الأديب
30-04-2009, 09:43 PM
(جريدة الصباح)
26/4/2009م
كــلام العيـــون... والشيخ صباح السالم
اعداد/ عبد الله نجيب سالم
قلما تسبق العينَ حاسةٌ أخرى من الحواس. فالعين أسرع من الأذن التي تسمع، وأسرع من الأنف التي تشم، وأسرع من اللسان الذي ينطق، وأسرع من باقي الحواس كاليد والرجل ونحوهما.
نعم. العين أسرع رؤية، وأوسع مجالا، وأشد تمييزاً، وأكثر استخداماً، وهي من طرف آخر : فيها الرموش الجميلة، والحَوَر الآسر، والكحل البديع، والحدقة الفاتنة، كم تغزل بها الشعراء، وكم فتن بها الناظرون حتى قال قائلهم :
إن العيون التي في طرفهـــا حــور
قتلننــا ثـم لم يحيين قتـلانــا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به
وهن أضعف خلق الله إنسانا
وقال آخر :
عيون المها بين الرصافة والجسر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
ولقد قارن أبو العلاء المعري بين العين والأذن، وبحكم كونه أعمى فاقد البصر، قدم الأذن التي يسمع بها على العين التي لا يرى بها وهذا كما يقول قليل:
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة
والأذن تعشق قبل العين – أحيانا –
ولا ينكر عاقل أن العين كما تبصر، فإنها تتكلم وتشير وتعبر وتطرب وتحزن.
ألا نذكر قول الشاعر :
أشارت بطرف العين خيفة أهلها
إشـــارة مكلــوم ولـم تتكلـــمِ
فأيقنت أن القلب قد قال: مرحبــا
وأهلا وسهلا بالحبيب المتيم
وأعظم ما يعبر عنه من الخوف والرعب والهلع والجزع ما يظهر في أرجاء العين من وجوم وتحديق، واتساع واحمرار، ودوران وزيغ. قال الله تعالى عن المنافقين الذين انخلعت قلوبهم لما رأوا الأحزاب «ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت»
وبالمقابل فإن أجمل ما جاء في كتاب الله العزيز من أبدع النعم الكريمة التي يمن بها على المؤمنين في اشرف الأوقات وأعظمها أن تمتد أبصارهم فرحة مسرورة بالنظر إلى وجه الله الكريم «وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة».
ومما لا أنساه في هذا المجال. أنني قبل ثلاثين عاماً في عام 1977 كنت في القاهرة زائراً، وزرت الأستاذ عمر مرعي شقيق سيد مرعي رئيس مجلس الشعب المصري آنذاك، وقد أكرمني بحفاوة.
وسألني عن موعد سفري إلى الكويت فلما أخبرته قال لي بحرص:
سأبعث معك بأمانة إلى الكويت، تحملها بيديك – لا بالشحن الجوي – فتوصلها إلى السفير المصري لدى الكويت، وكان آنذاك الأستاذ ممدوح عبد الرازق على ما أظن، ليوصلها بنفسه إلى الديوان الأميري، هدية إلى صاحب السمو الشيخ صباح السالم أمير دولة الكويت آنذاك.
قلت للأستاذ عمر: وما هذه الهدية الثمينة المهمة التي ستبعثها معي؟!
قال: هي بيت من الشعر، رآه صاحب السمو الشيخ صباح أثناء زيارته للقاهرة فاستحسنه وأعجبه وكان رحمه الله شاعراً ذواقاً، فقمنا بكتابته بأحسن الخطوط وأجملها، وأودعناه لوحة فنية جميلة بديعة رائعة. أما بيت الشعر فهو :
والعين تعرف من عيني محدثها
إن كان من حزبها أو من أعاديها
وفعلاً حملت اللوحة وأوصلتها إلى السفير.
هكذا تميز العين الذكية من النظرة الأولى الحبيب والصديق من العدو والبغيض.!!!
26/4/2009م
كــلام العيـــون... والشيخ صباح السالم
اعداد/ عبد الله نجيب سالم
قلما تسبق العينَ حاسةٌ أخرى من الحواس. فالعين أسرع من الأذن التي تسمع، وأسرع من الأنف التي تشم، وأسرع من اللسان الذي ينطق، وأسرع من باقي الحواس كاليد والرجل ونحوهما.
نعم. العين أسرع رؤية، وأوسع مجالا، وأشد تمييزاً، وأكثر استخداماً، وهي من طرف آخر : فيها الرموش الجميلة، والحَوَر الآسر، والكحل البديع، والحدقة الفاتنة، كم تغزل بها الشعراء، وكم فتن بها الناظرون حتى قال قائلهم :
إن العيون التي في طرفهـــا حــور
قتلننــا ثـم لم يحيين قتـلانــا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به
وهن أضعف خلق الله إنسانا
وقال آخر :
عيون المها بين الرصافة والجسر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
ولقد قارن أبو العلاء المعري بين العين والأذن، وبحكم كونه أعمى فاقد البصر، قدم الأذن التي يسمع بها على العين التي لا يرى بها وهذا كما يقول قليل:
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة
والأذن تعشق قبل العين – أحيانا –
ولا ينكر عاقل أن العين كما تبصر، فإنها تتكلم وتشير وتعبر وتطرب وتحزن.
ألا نذكر قول الشاعر :
أشارت بطرف العين خيفة أهلها
إشـــارة مكلــوم ولـم تتكلـــمِ
فأيقنت أن القلب قد قال: مرحبــا
وأهلا وسهلا بالحبيب المتيم
وأعظم ما يعبر عنه من الخوف والرعب والهلع والجزع ما يظهر في أرجاء العين من وجوم وتحديق، واتساع واحمرار، ودوران وزيغ. قال الله تعالى عن المنافقين الذين انخلعت قلوبهم لما رأوا الأحزاب «ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت»
وبالمقابل فإن أجمل ما جاء في كتاب الله العزيز من أبدع النعم الكريمة التي يمن بها على المؤمنين في اشرف الأوقات وأعظمها أن تمتد أبصارهم فرحة مسرورة بالنظر إلى وجه الله الكريم «وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة».
ومما لا أنساه في هذا المجال. أنني قبل ثلاثين عاماً في عام 1977 كنت في القاهرة زائراً، وزرت الأستاذ عمر مرعي شقيق سيد مرعي رئيس مجلس الشعب المصري آنذاك، وقد أكرمني بحفاوة.
وسألني عن موعد سفري إلى الكويت فلما أخبرته قال لي بحرص:
سأبعث معك بأمانة إلى الكويت، تحملها بيديك – لا بالشحن الجوي – فتوصلها إلى السفير المصري لدى الكويت، وكان آنذاك الأستاذ ممدوح عبد الرازق على ما أظن، ليوصلها بنفسه إلى الديوان الأميري، هدية إلى صاحب السمو الشيخ صباح السالم أمير دولة الكويت آنذاك.
قلت للأستاذ عمر: وما هذه الهدية الثمينة المهمة التي ستبعثها معي؟!
قال: هي بيت من الشعر، رآه صاحب السمو الشيخ صباح أثناء زيارته للقاهرة فاستحسنه وأعجبه وكان رحمه الله شاعراً ذواقاً، فقمنا بكتابته بأحسن الخطوط وأجملها، وأودعناه لوحة فنية جميلة بديعة رائعة. أما بيت الشعر فهو :
والعين تعرف من عيني محدثها
إن كان من حزبها أو من أعاديها
وفعلاً حملت اللوحة وأوصلتها إلى السفير.
هكذا تميز العين الذكية من النظرة الأولى الحبيب والصديق من العدو والبغيض.!!!