولكنني اكتب نتيجة لدراسة ومتابعة واستماع دقيق لاولئك الرجال الذين عشت معهم وقد سبقوني الآن الى دار البقاء.
ثانيا: كتب أحدهم مقالا في جريدة القبس ردا على مقالي، وقد بدأ مقاله بما نبهت اليه في مقالي السابق، وهو ضرورة عدم الاعتماد على اولئك الذين يفتون برأيهم، أو ما يخطر ببالهم في المسائل التاريخية أو الجغرافية أو العلمية بشكل عام. ثم رجح أن قلعة وادرين هي قلعة في الاناضول، وذكر ان عبارة قلعة وادرين تقال للشخص الذي يُرسَل الى مكان بعيد، دون ان يبين ان هذه العبارة تقال في نوع من الاهانة، فنحن نقول الى قلعة وادرين لشخص نريد مغادرته فورا لانه تصرف تصرفا غير مُرْضٍ.
لقد توسع في عرض الامر معتمدا على غيره حتى وصل الى ذكر قندهار وواصل القول بان وسائل الاعلام الحديثة حين جاءتنا كشفت لنا عن قندهار وعرفنا انها من مدن افغانستان، وهذا الامر يدل على قصور في المتابعة، فقندهار منذ زمن طويل يعرفها الآباء والاجداد، ويعرفون مكانها، وهي فوق ذلك معروفة منذ زمن الحجاج بن يوسف الثقفي ايام الدولة الاموية وكان الخائفون من بطشه يهربون الى هذا البلد ومنهم من قال في ذلك شعرا، وذكر الشاعر يزيد بن مفرغ الحميري، المتوفى سنة 69هـ، الحرب التي دارت قبل ذلك في تلك المنطقة بقيادة عباد بن زياد الذي خاض معارك ضخمة حتى وصل الى الهند، وكان الشاعر ضمن من شاركوا فيها فقال من قصيدة له:
كم بالجروم وأرض الهند من قَدَم
ومن جماجم قتلى ليتهم قُبروا
ومن سرابيل أبطال مُضرَّجة
ساروا إلى الموت ما خاموا ولا ذُعروا
بقندهار ومن تُكتب منيته
بقندهار، يرجَّم دونه الخبر
(الجروم: المناطق الباردة، سرابيل: قمصان، مضرَّجة: عليها الدماء، خاموا: تراجعوا وخُذلوا).
٭٭٭
إن ما ورد في مقال هذا الشخص لا يدل على الرغبة في الكتابة والنشر حتى ولو كان ما يكتبه لا دلالة له على حقيقة الموضوع الذي كتبته سابقا، فدخل في متاهات ونقل معلومات لا تستند الى دليل غير اقوال الاشخاص الذين نقل عنهم. ولعل من المضحك قوله في آخر المقال ان ما دفعه الى الكتابة هو حرصه على اللهجة الكويتية الاصيلة وكأنني قد سعيت الى الاخلال بهذه اللهجة عندما كتبت مقالي، وهو الذي يحتاج الى درس في اللهجة بدليل انه اورد في الاخير ملاحظة قال فيها: اننا نقول في الكويت: انشلع ضرسي. وهذه العبارة لا علاقة لها اطلاقا بما ورد في مقالي الذي اشرت اليه.
ثالثا: ينبغي الا يخطر ببال احد انني لا اتابع ما يرد في شبكة المعلومات الكبرى (الانترنت) وقد ورد فيها شيء عن قلعة وادرين، وكنت على اطلاع عليه ولكني لم اشر الى ذلك لأسباب سوف اوردها بعد قليل. فقد جاء هناك ان قلعة وادرين لاتزال قائمة في منطقة تبوك في شمالي الجزيرة العربية ضمن المملكة العربية السعودية، وقد أشار إلى هذا عدد من الذين علَّقوا على ما كتبت. ولكن الملاحظات حول هذا القول كثيرة لابد وأن أطرحها أمام القارئ.
-1 كتب شيخنا حمد الجاسر وهو معروف بمقدرته في ذكر الأماكن وتحديدها عن تبوك، ولم يشر من بعيد أو قريب إلى قلعة وادرين.
-2 كتب المحقق الاستاذ محمد بن ناصر العبودي كتابا تحت عنوان: «كلمات قضت» طبعته له ونشرته في الرياض دارة الملك عبدالعزيز، وقد قال في (ج2 ص 1051) ما يلي: «وقلايع ودران: الأمكنة البعيدة، وودران من «ودّر» بمعنى أبعد» ولم يأت على ذكر لقلعة وادرين التي تحدثوا عنها.
-3 أصدر الدكتور محمد بن علي الهرفي كتاباً نشرته له الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وكان موضوعه «تبوك» وقد ذكر فيه (ص38) قلعة تبوك، ولم يقل قلعة وادرين، ومما قال: «قلعة تبوك أو قلعة أصحاب الأيكة الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم أكثر من مرة، يرجع تاريخها الى حوالي (3500) سنة قبل الميلاد، وقد تعاقبت عليها دهور ودهور، وأزمنة متفاوتة، وجدد بناؤها غير مرة وآخر تجديد لها كان في سنة 1063 هـ، بموجب نقش مكتوب عليها على لوحة اشبه ما تكون بالمرمر. وقد نشر الى جانب كلامه هذا صورة فوتوغرافية للقلعة مشابه لصورة القلعة التي نشرها القائلون بأنها قلعة وادرين.
كل هذا يشكك في حكاية قلعة وادرين، وعلى الأخص بعدما ما جاء هذا التوضيح في كتاب اصدرته هيئة رسمية من هيئات الدولة في المملكة العربية السعودية.
اذن فقد قالوا ان قلعة وادرين موجودة في تبوك دون أن نجد الدليل القاطع على هذا القول، وقالوا انها قلعة في الأناضول وهذا قول لا قيمه له ايضا.
واخيراً فإنني تتبعت ما كتبه بعض الاخوة من تعليقات في (الإنترنت)، وأنا أشكر الذين عبروا عن إطرائهم لي وهذا أمر يسعدني كثيرا. ولكن من يقرأ ما كتبته بالأمس وما أنشره اليوم يجد المزيد من الايضاح. وهناك شيء مهم ينبغي أن اشير اليه هو ان البعض قد سحب اسم «قلعة وادرين» على محطة القطارات في تبوك وهي محطة معروفة هناك، ولها صور تبين طبيعتها. وهي المحطة التي يُودِّر منها المطلوب إبعادهم بحسب ما قيل.
رابعاً: وسواء أكانت هناك قلعة بهذا الاسم أم لا؟ وسواء أكانت في تبوك أم في الأناضول أم لم تكن، فإن العبارة التي نستعملها في وطننا لا علاقة لها بكلمة (قلعة) التي هي الحصن، وذلك لما يلي:
-1 لا يستعمل أبناء الكويت منذ القدم كلمة قلعة باللام الساكنة المخففة للتعبير عن البرج أو المبنى المعد لأغراض عسكرية. وهم يستعملون كلمة قصر لا غير، فعندنا قصر نايف والقصر الأحمر وغيرها. وإذا أرادوا التعبير عن القلعة التي شاهدوها في أماكن أخرى قالوا: اجْلَعَه: بجيم ساكنة ولام مفتوحة وعين مفتوحة وهاء، وهذا اللفظ على هذه الصفة لايزال دارجاً في عدد من دول الخليج العربي ومنها مملكة البحرين.
أما اللفظ الذي نستعمله وقلنا إن المقصود منه الإبعاد فهو قلعه؛ بقاف تنطق مفتوحة على شكل جيم قاهرية ولام ساكنة مُفخَّمة، وهاء ساكنة. وهذا يختلف تماماً عن لفظ القلعة المقصود بها المبنى الموصوف. شيء آخر يضاف إلى ما تقدم، هو اننا نقول قلعتهم وقلعتكم، وقلعته، وقلعتها ولو كان اللفظ دالا على ذلك المبنى الموصوف لما لحقته هذه الضمائر دون وجود ذكر للمكان المومى إليه، وأما كلمة وادرين فقد شرحناها بما فيه الكفاية، ولا يهمني أن يكون ما ذكرته عنها لا يرضي الذي كتب المقال، فأنا لا أكتب إلا عن قناعة كاملة، وبعد تروٍّ ودراسة واطلاع، لا أنقل عن أناس يكتبون فقط ما تدلهم عليه ظنونهم وهو أمر عندي من أكبر الأخطاء.

د. يعقوب يوسف الغنيم
__________________
تهدى الامور بأهل الرأي ماصلحت
*****************
فان تولوا فبالاشرار تنقاد
رد مع اقتباس