عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 24-05-2009, 07:58 PM
عنك عنك غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
الدولة: الـكـويــت
المشاركات: 412
افتراضي عيسى محمد المخيزيم

عيسى محمد المخيزيم



المولد والنشأة
:هو عيسى محمد المخيزيم المولود في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، ويُرجَّح من خلال سيرته ووصيته أن ولادته كانت في العشر سنوات الأولى من القرن الثالث عشر الهجري.

وهو من الرعيل الأول الذي شهد تأسيس الكويت، وهم الذين تدفق عطاؤهم على أبناء الكويت المعوزين في ذلك الوقت، وتميزوا بالجَلَد في العمل والاستقامة والنزاهة والخلق الرفيع، ولذلك كان أبناء هذا الرعيل وعيسى المخيزيم من بينهم ناجحين في حياتهم العملية أيما نجاح.

ولقد تنوعت أعمال المرحوم عيسى المخيزيم وأبناء جيله الخيرية بين تشييد المدارس لنشر العلم بين أبناء الوطن، وتخصيص السفن لنقل الماء العذب من شط العرب ثم توزيعه على الفقراء دون مقابل، وبناء البيوت لمن لا مأوى لهم، وتقديم الطعام بنفس زكية ويد سخية للفقراء والمحتاجين والمساكين.

أوجه الإحسان في حياته

كان المرحوم عيسى المخيزيم من المحسنين الذين وقفوا يداً واحدة مع أبناء وطنهم خلال المحن التي اجتاحت الكويت والمنطقة بأسرها، مثلما حدث في سنة الطبعة
) إذ تَنادَى كثير من الكويتيين الموسرين لمساعدة العائلات المنكوبة التي فقدت عائلها بالغرق.

وكذلك في سنة الرحمة()، حيث نُقل كثير من الكويتيين خارج مدينة الكويت، فكان بعض الموسرين يقدمون لهم الطعام يومياً ليبعدوهم عن شر محنة العدوى، التي انتابت المنطقة.

وحدث الشيء نفسه في سنة الهيلق (المجاعة الكبرى)، حيث تسابقوا إلى فعل الخيرات ودفع البلاء عن الناس، عملاً بقول الله تعالى: "...وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ(114)" سورة آل عمران.

دوره في سنة الهيلق:

لقد انبرى المحسن عيسى المخيزيم مع المرحوم المحسن يوسف عبدالرازق الصبيح، والمرحوم المحسن يوسف عبدالمحسن البدر()، لإغاثة أبناء وطنهم في سنة الهيلق() التي يصفها المؤرخ عبدالعزيز الرشيد في كتابه "تاريخ الكويت" بقوله:

"جوع أصاب الكويتيين فاضطرهم إلى أكل دماء البهائم التي تذبح، ابتداءً من سنة 1285هـ ولم تنته إلا سنة 1288هـ".()
وقد امتد هذا البلاء إلى بلاد شاسعة ما بين أواسط الفرات في العراق وحتى الأحساء جنوباً، وبلاد الساحل الشرقي من الخليج العربي.
وهنا ظهرت همة الرجال، فكان الأغنياء في الكويت يشركون الفقراء في طعامهم وكسائهم، وكان المحسن عيسى المخيزيم من هؤلاء الكرماء الذين قاموا بإغاثة المحتاجين، وتفريج كرب المكروبين، بما يبذلونه من مال، وبما قدموه من طعام وشراب فجعلوا من بيوتهم مضايف كبرى لهؤلاء المكروبين، وعندما اشتد البلاء وكثر الهلاك كانت هذه البيوت تجهز الموتى، بما يلزمهم من كفن وجهاز على نفقة هؤلاء المحسنين.


الإحسان إلى الخدم والعبيد:

تميز المرحوم عيسى المخيزيم بصفات النجابة والنخوة والمروءة، التي جعلت منه شخصية ناجحة في ميدان العمل، فجمع المال الوفير، وأصبح لديه عدد كبير جداً من الخدم والعبيد، وقد عاملهم بالحسنى، فأحسن إليهم بما منَّ الله عليه من خير، ووفر لهم طعامهم ومأكلهم ومشربهم، بل وأوصى بهم خيراً قبل وفاته.

وذلك عملاً بسنة الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي دعا إلى إكرام الخدم والعبيد، وإطعامهم من طعامنا، فعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:َ "إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَلْيُنَاوِلْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ أَوْ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلاجَهُ"() رواه البخاري.

إعتاق العبيد لوجه الله تعالى
أيقن المرحوم عيسى المخيزيم فضل العتق وثوابه عند الله تعالى، فهو مظهر من مظاهر الرحمة بالعبيد، بل إنه باب إلى الجنة، قال تعالى


: "َفلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14)". سورة البلد. ومعنى العقبة أي تخطي عقبة تحول بينه وبين الجنة، لذلك قام رحمه الله بتوثيق وصية شرعية، أعتق فيها جميع من يملكهم من العبيد والخدم.

ومن يقرأ وصيته ويتفحص ما جاء فيها، يدرك رقة أحاسيسه ومشاعره، وعطفه على العبيد، ورحمته بهم، ويكتشف معدنه الأصيل ومكانته السامية، التي كان يتمتع بها بين أهله وقومه، فقد أمر في هذه الوصية بعتق جميع العبيد من تحته، ليصبحوا أحراراً لوجه الله تعالى.

محققاً بذلك وجهاً من أوجه الإحسان، المأمور به في حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عن فضل العتق والإحسان إلى الخادم والمملوك، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: "مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ" رواه البخاري ومسلم.

الوقف الخيري
وإدراكاً من المحسن عيسى محمد المخيزيم لثواب الصدقة الجارية فقد أمر كذلك بالإحسان إلى هؤلاء الخدم والعبيد بعد عتقهم والإنفاق عليهم من ثلث تركته، وأوصى أيضاً بالإنفاق على أعمال البر خاصة في الأوقات الفضيلة، وقد جاء ذلك في (وصيته) التي أوصى فيها بمبلغ معلوم لكل مُعتق لوجه الله تعالى، القائل في كتابه العزيز: "وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم ِ(25)" سورة المعارج.
وصيته
ولأهمية ما جاء في الوصية الخيرية التي تركها المحسن عيسى المخيزيم نورد الفقرات التالية منها والتي جاءت في المقال المشار إليه سابقاً للباحث في التاريخ الكويتي الأستاذ فرحان الفرحان قائلاً:


"أوصى بأن وكيله على ماله ابنته منيرة، وثلث ماله لابنه سلطان، كما أوصى بأن عبيده بأجمعهم أحرار لوجه الله تعالى، فمن أراد منهم أن يقعد عند ابنه سليمان فليفعل، ومن أراد أن يذهب فلا يمنعه، وليعطه من ثلثه كما يعطى سائر المعتقين عند إعتاقهم، وأوصى ابنه المذكور بالمحافظة له على أعمال البِر خاصة في الأوقات الفضيلة وعدم الغفلة عن ذلك، وأوصاه بسعة الصدر على أخته ومن تحت يده من العبيد والرفق بهم، وألا يكفلهم ما لا يطيقون"
حرر في اليوم الخامس من شهر ربيع الأول سنة 1264هـ.

وفاته:

ولئن كنا لا نعلم بالضبط سنة وفاته، لكن المؤكد أنها كانت بعد تاريخ كتابته للوصية المؤرخة في عام
1264هـ الموافق لعام (1847م).

وكذلك بعد حدوث محنة الهيلق التي عاصرها عام1288هـ، أي أنه توفى في التسعينيات في القرن الثالث عشر الهجري تقريباً.

رحمه الله رحمة واسعة وجعل أعماله في ميزان حسناته.

المصادر والمراجع:

مقابلة مع السيد فرحان أحمد عبدالله الفرحان الباحث في التاريخ الكويتي.

1 – مجلة مرآة الأمة مقال للسيد فرحان أحمد الفرحان العدد 1156 – الكويت 20 فبراير 1999م.
2 – جريدة الرأي العام مقال للسيد فرحان أحمد الفرحان العدد 1875 – السنة السادسة - الكويت.
3 – يوسف بن عيسى القناعي صفحات من تاريخ الكويت الطبعة الخامسة ذات السلاسل الكويت 1987م.
4 – الشيخ عبدالعزيز الرشيد تاريخ الكويت الطبعة الثانية دار مكتبة الحياة بيروت 1971م.


وثق هذه المادة الأستاذ فرحان عبدالله أحمد الفرحان.
منقول محسنون من بلدي .

التعديل الأخير تم بواسطة عنك ; 24-05-2009 الساعة 08:02 PM.
رد مع اقتباس