الهنـديـة - بين داود الجراح وعبدالله سنان
ان النفوس تجوع والأرواح تعطش .. كجوع الأجساد وعطشها ، مع البون الشاسع والاختلاف الواسع فيما يغذوها ويرويها، فالبدن يقرم إلى اللحم، والروح تشتهي الحب وتذوُّق الحنان .. والجسد يستطعم شراب الشهد والحلواء، وبضده الروح فهي لغليل الجفوة وعطش الوحشة تظمأ أنساً الى المحبوب وذكره أو سماع خبره. فهكذا النفوس مجبولة ولمن تحبه مذلولة.. وأخطر المشاعر الانسانية اصطلاماً واهتياجاً .. ما يكشف الأدباء عن أستاره بالتغزل. حكاية من ماضي الكويت سافر الشاعر داود سليمان الجراح للهند .. ورأى في مدينة بمباي ما أثار قريحته الشعرية وعطشه العاطفي، فلهج بمكنونات شاعريته العربية .. وقال بيتاً واحداً، ولم يزد عليه ! يا ربة الحسن ذات القرط والساري <> حيرت في هذه الأزياء أفكاري ولما رجع للكويت طلب من صاحبه الشاعر عبد الله سنان أن يكتب قصيدة يكون مطلعها هذا البيت، فكانت قصيدة ( الهندية ). . ( يا ربة الحسن ذات القرط والساري <> حيرت في هذه الأزياء أفكاري) أفتنةٌ أم ملاكٌ أنت أم قمرٌ <> أم دمية أنت خطتها يد الباري رحماك رحماك إن الحب أتلفني <> وها أمامك دمعي لم يزل جاري بالله واترتي ظلماً وقاتلتي <> عمدأ أما لقتيل الحب من ثار لولا التقى لدخلتُ الدار مرتدياً <> شعاركم لا أبالي عبء أوزاري وجئت (رامان) و(اكرشنا) بمعبدكم <> يؤمني فيه تصميمي وإصراري علّي أراك فأدنو منك محترماً <> هذا الجمال بتعظيم وإكبار قال الصحاب وهم حولي وما علموا <> أن الهوى في فؤادي زنده وار ماذا جرى؟قلت كفوا أو خذوا بيدي <> لا تحملوني على إفشاء أسراري فأرغموني على ما بي فقلت لهم <> هذي التي تتهادى بين أقمار هي التي في هواها مهجتي تلفت <> حباً ولو سئلت جاءت بإنكار هيفاء تخجل غصن البان قامتها <> وصوتها العذب حاكى نقر أوتار وردية الوجنتين، الخمرُ ريقتها <> هندية الجنس بنجابية الدار [ثم قال] تهامس القوم فيما بينهم فغدوا <> وكلهم من مفاهيم الهوى عاري ورحت أعذلهم طوراً وأعذرهم <> طوراً وأرثي لهم في كل مضمار لأنهم يجهلون الحب وا أسفاً <> بل أنهم يلصقون الحب بالعار المصدر: الشاعر عبدالله سنان محمد، دراسة ومختارات. خالد سعود الزيد ود.عبدالله العتيبي ص62-63 . |
الاخ المحترم الأديب........... ارجو شرح الجمله الاتيه:
أن الهوى فى فؤادى زنده وار ...........؟ |
من معاني الزند : العود الذي يقدح به النار.
ووار :أي متقد . |
http://www.kuwait-history.net/vb/up/...9720090220.jpg الشاعر عبدالله السنان http://www.kuwait-history.net/vb/up/...9720090220.jpg الشاعر داود الجراح |
إنَّ أخي أبا عبد اللطيف لا يستغرب عليه هذا الإمداد المتميز .. فلأول مرة تعرض بالمنتدى صورة الشاعر داود الجراح والشاعر عبد الله سنان، فشكراً له
اقتباس:
اقتباس:
وقوله (وار) اسم فاعل منقوص أصلها واري؛ يعني : مشتعل. وكما قيل في البيت: لم يعلم أصحاب الشاعر ما حل بجوفه المسجور المحروق من الهوى، فساءلوه عن تغير حاله الظاهر. وأما الزند فكما شرح لك.. فبالزند تستخرج النار .. هذان عودان يستعملان عملَ القدّاحة (بتشديد الدال) طلباً للنار. وقد استعيرت هذه المفردة –في غير العيدان- فقد استعملت في الأداوات الحديثة اليوم .. فاسم قادحة السلاح الناري (المسدسات والبنادق) يسمونها [ زنداً ] لأنها تقدح نيران البارود وتشعله. ويخطئ أغلب المتكلمين بقولهم: (اضغط على الزناد)، لأن الزناد جمع من جموع الزند، مفرده زند. مثل: سهم وسهام .. زند وزناد. والشاعر عبد الله سنان قصده من البيت واضح أن الهوى قد أشعل ناره في صدره .. فهي تلتهب حرقة وحرارة. وعامة الأدباء يكثرون من تشبيه قدح الزند بالفكرة التي تومض فجأة في سماء الذهن .. والسانحة التي تمر سراعاً بخلد الانسان وعقله ثم تغيبان بلا رجعة، ووجه التشبيه: أن كلاهما يظهران في البداية حين يظهران.. ثم يختفيان ما لم يستثمرا. فالشرارة تخبو وتنطفئ إن لم تضرم النار بها والفكرة تنسى إن لم يعض ربها عليها بأسنانه. ولذا جاء عبقري الأدب وفيلسوفه أبو العلاء المعري فأسمى ديوانه ( سقط الزند ) مراعاة لهذا المعنى اللطيف الذي نوهت به. |
الله يرحم شاعرنا الكبير داوود بن سليمان الجراح
|
الله يرحم الشاعر الكبير عبدالله السنان
|
شكرا لك استاذي الأديب
لدي تعليق حول ما ذكر من أن الشاعر داوود الجراح عمل بيتا واحدا و هو : يا ربة الحسن ذات القرط والساري <> حيرت في هذه الأزياء أفكاري ربما يكون الأمر كما ذكر ثم زاد الشاعر على بيته ابياتا أخرى ، حيث إني أحفظ من جدي رحمه الله هذه الابيات : يا ربة الحسن ذات القرط والساري <> حيرت في هذه الأزياء أفكاري هذا جمالك مستور فتنت به <> فكيف لو أنني شاهدته عاري بالله لا تسرعي إن سرت و اتئدي <> فقد قتلت غريب الأهل و الدار أعيذ بالله تلك العين من رمد <> كذلك الجيد جل الخالق الباري |
هذا حال الأدب يتقلب بين العذب والأجاج في غرضه ومرويه
اقتباس:
أسعدتني إضافتك عن جدك كثيراً .. والحمد لله أن أبقى في الكويتيين للأدب بقية وشوكة |
ردا على الأخ عبدالله الجسار
لم يزد المرحوم داود الجراح عن بيت واحد فقط أما الأبيات التي سمعتها من جدك رحمه الله فهي للشاعر عبدالرزاق العسكر صديق الشيخ علي الجسار حسب افادة د.يعقوب الغنيم في صحيفة الوطن مؤخرا وكما ورد في ديوان عبدالرزاق العسكر نفسه. |
الساعة الآن 08:51 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت