المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غياب المؤرخين عن التاريخ الشفاهي -د.سعود العصفور


AHMAD
07-01-2012, 02:19 AM
القبس - اليوم

لا يمكن أن ننكر أهمية التاريخ الشفاهي في كل عصر، وعلى الرغم من تباين آراء المؤرخين إزاء الحقائق التاريخية المتحصلة من خلاله وصدقية تداولها، إلا أن هذا النوع من التاريخ يظل هاجساً يلاحق المؤرخين بفعل وسائل الاتصال المختلفة، ووسائل التواصل الاجتماعي وتطورها بصورة لا يمكن للتاريخ المدون مسايرة سرعتها وذيوع حقائقها.

وغياب المؤرخين المتخصصين عن مواكبة ما طرأ في مجال هذا التواصل الاجتماعي، يعرض التاريخ المعاصر إلى نكبات لا يمكن تعويضها في المستقبل، ذلك أن التاريخ المعاصر شأنه شـأن العصور الأخرى يعتمد ضمن مصادره الأصيلة على الرواية الشفاهية، بل يزيد عن البقية بحكم تعاطيه القريب من الحدث.

والملاحظ على المقابلات - وهي احدى وسائط التاريخ الشفاهي - في البرامج الاعلامية والحوارية، واللقاءات الصحفية، غياب المؤرخين المتخصصين، فالمقابل لا يعرف تفاصيل الأحداث ولا سياقاتها التاريخية، الأمر الذي يؤدي في نهايته إلى تشويه الحقيقة من خلال ترك العنان للشاهد، بحيث يصبح كلامه واقعاً حتمياً لا يمكن دفع حقائقه أمام المشاهدين والقراء غير المتخصصين، في حين لو حضر المؤرخ المتخصص كمقابل، لأثمر ذلك إيضاح حقائق تاريخية جديدة، ولوضعت المعلومة التاريخية في سياقها الصحيح.

واليوم أضحت مواقع التواصل الاجتماعي هي الأخرى مصدراً مهماً للتاريخ الشفاهي، لذا وجب على المتخصصين من مؤرخي العصر النزول إلى تلك المواقع، مواكبة لسرعة تنـاول الحدث، ثم لتأصيل صحة الأحداث وتفنيد الأخطاء التي يقع فيها كثير من المنتمين لمواقع التواصل الاجتماعي.
إن مجال تزييف التاريخ اليوم أصبحت أبوابه مشرعة لأسباب جوهرية يقف إهمال التعاطي من أراشيف الوثائق في مقدمتها، ثم غياب المؤرخين من المعاصرين عن ساحات تداول التاريخ، وخاصة الشفاهي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وترك المجال للمتسلقين من غير المتخصصين الذين تعرضوا للتاريخ وفق رؤى ضيقة ناجمة عن قصور في المنهج التاريخي الرصين، فضلاً عن قلة البضاعة.

إن التاريخ كما يقول ابن خلدون: «وفي باطنه نظر وتحقيق، وتعليل للكائنات ومباديها دقيق، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق، وجدير بأن يعد في علومها وخليق»، انتهى كلامه. (ابن خلدون، تاريخه، طبع دار الكتب العلمية، بيروت 1992، مج 1، ص 4)، لذا وجب أن يكون التناول للتاريخ من قبل المؤرخين المتخصصين الذين خبروا مصادر كل عصر من عصوره وطبيعته، ولا يكون نهبــة للطامحين، ممن حكموا أنفسهم في سرد أحداثه وفق وجهة نظر واحدة من دون التفات إلى المصادر الأخرى لكل عصر.

د. سعود محمد العصفور
(جامعة الكويت - قسم التاريخ)

AHMAD
07-01-2012, 03:42 AM
مقالة جميلة ..

وتطرق الدكتور الفاضل لثلاث محاور ونقاط ..

- مواكبة التطور الإلكتروني ومحاولة اللحاق بالركب ...

- وغياب إعلام عن إستضافة المؤرخين المتخصصين بالتاريخ ..

- والأمر الأخير والمهم ... وهو نزول المؤرخين لمواقع التواصل الإجتماعي ..

وقد عنا بها أستاذنا الفاضل المنتديات التاريخية وغيرها .. وذلك ولهدف : لتأصيل صحة الأحداث وتفنيد الأخطاء التي يقع فيها كثير من المنتمين لمواقع التواصل الاجتماعي.


ونقول دائماً ومن موقعنا هنا ... الجميع في محل الترحيب والتقدير .. إلا أن الخلل في نظرة الأكاديميين السلبية تجاه المواقع التاريخية أو مواقع التواصل الإجتماعي وكأن النزول أمر معيب ومشين -ولربما وفق فكر البعض من أنه قد يتعرض لشخصه الكريم للتصغير أو النقد الجارح من بعض المتطفلين إلا أن هذه النظرة يجب أن يعاد بها فغالب المشاركين بالمنتديات المتخصصة إما أكاديميين أو مهتمين بهذا المجال ولا أعتقد إنها سوف يكون له عائق أمام المشاركة بها ..

ونحن هنا نرحب بالجميع وخصوصاً لمن يتواصل مع الأخوان في مجلس الإدارة وبيان وضعه الإجتماعي .. فمكانة الجميع محفوظه .. وكثير من الأخوان من الاكاديميين موجودين بيننا ويترددون بين حين وآخر .. وعلى ذلك أمر النزول لمواقع التواصل أمر حتمي ومهم ومفيد أيضاً لنا جميعاً ..

جون الكويت
07-01-2012, 11:09 PM
مقال لطيف .. جزى الله كاتبه خيراً؛ على إثارة الموضوع

فكم حرَّك من مياهٍ .. عطلها الركود !

فغالب المشاركين بالمنتديات المتخصصة إما أكاديميين أو مهتمين بهذا المجال
هذا حق، واليوم نفتقد الكثير من الزملاء الأعضاء المذاكرين؛ بشتى أضرب المذاكرات التاريخية؛ منذ بداية تدشين المنتدى.

AHMAD
08-01-2012, 03:09 AM
الموضوع يفتح أبواب آخرى ... للمناقشة .. فدعني أجنح قليلاً على النقطة الثانية التي ذكرها الدكتور القدير سعود حول اهمال الإعلام لأهل التاريخ ..

في الفترة الاخيرة هناك خلط واضح بين جامعي الكتب والمهتمين بالتراث الكويتي كمادة ملموسة .. وبين الأكاديميين و الباحثين في التاريخ لمن له نَفَس وروح تعيش مع التاريخ .. فهناك فرق واضح .. لا يجب الخلط بينهما .. إلا أن البعض للأسف ينظر فيما بينهم بنظرة واحدة وكانهم وجهان لعملة واحدة ... وهذا خطأ يجب أن ينبه عليه .. وخصوصا لإعلامنا المعاصر .. فنجد أن الإعلام المرئي أو حتى المراكز الثقافية تتجه لأهل التراث المادي للحديث عن التاريخ واحداثه .. والذي من الأجدر أن يتم إستضافه أهل الإختصاص وأهل المجال ..

والدكتور سعود تكلم عنها بشكل واضح .. ولا يلام بها ..