عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 22-06-2009, 01:21 PM
الصورة الرمزية الأديب
الأديب الأديب غير متواجد حالياً
عضـو متميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 448
افتراضي

الباحثة في التراث الكويتي اعتبرتها دليلاً
من الدرجة الأولى للولاء والانتماء
غنيمة الفهد: لهجتنا اليوم خليط من المصرية والشامية
وقليل من الكويتية!

حاورتها شيرين صبري:
اللهجة هي من يحدد انتماء الانسان لأي جنسية او دولة وهو شيء يتفق عليه الجميع.. فمن خلال لهجة محدثك تستطيع ان تحدد البلد الذي ينتمني اليه هذا الشخص والجنسية التي يحملها.

وعلى الرغم من هذه الاهمية للهجة الا انه لوحظ ان اللهجةالكويتية بدأت تختلط في بعض مفرداتها مع لهجات اخرى عربية واجنبية وقد يعود ذلك الى انفتاح الكويت منذ القدم على العديد من الثقافات والاعراق المختلفة التي تأثرت بها كثيرا تحديدا في اللهجة..

وبات البعض من الكويتيين يلجأون الى استخدام مفردات من لهجات اخرى سواء عربية او اجنبية في حديثهم مما غيب اللهجة الكويتية ليس هذا فحسب بل ادى الى اندثار اكثر من %80 من مفرداتها الاساسية والاصلية وهو ما اكدته لنا ضيفة «ملف الاسبوع» الباحثة في التراث والاعلامية غنيمة الفهد التي التقيناها في هذا الحوار:

اندثار اللهجة
* هل اللهجةالكويتية المتداولة الآن هي اللهجة الاصلية.. ام ان هناك لهجة اخرى كانت مستخدمة من قبل الآباء والاجداد؟
ـ اولا اقولها وبكل صراحة ان اللهجة الكويتية الاصلية بدأت بالاندثار منذ قرابة الـ 40 عاما، والذي ساهم في اندثارها هذا هو اول جيل كويتي مثقف.. فعندما حضرت بعثات المعلمين والمعلمات العرب للتدريس في الكويت لم يكونوا «يفهمون» او يستوعبون «كلامنا» او لهجتنا الكويتية التي تعتبر ثقيلة وسريعة بالنسبة لهم..

وكان من اسباب ذلك اننا تباطأنا الآن في كلامنا عن السابق حيث كنا ننطق الكلمات بسرعة لاننا كنا اهل بحر وهذه هي طريقة «اهل السواحل» في نطق لهجتهم التي غالبا لا يفهمها الا اصحابها، كما ان كلماتنا كانت تحوي الفاظا تعتبر خروجا عن الحياء بالنسبة لبعض المدرسات العربيات حينها، فاصبحنا لا شعوريا ننسلخ تدريجيا من لهجتنا ومصطلحاتنا لنضع بدلا منها مصطلحاتهم لارضاء الطرف الاخر الممثل في المدرسة او المدرس العربي، اي تخلينا في البداية عن مصطلحاتنا الاصلية والجميلة لارضاء معلمينا.

وقياسا على ذلك بدأنا نجامل كل عربي قدم الينا اعتقادا منا انه لن يفهمنا.. فبدأ الجيل المثقف «الاولي» ينسلخ من لهجته.. ناهيك عن تأثير «التزاوج» الذي حدث من قبل الرجال الكويتيين الاوائل بنساء من جنسيات اخرى وتحديدا ابتداء من عام 1950 حيث بدأوا بالزواج من نساء الدول المجاورة لنا !

لتتوسع العملية ابتداء من عام 1960 حيث اتجهوا للزواج من نساء مصر وبلاد الشام.. وعندما اتجه الشباب الكويتي للدراسة في أوروبا في اوائل سبعينيات القرن الماضي أتوا الينا بالزوجات الانجليزيات والالمانيات لتلحقهن بعد ذلك الامريكيات في ثمانينيات القرن الماضي.

في حين نشهد منذ التسعينيات وحتى يومنا هذا اتجاه الرجل الكويتي للزواج من الآسيويات وبالتالي فخلال نصف القرن السابق الاشارة اليه انجب هؤلاء الكويتيون ابناء لا يتحدثون باللهجة الكويتية الاصلية او الحقيقية حتى وان تحدثوا بها نجدها تخرج من افواههم «مكسرة» وكأنهم اجانب وليسوا عربا كويتيين.
مما ادى الى مااسميه بمحو شبه ضمني للهجة الكويتية.

كلمات اندثرت
* هلا ذكرت لنا البعض من الكلمات او المصطلحات التي اندثرت مع ذكر الكلمات الجديدة التي حلت بدلا عنها؟
ـ في السابق مثلا اذا اردنا ان نتساءل عن شيء ما كنا نقول «اشدعوة.. اشحد مابدى» والتي استبدلت الآن بكلمة «شالسالفه»... وفي السابق كنا نستخدم كلمة «اشيصيدج» واستبدلت الآن بـ «شقصدج».. كذلك كنا نستخدم كلمة «إمهفتي» لوصف الشخص الذي لا يعتمد عليه و «خوارة» او «وي خواره» كذلك كنا نصف الانسان الشديد العصبية بكلمة «ضيج حظيره»
والآن استبدلت بكلمات اخرى مثل «حدا عصبي» او «مايتحمل».. اما الانسان الدائم التذمر ولديه استعداد للهجوم على الطرف الآخر لفظا فكنا نقول عنه «ياكل حنايبح» والتي استبدلت الآن بكلمة «ايطحلطم».

* الملاحظ ان الكويتيين غالبا ما يتأثرون بلهجات ابناء الجنسيات الاخرى الذين تستضيفهم الكويت على ارضها في حين نادرا ما يتأثر ابناء هذه الجنسية باللهجة الكويتية وان حدث فيكون التأثر ضعيفا او من خلال استخدام بعض المفردات من اللهجة الكويتية فقط في تعليقك؟!
ـ بصراحة اقول ان الاثنين يتأثران ببعضهما البعض فمن خلال تقديمي لبرنامجي التراثي على شاشة «قناة الوطن» وجدت اهتماماً كبيراً باللهجة الكويتية من قبل الشباب العرب العاملين في القناة.

وبصراحة «طقتني البوهة» اي استغربت بشدة من هذا الاهتمام من قبلهم حتى ان احدهم قال لي بعدما قدمت له شيئا كان قد طلبه مني «مشكورة.. لا خلا ولا عدم».. وهذا مصطلح كويتي اصيل نعرفه نحن فقط ما اريد قوله انني ارى حرصا شديدا من ابناء الجنسيات العربية تحديدا الشباب على معرفة اللهجة الكويتية بل والتحدث بها.. وهذا يجعلني سعيدة جدا فإذا كنا نتأثر باللهجات العربية لدينا.. فإننا ايضا نؤثر بلهجتنا في ابناء هذه الجاليات بمعنى ان العملية متبادلة فيما بيننا.

موسوعات عن اللهجة الكويتية
* سمعنا عن وجود موسوعات خاصة باللهجة الكويتية فما تأثيرها؟ وايضا ما مصيرها؟
ـ سأتحدث عن الجانب المتعلق بي في هذا الموضوع.

فبالنسبة لي فقد الفت 3 كتب تتناول اللهجة الكويتية اولها كان بعنوان «كلمات ذابت مع الايام» والتي تحدثت فيه عن 100 كلمة كويتية قديمة تبدأ بحرف الألف ومثلها بحرف الباء الخ.. وبالفعل كانت كلمات ذابت مع الايام اذكر منها على سبيل المثال لا الحصر كلمة «مهفتي» السابق الاشارة لها وكلمة «مجرجف» كذلك كلمة «معرفط» اي «تجاعيد» و«مجكبن» اي ملتوي مع بعضه وكلمة «مقطن».

وكان سبب اتجاهي لتأليف هذه الكتب انني في الاساس دارسة للتاريخ بصفة عامة ومجازة فيه بشهادة «ليسانس» آداب «تاريخ وتربية» واثناء دراستي خصيصا للحضارة المصرية التي احبها كثيرا قمت بقراءة كتاب بعنوان «مصر الخالدة» قرأت فيه ما هية الحضارة المصرية الفرعونية القديمة.

ولعل اكثر ما لفتني في هذه الحضارة هو اكتشاف اللغة الهيروغليفية والتي تعتبر لهجة قدماء المصريين واثناء دراستي للتاريخ اكتشفت ان الحضارة ما هي الا نتاج البشر.. فسألت نفسي لماذا لا توجد لدينا في الكويت اهازيج واساطير خاصة بنا؟
وللحقيقة اكتشفت ان لدينا منها الكثير والتي اعتبرها اللهجة الهيروغليفية الكويتية القديمة.

مميزات اللهجة الكويتية
وتضيف غنيمة الفهد ولعل اكثر ما يميز اللهجة الكويتية هي ان الطرف الاول يفهم الطرف الثاني بسرعة وذكاء فلو فرضنا على سبيل المثال ان قدمت امرأة غير مرغوب بها الى مجلس نساء فإننا سنسمع فورا احدى النساء الجالسات تقول «في السما غيم».. فنجد ان جميع النساء الحاضرات في هذه الجلسة يلتزمن الصمت فورا استقبالا للمرأة غير المرغوب فيها.. حتى لا تعرف عن ماذا كانوا يتحدثن.

«سكتوا.. بخور السوق!!»
وتكمل الفهد: للعلم لا توجد لهجة في العالم مثل اللهجة الكويتية في «ذرابتها» في التنبيه فمثلا اذا قدمت الى مجلس النساء امرأة معروف عنها «نقل الحجي» اي نقل الكلام فان احدى النساء من الجالسات في المجلس تنبه الاخريات من هذه المرأة فتقول بمجرد ان تراها «سكتوا.. بخور السوق!»،، او تنطق احداهن المثل القائل «اذا بغيت السر يشيع.. عطي ام بزيع!!».. بل انهن احيانا ينادين هذه المرأة لمجالستهن اذا اردن نشر او اذاعة خبر او معلومة ما!!.

وتضيف غنيمة الفهد: ثم قمت بتأليف كتاب ثان باسم «العبارة المنسية في اللهجة الكويتية». حين جاء الكتاب الثالث باسم التعبيرات الشعبية الكويتية مثل كلمة «الداد الداد.. يارب العباد» وهي بمثابة دعاء لطلب الرحمة من الله سبحانه وتعالى.. كذلك كلمة «الدن من المز» وهي كناية عن الخير الوفير.

الكويتي الأصلي.. والمهجن
* ما الذي ينقص اللهجة الكويتية ويمنعها من الانتشار.. خاصة واننا نلاحظ انتشار بعض اللهجات الخليجية الأخرى؟
ـ اللهجة الكويتية بها صعوبة في النطق وعن نفسي استطيع التمييز بين الكويتي «القح» وبين الكويتي «المهجن» فالكويتي الاصلي لا يضخم الكلمات او المصطلحات، وذلك ان اللهجة الكويتية لا يوجد بها تضخيم بل هي لهجة خفيفة على الرغم من صعوبتها وهو ما يفعله الكويتي «المهجن» الذي اعرفه فور نطقة الكلمات والمفردات الكويتية اذ غالباً ما يلفظها مضخمة.

كلمات كويتية لا يقولها الرجال!!
وتكمل الفهد: عموما اؤكد ان اللهجة الكويتية الاصلية صعبة.. وهي اصعب اللهجات على الاطلاق على الرغم من احتوائها على قواعد فن الذوق والاتيكيت والدليل وجود مفردات في اللهجة الكويتية لا يجوز ان يقولها الرجال.. بل «عيب» ان يتلفظوا بها مثل كلمة «واخزياه» وكلمة «خنت حيلي».. والتي يقول الرجال بدلا عنها كلمة «يا المقرود».. بمعنى هناك كلام خاص بالرجال واخر خاص بالنساء ومن هذا المنطلق وجدت الصعوبة في اللهجة الكويتية مقارنة باللهجات الخليجية الاخرى التي تعتبر أكثر سهولة في الفاظها.

* هناك مطالبات بتدريس اللهجة الكويتية في المدارس.. فهل انت مع هذه المطالبات؟
ـ ـ انا اول من طالبت بهذا الأمر واتمنى ان يدرس اطفالنا التاريخ واللهجة الكويتية منذ مرحلة الابتدائي وحتى الجامعة على ان تؤكد هذه المناهج تاريخ الكويت القديم واستقلاليتها وعدم انتمائها لا ثقافيا ولا جغرافيا ولا تاريخيا ولا اجتماعيا لاي دولة، على أن تكون مادة «اللهجة الكويتية» مادة مستقلة بذاتها عن باقي المواد الاخرى.

بلشنا و.. بدينا!!
* هل هناك مسؤولية ما تقع على عاتق الاعلاميين على اختلافهم في تأكيد أو ضرورة تأكيد مفردات اللهجة الكويتية؟
ـ أكيد تقع عليهم مسؤولية كبيرة في هذا الشأن وعندما قدمت برنامجي في «قناة الوطن» والذي اتناول فيه التراث الكويتي وجدت نجاحا وصدى كبيرا وباهرا لهذا البرنامج بل ووجدت متابعة قوية له، فالكبار يقولون «ذكرتينا» والصغار يقولون «علمينا».

واكملت الفهد: وعليه اقول ان على الاعلامي أيا كان موقعه ان يتحدث بهلجته الكويتية الصحيحة والاصيلة، خاصة انني لاحظت انتقادا يوجه من قبل الكثيرين لبعض المذيعات والمذيعين الكويتيين الذين يقولون «بلشنا» أو «يالله نبلش» عند بداية برامجهم في حين اننا نقول في الكويت اذا اردنا ابتداء شيء «يالله بدينا» أو «يالله خل نبدي»!! فكلمة «بلشنا» مأخذوة من بلاد الشام وهي كلمة ليست كويتية نهائيا.. وبالتالي اقول انه على الاعلامي والاعلامية الالتزام بلهجته الاصلية فالناس لا ترضى من الاعلامي الانسلاخ من لهجته بل تنتظر وتتوقع منه المحافظة عليها.

* هل يمكن ان نخشى على اللهجة الكويتية من الاندثار أم ان هذا تفكير مبالغ فيه؟
ـ نعم يمكن ان تندثر لهجتنا خاصة وان بعض مصطلحاتها قد «ذابت» مع الزمن بنسبة %80 والموجود الان هو بديل للكلمات الاصلية.

فاللهجة الكويتية بالفعل ذابت واندثرت والموجود الان لهجة هي خليط ما بين اللهجات المصرية والشامية وبعض من الكويتية واللافت للنظر ان العديد من الناس يحاولون التحدث باللهجة الكويتية القديمة والمشكلة انهم يلفظونها بطريقة خاطئة وقد طالبت المسؤولين بوقف هذا الامر لانه خاطئ خاصة وانهم بذلك يعلمون الاطفال التحدث بطريقة خاطئة ستؤدي الى المزيد من الاندثار للهجة الكويتية.

على الكويتية ان «تجدم»!!
* هل تكفي الجنسية لتأكيد الانتماء للدولة ام ان اللهجة لها نفس الاهمية لتأكيد هذا الانتماء؟
ـ في رأيي ان اللهجة تعتبر هي دليل الولاء والانتماء من الدرجة الاولى.

تاريخ النشر: الاثنين 22/6/2009
يتبع
__________________
ومنطقي العذب للألباب مستلبٌ *** ومبسمي نضَّ فيه الدر والنضرُ
لازم منادمتي وافهـم مناظرتي *** واسمع مكالمتي يفشو لك الخبرُ

رد مع اقتباس