محمد عبدالعال العتيبي: عالجت 42 ألف كويتي وعربي وأجنبي من الكسور
 

كتب إبراهيم السرحان:
على الرغم من تطور الطب الحديث وما قدمه من جهد لخدمة الانسان الا ان الطب الشعبي استطاع ان يثبت وجوده على الساحة وما نعنيه بالطب الشعبي ذلك الطب الذي بني على التجارب المتعددة بعيداً عن الخرافات خلال مئات السنين الذي اثبت التجارب صلاحيته.

وللتجبير دور كبير في الطب الشعبي العربي فهو علاج للكسور والمفاصل المنزلقة من مكانها حيث يقوم المجبر بوضع القطن واعواد الخشب بعد تنظيف موضع الكسر ويقوم بتركيب العظام المكسورة على بعضها وربطها باحكام دون التحريك لفترة معينة تستمر من شهر الى شهرين.

وهذا العلاج يستخدم الى يومنا هذا، وان خف عليه الاقبال لوجود المستشفيات وقلة المجبرين ولكن يوجد في مجتمعنا الكويتي رجل ذو خبرة طويلة اسمه يتردد في كل بيت فهو له ذو كفاءة ورث هذا العمل عن والده ولا يتقاضى أي أجر على الرغم من ان المرض اصاب عينيه وبدأ يحجب عنه النظر «الوطن» ذهبت الى منزل المعالج الشعبي والمجبر محمد عبدالعال العتيبي وأجرت معه الحوار التالي:

? متى بدأت ممارسة التجبير؟
- بدأت ممارسة التجبير سنة 1969 بعد وفاة والدي واجبرني الناس على ذلك لأرث المهنة عن والدي.
وقد جبرت الى الآن 42 الفاً من الكويت ومختلف البلاد العربية الذين جاءوا الي طلباً للعلاج والكثير من الأجانب والعاملين في الكويت الذين تعرضوا الى كسور.

? ما أكبر عدد قمت بتجبيره في اليوم الواحد؟
- قمت في يوم واحد بتجبير 61 شخصاً مكسوراً وعلى الاقل يأتي الي 20 مراجعاً أقوم بتجبيرهم أو علاجهم من الصدمات والكدمات وغيرها.
ولم أجبر اي مكسور الا وارتاح من الألم الذي اصابه واغمض عينه للنوم وقمت بتجبير الفخذ والساق والحوض وغيره ولم يبق جزء من اجزاء جسم الانسان الا وقمت بتجبيره واقوم بعمل أعواد مختلفة الأحجام من الخشب والبلاستيك المقوى في استخدام الجبيرة والعلاج.

? ماذا عن انواع اللفات التي تستخدمها في التجبير؟
- استخدم اللفات لمشط الرجل واليد والتروقة لانطوائها مع المشط ورأس الكتف من الاشياء الدقيقة اما الجبرة صاحبة اربعة اضلاع التي استخدم فيها الاخشاب فهي تستخدم لتجبير عظام الذراع والأرجل والافخاذ .
اما الجبس المستخدم في المستشفيات و غيره فلا استخدمه لانه اذا حفظ وتصلب يضغط على العظم ويشوهه ويحدث به اعوجاج، أما الجبيرة فيستطيع معها العظم ان يتنفس الهواء واقوم بضغط الجبيرة بواسطة اللفات المستخدمة فيها لتجبير الكسر في كل اسبوع يأتي اليه فيه المريض.

والمريض المعالج الذي استخدم الجبس في المستشفى ومصاب بكسر في مشط قدمه لا يستطيع ان يعمل في السلك العسكري ولا يستطيع ارتداء الحذاء لأن عظام المشط لم تأخذ وضعها الطبيعي بسبب الجبس، فلو انطلق الدم في الكسر يقوم بتنظيفه من الجراثيم التي تراكمت فيه.


? هل عرضت عليك بعض المستشفيات العمل عندها؟
- نعم وهناك اربعة مستشفيات حكومية عرضوا عليّ ان اعمل معهم واقوم بعلاج المرضى على الطريقة الشعبية التي اعالج بها.
ولكني رفضت لكبر سني ولاستقبال المراجعين وتفرغي لمرضاي.

? ما هي اصعب الحالات التي عالجتها؟
- الحالات التي عالجتها ولم ار مثل كسرها واصابتها: بنت تعرضت لحادث وكسر فخذها إلى ثلاثة اجزاء وكان الجزء الاوسط اكثر الاجزاء المتضررة اذ يبعد عن الاخر بطول اصبع يد ولم تنفع معها العملية او الربط بواسطة البراغي.

فقمت باعادة تركيب وترميم الكسور إلى مكانها الصحيح بواسطة الاخشاب واستخدمت حبلاً لشد العظام في مكانها الصحيح في الفخذ وقمت بتجبيرها.
ووقفت على علاجها لحين شفائها وعندما عرضت نفسها على الأطباء في سفرها الى لندن استغربوا من كيفية علاج هذه الكسور في الفخذ الواحدة دون الاستعانة او اللجوء الى عملية جراحية!

وقالوا لها: "ان الشخص الذي قام بعلاجك لو كان لدينا لجعلنا له اهمية كبرى على ما يملكه من خبرة ومهارة في معالجة الكسور".

وهناك حالة اخرى: لامرأة تعرضت لحادث سيارة اصيبت بسبعة كسور، وادخلت على اثرها إلى العناية المركزة ثلاثة عشر يوما.

وبعدما افاقت احضروني لها في منزلها فهي لا تستطيع النوم عشرين ليلة بعد خروجها الا بإبرة مسكنة للالم ،وكان الحوض اكثر الكسور تعرضا للاصابة، غير الاصابات الاخرى في الفخذ والعضد وغيرهما.
فعالجتها وشفيت تماما.

ومن اصغر الحالات التي قمت بعلاجها: هي لطفل لم يتراوح عمره ثلاثة ايام فقط كسر الممرضات فخذيه عند ولادته فقمت بعلاجه.

? هل تتقاضى اجرا عن التجبير؟
- انا لا اتقاضى اية اجور ولا اطلب اي مبالغ مالية مقابل العلاج وتجبير المصابين، واتحمل شراء اللفافات والضمائد والقطن والاخشاب وغيرها من لوزام التجبير من نفقتي الخاصة.

? ما سبب ضعف بصرك؟
- اصيبت عيناي بالجفاف وتردى وضعهما لاكثر من عام وأعاقتاني عن قراءة القرآن الكريم والنظر الى الساعة لمعرفة الوقت .
والعين اليسرى لا استطيع النظر منها واصبح تركيزي على عيني الاخرى بمساعدة النظارة الطبية رغم اني عالجت وراجعت اطباء عيون ولكن دون جدوى.
وانني ارى نظري وحالتي تسوء يوما بعد الاخر.

فعلى الرغم من تردي وضعي وقلة نظري الا اني لم اقف يوما من الايام عن معالجة اي مريض يطرق باب بيتي ويأتي الي وامنيتي من الله عز وجل ان ينعم عليّ بالصحة والعافية وان يشفي عيني ولا يمنعني مرضي عن عملي في خدمة الناس.

إصبع الإيرانيين الأوسط مكسور باتجاه الأمام، تماما كما كان إصبعي الأوسط الذي أصيب أثناء لعب الكرة الطائرة قبل سنوات، عندما تصديت لـ«كبسة» متقنة جاءت على رأس الإصبع من فوق فطرقع طرقعة موسيقية دفعتني للعب بيد واحدة، إلى أن شعرت بألم ودوخة فخرجت من الملعب طالبا التبديل.

وفي المساء اشتد الألم فتوجهت للمستشفى الذي أحالني إلى مستشفى الرازي للعظام، وهناك أبلغوني بأنه مكسور وقاموا بتجبيره.

إلى هنا والأمن مستتب، والناس تأكل السندوتش، لكن المشكلة ظهرت بعد إزالة «الجبس» أو الجبيرة التي كانت تلف الإصبع والكف، إذ تشكل الإصبع على شكل زاوية قائمة للأمام، أي والله، وأمسيت كلما رفعت يدي لتحية أحد وكأنني أشتمه شتيمة قبيحة بسبب منظر هذا الإصبع المجنون المشبوه.

بل وحتى من دون تحية كان منظره يثير الشبهات. وكان الربع، وهم مجموعة من الأتقياء، يذكرونني في الديوانية بمن نسيت السلام عليه، فأبادره مباشرة: «مساك الله بالخير»، رافعا كفي وإصبعي باتجاهه.

لم يكن أمامي سوى التوجه لعمنا الكبير أطال الله عمره وأمده بالصحة والعافية عبد العال العتيبي، طبيب العظام الشعبي الشهير، أو «المجبّر» كما نسميه، الذي عاين الكسر وأبلغني بهدوء جميل أن الأطباء أركبوا عظما فوق عظم، والعلاج الآن يحتاج إلى كسر الإصبع وتجبيره من جديد،
ثم سألني بهدوء أشد: هل ستحتمل الألم لوحدك أم تحتاج من يمسك ذراعك كي أكسر إصبعك وأعيد تركيبه،
فتبسمت بطاووسية، وقلت: تفضل هاك الإصبع فاكسره حماك الله، فطلب من مساعده الهندي القبض على ذراعي.

فزجرت الهندي ولساني حالي يردد مع الأخ عمرو بن كلثوم بيتا من معلقته الجميلة: «ألا لا يعلم الأقوام أنّا، تضعضعنا وأنّا قد ونينا»،

وكررت كلامي:
تفضل يا عم، اكسر واجبر كما تشاء.
فتوكل عمنا على الله وكسر الإصبع، طق طق، ومن دون شعور نهضت لشدة الألم واقفا كاتما صرختي، وبسرعة قبّلت خشم الهندي كي لا أقتله، فأجلساني بعدما شاهدا عروق رقبتي وجحوظ عينيّ وأدركا صعوبة موقفي، وانقطعت أنفاسي، لا حول ولا قوة إلا بالله، أين ذهبت أنفاسي في هذا اليوم المبارك؟
وراح العم يلف الجبيرة ويوصيني بعدم فكها قبل واحد وعشرين يوما.

خرجت من «غرفة العمليات» فشاهدت الناس ينتظرون على الكراسي، ولا أدري لماذا أحببتهم كلهم، شعرت تجاههم بود وحميمية وكأنهم كلهم أشقائي، تقول مودّع الحياة، رحت أسلم عليهم، وأسألهم عن أحوالهم، وأنا لا أعرفهم والله العظيم: «شلونكم يا الربع، عساكم بخير، ممتاز العم عبد العال، صدقوني، الله يعطيه العافية، توّه كاسر إصبعي من دون تخدير، وناسة، وطني الكويت سلمت للمجد وعلى جبينك طالع السعد»، وتركتهم يبحلقون بعيونهم كما يشتهون، فحرية البحلقة مكفولة،

ونهضت باتجاه سيارتي، وشعرت برغبة عارمة بالبكاء، أي والله، ولم أستطع الوصول للسيارة لبعد المسافة وانقراض الأنفاس،

فجلست على الأرض مسندا ظهري على عجل إحدى السيارات القريبة، وفمي مفتوح على آخره بحثا عن الأنفاس الحقيرة، وكلما عثرت على نفس تائه شفطته ورفعت يدي للسماء: «الحند لله الحند لله» كما كانت تقول حماة الكاتب محمد حلمي منصور.

وتقول مللت يا صاح من الجبيرة وضقت بها ذرعا، فخلعتها قبل مرور عشرة أيام، وعشت حياتي، وبعد نحو شهر عاد الإصبع تدريجيا إلى وضعه القبيح، منحنيا إلى الأمام، وراحت «كسرة» الإصبع هباء منثورا، إنا لله وإنا إليه راجعون، أين أنت يا عمنا عبد العال؟...

وفي منزل «المجبر» حكيت له الحكاية، فغضب وأبلغني بأن العظم التأم ويحتاج إلى كسر وإعادة تجبير مرة أخرى، وكرر سؤاله: هل ستتماسك أم تحتاج إلى الهندي؟
فأطرقت ورحت أشتم عمرو ابن كلثوم، «أصلا لو كان فيه خير ما سمّوه باسم أمه، وبعدين هل هناك رجل عليه القيمة اسم أمه كلثوم»،
والتفت للهندي مستجديا: «اشبط فيني يا اللحية الغانمة». وعلى بركة الله، كسر عمنا إصبعي للمرة الثانية، ولم ينس الوصية الزاجرة: «لا تفك الجبيرة لثلاثة أسابيع، فاهم؟».

وخرجت بلا أنفاس، وتكرر المشهد، فسلمت على الجالسين فردا فردا: «تامرون على شيء يا شباب؟ توّه كاسر إصبعي للمرة الثانية، من رخصتكم خانقتني العبرة، سلامو عليكم».
وأربعة أسابيع يا معلم، أسبوع إضافي من عندي مجانا.
وعاد الإصبع إلى مكانه سالما غانما.

واليوم ومن ودون أن تسيل قطرة دم إيرانية واحدة، يتبادل الإيرانيون المايكــــروفونــــات فزعة لغزة، كثر خيرهم، وما أن ينتهي أحدهم حتى يرفع كفه لتحيتنا، نحن العربان، وإصبعه الأوسط المكسور باتجاهنا. يبدو أنهم في مسيس الحاجة إلى زيارة سريعة للعم عبد العال العتيبي، ومراجعة قصيدة ولد كلثوم.


محمد الوشيحي

الله يطول بعمره يرزقه الصحه و العافيه .
و نعم الرجل ..

الله يبارك فيه ويطول بعمره،

له خير كثير على الكثيرين بلا شك. المهم يا جماعة أنه حاليا وبدون النظر ما يستطيع عمل التجبيرة بطريقة صحيحة فهو غير متمكن من التعرف على المشكلة، ويعتمد على الهندي في الشرح عن بعد، لدرجة أنه لا يستطيع التعرف على كف اليد هل هو للأعلى أم للأسفل، فقد حدث لي تهشم في مفصل الأصبع الصغير وذهبت له، ولكن للأسف بسبب ضعف النظر الشديد لديه لايستطيع ان يعالج بطريقة صحيحة، وقد يرتكب أخطاء تطيح بسمعته الطيبة.:(

اللهم ارزقه الصحة والعافيه وشافه من مرضه .
الحمد لله لايزال هناك من يعالج ويخفف من الم المسلمين من غير مقابل .

اللهم اشفي مرضانا وعافهم واعف عنهم...وبارك لشيخنا الفاضل ...واحفظ هذا البلد امنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين...